تأملات – جمال عنقرة – السودانيون في مصر .. ليسوا أجانب
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
لم انزعج كثيرا لفرض غرامات علي الأجانب المقيمين في مصر بصورة غير شرعية، كما انزعج كثيرون من أهلنا السودانيين، ذلك أني لم أجد لفظ أجنبى ينطبق علي السودانيين، رغم أن لكثيرين منهم حالات مشابهة للتي نص عليها القرار، وكنت أنفي لكل من يتصل بي من الأخوة سائلا أو متسائلا إذا كان القرار يشمل السودانيين، وكنت أفعل ذلك قبل أن تنقل بعض الوسائط الإعلامية تصريح وزارة الداخلية المصرية، الذي يوضح أن القرار لا يشمل السودانيين ولا يشمل كذلك السوريين.
ولقد أصاب القرار – قبل توضيح وزارة الداخلية – أصاب السودانيين في مصر بصدمة كبيرة، وكانت قد سرت أخبار غير مؤكدة أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعد الرئيس السوداني عبد الفتاح البرهان لدي إستقباله الفخيم له في مدينة العلمين، وعده بمراجعة القرارات الأخيرة التي نفذت في حق السودانيين خلال الشهور القليلة الماضية، وتحديدا بعد نحو شهرين من الحرب اللعينة، ورغم أنه لم يصدر أي حديث رسمي من الجانب المصري، أو الجانب السوداني، إلا أن أكثر السودانيين، إن لم يكن كلهم، صدقوا ما يقال، وصاروا ينتظرون فقط صدور القرار المصري، ولعلهم فعلوا ذلك لإحساسهم أنهم يستحقون ما يطلبون، كما يقول صديقنا العمدة بكري النعيم، أو ثقة بلا حدود في الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي عودهم علي أكثر من ذلك، وتلك فرصة لاتحدث فيها عن تلك القرارات والإجراءات الأخيرة، وكنت قد نأيت بنفسي عن الحديث والكتابة عنها، رغم ملاحقة الأصدقاء والقراء.
وكما ذكرت في مطلع هذا المقال أن السودانيين في مصر مواطنون، مثلهم مثل المصريين لهم ما لهم، وعليهم ما عليهم، مثلهم مثل المصريين في السودان، هم كذلك مواطنون، وليسوا لاجئين، وبمنظار المواطنة، وباستحقاقاتها، أنظر لكل قرار يصدر، ولنبدأ، بقرار التعليم، وكما هو معلوم أن حقوق السودانيين في التعليم بمصر تضاءلت كثيرا عن ما كانت عليه حتى ثمانينيات القرن الماضي، وهذا التضاءل حدث من الجانب السوداني، وليس المصري، ففي العام ١٩٨٦م ألغي رئيس الوزراء السوداني المرحوم السيد الصادق المهدي اتفاقية التكامل المشترك بين السودان ومصر، فتاثرت معها أعداد الطلاب السودانيين الذين كانوا يدرسون في الجامعات المصرية، وكانت اعدادهم في تلك الفترة قد قاربت العشرين ألف طالبا، وفي العام ١٩٩٠م، أغلقت حكومة السودان في بداية عهد الإنقاذ جامعة القاهرة فرع الخرطوم، وصادرت ممتلكاتها، وكان عدد الطلاب السودانيين الذين يدرسون في الجامعة الفرع أكثر من عدد الطلاب الذين يدرسون في كل الجامعات السودانية، وكانت الحكومة المصرية تتولي الصرف والانفاق الكامل علي هذه الجامعة، وفي نفس العام ١٩٩٠م أعادت حكومة الإنقاذ كل الطلاب السودانيين الذين كانوا يدرسون في الخارج في إطار ما سمي وقتها بالثورة التعليمية، فانحسر عدد الطلاب السودانيين في مصر إلى رقم لا يذكر.
بعد ذلك فتحت مصر فرعا لجامعة القاهرة للسودانيين داخل جامعة القاهرة الأم تستوعب فيه الطلاب السودانيين بشروط قبول ميسرة، ورسوم دراسية رمزية، مثلها مثل الرسوم التي يدفعها الطلاب المصريون، ولأن جامعة القاهرة الفرع تخصصاتها محدودة، اتاحت مصر الدراسة للطلاب السودانيين في كل جامعاتها الحكومية في كل الكليات، وبرسوم دراسية ١٠% فقط من الرسوم التي يدفعها الطلاب الأجانب، بمن فيهم العرب، فتضاعفت أعداد الطلاب السودانيين الذين يدرسون في مصر إلى عشرات الآلاف، كثيرون منهم في كليات الطب والهندسة.
وفي هذا العام زادت وزارة التعليم العالي الرسوم الدراسية علي الطلاب الوافدين، مثل رسوم التقديم، والتسجيل وغيرها، وجعلتها كلها بالدولار، وزادت رسوم الدراسة للطلاب السودانيين من ١٠% إلى ٤٠% ثم جعلتها ٣٠% ، هذه الزيادات التي فرضتها مصر علي التعليم، لم تقتصر علي التعليم وحده، ولا علي الطلاب الأجانب، والسودانيين فقط، ولكنها شملت كل قطاعات المجتمع، وكل الخدمات، فضريبة الدخل الشخصي مثلا في مصر وصلت ٣٠%، وكل ذلك يأتي ضمن سياسة نهضة مصر، التي تعتمد في الأساس علي المصريين، وهم يفعلون ذلك برضاء تام لأنهم يشاهدون يوميا ما تشهده مصر من نهضة، بجهد وعرق ومال أبناء مصر، ونحن من منطلق استحقاق المواطنة، لا بد أن نساهم كما يساهم اشقاؤنا المصريون، ولكن ونسبة لحال السودان العام، وحاله الخاص في ظل الحرب القائمة الآن، نرجو من قائد مسيرة النهضة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يعفي الطلاب السودانيين هذا العام – عام الحرب – من زيادة الرسوم، ويجعل مساهمتهم في نهضة مصر في العام القادم، والاعوام التي تليه ١٠%. فيدفع السودانيون هذا العام ١٠% ويدفعون في العام القادم ٢٠%، وليس ذلك علي الرئيس السيسي بعزيز.
اما فيما يلي الإجراءات الجديدة الخاصة بدخول وإقامة السودانيين في مصر، لا بد أن نثبت أولا أنه عندما اندلعت الحرب في السودان، وتوجه السودانيون تلقاء مصر، استقبلتهم مصر حكومة وشعبا بترحاب شديد، وذكرت الحكومة قبل الشعب لأن الحكومة ألغت كل القوانين والاعراف للسفر والهجرة، فاستقبلت السودانيين بجوازات سفر منتهية الصلاحية، وبوثائق سفر اضطرارية، وسمحوا بإضافة الأطفال إلى جوازات آبائهم الإلكترونية التي لا تسمح بذلك، وسمحوا للجميع بالدخول، ولكن بعد فترة وجيزة اكتشفوا حالات تزوير كثيرة، واكتشفوا كذلك دخول كثيرين غير مرغوب فيهم لأسباب أمنية، فاتخذوا عددا من الإجراءات والضوابط التي يمكن أن تحد من ذلك، وللأسف الشديد أن هذه الضوابط والإجراءات أضير منها مواطنون لم يكونوا مستهدفين بها، وصحيح أن النعمة تخص، والنقمة تعم، ولكن أعتقد أن الأمور قد وصلت مرحلة من الاستقرار يمكن أن تعود فيها الضوابط إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الحرب، وهذا ما ينتظره السودانيون من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد لقاء العلمين التاريخي.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: تأملات السودانیین فی مصر عبد الفتاح السیسی یدرسون فی فی العام
إقرأ أيضاً:
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأوسط
مصر – بحث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، امس الجمعة، الوضع في الشرق الأوسط، وأشاد السيسي، بموقف مدريد من القضية الفلسطينية.
وصرح المتحدث باسم الرئاسة المصرية بأن السيسي وسانشيز تناولا تطورات القضايا الإقليمية والدولية، وبشكل خاص الوضع في الشرق الأوسط، مؤكدين أهمية التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار ونفاذ المساعدات.
وبحسب الرئاسة المصرية، أشاد السيسي بموقف إسبانيا العادل إزاء القضية الفلسطينية خاصة منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، فيما أكد رئيس الوزراء الإسباني، أهمية دور مصر في تحقيق الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط وفي مكافحة الإرهاب والتطرف إقليميا ودوليا، ومحورية دورها ومساعيها المستمرة للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة ولبنان، ونفاذ المساعدات الإنسانية، وتجنب تصعيد الصراع في المنطقة وتحوله إلى حرب إقليمية شاملة.
وأضاف المتحدث أن الاتصال تناول مجمل العلاقات بين مصر وإسبانيا، والتأكيد على أهمية مواصلة تطويرها، خاصة في المجالين الاقتصادي والاستثماري، والسعي لمشاركة المزيد من الشركات الإسبانية في المشروعات التنموية بمصر بما يضمن توطين الصناعة وتعزيز التصنيع المشترك.
ووفق البيان، أعرب السيسي خلال الاتصال مجددا عن تضامن مصر مع حكومة وشعب إسبانيا في مواجهة آثار الفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق إسبانيا مؤخرا.
المصدر: RT