لجريدة عمان:
2025-03-10@04:02:08 GMT

«إنسان» .. في مواجهة الاتجار بالبشر

تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT

«إنسان» .. في مواجهة الاتجار بالبشر

لم يمنع التقدم الكبير الذي حققته البشرية بمختلف المجالات العلمية والتكنولوجية في العصر الحديث من استمرار بعض الممارسات السائدة في بعض العصور الظلامية ومنها جريمة «الاتجار بالبشر»، وهي جريمة بغيضة جرّمتها الشرائع السماوية والقوانين في مختلف دول العالم، إلا أنّ بعض تمظهرات تلك الجريمة ما زالت باقية، ويمارسها القلة في مختلف دول العالم.

والغريب أن تمظهرات الاتجار بالبشر لا تقتصر على الدول الفقيرة أو تلك التي تغيب عنها القوانين المنظمة للحقوق، فهي ما زالت موجودة في الدول المتقدمة كما هي موجودة بالدول الأقل نموًا في العالم، وما زالت هذه الجريمة تقوّض أسس الحرية والكرامة والعدالة، وتجرح إنسانية الإنسان سواء من وقعت عليه الجريمة أو حتى من سمع بها.

ورغم أن دلالة مصطلح الاتجار بالبشر شهدت الكثير من التحولات عبر مختلف العصور إلا أن جوهرها ما زال باقيًا وهو «عبودية الإنسان» واستغلاله لأغراض متعددة.

وتطورت أساليب الاستغلال في العصر الحديث لتتواكب مع معطيات المرحلة ومظاهرها وأساليب الاستغلال فيها، وتتحقق مظاهر «العبودية الحديثة» في الكثير من الممارسات الشنيعة التي لا تقرها الأديان ولا القوانين مثل الاستغلال الجنسي والعمل القسري والاتجار بالأعضاء، وتفترس هذه العبودية على الدوام الضعفاء ممن يستدرجون في العادة إلى أماكن بعيدة عن أوطانهم، وتحولت هذه العبوديات الحديثة إلى تجارة تمارسها منظمات سرية إجرامية.

ورغم أن القوانين في الدول تجرّم كل ممارسات الاتجار بالبشر إلا أن المنظمات الإجرامية تستطيع إسكات أصوات الضحايا في الكثير من الأوقات بسبب الخوف والإكراه من الصدمات الجسدية والنفسية والكثير من الممارسات الإجرامية المصاحبة لهذه التجارة.

وتقوم الحكومات بأدوار كبيرة لمكافحة هذه العبودية وما يصاحبها من ظلم للإنسان وإنسانيته.. وما تتطور له مظاهرها المتجددة.

ورغم أن القوانين في سلطنة عمان تجرّم جميع مظاهر الاتجار بالبشر واستغلالهم أيًا كان نوع الاستغلال، إلا أن اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر التي تتبع وزارة الخارجية مستمرة في تنظيم حملات التوعية لرفد الوعي المجتمعي بظاهرة الاتجار بالبشر؛ وذلك لعدم الوقوع في شراكها أو التورط في القيام ببعض مظاهرها المجرمة.

وتطلق الخارجية اليوم ممثلة في اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر حملة توعوية تحمل شعار «إنسان».. وتهدف الحملة إلى التحذير من خطر الوقوع في جريمة الاتجار بالبشر والاستغلال إضافة إلى تدريب المسؤولين لإنفاذ قانون مكافحة الاتجار بالبشر، ومعرفة حقوق الضحايا المتمثلة في الرعاية والتأهيل.

وتبذل اللجنة جهودًا كبيرة في بناء الوعي المجتمعي بهذه الآفة التي تشير بعض الأرقام الرسمية العالمية إلى أن ضحاياها تجاوزوا الـ25 مليون إنسان في مختلف دول العالم.

إن موضوع الاستجابة للضحايا وإنفاذ القوانين عملية مهمة جدًا في سياق مكافحة هذه الجريمة ولذلك تعمل الكثير من الدول على تدريب الكوادر والجهات المختصة لتستطيع تأدية أعمالها على أكمل وجه.

وفي هذا السياق لا بد من الحديث عن أهمية التعاون بين الدول للقضاء على هذه الجريمة نظرًا لأن شبكات الاتجار بالبشر غالبًا ما تتجاوز الحدود.

ومن المهم، أيضًا، أن تكون وسائل الإعلام شريكًا أساسيًا في أي حملة لبناء الوعي المجتمعي نظرًا لقدرتها وخبرتها في الوصول إلى الرأي العام.

إن الاتجار بالبشر وصمة عارٍ في الضمير العالمي، وجريمة لا تزال نشطة حتى في أكثر دول العالم تقدمًا، وعلى الحكومات أن تعزز تشريعاتها في مكافحتها وإعطاء الأولوية لدعم الضحايا وإعادة تأهيلهم.

إن الشعار الذي اتخذته حملة اللجنة الوطنية وهو «إنسان» يحمل الكثير من المدلولات التي تستطيع أن تصل إلى الجميع، وهي مدلولات تستنهض إنسانيتنا جميعًا لنقف ونساهم في هذه الحملة لتبقى بلادنا بعيدة عن كل شكل أو مظهر من مظاهر الاتجار بالبشر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاتجار بالبشر دول العالم الکثیر من إلا أن

إقرأ أيضاً:

أوروبا في مواجهة ترامب جحيم نووي.. رؤية الرئيس الأمريكي الاستعمارية تجعل مشاهد أفلام الحرب حقيقة واقعة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يحلم ترامب بإمبراطورية ماجا، لكنه على الأرجح سيترك لنا جحيمًا نوويًا، ويمكن للإمبريالية الجديدة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن تجعل العالم المروع الذى صوره صانعو أفلام الحرب الباردة حقيقة.. هكذا بدأ ألكسندر هيرست تحليله الشامل حول رؤية ترامب.

فى سعيه إلى الهيمنة العالمية، أصبحت رؤية ترامب لأمريكا الإمبريالية أكثر وضوحًا. ومع استعانة الإدارة الحالية بشكل كبير بدليل استبدادى وإظهار عداء متزايد تجاه الحلفاء السابقين، أصبحت خطط ترامب للتوسع الجيوسياسى واضحة. تصور الخرائط المتداولة بين أنصار ترامب، والمعروفة باسم "مجال الماجا"، استراتيجية جريئة لإعادة تشكيل العالم. كشف خطاب ترامب أن أمريكا الإمبريالية عازمة على ضم الأراضى المجاورة، بما فى ذلك كندا وجرينلاند وقناة بنما، مما يعكس طموحه المستمر لتعزيز السلطة على نصف الكرة الغربى.

تعكس هذه الرؤية لعبة الطاولة "المخاطرة" فى طموحاتها، مع فكرة السيطرة على أمريكا الشمالية فى قلب الأهداف الجيوسياسية لترامب. ومع ذلك، فإن هذه النظرة العالمية تضع الاتحاد الأوروبى أيضًا كهدف أساسى للعداء. إن ازدراء ترامب للتعددية وسيادة القانون والضوابط الحكومية على السلطة يشير إلى عصر من الهيمنة الأمريكية غير المقيدة، وهو العصر الذى قد تكون له عواقب عميقة وكارثية على الأمن العالمى.

مخاطر منتظرة

مع دفع ترامب إلى الأمام بهذه الطموحات الإمبريالية، يلوح شبح الصراع النووى فى الأفق. لقد شهدت فترة الحرب الباردة العديد من الحوادث التى كادت تؤدى إلى كارثة، مع حوادث مثل أزمة الصواريخ الكوبية فى عام ١٩٦٢ والإنذار النووى السوفيتى فى عام ١٩٨٣ الذى كاد يدفع العالم إلى الكارثة. واليوم، قد تؤدى تحولات السياسة الخارجية لترامب، وخاصة سحب الدعم الأمريكى من الاتفاقيات العالمية وموقفه من أوكرانيا، إلى إبطال عقود من جهود منع الانتشار النووى.

مع تحالف الولايات المتحدة بشكل متزايد مع روسيا، يصبح خطر سباق التسلح النووى الجديد أكثر واقعية. الواقع أن دولًا مثل اليابان وكوريا الجنوبية وكندا، التى اعتمدت تاريخيًا على الضمانات الأمنية الأمريكية، قد تشعر قريبًا بالحاجة إلى السعى إلى امتلاك ترساناتها النووية الخاصة. وفى الوقت نفسه، قد تؤدى دول مثل إيران إلى إشعال سباق تسلح أوسع نطاقًا فى مختلف أنحاء الشرق الأوسط، إذا تجاوزت العتبة النووية.

رد أوروبا

بدأ الزعماء الأوروبيون، وخاصة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، فى الاعتراف بمخاطر عالم قد لا تكون فيه الولايات المتحدة حليفًا موثوقًا به. وأكدت تعليقات ماكرون الأخيرة على الحاجة إلى استعداد أوروبا لمستقبل قد لا تتمسك فيه الولايات المتحدة بضماناتها الأمنية، وخاصة فى ضوء سياسات ترامب الأخيرة. فتحت فرنسا، الدولة الوحيدة فى الاتحاد الأوروبى التى تمتلك أسلحة نووية، الباب أمام توسيع رادعها النووى فى مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبى. ومع ذلك، يظل السؤال مطروحًا: حتى لو مدت فرنسا قدراتها النووية إلى أعضاء آخرين فى الاتحاد الأوروبى، فهل سيكون ذلك كافيًا لحماية أوروبا من التهديدات الوشيكة التى تشكلها كل من روسيا والدول المسلحة نوويًا الأخرى؟

إن التوترات المتصاعدة بين حلف شمال الأطلسى وروسيا بشأن غزو أوكرانيا والتهديدات النووية الروسية المتكررة تؤكد على الحاجة الملحة إلى أوروبا فى سعيها إلى رادع أكثر استقلالية وقوة. وإذا لم تتمكن أوروبا من الاعتماد على الولايات المتحدة، فقد تحتاج فى نهاية المطاف إلى إنشاء آلية دفاع نووى خاصة بها.

عالم منقسم

قد تكون تداعيات رؤية ترامب كارثية. فمع إعادة تسليح العالم بسرعة، ترتفع مخزونات الدفاع، ويرتفع الإنفاق العسكرى إلى مستويات غير مسبوقة. ويتم توجيه الموارد التى ينبغى استثمارها فى الرعاية الصحية والتعليم وحماية البيئة واستكشاف الفضاء بدلًا من ذلك إلى ميزانيات الدفاع. وإذا سُمح لسياسات ترامب بالاستمرار، فقد تؤدى إلى عالم حيث تصبح الحرب حتمية، أو على الأقل، حيث يتحول توازن القوى العالمى بشكل كبير. مع ارتفاع الإنفاق الدفاعى العالمى، هناك إدراك قاتم بأن البشرية تتراجع إلى نظام عالمى خطير ومتقلب، حيث يتم التركيز بدلًا من ذلك على العسكرة والصراع.

ضرورة التأمل

ويمضى ألكسندر هيرست قائلًا: فى مواجهة هذه التحولات الجيوسياسية، أجد نفسى أفكر فى التباين بين العالم الذى حلمت به ذات يوم والعالم الذى يتكشف أمامنا. عندما كنت طفلًا، كنت أحلم بالذهاب إلى الفضاء، ورؤية الأرض من مدارها. اليوم، أود أن أستبدل هذا الحلم بالأمل فى أن يضطر أصحاب السلطة إلى النظر إلى الكوكب الذى يهددونه من الأعلى. ولعل رؤية الأرض من الفضاء، كما ذكر العديد من رواد الفضاء، تقدم لهم منظورًا متواضعًا، قد يغير وجهات نظرهم الضيقة المهووسة بالسلطة.

إن رواية سامانثا هارفى "أوربيتال" التى تدور أحداثها حول رواد الفضاء، تلخص هذه الفكرة بشكل مؤثر: "بعض المعادن تفصلنا عن الفراغ؛ الموت قريب للغاية. الحياة فى كل مكان، فى كل مكان". يبدو أن هذا الدرس المتعلق بالترابط والاعتراف بالجمال الهش للحياة على الأرض قد ضاع على أولئك الذين يمسكون الآن بزمام السلطة. وقد يعتمد مستقبل كوكبنا على ما إذا كان هؤلاء القادة سيتعلمون يومًا ما النظر إلى ما هو أبعد من طموحاتهم الإمبراطورية والاعتراف بقيمة العالم الذى نتقاسمه جميعًا.

*الجارديان

مقالات مشابهة

  • أوروبا في مواجهة ترامب جحيم نووي.. رؤية الرئيس الأمريكي الاستعمارية تجعل مشاهد أفلام الحرب حقيقة واقعة
  • القوانين الحاكمة ضد الوصاية الظالمة
  • حقوق إنسان النواب: السيسي طمأن المصريين على مستقبل بلادهم وأنها في أيدي أمينة
  • مركز الملك سلمان للإغاثة ينفذ 1.072 مشروعًا لتمكين المرأة في 79 دولة حول العالم
  • مركز الملك سلمان للإغاثة ينفذ 1.072 مشروعًا لتمكين المرأة في 79 دولة حول العالم بقيمة تتجاوز 700 مليون دولار
  • حقبة الاستثمار العالمي بتوقيت الخليج
  • بحضور عدد من رؤساء وملوك الدول.. موعد افتتاح المتحف المصري الكبير رسميا
  • تقرير: ارتفاع عدد المتابعين في قضايا الاتجار بالبشر بالمغرب مع توالي السنين
  • 2030.. «ثلث العالم» في «المونديال»!
  • الروبوت البشري الأكثر تقدماً يصدم الحضور بسؤال عن مستقبل الوظائف