انقلابا النيجر والغابون.. هذه أبرز إجراءات 4 دول بغرب أفريقيا
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
لم يكن يتوقع أكثر المحللين تشاؤما، أن يُربك إيقاع الانقلابات الدول الأفريقية بهذا المستوى، فقد تساقطت الحبات بسرعة مذهلة وفاجأت الساسة والنخب، على السواء، مما دفع كثيرا من البلدان لتحسس مفاصلها ومحيطها، والشروع في الاحتياط بعدد من الإجراءات، دون تخطيط مسبق سوى تجاوز مخاوف السقوط في مخالب الانقلابات، وفكاك شراكها.
ما أسباب تتابع موجة الانقلابات في غرب أفريقيا؟
الثابت وحسب تقارير دولية، أن عددا غير يسير من الدول الأفريقية تعاني الهشاشة، التي تعتبر من أبرز أسباب الانقلابات، وأن 15 دولة من أصل 20 دولة تتصدر مؤشر الهشاشة في العالم تقع في أفريقيا.
نجاح الانقلاب في بلد ما يولد شعورا أوسع بزعزعة الاستقرار، والجنود الذين يفكرون في القيام بمحاولات انقلابية، قد يشعرون على نحو متزايد، أنهم قادرون على ذلك، وفقا لبول ميلي المختص في منطقة الساحل، ومستشار برنامج أفريقيا في معهد تشاتام هاوس البريطاني.
ما هي الارتدادات التي أحدثتها الانقلابات على مستوى المنطقة؟بغض النظر عن العوامل التي تقف خلف الانقلابات في غرب أفريقيا، إلا أن الذي لا يختلف فيه اثنان هو أن الموجة أحدث هزة كبيرة على مستوى المنطقة، مما وضع كل الدول في حالة من عدم اليقين، خوف العدوى السريعة التي تصيب المنطقة، فقد هرعت بعض الدول الأفريقية إلى إجراءات احتياطية، من قبيل الإقالات والتعيينات والتغييرات في قيادات الجيوش لمنع الانقلابات.
الكاميرون:
بعد يوم واحد من استيلاء الجيش الغابوني على السلطة ووضع الرئيس علي بونغو في الحبس المنزلي، أجرى المخضرم بول بيا (90 عاما) الذي يحكم الكاميرون منذ 1982، تعديلات في وزارة الدفاع، ووفق مرسوم رئاسي، أقال عددا من القادة العسكريين في الجيش وعين ضباطا في الوحدات التابعة للوزير المنتدب لدى رئاسة الدفاع.
وتم تعيين ضباط كمستشارين للمواد العسكرية، وعدد من الضباط كمستشارين في وزارة الدفاع، وضباط مفتشين للدرك الوطني، وتعيين رئيس الأركان ونائبه، ووفقا لمحللين فإن بيا الذي حكم 41 سنة ليس لديه نية التخلي عن السلطة حيث تنتهي ولايته السابعة في 2025، ووصل إلى الحكم بانقلاب عسكري.
رواندا:
أثارت الإجراءات التي قام بها الرئيس الرواندي بول كاغامي عددا من التكهنات، فبينما أشارت بعض التحليلات إلى أنها مرتبطة بتورط القوات الرواندية في الحرب على أرض الكونغو الديمقراطية عن طريق دعمها لحركة التمرد المعروفة بـ (M23) الناشطة شرقي البلاد، رجحت أخرى بوادر محاولة انقلاب فاشلة، في حين أشار آخرون إلى تهيئة أن الرئيس يستعد لترك قيادة البلاد للجيل الجديد وهو الذي حصل على تفويض للحكم حتى 2034.
وقد جاءت إجراءات كاغامي بعد 48 ساعة فقط من انقلاب الغابون، إذ أقال 950 من الجنرالات وكبار الضباط فضلا عن 930 من ضباط الصف والجنود، وفقا لصحيفة "الروانديون"، وعلى رأس المقالين رئيس الأركان الجنرال جيمس كابا ريبي الذي شغل سابقا منصبي وزير الدفاع والمستشار السابق للرئيس للشؤون الأمنية.
سيراليون:بعد أسبوع من انقلاب النيجر جرى في سيرا ليون اعتقال مجموعة من ضباط الجيش بتهمة التخطيط لقلب الحكومة ومنهم رتب عليا، ووفقا لتحقيقات تقول الشرطة إنها قامت بها حيث كانت المجموعة العسكرية تخطط لاستخدام الاحتجاجات السلمية التي تم الترتيب لها بين 7 و 10 من أغسطس لشن هجمات عنيفة ضد مؤسسات الدولة والمواطنين، حيث شهدت ليبرفيل العاصمة احتجاجات على نتائج الانتخابات المتنازع عليها، التي فاز فيها الرئيس جوليوس ما دا بيو بولاية ثانية، وطعنت فيها المعارضة.
ليبيريا:مخاوف الانقلاب في سيراليون وضعت جارتها ليبيريا على حافة الهاوية، قبيل الانتخابات التي تستعد لها الأخيرة في أكتوبر/تشرين الأول القادم.
وأصبحت ليبيريا محاطة بدول غير مستقرة بعد انقلاب غينيا وحالة اضطرابات في سيراليون. وقد أثارت المعارضة في ليبيريا عدم اعترافها وثقتها بلجنة المفوضين التي عينها الرئيس جورج ويا للإشراف على الانتخابات. ووفقا لصحيفة "فرونت بيج أفريقا" (FrontPageAfrica) فإن الرسائل السلبية التي تبثها الانقلابات تثير قلقا لدي السلطات الليبيرية.
هل ترسم الانقلابات مسارا جديدا للحكم في أفريقيا؟
في ظل الاختلالات التي تعيشها الدول الأفريقية، وفي ظل غياب المؤسسات المقتدرة لاجتراح الحلول على المستويات المحلية، وغياب المؤسسات الإقليمية والقارية المعنية بممارسة دورها في المحافظة على الاستقرار السياسي وتطوير آليات تمكن الأفارقة من تجاوز العقد الطارئة، فإن المخاوف قائمة من أن تستهوي الشعوب الأفريقية سهولة اللجوء للحلول العسكرية، وتصبح نمطا للحكم بدلا من صناديق الاقتراع.
هل تشهد أفريقيا مزيدا من الانقلابات؟يقول الدكتور اندويسي كريستيان أني من جامعة كوازولو ناتال بجنوب أفريقيا، إن "الانتفاضات الشعبية ضد الحكام المستبدين الذين خدموا لفترة طويلة وفرت فرصة لعودة الانقلابات في أفريقيا، وإن الانتفاضات الشعبية شرعية ويقودها المدنيون، إلا أن نجاحها غالبا ما يتحدد بقرار الجيش".
أما عبد الله باري الباحث البوركينابي، في جامعة الأمم المتحدة للسلام فيقول "طالما أنهم لن يقدموا إجابات كافية حول سؤال العجز في الحوكمة، فإن الانقلابات سوف تتضاعف في أفريقيا".
ومن صدمة انقلاب إلى آخر تتداعى أفريقيا تحت سطوة الانقلابات العسكرية، فهل تكون الغابون آخر محطاته أم ما زال في الطريق مفاجآت؟ وهل تكون هذه فرصة من أجل حلول حقيقية ترتقي إليها المسؤولية التاريخية للنخب والساسة الأفارقة؟ ومن الذي سيقرع الجرس؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الدول الأفریقیة فی أفریقیا
إقرأ أيضاً:
موريتانيا تبدأ بتصدير أولى الشحنات.. تفاصيل أبرز قطب للغاز المسال في غرب أفريقيا
بعد تأخر لأكثر من ثلاث سنوات عن موعد الإنتاج الذي كان مقررا نهاية العام 2021، أعلنت وزارة الطاقة والنفط الموريتانية أن أول شحنة من الغاز الطبيعي من حقل "السلحفاة آحميم الكبير" المشترك بين موريتانيا والسنغال سيتم تصديرها اليوم السبت.
وقال وزير الطاقة والنفط الموريتاني محمد ولد خالد، إن تصدير أول شحنة من هذا الحقل هي "لحظة تاريخية"، مردفا بأنها اللحظة التي "تدخل فيها موريتانيا بشكل فعلي مصاف الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال".
وعبر الوزير الموريتاني في مقابلة مع قناة CNN الأمريكية عن فخر بلاده "بوضع الأساس لقطب هام للغاز الطبيعي المسال في غرب أفريقيا"، مؤكدا أن التعاون الوثيق بين موريتانيا والسنغال كان هو العامل الحاسم في تحقيق هذا الإنجاز التاريخي.
وقالت وزارة الطاقة الموريتانية، إن بدء التصدير اليوم "يؤكد التزام موريتانيا بتطوير مواردها الطاقوية ونجاحها في الاستفادة منها بأفضل الطرق، ما يعزز موقعها الاستراتيجي ويجعلها لاعبًا أساسيًا في تلبية الطلب العالمي على الطاقة".
"استيفاء الشروط الفنية والتجارية"
وقال المستشار المكلف بالاتصال في وزارة الطاقة والنفط الموريتانية، أحمد فال محمدن، إنه "بعد استيفاء كافة الشروط الفنية والتجارية، تنطلق حاليا (اليوم السبت) أول شحنة من غاز حقل السلحفاة آحميم الكبير باتجاه الأسواق الدولية".
وأشار في تصريح خاص لـ"عربي21" إلى أنه خلال فترة قليلة ستنطلق كذلك شحنة أخرى ضمن مسار المشروع.
وأضاف: " إننا نعيش لحظة تاريخية حيث انضمت بلادنا بشكل كامل إلى مصاف الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال".
أكبر الاستكشافات بغرب أفريقيا
ويمثل "حقل السلحفاة" الواقع على الحدود البحرية بين موريتانيا والسنغال، أحد أكبر الاستكشافات الغازية فائقة العمق في البحر "ويهدف إلى استغلال الموارد الطبيعية الغازية بطريقة مستدامة بما يعود بالنفع على سكان واقتصادات البلدين".
وقال مستشار وزير الطاقة والنفط الموريتاني، في حديثه لـ"عربي21" إن مشروع "حقل السلحفاة آحميم الكبير" مشروع ضخم يمكن أن يستمر من 20 إلى 30 عامًا "ما يمنح موريتانيا مكانة متميزة لتطوير إمكاناتها واكتساب المهارات اللازمة لصناعة الغاز، التي تعتبر الطاقة الانتقالية بامتياز".
وتم تطوير "السلحفاة آحميم الكبير" ضمن شراكة بين الشركة الموريتانية للمحروقات وشركة بيتروسن السنغالية وشركتي بي بي (bp) البريطانية وكوسموس إنيرجي الأمريكية.
وتقدر احتياطيات هذا الحقل بـ 25 تريليون قدم مكعب، ويقع على عمق مائي يصل إلى 2850 مترا.
ويعتبر هذا الحقل الذي بلغت كلفته الإجمالية 4.8 مليار دولار، واحدا من أكبر حقول الغاز على المستوى الأفريقي، وقد تم إعلان اكتشافه في أبريل 2015.
ومن المتوقع أن ينتج حقل الغاز نحو 2.3 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا، في مرحلته الأولى، فيما يتوقع أن يرتفع الإنتاج إلى 6 ملايين طن بين عامي 2027 و2028، على أن يصل الإنتاج إلى 10 ملايين طن بحلول عام 2030.
وتضم منشآت المشروع أربعة مكونات كبرى هي: أنظمة الآبار وخطوط الأنابيب تحت سطح البحر، ومنصة إنتاج وتخزين وتفريغ الغاز، ومحطة تسييل الغاز، بالإضافة إلى منشآت المرافق الفنية كالسكن والجسور الفولاذية والحائط كاسر الأمواج الذي تم إنشاؤه لحماية المنصات العائمة من تقلبات البحر.
وتبلغ القدرة التخزينية لمنشأة الغاز الطبيعي المسال 125 ألف متر مكعب، وبإمكانها تبريد الغاز الطبيعي المسال حتى 162 درجة مئوية تحت الصفر.
تعثر متكرر
وقد عرف تطوير الحقل تعثرا متكررا، حيث وقعت موريتانيا والسنغال عام 2018 على اتفاقية استغلاله، وحينها توقعت شركتا كوسموس وبريتش بتروليوم "بي بي" الموقعتان على عقد استغلال الحقل أن يبدأ الإنتاج فيه بشكل فعلي نهاية العام 2021.
لكنّ بدء الإنتاج تأخر لأكثر من ثلاث سنوات، وتضاعفت تكاليف تطويره، وأصبح بعض الخبراء يقللون من قيمته الاقتصادية وفوائده التنموية.
فقد أعلنت شركة "بي بي" البريطانية، المالكة لنسبة 56% من المشروع، عن تأخير في بدء الإنتاج في الموقع عدة مرات، ما أدى إلى ارتفاع التكاليف الذي أثار استياء المسؤولين الموريتانيين والسنغاليين، الذين وجدوا أنفسهم في حرج بعد أن دمجوا بالفعل العائدات المتوقعة من المشروع في مشاريع قوانين المالية لعام 2023.
احتياطيات ضخمة
وبالإضافة للحقل المشترك مع السنغال، تمتلك موريتانيا العديد من حقول الغاز الخاصة بها، والتي لم يبدأ استغلالها حتى الآن.
فعلى بعد 60 كيلومترا شمالي "حقل السلحفاة الكبرى آحميم" يكتنز الحوض الساحلي الموريتاني حقل بير الله العملاق الذي صنف من ضمن أفضل حقول الغاز في العالم، من حيث الحجم والجودة، مع انخفاض نسبة ثاني أكسيد الكربون، وتقدر احتياطيات هذا الحقل بـ 80 تريليون قدم مكعب من الغاز.
وعلى الرغم من ضخامة احتياطيات هذا الحقل من الغاز الطبيعي المسال، فإنه لم يحفر فيه بعد سوى بئرين هما "مارسوين" و"أوركا" ما يؤكد الحاجة الماسة إلى المزيد من المعلومات حول احتياطياته، وكذا إجراء الدراسات التقنية المفصلة لتطوير الخطة المناسبة لاستغلاله، وهو ما تقول وزارة الطاقة والنفط الموريتانية إنها تسعى إليه جاهدة.
وبدأت الحكومة الموريتانية عام 2022 مباحثات مع شركة "بريتش بتروليوم" للتوصل إلى عقد جديد يحدد الشروط التقنية والاقتصادية لاستغلال وتطوير حقل بير الله، ورغم التقدم في دراسة الخطة طلبت الشركة تمديد العقد 4 سنوات إضافية، غير أن الشروط لم تتحقق، ما أدى لإنهاء العقد في عام 2024، ودفع وزارة الطاقة والنفط الموريتانية، إلى البحث عن شركاء عالميين لديهم الإمكانيات اللازمة لتطوير الحقل، وفق معطيات رسمية.
تطلعات الموريتانيين
ويتطلع الموريتانيون إلى أن تسهم عائدات ثروة الغاز في تحسين ظروفهم المعيشية، وتوفير فرص للشباب العاطلين عن العمل، إذ تبلغ نسبة البطالة 30 بالمئة.
وفي هذا السياق يقول المستشار المكلف بالاتصال في وزارة الطاقة والنفط الموريتانية أحمد فال محمدن، في تصريح لـ"عربي21" إن بدء تصدير الغاز الموريتاني سيكون له "انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الوطني من حيث توفير السيولة للخزينة وتشييد البنى التحتية وتعزيز الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة وخلق فرص الاستثمار.
ويأتي بدء تصدير الغاز الموريتاني في وقت تتزايد فيه الحاجة في العديد من بلدان العالم للغاز الطبيعي، في ظل الأزمات التي يعرفها العالم، حيث يتوقع أن يستمر نمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي في السنوات القادمة، إذ تشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى وصول الاستهلاك إلى مستويات قياسية جديدة بحلول عام 2025.
ويرجح خبراء الاقتصاد، أن تكون أوروبا الوجهة الرئيسية للغاز الموريتاني وذلك نظرا لقرب الأسواق الأوروبية من شواطئ موريتانيا.