الراعي ترأس قداساً لمناسبة مرور 60 عاماً على خدمة المونسنيور كيروز الكهنوتية
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
رَأَسَ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداساً احتفالياً في كنيسة السيدة في بشري، لمناسبة مرور ستين عاماً على خدمة المونسنيور فيكتور كيروز الكهنوتية واليوبيل الخامس والعشرين لراهبات القديسة تيريزيا المقيمات في بشري.
وبعد تلاوة الإنجيل المقدس ألقى البطريرك عظة تحدث فيها عن الإنجيل المقدس، وعن الراهبات مرسلات المحبة وعطاءات المونسنيور كيروز وقال: "يتماهى الربّ يسوع مع كلّ محتاج: أكان جائعًا أو عطشانًا أو غريبًا أو عريانًا أو مريضًا أو سجينًا.
أضاف: "حدّد الربّ يسوع في نصّ الإنجيل الذي سمعناه، حالات العوز عند الناس بستّ. ليست محصورة بالعوز الماديّ والجسديّ، بل تشمل أيضًا الروحي والأخلاقيّ والثقافيّ، ما يعني أنّ مساعدة الإنسان تقتضي الشموليّة وتلبية كلّ أبعاد شخصيّته. فالجائع يجوع إلى خبز وطعام، وأيضًا إلى كلمة الله والعلم. العطشان يعطش إلى ماء وأيضًا إلى عدالة وإنصاف وكلمة حقّ، وإلى غفران ومصالحة. الغريب غريبٌ عن وطنه ومحيطه، وأيضًا الغريب عن ذاته، وعن أهل بيته، والعائش في غربة نفسيّة وعاطفيّة في قلب عائلته ومجتمعه". وتابع: "العريان هو المحتاج لثوب ولباس، وهو أيضًا الّذي يعرّى من كرامته وحُسن صيته بالنميمة والسخرية والتجنّي والإفتراء والكلام الكاذب عنه. المريض مريض في جسده وأعصابه وعقله وهو أيضًا المريض في إنحرافاته من نوع الإنحرافات الجنسيّة والإدمان على السّكر والمخدّرات ولعب القمار. السجين هو سجين الأسر وراء القضبان، وأيضًا أسيرُ شهواته ونزواته، وأسيرُ مواقفه وآرائه، وفاقدُ إرادته وقدرته على التمييز لاستعباده لأشخاص وإيديولوجيّات ومصالح رخيصة، ولا يُميّز معها بين الخير والشرّ، وبين العدل والظلم، وبين الحقّ والباطل. هذه حالات يمرّ فيها أو في بعضها كلُّ كبير وصغير، والمحتاج هو في حالته من "إخوة يسوع الصّغار" (متى 35: 40). ومدعوّ ليستحضر المسيح في حالته وألمه، ويعطيها من آلام المسيح قيمةً خلاصيّة وبُعدَ فداء، على مثال بولس الرسول: "إنّي أتمّ في جسدي ما نقص من آلام المسيح" (كول 1: 24). وفي الوقت عينه هو، في حالته الإيجابيّة، من المدعوّين لمساعدة غيره من هؤلاء "الإخوة"، مكرِّمًا فيهم شخصَ المسيح وآلام الفداء الجارية فيهم".
وأكمل: "وقع كلام الإنجيل في صميم قلب الأمّ تريزا، فانطلقت تخدم وتعتني بأفقر الفقراء ماديًّا بحبّ وتفانٍ وصلاة. فأغنتهم روحيًّا ومعنويًّا وردّت لهم كرامتهم الإنسانيّة كأبناء وبنات لله. نقلت الأمّ تريزا هذا الإرث إلى أخواتها الراهبات مرسلات المحبّة. فتواجدن في العديد من البلدان لخدمة "أفقر الفقراء". وشاءت العناية الإلهيّة أن تكون "مرسلات المحبّة"، بنات الأمّ تريزا، بيننا في بشرّي العزيزة والبلدات العزيزة المجاورة. وقد إتّخذن مركزًا باسم "بيت الفرح" هو أصلًا بيت الشهيد النقيب في الجيش فخر فخر الذّي استشهد في 8 أيلول 1989 في أوّل يوم من "حرب التحرير". وقد أوقفه والداه المرحومان أنطوان فخر وأنطوانيت قيصر كيروز "لمرسلات المحبّة" بنات الأمّ تريزا، في 22 كانون الأوّل 1997. قال أحدهم مرّة للأمّ تريزا: "إنّ ما تفعلين في خضمّ عالم الفقراء الكبير كمن يزيد نقطة ماء على مياه الأقيانوس". فأجابت: "لولا هذه النقطة، لنقص الأقيانوس نقطة!" ما يعني أنّ على الإنسان أن يصنع الخير حيث يعيش، ولو اعتنى بفقير أو محتاج واحد. وذلك مثل الحفنة من الملح التي تصلح الطعام، أو مثل نور شمعة يكسر الظلام في الدار. جواب الأمّ تريزا يدين التهرّب من المسؤوليّة، وتبرير عدم المساعدة".
وأردف: "وقع أيضًا كلام الإنجيل في صميم قلب عزيزنا المونسنيور فيكتور كيروز فاتصّف بالمشاعر الإنسانيّة والحنان والإنحناء على كلّ محتاج. هذه المشاعر أنسنت كهنوته طيلة الستّين سنة التي يحتفل بيوبيلها اليوم. فكان هو هو صاحب القلب المحبّ والمفطور على صنع الخير مع كلّ محتاج وجده على طريقه في لبنان أوّلًا ثمّ في الولايات المتّحدة الأميركيّة. فكان كلّ مال يصل إلى يده لقاء خدمته الكهنوتيّة يصرفه في عمل الخير بسخاء وحبّ طابعًا شخصيّته في فرح العطاء بدون مقابل. فلمّا رأى في بداية حياته الكهنوتيّة حاجة شبيبة بشرّي إلى نادٍ يجمعهم ويؤمّن لهم مجالات الممارسة الرياضيّة، أسّس النادي الثقافيّ الرياضيّ وسخا عليه من وقته وذات يده. ولـمّا رأى أهالي بشرّي والمنطقة بدون مستشفى يلبّي الحاجات الطارئة وسواها بنى على نفقته مستشفى مار يوحنّا الطبّي. وبفضل حسّه الإنسانيّ والروحيّ والراعويّ شجّع شقيقته أنطوانيت وزوجها أنطوان والدي الشهيد النقيب فخر على المضيّ في تنفيذ قرارهما بوقف بيت إبنهما بطبقاته الثلاث ليكون مركزًا "للراهبات مرسلات المحبّة". فتولّى المونسنيور فيكتور مراسلة السلطة الرهبانيّة وإقناعها بتأسيس مركز في بشرّي. وكم كانت الفرحة كبيرة وشاملة عندما لبّين الطلب".
وقال: "فكم تمجّد "الله محبّة" (1يو 4: 8) ويتمجّد بكلّ أعمال المحبّة التي قامت وتقوم بها عزيزاتنا "الراهبات مرسلات المحبّة" طيلة هذه الخمس وعشرين سنة! وبكلّ أعمال المحبّة التي قام ويقوم بها عزيزنا المونسنيور فيكتور كيروز طيلة هذه الستين سنة كهنوتيّة! والله يتمجّد بالقلوب المنفتحة عليه ليملأها من مشاعر الحبّ والعطاء. وقّانا الله من القلوب الملآنة كبرياء وأنانيّة وبغضًا.
فإنّا إذ نقدّم لهم التهاني القلبيّة المقرونة بالشكر الكبير، نعرب عن أطيب التمنيات بفيض نعم الله وبركاته. فنتمنّى للأخوات الراهبات "مرسلات المحبّة" أن ينعمن بمحبّة الله وبالفرح في رسالتهنّ، ولجمعيّتهنّ دوام النموّ والإزدهار. كما نتمنّى لعزيزنا المونسنيور فيكتور العمر الطويل مع مزيد من القوّة والحبّ، لكي يواصل خدمته الكهنوتيّة لسنين عديدة. هذه التهاني والتمنيات نودعها بين قرابين هذه الذبيحة المقدّسة، راجين أن تكون ذبيحة شكر واستغفار وإنطلاقًا من جديد. ونرفع معًا نشيد المجد والتسبيح للثالوث القدّوس، الآب والإبن والروح القدس الآن وإلى الأبد، آمين".
وبعد القداس، قدمت الهدايا التذكارية. وألقى المونسنيور كيروز كلمة شكر فيها البطريرك الراعي، معربا عن شكره أيضا لكل المشاركين في التكريم من ابناء بشري والمنطقة، واعدا بمتابعة رسالته بالشركة والمحبة في لبنان والولايات المتحدة. طالبا بركة غبطته لمتابعة خدمة الكنيسة.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: ة التی وأیض ا فی بشر
إقرأ أيضاً:
الخطيب استقبل عبد الساتر مكلفا من الراعي للإطمئنان: الجنوبيون سيعودون الى أرضهم أيا تكن الوقائع
استقبل نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب في مقر المجلس في الحازمية، مطران بيروت وتوابعها للموارنة بولس عبد الساتر موفدا من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في حضور مفتي صور وجبل عامل الشيخ حسن عبدالله والشيخ محمد حجازي. وتم خلال اللقاء التداول في الشؤون الراهنة في ظل العدوان الصهيوني على لبنان، وآفاق المرحلة المقبلة في ضوء المفاوضات الجارية لوقف النار. وكان اتفاق على "ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية بما يفوت على العدو اثارة فتنة داخلية، ومتابعة مقررات القمة الروحية لتعزيز التضامن اللبناني ومعالجة قضايا النازحين". واشار المطران عبد الساتر الى انه "اضافة الى اتصال البطريرك بالعلامة الخطيب، فقد كلفني الاطمئنان عن قرب على اوضاع المجلس الشيعي بعد الاضرار الجسيمة التي لحقت بمقره في حارة حريك جراء العدوان الاسرائيلي". وشكر العلامة الخطيب البطريرك الراعي على "اهتمامه ولفتته الكريمة"، منوها بـ"القمة الروحية ودورها في ابراز الصورة الايجابية للبنانيين في الداخل والخارج، بعكس الصورة السياسية التي تبرز في بعض الاحيان"، وقال: "لقد وضعت قاعدة اساسية لوقف الحرب لا مشكلة لاحد بخصوصها، وهي القرار 1701، ونأمل ان يعكس ذلك حالة من الارتياح تمهيدا لوقف النار كي تعود الناس الى ارضها واعمالها ويصار بعد ذلك الى حل جذري للامور المختلف عليها".
وشدد العلامة الخطيب على "ضرورة الحوار، لأن من دونه لن يحصل اي تقدم. فالتشنج لا يولد حلولا ولا احد من اللبنانيين يرضى بأن تكون سيادته مخترقة ومستباحة"، واكد ان "ليس لدى الشيعة مشروع خاص، مشروعهم هو الدولة القوية العادلة. ولو كانت هناك دولة من الاساس تحمي الناس لما وصلنا الى هذا الواقع"، وقال: "نريد دولة قوية عادلة وجيشا قويا ومدعوما يحمي الوطن والجيش موجود لكنه يحتاح الى اسلحة فاعلة"، وسأل: "ما البديل لأهل الجنوب اذا لم تكن هناك دولة تحميهم؟ ليس ابن الجنوب من انشأ اتفاق القاهرة ولا هو من جاء بالفلسطينيين الى الحدود"، واكد ان "ما تعرض له الجنوبيون خلال العقود الماضية لا يحتمل، لكنهم سيعودون الى ارضهم كما عادوا في العام 2006 ، ايا تكن الوقائع على الارض".
من جهته دعا عبد الساتر المجتمع الدولي الى "دعم الجيش بالفعل وليس بالكلام"، وقال: "ان اللبنانيين والجنوبيين متعلقون بأرضهم وسوف يعودون اليها ولا احد يجادل بذلك".