لم انزعج كثيرا لفرض غرامات علي الأجانب المقيمين في مصر بصورة غير شرعية، كما انزعج كثيرون من أهلنا السودانيين، ذلك أني لم أجد لفظ أجنبى ينطبق علي السودانيين، رغم أن لكثيرين منهم حالات مشابهة للتي نص عليها القرار، وكنت أنفي لكل من يتصل بي من الأخوة سائلا أو متسائلا إذا كان القرار يشمل السودانيين، وكنت أفعل ذلك قبل أن تنقل بعض الوسائط الإعلامية تصريح وزارة الداخلية المصرية، الذي يوضح أن القرار لا يشمل السودانيين ولا يشمل كذلك السوريين.

ولقد أصاب القرار – قبل توضيح وزارة الداخلية – أصاب السودانيين في مصر بصدمة كبيرة، وكانت قد سرت أخبار غير مؤكدة أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعد الرئيس السوداني عبد الفتاح البرهان لدي إستقباله الفخيم له في مدينة العلمين، وعده بمراجعة القرارات الأخيرة التي نفذت في حق السودانيين خلال الشهور القليلة الماضية، وتحديدا بعد نحو شهرين من الحرب اللعينة، ورغم أنه لم يصدر أي حديث رسمي من الجانب المصري، أو الجانب السوداني، إلا أن أكثر السودانيين، إن لم يكن كلهم، صدقوا ما يقال، وصاروا ينتظرون فقط صدور القرار المصري، ولعلهم فعلوا ذلك لإحساسهم أنهم يستحقون ما يطلبون، كما يقول صديقنا العمدة بكري النعيم، أو ثقة بلا حدود في الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي عودهم علي أكثر من ذلك، وتلك فرصة لاتحدث فيها عن تلك القرارات والإجراءات الأخيرة، وكنت قد نأيت بنفسي عن الحديث والكتابة عنها، رغم ملاحقة الأصدقاء والقراء.

وكما ذكرت في مطلع هذا المقال أن السودانيين في مصر مواطنون، مثلهم مثل المصريين لهم ما لهم، وعليهم ما عليهم، مثلهم مثل المصريين في السودان، هم كذلك مواطنون، وليسوا لاجئين، وبمنظار المواطنة، وباستحقاقاتها، أنظر لكل قرار يصدر، ولنبدأ، بقرار التعليم، وكما هو معلوم أن حقوق السودانيين في التعليم بمصر تضاءلت كثيرا عن ما كانت عليه حتى ثمانينيات القرن الماضي، وهذا التضاءل حدث من الجانب السوداني، وليس المصري، ففي العام ١٩٨٦م ألغي رئيس الوزراء السوداني المرحوم السيد الصادق المهدي اتفاقية التكامل المشترك بين السودان ومصر، فتاثرت معها أعداد الطلاب السودانيين الذين كانوا يدرسون في الجامعات المصرية، وكانت اعدادهم في تلك الفترة قد قاربت العشرين ألف طالبا، وفي العام ١٩٩٠م، أغلقت حكومة السودان في بداية عهد الإنقاذ جامعة القاهرة فرع الخرطوم، وصادرت ممتلكاتها، وكان عدد الطلاب السودانيين الذين يدرسون في الجامعة الفرع أكثر من عدد الطلاب الذين يدرسون في كل الجامعات السودانية، وكانت الحكومة المصرية تتولي الصرف والانفاق الكامل علي هذه الجامعة، وفي نفس العام ١٩٩٠م أعادت حكومة الإنقاذ كل الطلاب السودانيين الذين كانوا يدرسون في الخارج في إطار ما سمي وقتها بالثورة التعليمية، فانحسر عدد الطلاب السودانيين في مصر إلى رقم لا يذكر.

بعد ذلك فتحت مصر فرعا لجامعة القاهرة للسودانيين داخل جامعة القاهرة الأم تستوعب فيه الطلاب السودانيين بشروط قبول ميسرة، ورسوم دراسية رمزية، مثلها مثل الرسوم التي يدفعها الطلاب المصريون، ولأن جامعة القاهرة الفرع تخصصاتها محدودة، اتاحت مصر الدراسة للطلاب السودانيين في كل جامعاتها الحكومية في كل الكليات، وبرسوم دراسية ١٠% فقط من الرسوم التي يدفعها الطلاب الأجانب، بمن فيهم العرب، فتضاعفت أعداد الطلاب السودانيين الذين يدرسون في مصر إلى عشرات الآلاف، كثيرون منهم في كليات الطب والهندسة.

وفي هذا العام زادت وزارة التعليم العالي الرسوم الدراسية علي الطلاب الوافدين، مثل رسوم التقديم، والتسجيل وغيرها، وجعلتها كلها بالدولار، وزادت رسوم الدراسة للطلاب السودانيين من ١٠% إلى ٤٠% ثم جعلتها ٣٠% ، هذه الزيادات التي فرضتها مصر علي التعليم، لم تقتصر علي التعليم وحده، ولا علي الطلاب الأجانب، والسودانيين فقط، ولكنها شملت كل قطاعات المجتمع، وكل الخدمات، فضريبة الدخل الشخصي مثلا في مصر وصلت ٣٠%، وكل ذلك يأتي ضمن سياسة نهضة مصر، التي تعتمد في الأساس علي المصريين، وهم يفعلون ذلك برضاء تام لأنهم يشاهدون يوميا ما تشهده مصر من نهضة، بجهد وعرق ومال أبناء مصر، ونحن من منطلق استحقاق المواطنة، لا بد أن نساهم كما يساهم اشقاؤنا المصريون، ولكن ونسبة لحال السودان العام، وحاله الخاص في ظل الحرب القائمة الآن، نرجو من قائد مسيرة النهضة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يعفي الطلاب السودانيين هذا العام – عام الحرب – من زيادة الرسوم، ويجعل مساهمتهم في نهضة مصر في العام القادم، والاعوام التي تليه ١٠%. فيدفع السودانيون هذا العام ١٠% ويدفعون في العام القادم ٢٠%، وليس ذلك علي الرئيس السيسي بعزيز.

اما فيما يلي الإجراءات الجديدة الخاصة بدخول وإقامة السودانيين في مصر، لا بد أن نثبت أولا أنه عندما اندلعت الحرب في السودان، وتوجه السودانيون تلقاء مصر، استقبلتهم مصر حكومة وشعبا بترحاب شديد، وذكرت الحكومة قبل الشعب لأن الحكومة ألغت كل القوانين والاعراف للسفر والهجرة، فاستقبلت السودانيين بجوازات سفر منتهية الصلاحية، وبوثائق سفر اضطرارية، وسمحوا بإضافة الأطفال إلى جوازات آبائهم الإلكترونية التي لا تسمح بذلك، وسمحوا للجميع بالدخول، ولكن بعد فترة وجيزة اكتشفوا حالات تزوير كثيرة، واكتشفوا كذلك دخول كثيرين غير مرغوب فيهم لأسباب أمنية، فاتخذوا عددا من الإجراءات والضوابط التي يمكن أن تحد من ذلك، وللأسف الشديد أن هذه الضوابط والإجراءات أضير منها مواطنون لم يكونوا مستهدفين بها، وصحيح أن النعمة تخص، والنقمة تعم، ولكن أعتقد أن الأمور قد وصلت مرحلة من الاستقرار يمكن أن تعود فيها الضوابط إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الحرب، وهذا ما ينتظره السودانيون من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد لقاء العلمين التاريخي.

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: تأملات السودانیین فی مصر عبد الفتاح السیسی یدرسون فی فی العام

إقرأ أيضاً:

الرئيس المصري يحذر من اتساع رقعة الصراع في المنطقة

القاهرة- حذر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، من أن التطورات في المنطقة قد تؤدي لاتساع رقعة الصراع بشكل يؤثر على الاستقرار، وقال إن "الصراع الحالي سيؤدي إلى عواقب وخيمة في المنطقة وربما في العالم أجمع".

وأضاف السيسي في كلمة خلال الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من أكاديمية الشرطة الاحد29سبتمبر2024، إن بلاده فقدت ما بين 50 إلى 60 بالمئة من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال الثمانية أشهر الماضية، نتيجة التطورات الخطيرة في المنطقة، وفق وكالة قنا القطرية.

وأوضح أن المنطقة والعالم يمران بظروف صعبة للغاية، مؤكدا في الوقت نفسه حرص بلاده على ممارسة سياسة تتسم بالتوازن والاعتدال والموضوعية في ظل الظروف الحالية على الحدود الغربية والجنوبية لمصر، وكذلك التي تحدث على الحدود الشرقية، منذ عام تقريبا ويتابعها العالم أجمع.

وقال الرئيس المصري إن بلاده "تدير أمورها بشكل يحفظها والمنطقة دون التورط في أمور قد تؤثر على الأمن والاستقرار في المنطقة وفي مصر".

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • مفتش تعليم: تلاميذ الثانوي والإعدادي في المغرب يدرسون المواد العلمية بالدارجة
  • طلاب الدفعة (26 طب) مارسوا نفس الفوضي التي كانت تحدث في الخرطوم فتم طردهم الى السودان
  • الرئيس السيسي: الشعب المصري حائط الصد ضد محاولات زعزعة الاستقرار
  • "أولياء أمور مصر" يرصد المشاكل التي واجهت الطلاب منذ بداية العام الدراسي
  • السودانيون بالقاهرة : تأييد ودعم للقوات المسلحة
  • الرئيس السريلانكي الجديد وإجراءات التقشف التي فرضها الغرب
  • المنشاوي يعلن عن خريطة الأنشطة والفعاليات التي تنظمها جامعة أسيوط
  • الرئيس المصري يحذر من اتساع رقعة الصراع في المنطقة
  • الرئيس المصري: فقدنا 6 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس
  • جهاز المغتربين يشيد بوقفة وإستقبال السودانيين بأمريكا للبرهان