صحيفة التغيير السودانية:
2025-01-27@16:48:27 GMT

تجربة الجبهة المعادية للاستعمار

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

تجربة الجبهة المعادية للاستعمار

تجربة الجبهة المعادية للاستعمار

تاج السر عثمان بابو

1

نتناول في هذا المقال بمناسبة الذكري 77 لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني تجربة الجبهة المعادية للاستعمار، وكما هو معلوم، ساهم الحزب في قيام أوسع التحالفات والجبهات ضد الاستعمار حتى خروجه، وضد ديكتاتوريات “عبود والنميري والبشير” حتى سقوطها في ثورة اكتوبر 1964، وانتفاضة مارس- ابريل 1985م، وثورة ديسمبر 2018، ويواصل الحزب حالياً النضال من أجل أوسع جبهة قاعدية لوقف الحرب، ومواصلة استكمال مهام ثورة ديسمبر.

إضافة لهذه التحالفات الواسعة، كانت هناك تجربة تستحق الوقوف عندها، وهي مساهمة الحزب الشيوعي في قيام الجبهة المعادية للاستعمار، التي يخلط كثير من المؤرخين بينها وبين الحركة السودانية للتحرر الوطني “حستو”– الحزب الشيوعي فيما بعد- التي تأسست في 16 أغسطس 1946، أي قامت قبلها.

الواقع أن الجبهة المعادية للاستعمار كانت تنظيماً جماهيرياً ضم الشيوعيين والقوى الديمقراطية والوطنية، والتي تكونت أثناء معركة أول انتخابات برلمانية في نوفمبر 1953، وفازت بدائرة عن الخريجين نالها مرشحها حسن الطاهر زروق، وكما أشار عبد الخالق محجوب في كتابه لمحات من تاريخ الحزب أن “الجبهة المعادية للاستعمار لم تكن حزباً شيوعياً على مبادئ الماركسية اللينينية، بل كانت حزباً ديمقراطياً يتصل بالجماهير في أكثر من افق، ويحتل فيه الشيوعيون مركز الصدارة”، “وكانت محاولة لبناء الجبهة الوطنية الديمقراطية في شكل حزب”، وكان هدفها “نشر الفكر الديمقراطي المناهض للاستعمار.

(للمزيد من التفاصيل عن تجربة الجبهة المعادية للاستعمار: راجع عبد الخالق محجوب: لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني، طبعة دار الوسيلة، 1987، ص 100– 101).

برنامج الجبهة المعادية للاستعمار (1954)

2

كما أشرنا سابقاً، لم يكتفِ الحزب الشيوعي مع القوى الديمقراطية بعد الاستقلال في برنامجه بشعار التحرير بل طالب أيضاً بالتعمير على أساس “لا تحرير بدون تعمير”، أي استكمال الاستقلال السياسي بالاستقلال الاقتصادي والثقافي، وتحسين أوضاع الجماهير المعيشية، في هذا الاتجاه ،كان برنامج الجبهة المعادية للاستعمار عام 1954 من أوائل البرامج التي ركزت على مطالب الشعب التاريخية في مستوى المعيشة والتعليم والصحة والضمانات الاجتماعية الحريات الديمقراطية التي لازالت تنتظر الحل بعد أكثر من 67 عاما من الاستقلال..

ويمكن أن نلخص أركان هذا البرنامج في الآتي:

– سياسة خارجية مستقلة.

– نظام جمهوري برلماني ديمقراطي.

– الحريات الديمقراطية: حرية الصحافة، العقيدة، التعبير، الخطاب، الاجتماع، التظاهر، الإضراب، تكوين الأحزاب، كفالة الحريات النقابية، إلغاء القوانين المقيدة للحريات.

– حماية التجمعات القومية من القهر القومي واعطائها حق الحكم الذاتي وتنظيم قوانينها المحلية وفق إرادتها في نطاق وحدة البلاد ومصلحتها العامة وتصفية الحكم القبلي.

– تحسين أحوال العاملين، زيادة الأجور، تحديد ساعات العمل، التأمين ضد التشريد، الضمان الاجتماعي، تحريم تشغيل الأطفال دون الثانية عشرة.

– المزارعون: تعديل لوائح المياه لمصلحة المزارعين واعتبارهم شركاء في جميع المشاريع الزراعية وتحريم الربا وإلغاء الضرائب المجحفة بهم وتأمين الأرض والمياه لكل مزارع، ورفع المستوى الصحي والثقافي وتحسين كل مظاهر الحياة في القرية.

– تخفيض الضرائب عن جميع الفئات الشعبية ورفعها على الشركات الأجنبية وأصحاب الأملاك الأغنياء وإلغاء ضريبة الدقتية

– بناء اقتصاد وطني مستقل: صناعة وطنية ، إنتاج زراعي ، بنك للتسليف الزراعي ، تنشيط العلاقات التجارية مع كل دول العالم على قدم المساواة.

– الشباب: الاهتمام بالحركة الرياضية، الأندية الثقافية والرياضية وتشجيع حملات محو الأمية وقيام مكتبات وطنية.

– حماية وتطوير تراث البلاد الفكري ومكافحة الخرافة والثقافة الاستعمارية وثقافة الانحلال وسط الشباب.

– المرأة: الأجر المتساوي للعمل المتساوي، حماية الأم والطفل، ا يجاد الوسائل اللازمة لتأمين ذلك، دور توليد، حضانة، علاج مجاني،. الخ.

– توسيع الخدمات الصحية والتعليمية.

– تحسين أوضاع ومرتبات الجنود والبوليس.

(برنامج الجبهة المعادية للاستعمار، 1956)

3

برنامج “سبيل السودان نحو تعزير الاستقلال والديمقراطية والسلم 1956”

بينما كانت الجبهة المعادية للاستعمار مستمرة في نشاطها، انعقد المؤتمر الثالث للحزب في فبراير عام 1956، مما يؤكد استقلاله عن الجبهة المعادية للاستعمار، وتم تعديل اسم الحزب إلى الحزب الشيوعي السوداني، وصدر برنامج (سبيل السودان نحو تعزيز الاستقلال والديمقراطية والسلم)، أشار البرنامج إلى قضايا حية ذات ارتباط واشتباك بالواقع السوداني مثل:

– جهاز الدولة القمعي الذي شيده الاستعمار لقهر الشعب السوداني وتأمين مصالحه.

– الاقتصاد السوداني يعتمد على محصول نقدي واحد (القطن)، ويستوجب إصلاح هذا الخلل.

– تخلف الصناعة والزراعة وعبء الضرائب على الكادحين.

– أشار البرنامج إلى ضرورة قيام دولة ديمقراطية شعبية، يتم فيها تجديد الحياة ووضع الأساس للاشتراكية.

– كما أشار البرنامج إلى حق تقرير المصير للقوميات السودانية وهي إشارة مبكرة إلى حق تقرير المصير في أدبيات الحزب الشيوعي السوداني.

– طالب البرنامج بتصنيع البلاد وقيام بنك لتمويل الصناعة وتوسيع الجامعة السودانية والمعهد الصناعي.

– أشار البرنامج إلى الإصلاح الزراعي.

– كما أشار البرنامج إلى تجديد حياة الكادحين ورفع مستوى المعيشة وتأمين الخدمات الصحية والأجر المتساوي لعمل المتساوي دون تمييز بين الجنس والعرق.

– تعميم التعليم الإلزامي.

(سبيل السودان،. الخ، البرنامج المجاز في المؤتمر الثالث، فبراير 1956).

ونلاحظ أن الحزب الشيوعي مع الجبهة المعادية للاستعمار طور خطوط هذا البرنامج، كما جاء في برنامج الجبهة المعادية للاستعمار الانتخابي للوحدة الوطنية، المنشور في مجلة الفجر الجديد الصادر في أول ديسمبر 1957، جاء في البرنامج:

– سياسة خارجية لتعزيز الاستقلال الوطني والسلم وتلتزم بالحياد الإيجابي وروح مؤتمر باندونج.

– في ديمقراطية الحكم أشار البرنامج إلى وضع دستور وطني ديمقراطي يؤكد المبادئ التالية: – السودان جمهورية برلمانية تكون السيادة فيها للشعب وهى جزء من الوطن العربي والكيان الأفريقي. – رئاسة الدولة تتكون من خمسة أعضاء. – كفالة الحريات العامة (تنفيذ قرارات البرلمان السابق بإلغاء القوانين المقيدة للحريات).

– الاحتفاظ للتجمعات القومية المختلفة بحق التطور وحق إنشاء وحدات ذات حكم ذاتي مستقل في نطاق السودان الموحد.

– كما أشار البرنامج إلى زيادة الخدمات والعلاج المجاني، والتوسع في التعليم الصناعي والزراعي بما يناسب خطة منظمة للتصنيع والزراعة، وكفالة التعليم الأولى للبنين والبنات وجعله إجباريا وقبول كل التلاميذ الذين اجتازوا الامتحان في المدارس الوسطي والثانوية والجامعة وتقليل المصاريف المدرسية، وتوسيع حركة محو الأمية ، وفي التعليم الجامعي أشار البرنامج إلى إعادة النظر في قانون الجامعة الأساسي حتى يكفل: أ– مراجعة جميع برامج التعليم الحالية حتى تتمشى مع احتياجات البلاد الوطنية. ب– تخليص الجامعة من قبضة الإدارة البريطانية . ج– تعميم اللغة العربية في التدريس.

– كما أشار البرنامج إلى التنمية الاقتصادية وتطوير الزراعة والصناعة وتعديل قانون الشركات لعام 1925 وتحسين أوضاع العاملين. (برنامج الجبهة المعادية للاستعمار، 1957).

وأخيراً، كانت تجربة الجبهة المعادية للاستعمار فريدة في مخاطبتها لقضايا الشعب السوداني الملحة في ذلك الوقت، كما أوضحنا سابقاً.

alsirbabo@yahoo.co.uk

الوسومالاستقلال البشير الجبهة المعادية للاستعمار الحركة السودانية للتحرر الوطني الحزب الاتحادي الديمقراطي السودان تاج السر عثمان بابو حستو عبود نميري

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الاستقلال البشير السودان عبود نميري الحزب الشیوعی السودانی

إقرأ أيضاً:

فعالية مركزية بذمار إحياء لذكرى سنوية الشهيد القائد

الثورة نت/..

أقيمت بمحافظة ذمار ،اليوم الأحد، فعالية مركزية إحياء للذكرى السنوية للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- للعام 1446 هجرية.
وفي الفعالية بحضور مستشار المجلس السياسي الأعلى محمد حسين المقدشي، أشار المحافظ محمد ناصر البخيتي، إلى أن أثر المسيرة القرآنية الذي لمسناه في أنفسنا ومجتمعنا وأمتنا يجعلنا نزاد حزنا على خسارة مؤسس المسيرة الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي.
ولفت إلى أن ما تميز به مشروع المسيرة القرآنية عن غيره من الحركات التي انطلقت تحت عناوين إسلامية، وهو الربط بين القرآن الكريم والواقع الذي نعيشه اليوم، معتبرا الفصل بين القرآن والواقع يعبر عن أزمة الثقة بالنفس، وإذا كانت ثقتنا بالله سبحانه وتعالى مهزوزة فنحن لا نستحق وعود الله بالنصر.
وذكر، أن من سمات المشروع القرآني الارتباط بآل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأن الإبتعاد عنهم يترتب عليه الإنحراف عن الدين ونهج نبيه الكريم، والارتباط بأعدائهم، مشيرا إلى حركات تعتبر نفسها إسلامية أصبحت تجاهر بارتباطها بأعداء الإسلام والمسلمين، وقد انطبقت عليهم آيات النفاق.
وتطرق إلى ما ذكره الشهيد القائد عن الحرية والتي تجعلنا نضرب امريكا بيد من حديد وننظر إليها كقشة وليس كعصا غليظة، مبينا أن الكثير لم يكونوا يدركون ذلك حتى جاءت معركة “طوفان الأقصى” والعمليات الناجحة للقوات المسلحة وطرد الأساطيل الامريكية والتي أثبتت على الواقع صوابية فكر الشهيد القائد ومشروعه القرآني.
كما أشار إلى ما تحدث به قـائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي عن صراعات الشرعيات والتي لابد أن ينتصر فيها الحق، والشرعية التي يجب أن تسود وتحكم العالم هي شرعية الله سبحانه وتعالى.
وأكد أهمية السير على خطى الشهيد القائد ومواصلة مشروعه القرآني، والإعداد وعدم التفريط والتخاذل خصوصا بعد أن مرغنا أنف أعداء الأمة في التراب، فهم سيتحركون للانتقام، ويجب أن نكون بقدر هذا التحدي.
ونوه المحافظ البخيتي، بالدور الكبير والمتقدم لمحافظة ذمار في الإعداد والتعبئة والحشود القبلية والمشاركة في الجبهات، حاثا على مضاعفة الجهود واستمرار البذل والعطاء حتى ننال الشرف في الانتصار الذي بات قريبا بإذن الله.
من جانبه، أشار مدير مكتب الهيئة العامة للأوقاف، فيصل الهطفي، إلى مناقب الشهيد القائد وصفاته القيادية، وأهمية ودور المشروع القرآني في استنهاض الأمة وإخراجها من حالة الصمت إلى الموقف والتحرك لمواجهة قوى الاستكبار العالمي.
ولفت إلى ما واجهه الشهيد القائد بداية إطلاق مشروعه القرآني، وثباته على موقفه حتى لقي الله شهيدا، معبرا عن التعازي لقائد الثورة وأسرة الشهيد القائد.
بدوره أشار مسئول قطاع الإرشاد ، عبدالله مشرح، إلى أهمية هذه المناسبة في العودة إلى الأسباب التي أدت لاستشهاد الشهيد القائد، ومنها التخاذل عن الحق، والاتجاه المادي لكثير من أبناء الأمة ما يتوجب الاستفادة منها حتى لا تتكرر المآسي والخسائر الفادحة على الأمة.
وبين أن المشروع القرآني، مشروع تصحيحي للواقع بدءا بتصحيح الثقافة من المنظور القرآني والتنويري قدم من خلاله النور والبصائر، وأخلاقي وقيمي ركز على زكاء النفوس، وأيضا نهضوي يبني الأمة وينقلها من حالة الصمت والجمود إلى حالة التحرك والعمل والبناء، فضلا عن كونه مشروع واقعي يقدم الحلول التي تلامس واقع الناس، وسلاح للمقاطعة الاقتصادية لأعداء الإسلام والمسلمين.
ودعا إلى الاستمرار في الأنشطة التعبوية والجهادية والاستعداد لمواجهة أعداء الأمة، والتحرك بوعي قرآني في التصدي لحروبهم ومصطلحاتهم الإعلامية، والتي يتهمون فيها غيرهم بالإرهاب وهم من يمارسه بكافة أشكاله.
وعقب الفعالية، توجهت القيادات المحلية والتنفيذية والأمنية لزيارة معرض الشهيد القائد، واطلعوا على محتوياته وقرأوا الفاتحة على روحه الطاهرة.
تخللت الفعالية، بحضور عدد من أعضاء مجلسي النواب والشورى، ووكلاء المحافظة، وقيادات تنفيذية وأمنية ومحلية وتعبوية وقضائية وأكاديمية ومشايخ وشخصيات اجتماعية، فقرة إنشادية لفرقة أشبال المسيرة، وقصيدة معبرة للشاعر مالك الكوماني.

مقالات مشابهة

  • الجبهة الوطنية يضم رموزا رياضية لعضويته
  • حزب الجبهة الوطنية يدين تصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين ويؤكد دعمه للقيادة السياسية
  • حزب الجبهة الوطنية يدين تصريحات ترامب حول تهجير الفلسطينيين
  • حزب الجبهة الوطنية يدين موقف ترامب وتصريحاته حول تهجير الفلسطينيين
  • أحمد عمر هاشم: الإسراء والمعراج حقيقة قرآنية لا يجوز إنكارها
  • فعالية مركزية بذمار إحياء لذكرى سنوية الشهيد القائد
  • نرجسية ترامب والعودة للاستعمار
  • يوتوبيات الشيوعيين: قراءة نقدية في مسارات الحزب الشيوعي السوداني للمنعطفات الثورية
  • الجبهة الوطنية يعقد سلسلة لقاءات لمناقشة لائحته الأساسية والهيكل التنظيمي وآليات عمل اللجان
  • «الجبهة الوطنية» يعقد سلسلة لقاءات لمناقشة لائحته الأساسية وآليات عمل اللجان