لماذا تعدِّل السعودية مناهجها التعليمية وكيف أجبرها الكونغرس الأمريكي على ذلك ؟
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
الجديد برس:
في عام 2017م، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على المملكة العربية السعودية باتجاه تغيير مناهجها الدراسية، وناقش الكونغرس الأمريكي- حينها- قانوناً تم بموجبه تكليف وزير الخارجية الأمريكية بتقديم تقرير سنوي للجنتي الشؤون الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ عن مدى تجاوب والتزام السعودية بتعديل مناهجها التعليمية،
ومنذ ذلك الحين كثفت المملكة جهودها وبدأت بتنفيذ ما تلقته من توجيهات بهذا الصدد، وفي عام 2018م كشف وزير التعليم السعودي الشوط الذي قطعته وزارته في حملة تعديل المناهج واستعانته بما يسمى “الرابطة الأمريكية الوطنية لتعليم الأطفال الصغار”، وكان العنوان العريض الذي برر به الوزير السعودي تلك التعديلات هو محاربة التطرف.
التوجيهات الأمريكية التي تحولت إلى قانون ناقشه الكونغرس وألزم بموجبه وزير خارجية الولايات المتحدة بتقديم تقرير سنوي عن التزام السعودية بتعديل مناهجها التعليمية كانت تحت شعار: “إزالة الفقرات التحريضية التي تشجّع على العنف”، وهذه الفقرات تعني ببساطة “الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تتحدث عن خبث اليهود ومعاداتهم للعرب والمسلمين منذ ظهور الإسلام، وأيضاً معصيتهم لله ومعاداتهم لأنبيائه ورسله عبر التاريخ”، وهو ما لم تقصر السلطات السعودية في تنفيذه، فقد حرصت على حذف كل ما يتعلق بالصورة الحقيقية لليهود التي قدمتها النصوص القرآنية، ويتبنى النظام السعودي الآن إعادة تقديم صورة عن اليهود مغايرة تماماً للصورة التي قدمها القرآن الكريم.
وجاء في تقرير أعده معهد “مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي”، أن السعودية مستمرة في تعديل المناهج الدراسية وإزالة كل ما يفضح اليهود، وتعتبر جهود المملكة في تعديل المناهج مساراً تطبيعياً رئيساً مع إسرائيل، وفق رؤية ولي العهد لحكمه المستقبلي للبلاد، ومن ضمن ذلك التطبيع التدريجي مع إسرائيل، إذ ترسم المملكة صورة جيدة عن اليهود، متجاوزة كل ما جاء عكس ذلك في النصوص القرآنية، وحسب تقرير المعهد فقد تم حذف كل ما يشير إلى أحقاد وخبث اليهود، من خلال دراسة أجراها على أكثر من 80 كتاباً مدرسياً، لعامي 2022-2023 وأكثر من 180 كتاباً من المناهج التعليمية السابقة.
وعلّق المحلل السياسي الصهيوني إيلي نيسان، على إجراءات تعديل المناهج السعودية، بقوله “إن تعديلات الكتب الدراسية خطوة من خطوات التطبيع مع إسرائيل”، مشيراً إلى أن إلغاء الرياض ما وصفه بالمواد التحريضية من الكتب المدرسية، يعد مرحلة من مراحل كثيرة على طريق تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، مؤكداً “أن هناك علاقة بين البلدين، ولكنها خفية ومن تحت الطاولة”.
*YNP / إبراهيم القانص
المصدر: الجديد برس
إقرأ أيضاً:
لماذا تشعر إسرائيل بالتهديد من الفيلم الفائز بالأوسكار؟
يوم الأحد الماضي، فاز الفيلم الوثائقي المشترك بين الفلسطينيين والإسرائيليين "لا أرض أخرى" بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي، وهو أوّل أوسكار في تاريخ فلسطين.
وقد أضيفت هذه الجائزة إلى قائمة تضم 45 جائزة حصل عليها الفيلم منذ إصداره عام 2024، من بينها جائزة أفضل فيلم وثائقي في جوائز الفيلم الأوروبي 2024، ومهرجان برلين السينمائي الدولي 2024، وجوائز جوثام 2024.
نال الفيلم إشادة نقدية واسعة وحصل على تقييمات "خمس نجوم" في وسائل الإعلام العالمية، كما عُرض في جميع أنحاء العالم ونفدت تذاكر عروضه المستقلة في الولايات المتحدة باستمرار. ومع ذلك، لم يوافق أي موزع أميركي على عرضه على نطاق واسع في البلاد، والسبب الوحيد وراء ذلك هو موضوعه: فلسطين.
فيلم وثائقي يزعج المؤسسات الأميركية
يتتبع الفيلم حياة الفلسطينيين في مسافر يطا، وهي منطقة قريبة من الخليل في جنوب الضفة الغربية المحتلة، والتي أعلنها الجيش الإسرائيلي "منطقة عسكرية مغلقة". تحت هذا الادعاء، يتعرض السكان الفلسطينيون باستمرار للمضايقات من قبل الجيش والمستوطنين غير الشرعيين، وتُهدم منازلهم، مما يجعلهم بلا مأوى. يروي الفيلم القصة من خلال عدسة المخرجَين المشاركين، باسل عدرا، الناشط الفلسطيني، ويوفال أبراهام، الصحفي الإسرائيلي.
إعلانإن التصوير الواقعي والصادم للجرائم الإسرائيلية المستمرة هو أمر تخشى شركات التوزيع الأميركية عرضه. وهذا يحدث في دولة تتفاخر بأنها حامية لحرية التعبير بموجب دستورها.
يكشف هذا الخوف عن مدى حملة محو فلسطين في الولايات المتحدة، التي تؤثر على جميع جوانب الحياة العامة، من التعليم إلى الإعلام والفنون والسينما.
محو الرواية الفلسطينية في الغرب
لطالما تعرضت الثقافة والتاريخ الفلسطينيان لمحاولات طمس منذ عام 1948، حيث سعت إسرائيل إلى تبرير استيلائها على الأراضي من خلال الادعاء بأن الفلسطينيين لا وجود لهم ولا يحق لهم المطالبة بأرضهم. وقد سيطر هذا السرد على الرأي العام في الدول الغربية الداعمة لإسرائيل، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
المحافظة على هذا السرد أمر بالغ الأهمية لاستمرار الدعم السياسي الأميركي لإسرائيل. فإذا تعرض الشعب الأميركي لمزيد من المعلومات حول ما يحدث في فلسطين، وإذا ظهرت الرواية الفلسطينية في وسائل الإعلام السائدة، وإذا أُتيحت الفرصة للفلسطينيين لسرد معاناتهم من الإبادة الجماعية والفصل العنصري، فستتغير المواقف العامة بشكل كبير.
الرأي العام الأميركي بدأ بالتغيرأظهرت استطلاعات الرأي خلال العام الماضي أن الأميركيين، خاصة الديمقراطيين، لا يوافقون على سياسات حكومتهم تجاه إسرائيل وفلسطين. عندما كانت إدارة الرئيس جو بايدن ترفض دعم وقف إطلاق النار في غزة، كان غالبية الديمقراطيين يؤيدون ذلك. وقد أدى هذا الموقف في النهاية إلى خسارة كامالا هاريس عددًا لا يُحصى من الأصوات في الانتخابات الرئاسية.
أي تحول كبير في الرأي العام بشأن إسرائيل وفلسطين سيجعل من الصعب على الكونغرس الأميركي الاستمرار في تمويل الجيش الإسرائيلي بمليارات الدولارات ودعمه السياسي للاحتلال والفصل العنصري.
لماذا يُنظر إلى "لا أرض أخرى" على أنه تهديد؟الرقابة على الفيلم لا تقتصر على كونه وثائقيًا فلسطينيًا، بل لأنه يروي القصة من خلال تعاون فلسطيني- إسرائيلي. لم يكن الصوت الفلسطيني وحده هو الذي تحدث عن المعاناة، بل ظهر أيضًا صوت إسرائيلي يعارض الاحتلال.
إعلانفي خطاب قبوله جائزة الأوسكار، قال يوفال أبراهام:
"عندما أنظر إلى باسل، أرى أخي، لكننا لسنا متساويَين. نحن نعيش في نظام يُخضعه للقانون العسكري الذي يدمر حياته، بينما أعيش أنا بحرية في ظل القانون المدني. هناك طريق آخر: حل سياسي بدون تفوق عرقي".
إن سماع إسرائيلي ينتقد الفصل العنصري والاحتلال أمر غير مقبول بالنسبة للمؤسسات الإسرائيلية وداعميها في الغرب، حيث يتناقض ذلك مع السردية السائدة التي تصور إسرائيل كـ"بوصلة أخلاقية"، وتدعي أن كل الفلسطينيين يسعون إلى إبادة اليهود.
رد فعل عنيف ضد المتضامنين مع الفلسطينييناليهود الأميركيون الذين يشاركون رؤية أبراهام ويتحدثون ضد إسرائيل يتعرضون للمضايقة والرقابة والاتهام بمعاداة السامية، بل والاعتقال خلال التظاهرات.
حتى أبراهام نفسه تعرض لعداء في ألمانيا، حيث تم اعتباره "غير مرحب به" بعد خطابه في مهرجان برلين السينمائي العام الماضي. سارع السياسيون الألمان إلى وصفه بـ "المعادي للسامية"، وزعمت بلدية برلين أن فيلمه يُظهر "نزعات معادية للسامية".
كما هو الحال في الولايات المتحدة، ضاعفت ألمانيا دعمها لإسرائيل منذ بداية عدوانها على غزة. وبهذا، تحولت الدول الغربية الداعمة لإسرائيل إلى عقبة أمام تحقيق السلام، كما أشار أبراهام في خطابه حين قال:
"السياسة الخارجية الأميركية هي التي تُعيق تحقيق السلام".
الفيلم حقق نجاحًا رغم كل شيء
على الرغم من كل التحديات، فقد حقق فيلم "لا أرض أخرى" نجاحًا غير مسبوق.
ورغم عدم وجود موزع أميركي، قرر صانعو الفيلم عرضه ذاتيًا في عدد من دور السينما المختارة، ويمكن معرفة أماكن العرض من خلال موقعه الإلكتروني.
إنه فيلم يجب أن يشاهده الأميركيون. كما أشار باسل عدرا في مقابلة مع "ديموكراسي ناو":
"نحن جميعًا مسؤولون. أموال الضرائب الأميركية تمول تدمير مجتمعي، الذي تسارع بوتيرة غير مسبوقة خلال العام الماضي".
قبل أسابيع قليلة من فوزه بجائزة الأوسكار، كتب عدرا على وسائل التواصل الاجتماعي:
"كل من اهتم بفيلم "لا أرض أخرى"، يجب أن يهتم بما يحدث على الأرض.. مسافر يطا تختفي أمام عينيّ".
يتعين على الأميركيين اتخاذ موقف، حيث لم تعد وسائل الإعلام الغربية قادرة على إخفاء الحقائق إلى الأبد، ولم يعد بإمكانها طمس الرواية الفلسطينية التي أصبحت أكثر وضوحًا وتأثيرًا على الرأي العام.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline