تعد المسكوكات الإسلامية من أهم مصادر التاريخ الإسلامي، حيث تتضمن معلومات تعبر عن الأحداث الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية التي شهدتها الدولة الإسلامية وقت إصدارها، كما أن دراسة المسكوكات الإسلامية من أهم الدراسات التاريخية والحضارية.، ذلك لما تقدمه من ثراء معرفي يرتبط بمختلف مجالات الحياة، كما يرتبط بالبلاد والأماكن التي تم فيها سك العملات في مختلف البلاد العربية والإسلامية من مكة المكرمة والمدينة المنورة إلى أماكن الخلافة الإسلامية خاصة في دمشق وبغداد والقاهرة وتونس والأندلس، وكذلك في مختلف البلاد الإسلامية.

ولهذه الأهمية الكبيرة للمسكوكات تقام المعارض الخاصة بها، كما لا يخلو متحف عربي أو إسلامي أو عالمي من وجود أقسام خاصة بالمسكوكات والعملات التاريخية، كما أن بعض الجامعات العربية والأوروبية تقوم بتدريس مناهج خاصة بالمسكوكات الإسلامية كما في الجامعات الألمانية والبريطانية والفرنسية.

وقد بدأ سك الدنانير في البداية على طراز العملات البرونزية البيزنطية التي كانت تمثل هرقل حاكم الروم وولديه، وكانت تضرب بدار السك في مدينة الإسكندرية، وقد بدأت تتطور العملة الإسلامية في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان ( تولى الخلافة ما بين 65-86هـ / 685-705م) بداية من العام 72 هـ.

أول دينار عربي إسلامي:

وتبلغ المسكوكات والعملات في مكتبة الملك عبد العزيز العامة أكثر من (8100) قطعة نقدية من الذهب والفضة والمعادن الأخرى، والتي تغطي جميع الفترات الإسلامية لتصل التغطية الزمنية إلى أربعة عشر قرنا أو أكثر منذ عهود الإسلام المبكرة إلى الوقت الحاضر، فضلا على التغطية الجغرافية الكبيرة لتشمل: الهند، وأواسط آسيا شرقا، إلى المغرب والأندلس غربا، ومن بلاد القوقاز شمالا إلى اليمن وعمان جنوبا.

وقد عدّ بعض المتخصصين هذه المقتنيات من أهم المجموعات المحفوظة في المملكة العربية السعودية وأكثرها تميزا، حيث تقتني المكتبة عملات نادرة من النقود العربية والإسلامية يعود تاريخها إلى العصور الأموية والعباسية والأندلسية والفاطمية والأيوبية والأتابكية والسلجوقية والمملوكية، ومن دول المشرق الإسلامي ودول المغرب العربي وحتى العصر العثماني.

وتقتني مكتبة الملك عبد العزيز العامة أول دينار عربي إسلامي تم سكه في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان في العام 72 هجرية، ( 692م)، وتتفرد هذه العملة النادرة بأنها أول ما ضرب من عملات عربية إسلامية بعد أن كانت النقود المتداولة في صدر الإسلام يتم ضربها في غير البلاد الإسلامية.

وهي أول عملة عربية وإسلامية يكتب عليها شهادة التوحيد، حيث تضمن وجه الدينار:" عمود قائم على أربع مدرجات ينتهي في أعلاه بكرة صغيرة إلى اليمين واليسار نقشت كتابة يونانية ( إيوتا بيتا) وتدل على الرقم (12) وفي الهامش: بسم الله لا إله إلا الله وحده محمد رسول الله) وفي ظهر الدينار " صورة ثلاثة أشخاص ترمز إلى الامبراطور البيزنطي وولديه يرتدون ملابس عربية، تختلف عن الملابس البيزنطية التي تظهر على الدينار البيزنطي" ويبلغ وزن الدينار (3.1 جم) وقطره ( 18.3 مم)

وتتسم معظم أنواع النقود الإسلامية التي تقتنيها المكتبة بالندرة العالمية، ولا يوجد لها مثيل حتى الآن، ومن بين هذه القطع: الدرهم العربي الساساني المضروب في دمشق سنة 75هـ، ودرهم عباسي جرى سكه في مدينة البصرة سنة 140هـ في عهد الخليفة أبي جعفر المنصور ويتميز هذا الدرهم عن سواه من دراهم الخليفة المنصور بصفة عامة والدراهم العباسية المضروبة في مدينة البصرة بوجود كلمة (عبد) أسفل كتابات مركز الوجه وهي كلمة لم يسبق أن ظهرت على دراهم هذا الخليفة من قبل.

ويعد هذا الدرهم إضافة مهمة لمجموعة مكتبة الملك عبد العزيز العامة، وتتضمن المجموعات أيضا: الدينار الطولوني المضروب في فلسطين سنة 292هـ، ودينار مكة سنة 451هـ، ودينار عَثَّر المضروب سنة 338هـ، والدينار البويهي المضروب في كرسي الديلم سنة 587هـ، إضافة إلى بعض النقود التي تعبر عن الحضارات التي عاشت في الجزيرة العربية والتي كانت تضرب في مدن سك النقود في الجزيرة العربية في مكة المكرمة والمدينة المنورة واليمامة وبيشة وغيرها من المدن.

هذه المقتنيات من المسكوكات العربية والإسلامية تأتي في إطار استراتيجية المكتبة الثقافية والمعرفية للحفاظ على التراثين العربي والإسلامي، في كل مجالاته كتبا، ووثائق، وصورا، ونوادر، ومسكوكات، من أجل توفير مادة تاريخية متنوعة للباحثين والدارسين، وبيان ما يحتويه تراثنا من فلذات قيمة.

وتقوم مكتبة الملك عبد العزيز العامة بحصر العملات النادرة والتاريخية والإسلامية والسعودية وغيرها، وفهرستها وتصنيفها بالطرق العلمية المتبعة في تصنيف المجموعات العالمية، وإعداد قاعدة بيانات خاصة بها، تشتمل على جميع البيانات الأساسية لكل قطعة على حدة، وإدخالها في نظام آلي خاص بها، بحيث تكون متاحة للباحثين والمختصين من رواد المكتبة.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

«البحوث الإسلامية» يطلق حملة توعوية بمناسبة العام الهجري الجديد

أعلن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف إطلاق حملة توعوية إلكترونية بعنوان «الهجرة إرادة وعمل»، وذلك بمناسبة بدء العام الهجري الجديد، وذلك تنفيذًا لتوجيهات أحمد الطيب شيخ الأزهر بضرورة التواصل المستمر مع الناس وملامسة قضاياهم اليومية والسعي إلى الاستفادة من المواسم الدينية في كل ما يرتبط بواقعهم.

الهجرة النبوية

وقال نظير عيّاد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية إن إطلاق مثل هذه الحملة التوعوية يأتي انطلاقًا من أن الهجرة النبوية المباركة تمثل أهمية كبرى في التاريخ الإسلامي؛ فهي ذكرى طيبة خالدة متجددة سنويًّة تجمع في ثناياها مزيجًا عظيمًا من القيم النبوية الرفيعة، من صدق العزم، والإخلاص في القول والعمل، والتضحية في سبيل الحق وللحق، والصبر وتحمل المكاره، والرضا بقضاء الله، وحسن الاعتماد عليه، وجميل اللجوء إليه، وضرورة التوكل عليه، وحتمية الثقة فيه.

وأشار إلى أنها تنبئ عن رعاية ربانية، وعناية إلهية انتقلت بها الرسالة المحمدية من طور الدعوة في مكة إلى طور الدعوة والدولة في المدينة المنورة، حيث كانت هذه الرحلة المباركة حدثًا فريدًا في جميع جوانبه وكل مراحلها.

حادثة الهجرة المباركة

وأضاف عياد أن حادثة الهجرة المباركة اشتملت على مجموعة مهمة من الدروس والقيم المهمة التي نحن جميعًا بحاجة إلى تطبيقها والاستفادة منها في واقعنا الحالي في ظل التحديات المختلفة التي نواجهها جميعًا، موضحًا أنَّ الحملة تستهدف ترسيخ مجموعة من القيم والمفاهيم المهمة في حياة الناس من خلال استحضار هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وما شهدته من تخطيط دقيق وأخذ بالأسباب في سبيل تحقيق هدف أسمى، فضلًا عما تبعث به أحداث هذه الرحلة من رسائل حياتية مهمة تتمثل في البعد عن اليأس والاستمساك بالأمل والتوكل على الله -عز وجل- مع بيان أهمية العمل الجاد.

وأوضح الأمين العام أنَ المجمع حريص على استغلال المناسبات الدينية والاجتماعية لإحياء القيم الأخلاقية والمجتمعية في حياة الناس، وعلى بيان المعاني الإنسانية للإسلام، والتي تدعونا جميعًا إلى التعاون بين الجميع لأجل الحفاظ على الوطن، مشيرًا إلى أن تنفيذ الحملة سيتم من خلال التواصل المباشر لوعاظ وواعظات الأزهر الشريف بالجمهور في مختلف أماكن تواجدهم، إضافة إلى توجيه الرسائل التوعوية إلكترونيًا على موقع المجمع على بوابة الأزهر الإلكترونية، وصفحات المجمع على مواقع التواصل الاجتماعي.  

مقالات مشابهة

  • كيف نستقبل العام الهجري الجديد؟ خالد الجندي يُجيب (فيديو)
  • بالفيديو.. خالد الجندي يوضح كيف نستقبل العام الهجري
  • خالد الجندي: استقبلوا العام الهجري الجديد بالطاعات واجتناب عن المعاصي
  • وزيرا خارجية الكويت ومصر يؤكدان على أواصر العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين
  • بحضور البرلماني الوفا.. توقيع اتفاقية تعاون بشأن “مكتبة الملك محمد السادس” بين مجلس المستشارين المغربي وبرلمان أمريكا اللاتينية والكاريبي
  • بوتين: مستعدون لمواصلة مفاوضات السلام بشأن الأزمة الأوكرانية
  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يُطلق أربعة إصدارات جديدة عن”واقع اللغة العربية في العالم”
  • «البحوث الإسلامية» يطلق حملة توعوية بمناسبة العام الهجري الجديد
  • بنما.. التوقيع على اتفاقية لتعزيز التعاون بين مجلس المستشارين وبرلمان أمريكا اللاتينية والكراييب 
  • عبد العزيز الصمد شكر السعودية على مبادرتها تجاه لبنان