صعود نجم مجموعة "بريكس"
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
علي الرئيسي **
بتاريخ 22 أغسطس 2023، عُقد في جوهانسبرج بجنوب أفريقيا، المؤتمر الخامس عشر لقمة مجموعة "بريكس"، التي تضم في عضويتها كلًا من: روسيا والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل والصين، وحسب صحيفة "ذي إيكونوميست" البريطانية فإن بريكس تشكل تهديدًا لهيمنة مجموعة السبع الصناعية، لكنه تهديد "غير مُميت".
التمايزات الاقتصادية بين دول بريكس هي أكبر من تلك الموجودة بين مجموعة الدول السبع الكبرى، غير أنه من الواضح أنه خلال العقدين الماضيين، شهد العالم تحولًا عميقًا في المشهد الاقتصادي والجيوسياسي العالمي؛ حيث صعدت دول الأسواق الناشئة الكبيرة- التي تمثلها مجموعة بريكس- مما خلق تحديًا مُتزايدًا للهيمنة التقليدية لمجموعة دول السبع الكبرى "G7".
وعلى مدار العقود الأخيرة هيمنت الدول السبع الكبرى: الولايات المتحدة، وكندا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وإيطاليا، واليابان، على المشهد العالمي للحوكمة الاقتصادية العالمية واتخاذ القرارات المؤثرة على مستوى العالم. ومع تحقيق دول مجموعة بريكس لنمو اقتصادي وتطور سريع، بدأ تأثيرهم وطموحهم المشترك في الزيادة.
الصعود الاقتصادي المذهل للصين، على وجه الخصوص، أعاد تشكيل التجارة العالمية والاستثمارات وسلاسل التوريد، علاوة أن قدرة الصين التصنيعية، وسوق المستهلك الضخم والنمو الدافع للابتكار، قد دفع بها إلى الصدارة في الاقتصاد العالمي؛ لتكون ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد أمريكا. في حين أن الهند ما زالت تتخلف بضع خطوات، إلّا أن تعدادها السكاني الكبير وصناعاتها التكنولوجية المزدهرة تؤهلانها جيدًا لتصبح القوة الاقتصادية الثانية في هذا التكتل. وفي الوقت نفسه، فإنَّ روسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا لم تستوفِ التوقعات؛ حيث تراجعت حصتهم من الناتج المحلي الإجمالي العالمي (بالقوة الشرائية) في العقدين الماضيين.
وعلى الرغم من عدم قدرة هذه البلدان الثلاثة على تحقيق وزنها الاقتصادي المتوقع، فإنَّ الدول الخمسة لمجموعة بريكس تفوَّقت على مجموعة دول السبع الكبرى، من حيث إجمالي الناتج المحلي في عام 2020، ويتم ذلك عند قياسه بالقوة الشرائية؛ أي بمراعاة اختلاف القوة الشرائية. ووفقًا لصندوق النقد الدولي ستمثل المجموعة معا 32.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال العام الجاري. وهذا يعني زيادة 16.9% عن العام 1995، وأكثر من مجموعة الدول السبع الكبرى التي تبلغ حصتها 29.9% من الناتج المحلي العالمي.
من أبرز التطورات التي حصلت في المجموعة إنشاء بنك للتنمية في عام 2014، بهدف تقديم الدعم والتمويل لمشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة في الاقتصادات الناشئة وتقليل اعتمادها على البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ومنذ إنشائه، موَّل البنك العديد من المشروعات التي ساهمت في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للدول الأعضاء.
علاوة على ذلك، أعطت مجموعة بريكس الأولوية لتعزيز التجارة داخل المجموعة من خلال الحد من الحواجز وتعزيز التعاون الاقتصادي. وفي عام 2019، وقع وزراء التجارة في بريكس مذكرة تفاهم لتعزيز وتنويع التجارة بين الدول الأعضاء، بما في ذلك في مجالات الزراعة وتكنولوجيا المعلومات والخدمات. ويعمل هذا الالتزام كآلية لتعزيز العلاقات التجارية وتعزيز التكامل الاقتصادي داخل المجموعة. إضافة إلى ذلك، خطت مجموعة بريكس خطوات كبيرة في تعزيز التنمية المستدامة ومكافحة تغير المناخ. وقد شاركت البلدان الأعضاء بنشاط في مفاوضات المناخ العالمية ونفذت مشاريع للطاقة المتجددة. مما يظهر ليس التزامها فحسب؛ بل ساهمت أيضًا في الجهود العالمية للتخفيف من انبعاثات الغازات السامة.
ورغم أن صعود بريكس لا يخلو من تحديات، خاصة على مستوى نمو اقتصاد هذه البلدان ورؤيتها السياسية المُختلفة، فقد قادت الدعوة لحاكمية عالمية أكثر شمولًا وتمثيلًا؛ إلى إضفاء وزن أكبر على الأصوات التي تختلف عن السياسات التي تشكلها مجموعة الدول السبع الكبرى تحت قيادة الغرب. ولم يكن ذلك أوضح من عملية روسيا في أوكرانيا؛ حيث أدانت مجموعة دول السبع الكبرى الهجوم وفرضت عقوبات صارمة على روسيا، بينما لم يُندد أي من أعضاء بريكس بأعمال روسيا، ولم ينضموا إلى العقوبات!
لا شك أن توسيع عضوية مجموعة بريكس، يحقق طموحات الصين- حسبما تدعي المصادر الغربية- غير أن انضمام كل من الأرجنتين والسعودية وإيران والإمارات ومصر وإثيوبيا إلى عضوية التكتل سيمنح هذا التجمع زخمًا جديدًا وحيوية مضاعفة، رغم أن الأمر لا يخلو من تحديات حقيقية نظرًا للتمايز الاقتصادي والسياسي بين هذه الدول.
إن هذا التوسع سيكون له أثره البالغ في تحدي الهيمنة الغربية على حوكمة الاقتصاد العالمي من خلال مجموعة دول السبع الكبرى، كما إن المؤسسات التي تهيمن عليها حاليًا مجموعة الدول السبع الكبرى- كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية- ستواجه ضغوطًا أكبر للإصلاح وإعادة الهيكلة.
** باحث في قضايا التنمية والاقتصاد
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
نشاط الرئيس السيسي في قمة الدول الثماني للتعاون الاقتصادي (فيديو وصور)
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهدت قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، نشاطًا كبيرًا للرئيس عبد الفتاح السيسي؛ حيث افتتح الرئيس السيسي، قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، التي تعقد بالعاصمة الإدارية الجديدة تحت عنوان "الاستثمار في الشباب ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة: نحو تشكيل اقتصاد الغد"، وذلك بحضور قادة الدول الأعضاء بالمنظمة وعدد من قادة الدول النامية والمنظمات الإقليمية والدولية.
وأشار المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إلى أن الرئيس قد تسلم الرئاسة الدورية للمنظمة، وذلك خلال الجلسة الأولى للقمة، حيث ألقى الرئيس الكلمة الافتتاحية، التي ركزت على سبل تعزيز التعاون بين الدول النامية في مواجهة التحديات الدولية كما تم اعتماد إعلان القاهرة
وترأس الرئيس السيسي الجلسة الثانية لمؤتمر الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، التي خصصت لمناقشة الكارثة الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة ولبنان، حيث ألقى الرئيس كلمة مصر خلال الجلسة، والتي تناولت الأوضاع في فلسطين ولبنان والجهود المصرية لاستعادة الاستقرار في المنطقة.
كما أعلن الرئيس السيسي اعتماد البيان المشترك لقمة دول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي كما أكد الرئيس السيسي أن منظمة الدول الثامنية النامية تتميز بثراء حضاري وتمثل محفلا مواتيا لدفع العمل المشترك بين الأعضاء
كما التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، وذلك على هامش قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، والتي تعقد بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن الرئيسين قد أكدا على ضرورة مواصلة تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في كافة المجالات، بما يتفق مع مصالح الدولتين وشعبيهما، حيث تم استعراض سبل تطوير العلاقات الثنائية وخاصةً في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
وأضاف السفير محمد الشناوي المتحدث الرسمي أن اللقاء تناول تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، حيث تم التأكيد على ضرورة تكثيف التنسيق والتشاور بين البلدين حيال الأزمات في المنطقة لضمان إحلال السلام والاستقرار. وفي هذا الإطار، تم استعراض الجهود المصرية للتوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإخلاء سبيل الرهائن والمحتجزين ونفاذ المساعدات الإنسانية لأهالي القطاع دون قيود أو عراقيل. من جانبه، اعرب الرئيس التركي عن تقديره للجهود المصرية، مؤكدا إتفاقه مع الرئيس على أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية هي الضمانة الأساسية لاستعادة السلام والاستقرار في الإقليم.
وأوضح المتحدث الرسمي أن اللقاء تناول أيضاً الأوضاع في سوريا، حيث أكد الرئيس على ضرورة الحفاظ على وحدة واستقلال سوريا وسلامة أراضيها، وتدشين عملية سياسية سورية تضم كافة أطياف المجتمع وقواه لتحقيق مصالحة وطنية وضمان نجاح العملية الانتقالية.
كما تم خلال اللقاء تناول الأوضاع في دول المنطقة، وبشكل خاص في ليبيا والسودان والصومال وسوريا، حيث تم التأكيد على أهمية حماية سيادة تلك الدول وسلامة أراضيها وأمنها، بما يحقق لشعوبها الأمن والسلام، كما أكد الجانبان إدانتهما للانتهاكات الإسرائيلية للأراضي السورية، مشددين على ضرورة الوقف الفوري لتلك الانتهاكات.
كما التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، وذلك على هامش قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، والتي تعقد بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن اللقاء تناول سبل استعادة الهدوء بالأرض الفلسطينية، حيث تم استعراض الجهود المصرية لوقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بما يحمي القطاع من المأساة الإنسانية التي يتعرض لها، ويوقف إراقة الدماء.
كما تناول اللقاء الأوضاع في الضفة الغربية، حيث أكد الجانبان رفضهما للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة في الضفة، مشددين على أن الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية هي أرض الدولة الفلسطينية.
وأضاف السفير محمد الشناوي المتحدث الرسمي أن الرئيس أكد على استمرار مصر في جهودها الحثيثة لدعم الشعب الفلسطيني، ولإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية. وقد شدد الرئيسان على رفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين أو تصفية القضية الفلسطينية.
ومن جانبه، ثمن الرئيس الفلسطيني الجهود المصرية المحورية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة، مشيداً بالدور التاريخيّ لمصر في دعم الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.
والتقى الرئيس عبد الفتاح السيسي برئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، وذلك على هامش قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، والتي تعقد بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن اللقاء شهد تأكيد الرئيس على وحدة لبنان وسيادته وسلامة أراضيه، مشيراً إلى حرصنا على تثبيت العمل باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ۱۷۰۱ بشكل كامل، ومؤكداً على ضرورة تقديم الدعم للجيش اللبناني، لتمكينه من أداء مهامه في تعزيز الاستقرار بلبنان الشقيق، وبما يدعم الاستقرار في المنطقة.
وأضاف السفير محمد الشناوي المتحدث الرسمي أن الرئيس أكد على دعم مصر كافة مؤسسات الدولة اللبنانية التي تضطلع بمسئوليات دقيقة في ظل ظروف صعبة، وقد شدد الرئيس على استعداد مصر الدائم لتقديم كل الدعم الممكن لإغاثة الشعب اللبناني الشقيق ومساعدة أجهزة ومؤسسات الدولة اللبنانية على القيام بدورها على أكمل وجه.
وقد تناول اللقاء الأوضاع الإقليمية، حيث تم استعراض الجهود المصرية لوقف إطلاق النار في غزة باعتبارها النواة لاستعادة الاستقرار الإقليمي، كما تم التأكيد على حرص البلدين على استقرار سوريا وسلامة وأمن شعبها ووحدة أراضيها، وحذر الجانبان من توسع دائرة الصراع، مؤكدين ضرورة تحلي كافة الأطراف بالحكمة والمسئولية لاستعادة السلم الإقليمي.
كما التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالرئيس "مسعود بزشكيان" رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وذلك على هامش قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، التي تعقد بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن الرئيسين تبادلا وجهات النظر حول التطورات الإقليمية، وسبل استعادة السلام بالمنطقة، حيث أكد الرئيس على أهمية نزع فتيل التوتر الإقليمي وتفادي التصعيد، مشدداً على ضرورة تحلي كافة الأطراف بالحكمة حرصاً على حماية المنطقة من مواجهات خطيرة ستكون لها تداعيات خطيرة على السلم والأمن بالشرق الأوسط والعالم بأسره
وأضاف السفير محمد الشناوي المتحدث الرسمي أن اللقاء تناول الأوضاع في الأرض الفلسطينية، حيث تم استعراض الجهود المصرية لوقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، كما تبادل الجانبان وجهات النظر بشأن الأوضاع في لبنان وسوريا.
وأوضح المتحدث الرسمي أن اللقاء تناول أيضا الجهود المشتركة لاستكشاف آفاق تطوير العلاقات الثنائية، بما يحقق مصلحة الشعبين، ويساهم في دعم الاستقرار بالمنطقة.
كما التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالدكتور محمد يونس، رئيس الحكومة الانتقالية المؤقتة في بنجلاديش، وذلك على هامش قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي المنعقدة بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس أعرب عن تقدير مصر العميق للعلاقات التاريخية التي تجمع بين مصر وبنجلاديش، مؤكداً على أهمية مواصلة تعزيز التعاون بين البلدين في شتى المجالات، لاسيما في المجالين الاقتصادي والاستثماري بالإضافة إلى التعاون العلمي والثقافي. وأشار إلى الدور الحيوي الذي يقوم به الأزهر الشريف في هذا السياق.
من جانبه، أكد رئيس الحكومة الانتقالية المؤقتة على ما ذكره الرئيس بشأن أهمية تطوير العلاقات الثنائية، مضيفاً أن الأزهر الشريف يحظى بمكانة مميزة في وجدان شعب بنجلاديش، بالإضافة إلى دوره الراسخ في مواجهة خطاب التطرف والإرهاب.
وأشار السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، إلى أن اللقاء استعرض التطورات الإقليمية، وخاصةً في غزة ولبنان وسوريا، والجهود المصرية المبذولة لاستعادة الأمن والاستقرار والحفاظ على مقدرات الشعوب.
وأعرب رئيس وزراء بنجلاديش في هذا السياق عن تقديره للدور الجوهري الذي تضطلع به مصر كعنصر أساسي لتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ودفاعاً عن قضايا الأمة الإسلامية والدول النامية، مؤكداً رغبة بلاده في تعزيز التعاون مع مصر ليرتقي إلى مستوى الروابط التاريخية التي تجمع البلدين.