فضلا عن موقف الولايات المتحدة الداعم لدول مجلس التعاون الخليجي، تخشى إيران من أن روسيا، التي تربطها بها علاقات شراكة متنوعة، ربما تميل إلى دعم الكويت والسعودية في النزاع مع طهران بشأن حقل الدرّة للغاز الطبيعي في شمال غربي مياه الخليج العربي، بحسب علي باكير، في تحليل بـ"المجلس الأطلسي" الأمريكي للأبحاث (Atlantic Council) ترجمه "الخليج الجديد".

باكير قال إنه "في خطوة مفاجئة في يوليو/تموز 2022، أشعلت إيران صراعا قديما مع جيرانها في الخليج، الكويت والسعودية، حول حقوق الاستكشاف والحفر في حقل غاز الدرّة، المعروف أيضا باسم "أراش" باللغة الفارسية".

وأضاف أن "الحقل يقع في المنطقة المحايدة المغمورة بالمياه بين الكويت والسعودية، ويعد بعائدات اقتصادية كبيرة، مع احتياطيات تقدر بنحو 30 مليار برميل من النفط و60 تريليون قدم مكعب من الغاز".

و"نزاع الدرّة ليس جديدا، إذ تعود جذوره إلى فترة الستينيات المضطربة، عندما منحت إيران والكويت حقوق استكشاف متضاربة لشركات مختلفة، مما أوقف التنقيب عن الغاز في المنطقة وأدى إلى نزاع حول حقوق الملكية والتطوير لا يزال قائما"، بحسب باكير.

وأردف أنه "في حين أن حدود إيران البحرية مع الكويت لم يتم ترسيمها بعد، فإن مطالبات طهران جريئة، إذ يطالب مشروعون إيرانيون بـ40% من الحقل، في حين تتكهن وسائل الإعلام الحكومية بـ70%، بينما تُصر السعودية والكويت، بحدودهما المرسومة، على الحقوق الحصرية في الحقل".

وأوضح أنه "على عكس إيران والسعودية،  وكلاهما غني باحتياطيات الغاز، فإن حقل غاز الدرّة بمثابة شريان الحياة للكويت، إذ يعتبر الغاز في البلاد منتجا ثانويا لإنتاجها من النفط، وتلبي احتياجاتها بعقود غاز طبيعي مسال طويلة الأجل من قطر".

اقرأ أيضاً

روسيا وإيران والإمارات والجزر الثلاثة.. طعنة موسكو تفتح خاصرة طهران وتحرج "رئيسي"

مفاوضات أحادية

و"في خطوة محورية في مارس/ آذار 2022، وقّعت الكويت والسعودية صفقة لاستثمار إمكانات حقل الدرّة للوصول إلى طاقة تبلغ مليار قدم مكعب و84 ألف برميل من المكثفات يوميا"، كما أضاف باكير.

واستدرك: "لكن مع وجود احتياطيات مذهلة من النفط والغاز، رفضت إيران هذا الاتفاق باعتباره غير قانوني، وطالبت بحصة في الإنتاج".

ورأى أنه "من خلال الدعوة إلى مفاوضات أحادية تتمحور حول حقل الدرّة، تهدف إيران إلى الضغط على الكويت لتقديم تنازلات، كما أن المفاوضات الأحادية الجانب مع الكويت من شأنها أن تثير الشكوك السعودية حول الصفقة، مما يدق إسفينا بين الكويت والرياض ويعزز مصالح طهران".

وزاد بأنه "وتوقعا لمناورة إيران، اتخذت الكويت إجراءاتها المضادة الخاصة بها، إذ تؤكد استراتيجيتها على وحدة الصف مع السعودية، مما يؤكد الموقف الفريد للثنائي الخليجي في حقل الدرّة".

و"في ظل غياب حدود بحرية محددة، تتمسك الكويت بالموقف القائل بأن مطالبات طهران البحرية لا أساس لها وأن الحقل كويتي سعودي حصرا. وهذا الموقف يعيد الخلاف إلى ترسيم الحدود وليس إلى حقل الدرّة"، وفقا لباكير.

وتابع أنه "في 3 أغسطس/آب الماضي، أصدرت الكويت والسعودية بيانا مشتركا أكدتا فيه حقوقهما السيادية غير القابلة للمساومة على ثروات الحقل (...) ويشكل النشاط الإيراني المتجدد في هذا النزاع تحديا لعملية التطبيع الناشئة مع السعودية برعاية الصين".

وبوساطة بكين، استأنفت السعودية وإيران، بموجب اتفاق في 10 مارس/ آذار الماضي، علاقتهما الدبلوماسية، ما أنهى 7 سنوات من القطيعة بين دولتين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج العديد من الصراعات في المنطقة.

اقرأ أيضاً

نزاع حقل الدرّة.. 3 دول مرشحة لوساطة بين طهران والكويت والرياض

واشنطن وموسكو

و"يقع حقل الدرّة داخل مركز الطاقة النابض بالحياة في منطقة الخليج، والذي يعد شريان الحياة للتجارة والطاقة العالمية"، كما أردف باكير.

وأضاف أنه "إدراكا لخطورة الوضع، قررت الولايات المتحدة تعزيز وجودها في الخليج، وأرسلت الآلاف من (عناصر) مشاة البحرية (المارينز)، مدعومين بطائرات مقاتلة وسفن بحرية حديثة، في حين يستعرض الحرس الثوري الإيراني عضلاته".

وزاد بأن "إيران تهدف إلى تأكيد هيمنتها على مضيق هرمز وممارسة الضغط من خلال اعتراض السفن الدولية، وقد استولت أو حاولت السيطرة على نحو 20 سفينة دولية في العامين الماضيين".

وقال إنه "مما يزيد الأمور تعقيدا، هو أنه يبدو أن روسيا، الشريك الاستراتيجي لإيران (والمنافس للولايات المتحدة)، تميل نحو دول الخليج العربية. وقد أصبح هذا التحول واضحا في النزاع على السيادة على جزر الخليج الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، وهي مناطق تدعي الإمارات أنها تابعة لها وتحتلها إيران".

وبحسب رئيس قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الإيرانية، قاسم محبلي، فإنه "على ما يبدو، لا يعير أصدقاء إيران الكثير من الاهتمام لمطالبها ويولون المزيد من الاهتمام لمطالب المنافسين (العرب)".

و"حقل الدرّة لا يتعلق فقط بالغاز، فهو اختبار حقيقي للحظة خفض التصعيد الإقليمي والتحالفات والاصطفافات والدبلوماسية ورمال الجغرافيا السياسية الخليجية المتغيرة باستمرار. وبينما ترسم إيران والكويت والسعودية مساراتها، فإن نتيجة نزاع الدرّة يمكن أن تحدد هذه المسارات"، كما ختم باكير.

اقرأ أيضاً

الكويت والسعودية تتفقان على الاستمرار بالخطة المشتركة في حقل الدرة

 

 

 

 

المصدر | علي باكير/ المجلس الأطلسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إيران الكويت السعودية حقل الدرة الولايات المتحدة روسيا الکویت والسعودیة

إقرأ أيضاً:

خبير: أمريكا تضغط على إيران لتعزيز وجودها العسكري في الشرق الأوسط

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تحدث العميد نضال زهوي خبير عسكري و استراتيجي، عن تداعيات القرار الإيراني بسحب بعض قواتها من اليمن وما يحمله هذا القرار من رسائل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وفقا لما نقلت صحيفة تلغراف عن مسؤول أمني إيراني، الذي قال إن بلاده أمرت عسكرييها بمغادرة اليمن، متخلية عن دعمها لحركة الحوثيين.

وقال زهوي، في مداخلة عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، إنّ هذا الأمر قد يكون جزءًا من "الجهد الإعلامي" الذي تديره مكاتب مختصة داخل السفارات الأمريكية، مشيرًا إلى أن الإعلان عن سحب القوات الإيرانية قد يهدف إلى تغيير الصورة الإعلامية للعلاقة بين إيران والحوثيين، مما يضعف الدعم الإيراني داخل اليمن والمنطقة.

وتابع، أنّ هذا القرار الإيراني قد يهدف إلى تهدئة الأجواء السياسية في المنطقة، لكن ليس بالضرورة أن يوقف الحرب في اليمن، مشيرًا، إلى أنّ أمريكا تضغط على إيران بتعزيز وجودها العسكري في الشرق الأوسط.

وأوضح أن السؤال الأساسي يتعلق ما إذا كانت إيران قد سحبت فعلاً قواتها من اليمن أم لا، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة قد تكون مجرد تكتيك إعلامي وليس تحولًا جوهريًا في استراتيجية إيران بالمنطقة. 
وذكر، أن هذا القرار من الممكن أن يوهن العلاقة بين إيران والحوثيين، ويزعزع الثقة بين الأطراف المتحالفة، مما قد يؤثر على دعم إيران للحوثيين في المستقبل.

مقالات مشابهة

  • خوفًا من التصعيد مع أمريكا| إيران تتخلى عن دعم وكلائها في اليمن وتغيرات استراتيجية في المنطقة
  • إيران تغلق الباب الليبي أمام أمريكا: ليحلموا بذلك فقط
  • عراقجي: إيران مستعدة لتجربة طريق المفاوضات غير المباشرة مع أمريكا
  • عراقجي: إيران مستعدة للمحادثات مع أمريكا مقابل رفع العقوبات
  • بقيمة 400 مليون دولار.. أمريكا تحدّث «صواريخ باتريوت» لدولة الكويت
  • لماذا تمد إيران جسور التعاون مع دول الخليج الآن؟
  • إيران ترد على دعوة أمريكا للتفاوض وتعلق على تهديدات ترامب
  • خبير: أمريكا تضغط على إيران لتعزيز وجودها العسكري في الشرق الأوسط
  • روسيا تدعو "كل الأطراف" لضبط النفس إزاء "نووي إيران"
  • روسيا تطالب بضبط النفس تجاه برنامج إيران النووي