جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-21@13:02:42 GMT

ميزان القوى

تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT

ميزان القوى

 

عائض الأحمد

في عالم المال والأعمال، وهو ليس ببعيد عمّا يُقال في شؤون العامة وما يتبعها من مترادفات، ليس هناك عدو دائم كما هو الصديق بالفعل؛ إذ إن مصالحك هي الحكم فقط، وهكذا هي الأمور، مهما فعلت، فهناك من رسّخ نظرية الأصدقاء والأعداء لديه وربطها بمصالحه دون عاطفة، بغية تأثير غير محتمل على قراره الفردي الذي أقنع به أمَّة كاملة، وتفرّد به وحده خلف ستار المصالح العليا.

فبماذا نسمي هذا الصراع "البشري" الإنساني؟ سواء كان حقًا أم باطلًا يُراد به قوة وبسط نفوذ، متجاهلًا أبسط حقوق البشر في حياة كريمة في أدنى مستوياتها المعيشية.

الأقوياء دائمًا لديهم وكالة وتفويض مبطن غير رسمي بخوض حربهم في أراضي محايدة، كما هي ثقافتهم، أيًّا كانت؛ فهي تبدأ خارج الديار، وكأنها نبتة شيطانية حتى يروا ثمارها؛ فإن كانت كُنّا، وإلّا جرى البحث عن مستنقع آخر و"فئران" تجارب آخرين لعمل قادم، ضحيته ثُلة من الأغبياء، يرفعون شعارًا كفر به أسلافهم وأحيته أدبيات فارغة بعقول هشة تُباع في أسواق الجهل بدراهم معدودة.

حينما نتحدث عن الجانب الإنساني يروقنا هذا، وإلّا ماذا سيجنى هذا المفوَّه حينما "يهدر" ويبث سموم عفا عليها الزمن بإثارة النعرات البائدة، وجُلّ قومه في ساحات مدينته بحثًا عن لقمة عيش، يعتري أغلبهم "فصامًا" أخلاقيًا واجتماعيًا؛ فمنهم من تاه، ومنهم من هو على الطريق، أو ليس أولى بهم إعادة بناء هذا الإنسان خيرًا من بناء شعارات زائلة لن يكسب فيه غير هذا المتشدق الناعق صباح مساء "الموت لكم" والحياة لنا، و"اللي مش عاجبه يشرب من ماء البحر".

****

ختامًا.. من نسى حق الأرض التى أنبتته، فأولى به أن ينسى حق الناس.

شيء من ذاته: إن حضَرتْ خطفتْ الأبصار، وإن غابتْ خطفتْ القلوب.

نقد: لستُ مجبرًا على الرد على هلوساتك النفسية، فما تعتقده حقيقة أراهُ هراءً.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حبٌّ زمن الإنسانيَّة المتحوِّلة

يحين وقت عيد الحبّ من كلّ سنةٍ، فتهتزّ أرض العرب، وتكثر الورود والدباديب ويسود الاحمرارُ، وتعلو المحبَّة، وهو أمرٌ مُقَدَّرٌ مرغوبٌ، ولكن أيّ تقارب يسود هو تقاربٌ مشوبٌ مشبوه، لا صفْوَ فيه، ولا أحبُّ أن أدخل في تاريخيَّة عيد الحبّ، وفي سيرة القدِّيس فالنتاين، وفي تحوُّله إلى رمز للحبّ، ولكن أريد أن أنبِّه القارئ العربيَّ أنّ الحبَّ عند العرب مشدودٌ إلى فضاءٍ معجميٍّ وحقلٍ دلاليّ يغلب عليه العذاب والحرقة واللّظى والفراق والألم والمعاناة والمقاساة، ولذلك، نقول «نار الحب»، ولا نُجْري في استعمالنا «جنّة الحب»، ونقول «عذاب الحب»، ولا يكثر استعمالنا لـ«نعيم الحب»، وفي إطلالة بسيطة إلى تراثنا العربيّ الشعريّ والنثري، يُمكن أن نقدّم صورة عن وَقْع الحبّ.

يُعرّفُ ابن حزم الأندلسيّ الحبَّ بقوله: «الحبّ -أعزّك اللّه- أوَّله هزْل وآخره جدّ، دقّت معانيه لجلالتها عن أن تُوصَف، فلا تُدْرَك حقيقتها إلاَّ بالمعاناة، فيحدُّه بالمعاناة، ويعْرِضُ إلى آفات الحبّ، وهو مثْبِتٌ له، كأنّه لا يتحقَّق ولا يكون إلاّ بألم وعذاب وهجْرٍ وعلّةٍ صعبة المداواة، فـ«لا بدّ لكلّ محبّ صادق المودَّة ممنوع الوصْل، إمَّا ببيْن وإمَّا بهجْرٍ، وإمَّا بِكتمان واقعٍ لمعنى، من أن يؤول إلى حدِّ السقام والضَّنَى والنّحول، وربَّما أضْجعه ذلك، وهذا الأمر كثير جدًّا موجود أبدا، والأعراض الواقعة من المحبَّة غير العلل الواقعة من هجمات العلل»، فما هذا الحبُّ الذي نحتفي به ونحتفل وهو مورِّثٌ في خلايانا كلّ السّقام، ومُنْبِت الأمراض والعلل بما لا يقدر عليه طبيبٌ ولا دواء؟ وقِسْ على ذلك ما تراكَم من أشعار الغزِلِيين العرب، نارًا وفُرْقَةً وبيْنًا، ورغبةً في الموت، فحتَّى المحبوبة -أحيانًا- تتحوَّل إلى هامشٍ، تفقد جوْهرَها حضورًا جُثمانيًّا، ويعيش المُحبَّ هوس الحبِّ في ذاته ولذاته، ولذلك، رأيْنا المجنون يُعْرِضُ عن ليلى ويعيش حال الحبّ لذاته، ولا يهتمّ بها عندما انغمس في حال الوجد، ينصرف عنها حتّى في حال وجودها، ويطلب الحبّ، لا ليلى! كلّ شعر العشّاق الحقيقيين في تاريخ الأدب العربيّ، هو شعرٌ مليءٌ بالألم والهجْر والمعاناة والموت والجنون، لا أمل فيه، ولا زهور تغزوه، ولا حلوَ ولا حلويّات، وإنّما مرارة وعلقم، والدّاخل فيه مبتل، وصائرٌ إلى الفناء ضرورةً. ولذلك، فقد وجدنا المصنّفات النثريّة العارضة للعشق والعشَّاق تُبين الألم لا السعادة والرّاحة، وتبحث في الحيرة لا في الهدْأة والسّكون، الحبّ مصْرعٌ ومقتَلٌ، وقد صنّف ابن السرّاج كتابًا عنْونَه بـ«مصارع العشّاق» يستهلّه ببيان ماهيَّة العشق، دون أن يخرج عن حدِّ ابن حزم عمومًا، فأوَّله لعبٌ وآخره عَطبٌ، وهو مثير مصارع العاشقين، ونهايتهم بالموت، ذاكرًا في ذلك أخبارًا عديدة.

عبْء تاريخيٌّ مليء بالدّموع والألم والموت والنّار، فهل الواقعُ مختلفٌ؟ وهل الحبُّ اليوم سعادةٌ وورودٌ وحلو وحلويّات؟ لا أعرف الحقّ، ولكن ما أدركه جيِّدًا أنّ الحبّ وأنصاره في العالم العربيّ يعيش كما كان دومًا عوائق وإحنا ومحنا، فلا مؤسَّسة الزواج قائمة على سعادة وحبّ، وإنَّما الغالب الأعمّ نافرٌ منها، واقعٌ في مساوئها، باحثٌ عن تخطّي الروتينيّ اليوميّ، ولا مشاعر الحبِّ واجدة فضاءً للحياة والبقاء، وإنّما الكلّ دائرٌ في قوالب الشكليَّات والمظاهر، فما زال الحبّ ممنوعًا ومُدانًا، وما زال الزَّواج خاضعًا لمقاييس اجتماعيّة مثقلة أخلاقيًّا وماديًّا وأسريًّا، فهل فعلا نحن شعوبٌ تحتفل بالحبّ وتحترم مظاهره وتسعد به؟

في الوجه الثاني من الوجود البشريّ، هنالك مسألةٌ وجوديَّة عميقة الأثر، لا نثيرها نحن العرب بالعمق الذي تستحقُّه، وهي قضيَّة الإنسانيَّة العابرة أو ما بعد الإنسانية Transhumanism، وهي الموضوع الذي يُؤرِّق الفلاسفة الآن، وخاصَّة فلاسفة الأخلاق، وفلسفات العلوم، فكيف هي منزلة المشاعر الإنسانيَّة في عالم ينحو نحو التحوّل التقني، من خلال تطوير الإنسان، وإقامة بنية بشريَّة أفضل ممّا هي عليه الآن؟ بطبيعة الحال هذا التوجّه السّائد الآن، يدعو إلى تخلُّص الإنسان من كينونته التي طالما رافقته، ومن طبيعته، وتسمح للعلم بالتدخّل في جيناته، بعيدًا عن الأخلاق وعن الأديان وعن سلطة المجتمع، هي توجّه علميٌّ ثقافيٌّ، فلسفيٌّ، يشتغل عليه عدد مهمٌّ من العلماء والمُنظِّرين، وتُموِّله دُول كُبرى، يقول الفيلسوف لوك فيري هي فكرة الانتقال من الطبِّ العلاجي إلى طبّ تحسيني، الفكرة الأساس فيه جعل الإنسان أكثر قوّة وأقلَّ عطَبًا ومرَضًا وعطالةً، وأبْقَى عُمرًا، توجُّهٌ نحو صناعة بشريَّةٍ ثانيَّة تتمتّع بصحة وخالية من الأمراض بحثًا عن الخلود أو البقاء الأطول، وهذا التوجّه تمثِّله أيديولوجيا قويَّة جدًّا اليوم، مركزها وادي السيلكون بأمريكا، وهذه البشريَّة الثانيّة، أو الإنسانيّة المواليّة للبشر الطبيعيّ لا تحمل مشاعر الخوف أو الضعف أو الوهن، هي بشريَّة قويّة، لا يُضْعفُها حبٌّ ولا كره، عاملةٌ، عازمة، خاضعةٌ للتطوّر التقني والمعلوماتي، يُتدَخَل في جيناتها لتحويل طبيعتها وتغيير سمْتها وما عليه جُبِلت، هي بشريّة مصنوعة، والعهد بذلك قريب، بدأ هذا العصر بالتحقّق ووضع له العلماء وقتًا للسيادة والهيمنة، وهو أربعينيّات هذا القرن، تحقيقًا لحلم الإنسان الأبديّ بالقوّة والخلود، ولكنّه يتحوَّل إلى آلةٍ، فهل سيفقد الإنسان المتحوِّل يوم احتفائه بعيدٍ للحبّ، ويحتفل بعيد الإنشاء الجديد؟

مقالات مشابهة

  • النائب العام: القضاء دائمًا هو ضمير الأمة
  • حظك اليوم برج العذراء الخميس 20 فبراير.. تشعر برغبة في الارتباط
  • سفر مرتبط بالعمل.. برج القوس وحظك اليوم الخميس 20 فبراير 2025
  • موقف ترامب من فلسطين في ميزان القانون الدولي
  • هبة النجار: الأمن والأمان في مصر نعمة من الله.. والشباب هم سر نهضتها (فيديو)
  • السفير حازم خيرت: حماس هاجس دائم لإسرائيل.. والتخلص منها غير واقعي
  • التت والتات في ميزان العلاقات
  • حبٌّ زمن الإنسانيَّة المتحوِّلة
  • بعد اجتماع الرياض..واشنطن: نسعى إلى حل دائم وعادل للحرب في أوكرانيا
  • النصف الآخر.. حينما نرى العالم بعينٍ أخرى