لعب البحر دورًا رئيسيًا في حياة الشعوب منذ القدم، وتاريخيًا هناك سجلًا حافلًا في تاريخ البحرين عن اللؤلؤ، ربما يعتقد البعض أن ارتباط اللؤلؤ فقط من فترة الثلاثينات، بل اشتهر الدلمونيون بتجارة اللؤلؤ وقد أوضحت إحدى الرقم الطينية المكتشفة في بلاد الرافدين أنها كانت تستورد اللؤلؤ من دلمون، وقد اكتشفنا خلال التنقيبات الأثرية مجموعة من اللآلئ في إحدى مدافن فترة دلمون، وعندما أزحنا التراب عنها وجدناها ما زالت محافظة على بريقها منذ 4000 سنة، بعضها معروض في المتحف الوطني.
وقد أطلق الدلمونيون على اللؤلؤ آنذاك اسم «عيون السمك» وفي عصر الإسكندر المقدوني 2500 سنة ق.م أطلق عليها اسم جزيرة اللؤلؤ، في فترة الثلاثينات وما قبلها كان اللؤلؤ مصدر الدخل الأول للبحرين حتى اكتشاف النفط 1932م وكانت معظم حياة الناس قائمة عليه. وإن موضوع استثمار الجزر والشواطئ كان محط اهتمام المواطنين منذ عدة سنوات، بل تم طرحه تحت قبة البرلمان تأكيدًا على رغبات العائلات كمتنفس ترفيهي أسوة بالحدائق العامة. وجاء مشروع شركة الجنوب للسياحة التي تمتلك إدارتها وطاقمها خبرة وتجربة في شئون البحر ليحقق هذه الآمال كمشروع استراتيجي متكامل تبنته حكومتنا الرشيدة بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله في استثمار تلك الجزر والشواطئ التي ظلت مهجورة لسنين طويلة، لذلك تم تجهيز الشواطئ وبناء الشاليهات والمرافق العامة الأخرى. ومن خلال جولتنا الاستطلاعية على مرافق الشركة شاهدنا القوارب السياحية ذات التصاميم العصرية مجهزة بأحدث أجهزة الاتصالات ولوازم السلامة والإنقاذ وتشييد المرافئ الحديثة منها ما يتوافق مع ذوي الاحتياجات الخاصة، كما أعدت إدارتها دورات لتطوير مهارات الطاقم البحري ولا ننسى أيضا دور إدارة خفر السواحل التي تنظم تسجيل الركاب والتأكد من جاهزية الرحلة ومراقبة سيرها في البحر حسب البرنامج المعد لها، وجميع تلك العناصر هي أولويات في مقدمة اشتراطات الشركات الدولية التي تستقطب السياح. إن إعادة تجهيز خدمات جزر حوار السياحية والبيئية من شاليهات ومواصلات وخيام تقليدية هي رغبات تحدث عنها الكثير من السياح إلى المرشدين السياحيين خلال الجولات السياحية، حيث يرغب بعض السياح الذهاب إلى الجزر بعيدًا عن ضوضاء فنادق المدينة وهنا تكون فرص الاستثمار في وجود مطاعم تقدم الأكلات البحرية الشعبية و حفلات الشواء ليلًا قرب مياه البحر فتعطى للسائح تجربة شرقية فريدة لا تنسى. ومن جهة أخرى، القرار السابق الذي أصدره معالي وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة السماح بتمديد فترة الرحلات البحرية يساهم في تنوع برامج السياحة الداخلية وخاصة العائلات البحرينية والخليجية طوال العام، كما أن القرار يتيح فرصة أكبر للاستثمار في مرافق المشروع، إن عشاق البحر لا يستطيعون مقاومة ارتياد مثل هذه الخدمات السياحية الراقية، وهكذا عندما يوجد التخطيط السليم يوجد النجاح. في الحقيقة أن أول تجربة للرحلات البحرية المبرمجة قامت بها شركة المشاريع السياحية في سنة 1988 من خلال تدشين البانوش «شمسان» وكانت الرحلات ناجحة إلى جزر الدار ثم تلاها الباص المائي لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سنة 2022م بالقرب من المرفأ المالي. وبالرغم من أن اللؤلؤ البحريني له شهرة عالمية إلا أنه لم يحظى بتلك المكانة في المعارض التجارية أو السياحية العالمية، وهو في الحقيقة منتج سياحي اقتصادي من الطراز الأول ومثل هذا المنتج يجب أن يستثمر كمشروع عالمي قائم بذاته تنفرد به مملكة البحرين يحتاج إلى المزيد من التسويق تدعمه وتحميه الأنظمة والقوانين، نقترح أن يكون لشركة الجنوب جناح في المعارض الدولية التي تشارك فيها وزارة السياحة لتسويقه كمنتج سياحي وبيئي وترفيهي، مثل جناح طيران الخليج وحلبة البحرين، لأن لا تستطيع جهة أخرى غيرها تتقن الترويج لهذا المشروع. كانت تجربة فريدة لأصدقاء دلمون المرشدين السياحيين في تونس سنة 2016 حيث أخذنا معنا 500 محارة وتجهيزها بالتعاون مع طيران الخليج، وخلال فعالية «الأمسية البحرينية» بحضور معالي وزير السياحة تم فتحها من قبل مرشدين بحارة أمام الجمهور التونسي الذي اندهش وهو يشاهد لأول مرة كيف يتم استخراج اللؤلؤ الحي من المحار، وتم نشر هذه الفعالية في الصحافة التونسية والفرنسية. يكفي لنا كمرشدين أن نثير دهشة السياح نقول لهم أن رجل الأعمال الفرنسي جاك كارتيه جاء إلى البحرين في الثلاثينات خصيصًا ليشتري اللؤلؤ البحريني، وإن الملكة البريطانية إليزابيث كانت دومًا تفتخر في مقابلاتها أنها ترتدي عقدًا من لآلئ البحرين. إن رحلات استخراج اللؤلؤ هي ليست جديدة لكنها ستكون أكثر تنظيمًا و احترافية ومتعة بالتنسيق مع «دانات» التي تمتلك رصيدًا مهنيًا في علوم فحص اللؤلؤ وأنواعه، وهذه التجربة التكاملية ما بين شركة الجنوب (الرحلات البحرية) ودانات (رحلات اللؤلؤ) سوف تخلق فرص حقيقية تساهم في الدخل الوطني. وبهذه المشاريع الاستراتيجية الطموحة قد أنهت المقولة السائدة عن البحرين «جزيرة بلا شواطئ»
* رئيس المرشدين السياحيين أصدقاء دلمون جمعية تاريخ وآثار البحرين
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية:
فيروس كورونا
فيروس كورونا
فيروس كورونا
إقرأ أيضاً:
خلال زيارته إلى البحرين..وزير الخارجية والهجرة يعقد لقاءً مع الجالية المصرية في المنامة
عقد د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة خلال زيارته إلى مملكة البحرين الشقيقة لقاءً مساء الأحد ٢ فبراير مع عدد من ممثلي الجالية المصرية بالمنامة.
أكد الوزير عبد العاطي الحرص على التواصل المباشر مع الجاليات المصرية خلال زياراته الخارجية، مشددًا على أن الدولة المصرية تولي أقصى درجات الاهتمام والعناية بالجاليات المصرية بالخارج، وتعمل على تيسير كافة الخدمات المقدمة للمواطنين.
وشدد السيد وزير الخارجية على حرص وزارة الخارجية على الارتقاء بالخدمات القنصلية المقدمة في كافة بعثاتنا الدبلوماسية بالخارج، واستعرض آخر التطورات بالنسبة لجهود الوزارة في التحول نحو رقمنة الخدمات القنصلية، وذلك في إطار سعي الوزارة لتيسير المعاملات على المواطنيين المصريين بالخارج.
كما حرص الوزير عبد العاطي على التعرف على آراء المواطنين بشأن الخدمات المقدمة، والاستماع إلى مقترحاتهم لتيسير المعاملات القنصلية، مبرزًا التنسيق القائم بين الجانبين المصري والبحريني بشأن المواطنين المصريين العاملين في البحرين، مشيدًا بما يحظون به من رعاية واهتمام من قبل السلطات البحرينية، ومثنيًا على مساهمة الجالية المصرية في تحقيق المصالح المشتركة للبلدين.