«إنسان» .. في مواجهة الاتجار بالبشر
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
لم يمنع التقدم الكبير الذي حققته البشرية بمختلف المجالات العلمية والتكنولوجية في العصر الحديث من استمرار بعض الممارسات السائدة في بعض العصور الظلامية ومنها جريمة «الاتجار بالبشر»، وهي جريمة بغيضة جرّمتها الشرائع السماوية والقوانين في مختلف دول العالم، إلا أنّ بعض تمظهرات تلك الجريمة ما زالت باقية، ويمارسها القلة في مختلف دول العالم.
والغريب أن تمظهرات الاتجار بالبشر لا تقتصر على الدول الفقيرة أو تلك التي تغيب عنها القوانين المنظمة للحقوق، فهي ما زالت موجودة في الدول المتقدمة كما هي موجودة بالدول الأقل نموًا في العالم، وما زالت هذه الجريمة تقوّض أسس الحرية والكرامة والعدالة، وتجرح إنسانية الإنسان سواء من وقعت عليه الجريمة أو حتى من سمع بها.
ورغم أن دلالة مصطلح الاتجار بالبشر شهدت الكثير من التحولات عبر مختلف العصور إلا أن جوهرها ما زال باقيًا وهو «عبودية الإنسان» واستغلاله لأغراض متعددة.
وتطورت أساليب الاستغلال في العصر الحديث لتتواكب مع معطيات المرحلة ومظاهرها وأساليب الاستغلال فيها، وتتحقق مظاهر «العبودية الحديثة» في الكثير من الممارسات الشنيعة التي لا تقرها الأديان ولا القوانين مثل الاستغلال الجنسي والعمل القسري والاتجار بالأعضاء، وتفترس هذه العبودية على الدوام الضعفاء ممن يستدرجون في العادة إلى أماكن بعيدة عن أوطانهم، وتحولت هذه العبوديات الحديثة إلى تجارة تمارسها منظمات سرية إجرامية.
ورغم أن القوانين في الدول تجرّم كل ممارسات الاتجار بالبشر إلا أن المنظمات الإجرامية تستطيع إسكات أصوات الضحايا في الكثير من الأوقات بسبب الخوف والإكراه من الصدمات الجسدية والنفسية والكثير من الممارسات الإجرامية المصاحبة لهذه التجارة.
وتقوم الحكومات بأدوار كبيرة لمكافحة هذه العبودية وما يصاحبها من ظلم للإنسان وإنسانيته.. وما تتطور له مظاهرها المتجددة.
ورغم أن القوانين في سلطنة عمان تجرّم جميع مظاهر الاتجار بالبشر واستغلالهم أيًا كان نوع الاستغلال، إلا أن اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر التي تتبع وزارة الخارجية مستمرة في تنظيم حملات التوعية لرفد الوعي المجتمعي بظاهرة الاتجار بالبشر؛ وذلك لعدم الوقوع في شراكها أو التورط في القيام ببعض مظاهرها المجرمة.
وتطلق الخارجية اليوم ممثلة في اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر حملة توعوية تحمل شعار «إنسان».. وتهدف الحملة إلى التحذير من خطر الوقوع في جريمة الاتجار بالبشر والاستغلال إضافة إلى تدريب المسؤولين لإنفاذ قانون مكافحة الاتجار بالبشر، ومعرفة حقوق الضحايا المتمثلة في الرعاية والتأهيل.
وتبذل اللجنة جهودًا كبيرة في بناء الوعي المجتمعي بهذه الآفة التي تشير بعض الأرقام الرسمية العالمية إلى أن ضحاياها تجاوزوا الـ25 مليون إنسان في مختلف دول العالم.
إن موضوع الاستجابة للضحايا وإنفاذ القوانين عملية مهمة جدًا في سياق مكافحة هذه الجريمة ولذلك تعمل الكثير من الدول على تدريب الكوادر والجهات المختصة لتستطيع تأدية أعمالها على أكمل وجه.
وفي هذا السياق لا بد من الحديث عن أهمية التعاون بين الدول للقضاء على هذه الجريمة نظرًا لأن شبكات الاتجار بالبشر غالبًا ما تتجاوز الحدود.
ومن المهم، أيضًا، أن تكون وسائل الإعلام شريكًا أساسيًا في أي حملة لبناء الوعي المجتمعي نظرًا لقدرتها وخبرتها في الوصول إلى الرأي العام.
إن الاتجار بالبشر وصمة عارٍ في الضمير العالمي، وجريمة لا تزال نشطة حتى في أكثر دول العالم تقدمًا، وعلى الحكومات أن تعزز تشريعاتها في مكافحتها وإعطاء الأولوية لدعم الضحايا وإعادة تأهيلهم.
إن الشعار الذي اتخذته حملة اللجنة الوطنية وهو «إنسان» يحمل الكثير من المدلولات التي تستطيع أن تصل إلى الجميع، وهي مدلولات تستنهض إنسانيتنا جميعًا لنقف ونساهم في هذه الحملة لتبقى بلادنا بعيدة عن كل شكل أو مظهر من مظاهر الاتجار بالبشر.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاتجار بالبشر دول العالم الکثیر من إلا أن
إقرأ أيضاً:
الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تستضيف ورشة عمل حول الأسئلة الشائكة
في خطوة رائدة لفتح حوار علمي حول القضايا الإلحادية المعاصرة استضافت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم ورشة عمل عقدتها إدارة الحوار بدار الإفتاء المصرية عنوانها: "الأسئلة الشائكة ومنهجية الرد الرشيد عليها.. الإلحاد نموذجًا". في إطار فعاليات الندوة الدولية الأولى بمناسبة اليوم العالمي للفتوى، هدفت الورشة، التي ترأسها الأستاذ الدكتور/ محمد عبد الدائم الجندي، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، وتنسيق طاهر فاروق زيد مدير وحدة حوار بدار الإفتاء المصرية.. وبمشاركة ثلاثين عضوا من الخبراء والباحثين والمفكرين إلى فتح حوار بناء حول قضايا الإلحاد المعاصرة وما تتضمنه من أسئلة شائكة، مع التركيز على أهمية الرد الرشيد والحوار العلمي الهادئ والاحترام المتبادل للأراء.
ناقشت الورشة مجموعة من الأهداف المهمة، منها:
* تحليل مفهوم الإلحاد: تم تخصيص جزء من الورشة لتحليل مفهوم الإلحاد من منظور فلسفي وديني، وتسليط الضوء على أسبابه ودوافعه.
* بحث ودراسة أنماط الإلحاد ومستوياته: قدم المشاركون مجموعة من الأوراق العلمية والمشاركات البحثية حول أنماط الإلحاد ومستوياته.
* الإلحاد في العالم العربي: ناقشت الورشة الظاهرة المتزايدة للإلحاد في المجتمعات العربية، مع التركيز على الأسباب الاجتماعية والثقافية التي تساهم في انتشارها.
* استراتيجيات الحوار والمواجهة: قدم المشاركون مجموعة من الاستراتيجيات والحلول لمواجهة الأسئلة الشائكة للإلحاد المعاصر، مع التركيز على أهمية الحوار البناء والردود العلمية المنطقية.
أكد الدكتور الجندي على أهمية هذه الورشة في ظل التحديات الفكرية التي تواجه المجتمعات المعاصرة، مشددًا على أن الحوار هو السبيل الأمثل لفهم الآخر والتعايش معه. كما شدد على أهمية دور المؤسسات الدينية في مواكبة التطورات الفكرية المعاصرة وتقديم رؤية إسلامية معتدلة وعقلانية.
وتضمنت الورشة المحاور الرئيسية التالية:
1. مفهوم الإلحاد: تحليل شامل: تم استعراض التعاريف المختلفة للإلحاد، وأسبابه، وتأثيراته على الفرد والمجتمع.
2. الإلحاد في ضوء الشرع الإسلامي: ناقشت الورشة الأحكام الشرعية التي تتعلق بالإلحاد، وأوضحت موقف الإسلام منه.
3. الإلحاد في المجتمعات العربية: دراسة حالة: تم تحليل الأسباب النفسية والاجتماعية والثقافية التي تساهم في انتشار الإلحاد في العالم العربي، مع التركيز المناقشـة على الحالـة المصريـة.
4. استراتيجيات مواجهة الإلحاد: قدم المشاركون مجموعة من الاستراتيجيات والحلول لمواجهة ظاهرة الإلحاد، بما في ذلك:
o تعزيز الوعي الديني والثقافي.
o تقوية الروابط الاجتماعية.
o تقديم أدلة علمية على وجود الخالق.
o الحوار البناء والاحترام المتبادل.
أبرز توصيات الورشة:
* ضرورة تكثيف الجهود لتقديم محتوى ديني علمي وعصري.
* أهمية بناء جسور التواصل بين الأجيال.
* تعزيز دور المؤسسات الدينية في مواجهة التحديات الفكرية.
* دعم البحث العلمي في مجال الأديان والفلسفة.
التوصيات
1. توجيه عناية الباحثين بالأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ومجمع البحوث الإسلامية والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية لتناول قضايا والحداثة الإلحاد بالدراسة والتحليل والنقد.
2. عمل استبيانات رأي لمعرفة رأي الشباب في الخطاب الديني.
3. عمل دورات تدريبية وشراكات بين الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف فيما يخص مشكلات الشباب.
4. إقامة ندوات جماهيرية في الجامعات لأمناء الفتوى للرد على الأسئلة والشبهات المثارة.
5. إقامة فعاليات لعرض أهم الأفلام والكتب التي تروج للإلحاد والرد عليها.
6. رصد الأفلام التي تروج للأفكار الإلحادية، والتعامل معها والرد عليها.
7. مواجهة الخطاب الديني غير الواعي الذي يساند الإلحاد بطريقة غير مباشرة.
8. إبراز قضية الرحمة في الخطاب الديني.
9. إبراز دور القدوة في المجتمع؛ لأن له تأثير غير مباشر في معالجة الأمر.
10. دراسة قضية الإلحاد الغربي والعربي لوضع طريقة في التعامل معه؛ لأن كل قضية تختلف عن غيرها، -منها الإلحاد النفسي والاجتماعي والمعرفي-.
11. الاهتمام بالعلوم العقلية والنفسية والتجريبية التي تؤهل المجيب عن أسئلة الإلحاد للقيام بهذه المهمة.
12. الاشتباك مع الواقع المشهود، تحليل الواقع الفكري.
13. تقريب المفاهيم الدينية لعامة الناس، الاستعانة بالوسائل الحديثة لعرض المفاهيم الدينية عليها.
14. الخروج من دائرة الدفاع عن الدين الإسلامي إلى دائرة مواجهة الإلحاد ونقده، فخير وسيلة للدفاع الهجوم.
15. توزيع الأدوار، عن طريق عمل فريق بحثي يتناول الإلحاد المعرفي، وفريق يتناول الجواب على الأسئلة الشائكة، وفريق يتعامل مع الأمر من الناحية النفسية آخر من الناحية الاجتماعية.
ختامًا، تؤكد وحدة حوار بدار الإفتاء المصرية من خلال هذه الورشة على التزامها بدعم الحوار والتفاهم مع أصحاب الأسئلة الإلحادية الشائكة، وعلى أهمية مواجهة التحديات الفكرية المعاصرة بالعلم والحكمة.
وتؤكد الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم على أهمية الحوار البناء والاحترام المتبادل في مواجهة الأفكار المخالفة، وتؤكد على أهمية تقديم رؤية إسلامية معتدلة ووسطية وعقلانية.