كيف تتغير توقعات الأفراد إزاء السفر والسياحة؟
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
تتغير اتجاهات الأفراد وتوقعاتهم إزاء السفر والوجهات والتجارب السياحية من حين لآخر، تلعب إمكانية مشاركة تجارب السفر والسياحة في شبكات عالمية دورًا أساسيًا في نشوء اتجاهات جديدة، وتحفز رغبة الاتصال الثقافي العالمي نمو بعض التوقعات لدى الأفراد فيما يتصل بعطلاتهم وتجاربهم السياحية القادمة. هناك دور أيضًا لطبيعة «التركيبية الجيلية» في توجيه اتجاهات السفر والسياحة، وفي الطلب على المنتجات والخدمات السياحية، وفي تباين السلوكيات السياحية؛ فعلى سبيل المثال ترى الدراسات أن سوق السفر والسياحة المستقبلي يسيطر عليه «المواطنون الرقميون من جيل 2.
على مستوى الاتجاهات العالمية؛ فإن مختلف التقارير التي ترصد التغير في اتجاهات السفر والمسافرين والسياحة تجمع أن القيود على حالة السفر والسياحة بفعل جائحة كورونا كوفيد 19 أنتجت مشهدًا جديدًا فيما يتصل بتوقعات المسافرين، كما أن مفاهيم الاستدامة البيئية، ومراعاة اعتبارات التغير المناخي أسهمت في نشوء مفاهيم جديدة بالنسبة للمسافرين سواء فيما يتعلق بالوجهات والتطلعات أو فيما يتعلق بالسلوكيات السياحية. نحاول هنا التقاط أهم النتائج البارزة لبعض التقارير المرجعية التي تصدر بشكل دوري عالميًا حول اتجاهات السفر والسياحة وتفضيلات المسافرين؛ لمحاولة فهم هذا المشهد المتغير وتنفيده. فتقرير «Travel Predictions 2023» الذي يصدر بشكل دوري عن Booking.com يستخلص أن عنصري التركيز على «الطبيعة والجسد» تعتبر موجهات أساسية لتوقعات المسافرين ووجهاتهم ما بعد الجائحة. فمن نتائج التقرير أن هناك 42% من المسافرين يرغبون في قضاء فترة راحة تركز على صحتهم العقلية والجسدية، وهناك (44٪) من المستطلعين بالتقرير يريدون الذهاب إلى جلسات التأمل أو اليقظة الذهنية. يرصد التقرير كذلك أن هناك اتجاهات بارزة بدأت تشكل أنماطًا للسفر والسياحة منها: الرغبة في عيش صدمات ثقافية، والرغبة في رحلات خالية من أعباء العمل والتزاماته، والحنين للانغماس في الثقافات الشعبية، والعودة إل السفر العائلي. على الجانب الآخر فإن أحد النتائج البارزة لتقرير «2023 Global Travel Trends Report» الذي يصدر عن American Express Travel يقول إن 69% من جميع المشاركين مستعدون لإنفاق المزيد خلال العطلة إذا علموا أن ذلك يدعم المجتمع المحلي، ويذكر أن 88% من المشاركين يرون أن تناول الطعام والتسوق في الشركات الصغيرة المحلية يجلب تجربة أكثر واقعية. أما تقرير «2023 Travel Trends Report:Post-Pandemic State of Travel & Consumer Spending» الصادر عن وكالة Hopper فإن أبرز تغير يلحظه هو في سلوك المستهلكين في تخطيط السفر؛ حيث الحجوزات في اللحظات الأخيرة، والبحث الأول عن الوجهة يكون قبل 5 أسابيع من الرحلة بشكل أقصر عما كان عليه الحال قبل الوباء. يرصد التقرير كذلك أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت اللاعب الأساسي في عملية تخطيط السفر حيث يتصدر Facebook وInstagram أكثر المنصات شعبية للتخطيط للسفر، يليهما TikTok وSnapchat.
في المجمل فإنه يمكننا إيجاز المشهد المتغير لتوقعات السفر والسياحية العالمية في خمس خلاصات أساسية: ميل المسافرين للانغماس أكثر في المجتمعات المحلية ومنتجاتها الثقافية، والبحث الدائم عن المرونة فيما يتعلق بالحجوزات والوجهات وتخطيط السفر، والاتجاه نحو التجارب غير المألوفة سواء المغامرات أو التجارب الثقافية التي لا تتوافر في الحيز الذي يقع فيه الشخص، والتركيز على تحقيق جودة الحياة والتعافي من خلال الوجهات السياحية، بالإضافة إلى التأثير الملموس للتجارب المصورة (الملهمة) عبر المنصات الاتصالية في توجيه وتحديد التجارب والوجهات السياحية للأفراد. تقودنا هذه الاستخلاصات إلى محاولة فهم الكيفية التي يمكن الاستثمار بها في هذه التحولات بمجال السفر والسياحة. وهنا نعتقد أن هناك 3 فرص متاحة: أولها التركيز على بناء تجارب (مصحات جودة الحياة)؛ حيث يشكل تنوع التضاريس والبيئات الطبيعية فرصة لذلك. تركز هذه المصحات على استقطاب الأفراد لعيش فترة (أسبوع إلى 10 أيام) في التواصل مع الطبيعة ولبناء نظام حياة صحي بجودة عالية، من ناحية التغذية والرياضة وأساليب النوم ومراقبة الجسد. نعتقد أن هناك من الفرص والمواقع في سلطنة عُمان ما يمكنها من الاستثمار في هذه التجربة بوصفها اتجاهًا ناشئًا لطلب المسافرين على الوجهات السياحية. أما الفرصة الثانية فتتشكل في الكيفية التي يشارك فيها المجتمع بشكل منتظم في خلق التجارب السياحية والثقافية، والأهم تعديد تلك التجارب وتنويعها من قلب المجتمع وثقافته وطقوسه وممارساته. أما الفرصة الثالثة فهي تتشكل في سياق تنظيم عرض التجارب السياحية من قبل المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، وألا يتم التركيز فقط على «التغطيات» وإنما على إنتاج محتوى متكامل للتجارب السياحية والثقافي في سلطنة عُمان، وبشكل مدروس ومنتظم. وتسويق هذا المحتوى ليستهدف مختلف الثقافات والأقطار. المجتمع في ذاته أيضًا مدعو لتعزيز المحتوى المتصل بالتجارب السياحية ومشاركتها خصوصًا في ظل ما تتيحه مختلف المنصات الاتصالية من فرص للتأثير ونقل تلك التجارب وتسويقها عبر المجتمع.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية في سلطنة عمان
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السفر والسیاحة
إقرأ أيضاً:
3 أيام من التجارب الفريدة.. 3380 زائرًا لفعالية "باص الحرفي" في جازان
اختتم المعهد الملكي للفنون التقليدية "وِرث" مساء الأحد، فعالية "باص الحرفي" في أجواء مفعمة بالحيوية والفرح، إذ استقطب مقر الفعالية المقامة بجوار القرية التراثية في مدينة جيزان 3380 زائرًا خلال 3 أيام من التجارب الفريدة.
وكانت الفعالية فرصة مثالية للتعريف بالحرف التقليدية الغنية التي تميز منطقة جازان، ولإبراز جهود المعهد في دعم وتعليم الفنون التقليدية.
وتضمنت الفعالية مجموعة متنوعة من الأنشطة، بدءًا من التعريف ببرامج المعهد، وصولًا إلى جناح "فنجال الكيف"، الذي قدم أشهى أنواع القهوة السعودية على أيدي خبراء معروفين.
كما أتاح للزوار فرصة مشاهدة عروض حية من أفضل الحرفيين في مجالات فنون الأحجار والأخشاب، إلى جانب جلسات حوارية في "مجلس الحرفي" التي تناولت أسئلة الزوار حول الفنون التراثية.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } باص الحرفي يضيء جازان بعبق التراث وينسج قصص الفنون التقليدية - واس
ولم يقتصر برنامج الفعالية على العروض والحرف، بل شمل أيضًا ورش عمل إبداعية تعلم المشاركين أساليب فنون الخوص ودباغة الجلود وصياغة المعادن، ما أضاف لمسة من التفاعل والتعلم.
كما أضفى "ركن الطفل" جوًا من المرح، بتبسيط الفنون التقليدية للأطفال، ما أسهم في تعزيز وعيهم بتراثهم الأصيل.
وتأتي فعالية "باص الحرفي" التي نظمها المعهد الملكي للفنون التقليدية لإبراز الهوية الوطنية وتعزيز الثقافة المحلية ضمن فعاليات "موسم شتاء جازان 2025".
وأثبتت قدرتها على جمع المجتمع حول تراثه، ما يضمن استمرار هذه الفنون في قلوب الأجيال القادمة، ويعزز من قيمة التراث الثقافي في منطقة جازان.