يجمع المحللون أن قرار المحكمة العليا في النيجر تأييد قرار طرد السفير الفرنسي فورا من البلاد، ورفع الحصانة الدبلوماسية عنه، قد وضع باريس في موقف حرج وجعلها أشبه بمن حشر بالزاوية، وسط تشكيك بقدرتها على تنفيذ تهديداتها العسكرية ضد من انقلبوا على حليفها محمد بازوم.

فمن وجهة نظر زياد ماجد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في باريس فإن قرارالمحكمة العليا في النيجر بشأن مصير السفير الفرنسي، يؤكد أن السلطات الحاكمة هناك قررت مواصلة معاملة فرنسا بالمثل ومواصلة التصعيد، وذلك في تحدٍّ لتهديدات فرنسا باللجوء لخيارات عسكرية، منوها في الوقت ذاته إلى أن باريس لن تلجأ لهذا الخيار إلا إذا تعرض سفيرها أو جنودها لتهديد جسدي مباشر.

ودون حدوث هذه التطورات استبعد ماجد – في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" بتاريخ 2023/9/2) لجوء فرنسا للخيار العسكري، سيما أنها لم تجد دعما أوروبيا كبيرا، كما أن الولايات المتحدة اختارت التروي والهدوء و لم تتدخل بشكل مباشر في أحداث النيجر، حتى إنها لم تصفها بالانقلاب.

وفيما يتعلق بمواصلة فرنسا التهديد والحزم مع الانقلابيين، وتعهُّد الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون بعدم التخلي عن حليفه محمد بازوم، فاعتبر ماجد أن ذلك يأتي في سياق حرص باريس على المحافظة على صورتها وهيبتها أمام العالم، وكذك محاولة منها لحماية مصالحها في آخر دولة بمنطقة الساحل يوجد فيها حضور أمني واقتصادي لها.

خيار واحد

أما من وجهة نظر مدير مركز جنيف للأمن والدراسات الإستراتيجية في أفريقيا ديفيد أوتو أندلي فإن باريس ليس لديها سوى الاستسلام، ورأى أن تصريح ماكرون بأنه على تواصل دائم مع بازوم، يزيد من تصعيد العداء النيجري تجاه فرنسا، فهو يعطي انطباعا لدى النيجريين بأن رئيسهم طالما كان "دمية" في يد باريس.

وتوقع أندلي أن يُقْدم المجلس العسكري في النيجر قريبا على عزل السفير الفرنسي، مشيرا إلى أن الانقلابيين يحظون بدعم شعبي كبير، وهو ما سيزيد من حرج باريس، لاسيما أن الكثير من القوى الدولية تنظر للانقلاب في النيجر على أنه أزمة داخلية وليس من شأن باريس أن تتدخل فيه.

وفي السياق نفسه جاءت رؤية خليل العناني أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية والباحث في المركز العربي في واشنطن، الذي قال إن الانقلاب يكسب شرعيته وشعبيته لأنه يعلن أن أبرز أهدافه هو التخلص من الاستعمار الفرنسي.

وتحدث العناني عن موقف باريس الصعب، وهي التي تخشى من تركها آخر بلد في أفريقيا تربطه معها مصالح اقتصادية وأمنية، وهو ما اعتبره "وهما فرنسيا" يجعل أوراق ضغطها محدودة إلى حد كبير.

وفي تفسير لموقف واشنطن مما يجري في النيجر، أوضح العناني أن الموقف الأميركي يتحدد بجهود مكافحة الجماعات المتطرفة هناك، كما أن واشنطن تضع في عين الاعتبار التواجد الصيني في أفريقيا وذلك ما جعلها تتخذ سياسة "الباب الموارب" أو "الغموض الإستراتيجي".

 

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی النیجر

إقرأ أيضاً:

وزير الداخلية الفرنسي: لا نريد الحرب والجزائر هي من تهاجمنا

أكد وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو أن باريس "لا تريد الحرب مع الجزائر"، متهما إياها بأنها "هي من تهاجمنا"، وذلك تعليقا على رفض الجزائر لقائمة من رعاياها تريد بلاده ترحيلهم، بالتوازي مع رفض محكمة فرنسية طلب الجزائر تسليم وزير جزائري مُدان في قضايا فساد.

وقال ريتايو في تصريحات لإذاعة سود راديو "نحن لسنا عدائيين، لا نريد الحرب مع الجزائر. الجزائر هي من تهاجمنا"، داعيا إلى اعتماد "رد متدرج" حيال الجزائر في خضم أزمة دبلوماسية حادة بين الطرفين.

من جهته، شدد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أمس الثلاثاء على "تمسك فرنسا بعلاقتها مع الجزائر"، وذلك في مسجد باريس الكبير الذي دعا عميده شمس الدين حفيظ إلى سلوك "مسار التهدئة".

وقال بارو الذي دعي إلى إفطار رمضاني للسفراء أقامه المسجد إن "فرنسا متمسكة بعلاقتها مع الجزائر التي تربطنا بها علاقات معقدة لكن لا مثيل لقوتها ومصالح مشتركة".

وتابع "إن التوترات الحالية التي لم نتسبب بها، والتي شهدت تطورا إشكاليا جديدا، لا تصب في مصلحة أحد، لا فرنسا ولا الجزائر".

وأضاف "نريد حلها باحترام"، ولكن أيضا "بحزم وصراحة ومن دون ضعف، ومن دون التخلي عن أي من مصالح الفرنسيين التي هي بوصلتنا".

إعلان رفض ترحيل وزير جزائري

وكان بارو أكد عصرا أن رفض الجزائر قائمة رعاياها الذين صدرت بحقهم مذكرة ترحيل تسلمتها من باريس "يضر" بمصالح فرنسا.

وقال الوزير الفرنسي "غني عن القول إن الملايين من مواطنينا المرتبطين بطريقة أو بأخرى بالجزائر لا علاقة لهم بالصعوبات التي نواجهها اليوم مع السلطات الجزائرية، ومن حقهم أن ينعموا بالهدوء".

وجاءت تصريحات بارو عقب تشديد عميد مسجد باريس الكبير على أن مؤسسته "هي رمز للصداقة بين فرنسا وبلاد الإسلام".

وقال حفيظ "حضوركم، سيدي الوزير، يشكل تكريما لهذه الروابط"، منوها بجهود المسجد الكبير التي "تزعج دعاة الانقسام" ومدافعا عن "تاريخه الفريد مع الجزائر".

ولفت إلى أن "هذا التاريخ مكنه من إتاحة ممارسة متناغمة للإسلام في فرنسا" و"مكافحة التطرف".

وقال حفيظ "في مناخ التوترات الخطيرة التي نشهدها" يعتزم مسجد باريس الكبير "مواصلة سلوك مسار التهدئة والأمل بعلاقة فاضلة بين فرنسا والجزائر".

في سياق مواز، رفضت محكمة الاستئناف في إكس-أون-بروفانس اليوم الأربعاء طلب تسليم الجزائر عبد السلام بوشوارب (72 عاما)، وزير الصناعة في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، معتبرة أن لذلك "عواقب خطرة بشكل استثنائي".

وكان بوشوارب أدين قضائيا في الجزائر في قضايا تتعلق بالفساد.

مقالات مشابهة

  • ليوبولد سيدار سنغور رمز الأدب والسياسة في أفريقيا الحديثة
  • وزير الداخلية الفرنسي: لا نريد الحرب والجزائر هي من تهاجمنا
  • وزير الداخلية الفرنسي: "لا نريد الحرب مع الجزائر، الجزائر هي من تهاجمنا"
  • كوندي يطالب بمعاقبة جماهير باريس سان جيرمان بعد استهداف رابيو ووالدته
  • باريس: لسنا مسؤولين عن التوترات مع الجزائر
  • بسبب دوري أبطال أوروبا.. تعديل موعد مباراة باريس ونانت بالدوري الفرنسي
  • بعد الجدل حول تمثال الحرية.. هل تستطيع باريس استعادة هديتها التاريخية من واشنطن؟
  • باريس سان جيرمان يظفر بنقاط الكلاسيكو أمام مارسيليا ويقترب من لقب الدوري الفرنسي
  • الجزائر ترفض قائمة بجزائريين تريد باريس ترحيلهم وتندد بهذه الخطوة
  • باريس سان جيرمان يقترب بشدة من حسم لقب الدوري الفرنسي