دكتور شيماء فوزي تكتب: مفهوم تمكين المرأة واستراتيجياته
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
يمثل تمكين المرأة مفهومًا أساسيًا في مجال حقوق الإنسان والتنمية المستدامة. إن تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة هما عنصران حاسمان في بناء مجتمع عادل ومزدهر. تعتبر المرأة ركيزة أساسية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من التحديات التي تواجه المرأة في جميع أنحاء العالم.
تتضمن استراتيجيات تمكين المرأة الحديثة عدة جوانب مهمة. أحد هذه الجوانب هو التعليم والتدريب. يعد توفير فرص التعليم والتدريب عالي الجودة للنساء والفتيات أمرًا حاسمًا لتمكينهن وتمكينهن من المشاركة الفعالة في المجتمع والاقتصاد. يجب تأمين الوصول المتساوي للتعليم للجنسين وتقديم برامج تدريبية مهنية تواكب احتياجات سوق العمل المتغيرة.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل الاستراتيجيات الحديثة على تعزيز قيادة المرأة ومشاركتها في العمل السياسي والاقتصادي. يجب توفير الفرص المتساوية للنساء في المناصب القيادية والإدارية، وتعزيز التمثيل النسائي في البرلمانات والحكومات والمنظمات الدولية. يتطلب ذلك إجراء تغييرات في الثقافة المؤسسية وتبني سياسات تعزز المساواة بين الجنسين وتقضي على التحيزات الجنسية.
علاوة على ذلك، تعزز الاستراتيجيات الحديثة تمكين المرأة اقتصاديًا من خلال تعزيز الوصول إلى التمويل والمصادر الاقتصادية. يجب توفير فرص ريادة الأعمال والتمويل الذاتي للنساء، وتوفير برامج دعم تقني واستشاري لتمكينهن من إنشاء وإدارة أعمالهن الخاصة. يمكن للتمكين الاقتصادي للمرأة أن يحد من الفقر وتعزيز التنمية المستدامة.
تعتبر تمكين المرأة واحدة من أهم الأجندات في العالم اليوم، وتشكل أساسًا للتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية. يجب على المجتمع الدولي والحكومات والمنظمات غير الحكومية العمل سويًا لتبني استراتيجيات حديثة لتمكين المرأة.
تشمل هذه الاستراتيجيات توفير فرص التعليم والتدريب، تعزيز قيادة المرأة ومشاركتها في العمل السياسي والاقتصادي، وتعزيز الوصول إلى التمويل والمصادر الاقتصادية. يجب أن تتميز هذه الاستراتيجيات بالاستدامة والشمولية، وأن تأخذ في الاعتبار تنوع الثقافات والتحديات الخاصة التي تواجهها النساء في مجتمعاتهن.
من خلال تنفيذ هذه الاستراتيجيات، يمكن تحقيق نقلة نوعية في واقع المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين. يجب أن يكون لدى المرأة الحق في اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتها ومستقبلها، وأن تكون لها فرصة حقيقية للمشاركة والتأثير في المجتمع.
لذا، فإن استراتيجيات تمكين المرأة الحديثة تعد أداة فعالة لبناء مجتمع أكثر عدالة وازدهارًا. يجب أن يستمر العمل المشترك لتعزيز حقوق المرأة وتحقيق تغييرات إيجابية في البنية الاجتماعية والسياسية. إن تمكين المرأة ليس فقط واجبًا أخلاقيًا، بل هو أيضًا استثمار استراتيجي في مستقبل مستدام ومزدهر للجميع.
الدكتورة / شيماء فوزي عزيز
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: تمکین المرأة المرأة ا
إقرأ أيضاً:
د.نجلاء شمس تكتب: بسواعدهم تُبنى الحضارات
تخيل معي، لو استيقظنا يومًا فلم نجد عمالًا!
لن نجد مدارس تُبنى، ولا مستشفيات تُجهز، ولا مصانع تدور، ولا جسور تمتد، ولا حقول تُثمر، ولا مدن تنهض ، ستتحول الحياة إلى ركام، وستغدو الطرقات مهجورة، والمزارع جرداء، والمرافق بلا حياة، وستكون الحضارة مجرد حبرٍ على ورق، لا يسنده ساعدٌ، ولا يرفعه جهدٌ هكذا، ببساطة، تنهار الحياة عندما يغيب عنها عرقُ العامل ،والعمل في جوهره رسالة سامية، اختص الله بها الإنسان، فقال تعالى:
{هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61]، أي طلب منكم أن تعمروها بالعمل والبناء والإنتاج ،فالعمل ليس مجرد وسيلة للرزق، بل هو عبادة وشكر لله على نعمة الحياة والوجود،
وقد كانت سيرة الأنبياء عليهم السلام خير شاهد على شرف العمل؛ فقد عمل نبي الله داود عليه السلام حدادًا يصنع الدروع، قال تعالى:
{وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ} [الأنبياء: 80].
وكان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يرعى الغنم في صغره، ويشارك في التجارة، ويساهم بنفسه في البناء، وقد رفع مع أصحابه أحجار بناء المسجد النبوي بيديه الشريفتين، وحين نتصفح صفحات التاريخ، نرى أن وراء كل حضارة عظيمة أيادي عمال مخلصة صنعت المجد بصبرٍ وإتقان ،ففي مصر القديمة، لم تكن الأهرامات مجرد أحجار ضخمة رُصت فوق بعضها، بل كانت ثمرة سواعد آلاف العمال المصريين الذين حملوا الحجارة على ظهورهم، ورصفوا بها مداميك الخلود التي ما تزال تقاوم عوادي الزمن، شاهدة على أن البناء الأعظم لا تصنعه الحجارة بل تصنعه الأيدي المؤمنة بالعمل، وفي بغداد العباسية، كانت قصور الخلافة وأسواقها المزدحمة تشيَّد بحرفية أيدٍ عاملة تفننت في نقش الجمال على جدران الزمن ،وفي الأندلس، حيث ازدهرت الحضارة الإسلامية، كان العمال المهرة يبنون القصور والمدارس والمساجد بروحٍ فنية أذهلت العالم، وكما كان العمال أساس حضارات الأمس، فإنهم اليوم يشيدون صروح العلم الحديثة، والمصانع العملاقة، والجسور المعلقة، والمدن الذكية؛ فلا يُكتب اسمهم على الواجهات، لكن آثار أيديهم باقية تروي قصة المجد لكل من يفهم أن الحضارة تبنى بالعرق قبل أن تدون في الكتب
لقد أدرك الإسلام مكانة العامل فرفع قدره وأعلى منزلته؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده" [رواه البخاري].
أيها العامل: لست ترسًا خفيًا في آلة كبرى، بل أنت نبضها الحقيقي، وقلبها النابض بالحياة،
أنت الذي تبني المدارس لتُعلّم الأجيال، وتُعمر المستشفيات لتداوي المرضى، وتُشيّد الجسور لتربط بين المدن، وتزرع الحقول لتُطعم الأمم ،
كل قطرة عرق تذرفها على أديم الأرض، تُنبت مجدًا، وتُزهِر حضارةً، وتُخلّد اسم الإنسان،
وفي يوم العمال، نقف لك إجلالًا واحترامًا، اعترافًا بأنك أنت العمود الفقري الذي يشد أوتاد الحياة إلى الأرض؛ فتنهض عليها الحضارة سامقة، لا تهزها العواصف.