السبت, 2 سبتمبر 2023 9:00 م

د. سيف الدين زمان الدراجي

تعتبر حروب الوكالات أحد أبرز العوامل التي تؤثر على التوازن الإقليمي وتشكل تحديًا كبيرًا للعلاقات الدولية في العصر الحديث، لما تمثله هذه الظاهرة من تفشي للنزاعات والصراعات على مستوى العالم، حيث تستخدم دولٌ كبيرة أو قوى فاعلة عواملها المؤثرة لتمويل وتسليح جماعات مسلحة أو دولٍ أخرى لتحقيق أهدافها الإقليمية أو الاستراتيجية دون مواجهة مباشرة.


فلو فرضنا أن هناك دولة ما ترغب في زعزعة استقرار دولة أخرى في منطقتها لأسباب استراتيجية، فانها بدلاً من شن حرب مباشرة، تقوم بتوجيه دعم مالي وعسكري لمجموعة مسلحة محلية داخل الدولة المراد زعزعة استقرارها. لتقوم هذه المجموعة المسلحة بتنفيذ هجمات وتفجيرات وصناعة ازمات لنشر الفوضى داخل الدولة المستهدفة بالنيابة عن الدولة المُخططة. وبهذه الطريقة، تتسبب الدولة الكبرى في تأجيج الصراع دون الدخول في نزاع مباشر مع الدولة ذات العلاقة أو مع القوى الإقليمية الأخرى. وهذا الفعل يسمى بـ “حرب الوكالات”، والذي يعد المجموعة المسلحة بمثابة “وكيل” الدولة الكبرى او الدولة المستفيدة.
تكمن مشكلة حروب الوكالات في تأثيرها الواسع والعميق على العلاقات الدولية في العالم، فضلا عن زيادة التوترات الإقليمية ، وتعقيد الجهود الدبلوماسية ومعاناة السكان المدنيين في المناطق المتضررة. إن فهم هذا النوع من النزاعات يساعد في تطوير استراتيجيات للتعامل معها والمساهمة في تحقيق السلام والاستقرار العالمي.
ومن أجل فهم تداعيات حروب الوكالات على المجتمع الدولي لابد من تحديد بعض العوامل التي تلعب دورا محوريا في تقويض الجهود وعرقلة السياسات الدولية الرامية لحفظ السلم والامن الدوليين. حيث تزيد حروب الوكالات من التوتر بين القوى الكبرى والدول الإقليمية. فعندما تدعم دولةٌ ما جماعةً مسلحة في منطقةٍ معينة، قد تزيد بذلك الدعم تصاعد التوترات مع الدول الأخرى التي تشعر بالتهديد. وهو ما قد يؤدي الى زيادة احتمالية نشوب الصراعات الإقليمية، ويعجل للدول المتورطة بوكالة في النزاع التدخل بشكل أسرع وأكثر قوة مما يزيد من خطورة تفاقم الاوضاع على المستوى الدولي ايضاً.
عادة ما تُصَعِّب حروب الوكالات عمليات التسوية، الامر الذي يعرقل تحقيق اتفاقات مستدامة عندما تظل القوى الداعمة للأطراف المتحاربة تستمر في تقديم الدعم والسلاح. كما يمكن لحروب الوكالات أن تؤدي إلى تدهور الأمن الدولي بشكل كبير، وقد يدفع نحو تداول الأسلحة النووية أو الكيميائية.
ما يحصل في عدد من الدول الافريقية لابد من دراسته بشكل دقيق، ومعرفة فيما لو كان لذلك علاقة مباشرة او غير مباشرة بحرب الوكالات وصراعات الدول، لاسيما وان هناك صراعا مستمرا وحربا لايوجد لنهايتها ضوءا في نهاية النفق حتى الان بين روسيا الساعية لإعادة الأمجاد واوكرانيا المدعومة من اوروبا والولايات المتحدة. وهو ما خلق معادلة جديدة على شكل الديناميات الإقليمية والدولية، والتي قد تجمع بين العديد من القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية. كما انه اثر بشكل كبير على توزيع النفوذ الإقليمي، مما اسهم في تعزيز سلطة بعض الدول أو الجماعات على حساب الأخرى. وهو ما اعتبره بعض المتخصصين احد السيناريوهات التي يمكن أن تؤدي الى تغييرات في القوى الإقليمية والتوازن الدولي. كما انه احد اهم التحديات للدبلوماسية التي يتم من خلالها عقد اتفاقات سلمية وتعزيز اطر التسوية بين الاطراف المتحاربة والقوى المتصارعة من خلفها.
إن فهم تأثير حروب الوكالات على العلاقات الدولية يتطلب دراسة معمقة للسياسات الدولية والديناميات الإقليمية، وتعزيز التعاون الدولي للتصدي لهذه التحديات والمساهمة في تحقيق السلام والاستقرار العالمي. وللتغلب على تأثير حروب الوكالات على العلاقات الدولية، يجب على المجتمع الدولي العمل بجدية على تعزيز الحوار والتفاهم الدولي، والسعي لايقاف التصعيد في الدول الهشه لما لذلك من تداعيات على زيادة العداء بين الامم وتنامي المآسي العالمية وتقويض الاقتصاديات الوطنية والمساعدات الانسانية والاغاثية. إن ضمان استمرارية عمليات التسوية وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي يتطلب تعاوناً دولياً شاملاً وجهوداً حقيقية لحل الصراعات بشكل سلمي، والحد من تمويل ودعم الجماعات المسلحة من قبل الدول الكبرى والإقليمية. الا ان ذلك لايُخلي مسؤولية الحكومات الوطنية او القيادات المجتمعية من تعزيز جبهاتها الداخلية بالشكل الذي يضمن عدم سقوطها سقوطا مدويا او وقوعها ضحية لصراعات دولية تحركها كدمية لاحول لها ولا قوة سوى اتباع تعليمات بعض أجهزة الدول الداعمة لمصالحها دو الاكتراث لما قد يقع من ظلم ودمار على تلك الشعوب ككيان مسلوب القرار الذاتي و الارادة الوطنية.

المصدر: المركز الخبري الوطني

كلمات دلالية: على العلاقات الدولیة

إقرأ أيضاً:

مصر تتوسع في زراعة 9 أصناف من القطن لتعزيز الإنتاجية ودعم الصناعة.. وخبراء: الأصناف الجديدة تحقق التوازن بين الجودة والإنتاج.. والتوسع في زراعة القطن يعزز دخل المزارعين ويعيد إحياء الصناعات النسجية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يعد القطن المصري من أهم المحاصيل الاستراتيجية التي تتميز بها مصر عالميًا، لما له من سمعة طيبة وجودة فائقة تعود إلى خصائصه الطبيعية الفريدة وفي إطار سعي الدولة للنهوض بهذا القطاع الحيوي، تتواصل الجهود لتطوير زراعة القطن وتعزيز قدراته التصنيعية بهدف تحقيق قيمة مضافة أكبر، وزيادة تنافسيته في الأسواق المحلية والعالمية.

جودة القطن المصري وتطوير زراعته

حيث أكد ممدوح حنا، عضو شعبة القطن باتحاد الغرف التجارية، أن القطن المصري من أجود أنواع القطن عالميًا بفضل أليافه الطويلة والناعمة وتسعى الدولة حاليًا لاستعادة مكانته من خلال التوسع في الزراعة وتحسين الإنتاج والتصنيع المحلي لزيادة القيمة المضافة.

أصناف جديدة ومنع القطن الأمريكي

وأوضح حنا أن الحكومة وفرت 9 أصناف جديدة عالية الإنتاجية، أبرزها "جيزة 86" وجيزة 94" و"جيزة 98"، ضمن خطة لدعم الصناعة المحلية كما تم حظر زراعة القطن الأمريكي والأنواع قصيرة التيلة للحفاظ على نقاء القطن المصري وجودته.

تحفيز المزارعين ورفع الإنتاجية

وتعمل وزارة الزراعة على تحفيز الفلاحين من خلال توفير التقاوي المعتمدة وتنظيم ندوات إرشادية، ما ساهم في رفع الإنتاجية وزيادة دخل المزارعين.

تحسن المبيعات وزيادة التصدير

بلغت المبيعات المحلية هذا الموسم نحو 1.1 مليون قنطار، وتصدّر الشركات 65-70% من إنتاجها لأسواق مثل الهند وباكستان وإيطاليا وإسبانيا ويعد تصدير الغزول النهائية مصدرًا مهمًا للنقد الأجنبي.

تحديد أسعار الضمان وتحسين الحليج

ساهم تحديد سعر ضمان يتراوح بين 10 و12 ألف جنيه للقنطار في تعزيز ثقة المزارعين وزيادة المساحات المزروعة كما ساعدت الاستثمارات في مصانع الحليج المطورة على تحسين جودة الأقطان وتقليل الفاقد.

التكامل بين الزراعة والصناعة

أكد حنا أن التكامل بين الزراعة والتصنيع هو السبيل لتعظيم الاستفادة من القطن، مشيرًا إلى أن إنشاء مصانع جديدة في مناطق مثل المحلة ودمياط يعزز الإنتاج المحلي ويوفر فرص عمل، مما يدعم تنافسية الصناعة المصرية عالميًا.

تعزيز الإنتاجية

وفي هذا السياق يقول الدكتور خليل المالكي الخبير الزراعي، تشهد الزراعة المصرية في الآونة الأخيرة طفرة نوعية في قطاع زراعة القطن، حيث أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي عن التوسع في زراعة تسعة أصناف جديدة من القطن، في خطوة تهدف إلى تعزيز الإنتاجية وتحسين جودة الألياف بما يلبي احتياجات الصناعة المحلية والعالمية يأتي هذا التوجه ضمن استراتيجية الدولة لتطوير منظومة القطن المصري، الذي يُعرف بجودته العالية عالميًا.

وأضاف المالكي، تركز الأصناف الجديدة على التوازن بين الإنتاج الوفير والجودة الفائقة، حيث تم اختيارها بناءً على نتائج أبحاث علمية دقيقة أجرتها مراكز البحوث الزراعية وتشمل هذه الأصناف سلالات طويلة التيلة ومتوسطة التيلة، لتتناسب مع متطلبات الأسواق المختلفة، وتوفر مرونة في الاستخدام الصناعي سواء في الغزل والنسيج أو في التصدير.

إحياء الصناعات النسجية

وفي نفس السياق يتوقع الدكتور علي الإدريسي الخبير الاقتصادي،  أن تسهم هذه الخطوة في زيادة العائد الاقتصادي للمزارعين، خاصة مع توفير التقاوي المعتمدة والإشراف الفني من قبل المهندسين الزراعيين في مراحل الزراعة المختلفة، كما تحرص الدولة على تسويق المحصول بأسعار عادلة تضمن تحقيق أرباح مجزية للمزارعين، ما يشجعهم على التوسع في زراعته مجددًا بعد سنوات من التراجع.

وأضاف الإدريسي، من جهة أخرى، يأتي هذا التطوير في إطار خطة الدولة لإحياء الصناعات النسجية، إذ يعد القطن المادة الخام الأساسية التي تقوم عليها صناعة الغزل والنسيج وتعمل الحكومة على ربط الزراعة بالصناعة عبر سلسلة متكاملة تبدأ من التقاوي وتنتهي بالمنتج النهائي، بما يحقق قيمة مضافة عالية ويعزز من تنافسية المنتج المصري عالميًا.

مقالات مشابهة

  • 43 ورقة عمل و9 حلقات عمل في الملتقى الإقليمي لمؤتمر ومعرض عُمان الدولي للصيدلة
  • السيسي وماكرون يتبادلان الرؤى حول الأوضاع الإقليمية.. ونواب: العلاقات المصرية الفرنسية تحلّق نحو الشراكة الاستراتيجية
  • مصر تتوسع في زراعة 9 أصناف من القطن لتعزيز الإنتاجية ودعم الصناعة.. وخبراء: الأصناف الجديدة تحقق التوازن بين الجودة والإنتاج.. والتوسع في زراعة القطن يعزز دخل المزارعين ويعيد إحياء الصناعات النسجية
  • برلماني عن زيارة ماكرون: تعكس إيمان المجتمع الدولي بقدرة مصر على صناعة التوازن إقليميًّا
  • مصر وفرنسا.. أسس تاريخية وشراكة استراتيجية وتفاهم بكافة القضايا الإقليمية
  • أستاذ إحصاء: معدلات الزيادة السكانية تتناقص.. ولكن عدد المواليد ما زال مرتفعًا
  • «العلاقات الدولية» مفهوم ملتبس!
  • نقيب الصحفيين: نسعى لتفعيل دور المكاتب الإقليمية للنقابة بشكل حقيقي
  • غدا.. انطلاق "المنتدى الإقليمي لمؤتمر عُمان الدولي للصيدلة"
  • بهية الحريري استقبلت المدير الإقليمي الجديد لمديرية أمن الدولة في الجنوب