عقدت اليوم السبت، ثاني الجلسات الفكرية التي ينظمها مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في الدورة الثلاثين، برئاسة الدكتور سامح مهران، وأقيمت تحت عنوان "التجريب المسرحي في الخليج العربي".

 وأدار الجلسة الدكتور محمد زعيمة من مصر، وشارك بها كل من الدكتورة عزة القصابي من سلطنة عمان، ويوسف الحمدان من البحرين، وفهد ردة الحارثي من السعودية، ومجدي محفوظ من مصر، وعقب على الندوة والمتحدثين، جميلة زقاي من الجزائر.


واستهلت الدكتورة عزة القصابي من سلطنة عمان، حديثها متسائلة: هل يوجد تجريب في المسرح الخليجي أم أنه مجرد ملامح؟، موضحة أن هناك تجارب قليلة ونادرة، فالتحولات الجيولوجية التي حدثت على المستوى الثقافي والاقتصادي أثرت على المسرح، فرغم ارتباطه بالقصص والحكايات الشعبية إلا أنه تأثر بتلك المتغيرات التي حدثت، ونتج عنها صراع بين القديم والحديث والبحث عن رؤية جديدة، كما أنه حدث تأثر كبير بالعالم الأوروبي .

وأضافت "القصابي": وهنا نصل لنقطة مهمة وهي التحديات التي كانت تواجه الخليج في الانتقال إلي المسرح التجريبي، فكيف تحول هذا المسرح إلي ثقافة؟، فنحن العرب عادة نحب الكلمة ونسمع أكثر ما نرى، وفي ضوء ذلك نجد أن الكتلة الخليجية هي كتلة الشعر والقصة فعندما تخاطب المسرح ستجد الحكي هو الطاغي، فالتحول للتجريب كان صعبا، لذلك حتى الآن نجد المسرح التقليدي موجود بقوة، ولكن هناك محاولات دائمة في دول الخليج لترسيخ المسرح التجريبي.
من جهته قال الفنان السعودي فهد الحارثي: إن المسرح الخليجي عانى من الإرهاب ضد التجريب لوقت طويل، خوفا على جمهوره وعلى فقدان الهوية، فأنا أتصور أنه بعد فترة حدثت حالة التحول في المسرح الخليجي لخروجه عن خوفه، وبدأت تلك الحالة من مهرجان المسرح التجريبي في مصر، لأنه فتح أفق جديدة للفرق فعندما شاهدوا تلك التجارب في القاهرة، بدأت حالة التأثير من خلال الندوات والعروض والتي تضم فضاءات جديدة منفتحة ولكن ظلت هناك مشكلة كبيرة وهي فكرة التجريب ومفهومه.

بينما قال الناقد مجدي محفوظ: عندما نتحدث عن المسرح التجريبي في الخليج أجد تقديم نموذج مثل مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة في الشارقة بدولة الإمارات هو خير مثال، فهذا المهرجان متميز لما يتم تقديمه قبل المهرجان من ورش فنية التي تنتهي بتقديم عروض مسرحية برؤى جديدة وتجريبية، وكذلك في المهرجان يتم عمل لجان مشاهدة لاختيار العناصر التي تستطيع أن تشارك فيه.

وتابع: "لقد تحدثت في بحثي عن المشهد التجريبي من" مفهوم جغرافي"، فتلك العروض تتأثر بتكوينها الجغرافي وهذا يرتبط برؤى مختلفة، فمنطقة الخليج العربي تتشابك فيما بينها، ونجد أن المهرجان التجريبي في مصر أثر كبير على المسرح في الخليج فمن خلال الورش والعروض الذي يقدمها يفتح الآفاق لدى شباب الخليج.

أما يوسف الحمدان من البحرين، فيرى أنه لا يوجد في المسرح العالمي ما يسمى بالمسرح التجريبي، لأنه يتعلق بالمقام الأول بالرؤية الخاصة بصناع العروض، ودائما ما ندور في دوامة البحث عن التجريب وننسى المسرح وهو ما نواجهه في الخليج أيضا، موضحا أن المسرح فكر وثقافة وبحث استقصائي وليس موسم عمل، والتجريب يتصل بالحرية في الأساس ويكسر الحواجز والتابوهات، مشيرا إلى أن بعض المصطلحات تمثل إشكالية، لافتا إلى أن التجريب في السرد أيضًا وليس في عناصر السينوغرافيا فقط.

فيما عقبت جميلة زقاي من الجزائر على الأبحاث المقدمة، قائلة: لا يمكننا أن ننكر التجارب التجرببية في المسرح الخليجي، وعلقت على الورقة البحثية للمسرحي يوسف الحمدان قائلة: ما رأيت اخلاصا ووفاءً للمسرح الخليجي أكثر من ذلك، حتى يخيل أن المسرح بدأ من الخليج وانتقل للعالم، ورقة مفعمة بالزخم المعلوماتي، وبخاصة فيما يتعلق بتجارب عمان والبحرين.

وتابعت: لقد أعددت مسحا ينم عن متابعة عن كثب، أما عن الورقة البحثية لفهد الحارثي فكان تعقيبها: رأيت نوعا من السوداوية نحو التجريب، كما أنه يتهم المسرح الخليجي بالتوجس والرعب من التجريب، حتى يبدو أن التجريب في المسرح العربي مدمر للأصالة ويهدف للتدجين، بل سلاح غربي، أنا عن الورقة البحثية لمجدي محفوظ، فكان تعليقها مقتضب قائلة: أخشى أن يعتد الشباب بهذا البحث فيعتبروا أن الورش سبيل تيسر الصعب للهواة وتجعلهم يظنون أنها كافية لاعتبارهم كتاب وممثلين محترفين.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الدورة الثلاثين المسرح التجریبی التجریبی فی فی الخلیج فی المسرح

إقرأ أيضاً:

على هامش صلة الشباب بالمشهد الثقافي الخليجي

حظيت خلال الأسبوع المنقضي بفرصة المشاركة في مؤتمر الثقافة والفن والأدب بدولة الكويت، والذي استضافته الهيئة العامة للشباب بالكويت، بالتنسيق مع الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. المؤتمر ضمن نخبًا إبداعية شبابية من دول المجلس، بالإضافة إلى مشاركة من الأردن والمغرب، ومثلت سلطنة عُمان فيه نماذج من المبدعين في حقول الثقافة والفن والأدب، حيث تناول في جلساته هواجس المشهد الثقافي الخليجي وعلاقة الشباب به، بالإضافة إلى القضايا الناشئة إزاء فعل الأدب والفن والثقافة عمومًا، واستضاف في حواراته جملة من الناشطين الثقافيين، والأكاديميين والمتخصصين، ورواد الحركة الأدبية في الكويت. تشكل مثل هذه الملتقيات فرصة مهمة للوقوف على أربعة مشاهد رئيسية: أولها التعرّف على نماذج متجددة وصاعدة من الناشطين الثقافيين عبر الأقطار الخليجية وما حولها، وثانيها معرفة الأنماط الناشئة للفعل الثقافي الخليجي وتحديدًا لدى فئة الشباب وعلاقتها بالأطر الثقافية والمدارس القائمة والمؤسسات الثقافية، أما ثالثها؛ فيتجسد في معرفة الطريقة التي يتحرك فيها فعل الإبداع الثقافي الخليجي ضمن إطار المتغير العالمي ومدخلاته؛ من أدوات وتقانات وتغير في الاتجاهات وصعود لبعض الصناعات الثقافية والإبداعية، أما المشهد الأخير فيتمثل في فهم دور (النظام الكلي) المؤثر على حركة الثقافة والإبداع من أدوار للمؤسسات، ودعم للمبدعين، وتبنّي للفعل الثقافة، وهواجس السلطات بأشكالها المختلفة، وطرائق تلقي فعل الإبداع والثقافة ضمن السياق الاجتماعي العام.

جسدت النقاشات في عمومها تماثلًا على مستوى الرؤى الكلية للواقع الإبداعي والثقافي، ووجهات نظر متباينة على مستوى الفعل ذاته ومؤثراته وتلقيه، وهو ما يشدد على ضرورة استدامة مثل هذه الملتقيات التي ترفد في تقديرنا صنّاع القرار الثقافي برؤية واضحة ومتجددة حول متطلبات السياسات الثقافية والإبداعية، وضرورات تجديدها وتهيئتها للتوافق مع واقع عنوانه الأصيل (الإبداع الإنساني في مواجهة المتغيرات)، متغيرات على مستوى الآلة، وصراع السوق، وأنماط التلقي المتحولة، ومتغيرات تقدير الفعل الإبداعي والثقافي في ذاته. يمكنني على هامش المؤتمر تسجيل استخلاصات مهمة والتعقيب عليها، وهي تشكل مدارات الحديث والنقاش الرئيسية في مختلف الجلسات والورش:

1- في حدود علاقة الإبداع الإنساني بذكاء الآلة: تشكل تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي المتجددة اليوم سؤالًا محوريًّا: أين تنتهي حدود ذكاء الآلة في مقابل الإبداع الإنساني؟ وما هو الخط الفاصل بينهما؟ وفي زعمي فإنه كلما حاولنا ابتكار حد فاصل أو تصوره فإن ثمة معطى جديدا في ذكاء الآلة يتطور ليعيد تفكيرنا في الطرح والمقاربة. أصبح فعل الذكاء الاصطناعي اليوم مشتبكًا مع الفن وفعل الثقافة المتنوع ومع الإنتاج الأدبي. في عام 2023 أنتج العالم أكثر من 15 مليار صورة بواسطة تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، أي بمعدل 34 مليون صورة جديدة يوميًّا. وهذا الفعل أصبح متصلًا بالسوق والمنافسة؛ فلوحة Edmond de Belamy الشهيرة المنتَجة بالذكاء الاصطناعي بيعت في مزاد بنحو 432.500 دولار. وتشير تقديرات artsmart.ai إلى أن الفن المنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي سيمثل نحو 5% من إجمالي سوق الفن المعاصر بحلول نهاية العالم الحالي.

2- الاقتصاد الإبداعي والصناعات الثقافية: حظي هذا الموضوع خلال الأعوام القليلة الماضية بنقاشات واسعة في دول الخليج العربية، واستدركت بعض الدول هذا القطاع ضمن خططها واستراتيجياتها الوطنية، ولعل المملكة العربية السعودية أصبحت اليوم من رواد الدول في تهيئة نظم كلية تسمح للاقتصاد الإبداعي والصناعات المرتبطة به بالازدهار والنمو. على مستوى الخليج ككل أعتقد أننا أمام إشكالين أساسيين: الأول أن هناك فعل اقتصاد إبداعي ولكن التصنيفات التجارية والاقتصادية لم تكيف نفسها للتواكب مع تصنيف هذا المعطى وحصره، وبالتالي لاحقًا إمكانية تشجيعه ببرامج وسياسات اقتصادية وثقافية ودعمه، الإشكال الآخر: هو أن بعض الدول لم تحدد بعض ميزتها التنافسية في سعة الاقتصاد الإبداعي، فما زالت هناك مناقشات للدخول في مجال صناعات الأفلام والسينما على سبيل المثال، ورغم الإمكانات المتوفرة لهذه الدول لكنه يبقى حقلًا تنافسيًّا عالميًّا دقيقًا ومعقدًا، في المقابل يمكن التفكير في مزايا تنافسية أخرى، مثل المزارات التاريخية، الفنون الشعبية، بعض الصناعات الحرفية.. ولكل دولة ما تمتاز به إن أجادت تشخيصه وبناء نظام متكامل لتسويقه وتحويله لصناعة متكاملة عابرة للأقطار. إيطاليا على سبيل المثال أصبحت منذ الحرب العالمية الثانية دولة رائدة في صناعة أساسية وهي صناعة الجلديات، واستطاعت عبر العقود الماضية تصدير علامات تجارية فاخرة من خلال هذه الصناعة، وكونت (اقتصادًا) و(إرثًا) عالميًّا نتيجة التركيز عليها، فحسب بيانات statista من المتوقع أن تكون عائدات قطاع «السلع الجلدية الفاخرة» في سوق السلع الفاخرة في إيطاليا في عام 2029 نحو 1.81 مليار دولار أمريكي. في بعض الأحيان قد يكون التركيز على صناعات بعينها ليس فقط ذا جدوى تنافسية، وإنما في الآن ذاته وسيلة ناجعة لتسويق الهويات الوطنية.

3- في مسألة تعبير الفعل الإبداعي والثقافي عن الثقافة الاجتماعية: يحتاج المبدع والمثقف الخليجي اليوم إلى خلق معادلة جديدة -سبق إليها بعض مبدعي ومثقفي المنطقة- وهو كيفية التعبير عن هواجس الثقافة المحلية ولكن بلغة عالمية، نحن بحاجة إلى الانكفاء في الموضوع، وليس في المعالجة، ولدينا نماذج رائدة لذلك في سلطنة عُمان على سبيل المثال ممن كتبوا الرواية تعبيرا عن الهواجس اليومية للثقافة المعاشة، والواقع الاجتماعي ذي الخصوصية العُمانية، ولكنها بلغة عالمية، يستطيع أن يلمسها ويستشعرها القاطن في أي قطر في العالم، والذي لا يكون بالضرورة مشتبكًا مع الثقافة ذاتها بقدر اشتباكه مع الهاجس الإنساني. في تقديري هذه المعادلة يجب أن تقود اليوم فعل الإبداع والثقافة الخليجي ليؤدي وظيفته في التأثير والوصول والمنافسة. وهي معادلة يجب أن تنتقل في تقديرنا إلى الأجيال الخليجية الشابة والناشئة، وهي لا تتأتى في الآن ذاته إلا من خلال الانغماس والمطالعة الموسعة والاحتكاك وتوسيع دائرة الفهم والتلقي، وهذا هو رهان المثقف الخليجي الشاب والناشئ.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان

مقالات مشابهة

  • وفاء عامر تشارك في المسلسل الخليجي «عابر سبيل» .. تفاصيل
  • عدن مهددة بانقطاع الكهرباء .. هذه المرة لوقت طويل!
  • على هامش صلة الشباب بالمشهد الثقافي الخليجي
  • برشلونة يستمر في تحصين نجومه بعقد طويل الأمد
  • رسميًا.. برشلونة يربط جافي بعقد طويل
  • تكريم عدد من النجوم الصغار في افتتاح مهرجان حكاوي لفنون الطفل
  • انطلاق الدورة 14 من مهرجان حكاوي لفنون الطفل.. و6 عروض بالإسكندرية وأسوان
  • برشلونة يحصن نجمه الشاب بيدري بعقد طويل الأمد
  • نقاش طويل ولجان استشارية بين بغداد وأربيل حول تكلفة إنتاج النفط
  • فيديوهات جديدة للسحل والذبح.. معًا لمواجهة الإرهاب القادم!