صلالة- الرؤية

رعى سعادة الدكتور سعيد بن حارب اللمكي وكيل وزارة الصحة للشؤون الصحية، انطلاق فعاليات المؤتمر العماني الثالث لطب المخ الأعصاب، الذي يستمر لمدة يومين بصلالة، بحضور الدكتور علي بم عبدالله  المقبالي المدير العام للمديرية العامة للخدمات الصحية لمحافظة ظفار والمدير العام لمستشفى جامعة السلطان قابوس، وأعضاء مجلسي إدارة الرابطة العمانية لطب المخ والأعصاب والرابطة العمانية لأمراض الصرع، وعدد من المهتمين بالمجال.

ويستعرض المؤتمر أحدث ما توصل إليه العلم من التقنيات الحديثة لعلاج والحد من تداعيات العديد من الأمراض الخاصة بالجهاز العصبي، وذلك بمشاركة أكثر من 200 طبيب و30 محاضرا وخبيرا دوليا، ومشاركة كبرى الشركات الطبية محليا وعالميا بالمعرض المصاحب.

وأعرب سعادة الدكتور سعيد بن حارب اللمكي عن سعادته بانعقاد هذا الحدث العلمي الهام، وبالمشاركة الفاعلة لجميع الجهات المعنية في السلطنة، مؤكدا أهمية انعقاد مثل هذه الأحداث الهامة في السلطنة.

وأضاف: "نعمل على أن تشكل هذه الخطوة بداية مثالية نحو المزيد من التعاون بين دول المنطقة، وإلى جانب ما سيتم توفيره من محتوى علمي رفيع المستوي، فإن هذا الحدث يعد فرصة سانحة لاستعراض العديد من الفرص وأطر التعاون الحالية والمستقبلية في السلطنة والمنطقة في العديد من المجالات البحثية والعلمية وبرامج التدريب".

وأشار الدكتور عبدالله بن راشد العاصمي رئيس المؤتمر، إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يعقد فيها هذا المؤتمر بمحافظة ظفار، الأمر الذي يؤكد حجم الخبرات والكفاءات العلمية والتنظيمية في السلطنة، موضحا: "هذا الحدث هو الأكبر والأهم في مجال طب المخ والأعصاب بالسلطنة من حيث المحتوى، والذي سيمثل ركيزة هامة ونقطة انطلاق واعدة للأطباء والممارسين في السلطنة، حيث تشتمل جلسات المؤتمر على أكثر من 60 محاضرة وورقة بحثية وورشات العمل والتدريب العملي للطاقم الطبي المهتم في المجال".

ويحظى المؤتمر بشراكة الرابطة العمانية لأمراض الصرع وبدعم محافظة ظفار والجمعية الطبية العمانية ووزارة الصحة ومستشفى جامعة السلطان قابوس والمجلس العماني للاختصاصات الطبية، وبتنظيم شركة ميتنج ماينذز الشركة المتخصصة في إدارة و ترويج الفعاليات الدولية ومقرها في إمارة دبي، وعدد من الجهات المعنية في السلطنة، بهدف تعزيز مكانة سلطنة عمان كوجهة عالمية مفضلة لفعاليات الأعمال ومنها المؤتمرات الطبية والعلمية.

وتقود الرابطة العمانية لطب المخ والأعصاب  (ONS) جهود تعزيز وعي العاملين في مجال الرعاية الصحية بأحدث أساليب علاج اضطرابات الجهاز العصبي، عبر توفير العديد من برامج التدريب والتطوير وتشجيع البحث العلمي منذ عام 2007 تحت مظلة الجمعية الطبية العمانية، كجمعية ذات نفع عام خاضعة لإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، وتحرص الرابطة علي تبني وتفعيل استراتيجية طموحة من أجل تنظيم المحضرات والندوات والورش العلمية المختصة بطب المخ والأعصاب، واستهداف تنظيم المؤتمرات العالمية والإقليمية المختصة بطب المخ والأعصاب، وتنظيم الحملات التوعوية التثقيفية الخاصة بأمراض طب المخ والأعصاب، والتعاون مع العديد من الروابط العلمية وجمعيات طب المخ والأعصاب في المنطقة والدولية، والتمثيل المشرف للسلطنة في المحافل الدولية المعنية بطب المخ والأعصاب، إذ تقوم الرابطة بعقد الندوات العلمية وحلقات العمل وبرامج التدريب للأطباء والفنيين بالتعاون والشراكة الاستراتيجية مع العديد من الجهات الدولية ذات الصلة، بالإضافة إلى تنظيم الحملات التوعوية في السلطنة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

احتفالًا بالمدينة العمانية

يخبرنا تقرير (قابلية المدن للعيش في عصر المواطنة الرقمية) للعام 2025، الصادر عن القمة العالمية للحكومات، أنه بحلول العام 2050، سيعيش ما يقرب من 70% من سكان العالم في المدن، ويتحركون نحو (مستقبل حضري)؛ إذ يستمر الملايين في جميع أنحاء العالم في مغادرة المناطق الريفية إلى المدن الكبرى، بحثًا عن فرض أفضل لهم ولعائلاتهم على مستوى العمل والتعليم، حيث توفِّر المدن عموما آفاقا واسعة للثقافة والتعليم والابتكار وبالتالي الاقتصاد ومستويات المعيشة الأفضل.

وعلى الرغم من المشكلات التي تواجهها المدن على المستوى الحضري، إلاَّ أنها تنشد دائما التوسُّع في البنية الأساسية والخدمات، وتعمل على ضمان حماية صحة القاطنين وسلامتهم ورفاهيتهم من ناحية، وقدرتها على الاستمرار نابضة بالحياة من ناحية أخرى، فالعناية بالمدن أولوية من أولويات الحكومات التي تسعى لبناء مدن مستدامة مرنة، تتواكب مع نمط الحياة العصرية، وتُسهم في تحقيق التوازن بين الترفيه والميزة التنافسية.

ولأن المدن هي الأساس الذي ينطلق منه البناء الحضاري للدول، فقد حرص صانعو السياسات والمخططون والمطورون العقاريون، على تحقيق التوازن بين تحسينات البنية الأساسية خاصة تلك المرتبطة بحياة الناس لتكون نابضة بالحياة، وضمان رفاهية وسعادة وازدهار قاطنيها، إضافة إلى ما توفِّره من استثمارات وجذب للمواهب، والنمو الاقتصادي والميزة التنافسية، التي توسِّع من مرونتها وقدرتها على الصمود، وبالتالي فإن التخطيط للمدن الحديثة يقوم على رؤية مستقبلية ذات قيمة اقتصادية مضافة.

إن التخطيط الحضري يرتبط بتقديم الخدمات والبنية الأساسية الملائمة للعيش، وتلبية احتياجات القاطنين ومتطلباتهم المرتبطة غالبا بتوفير الصحة والتعليم والترفيه وغيرها، إلاَّ أن هذا التخطيط اليوم يتطلَّب (تعزيز نوعية حياة السكَّان، وتنشيط الرخاء الاقتصادي، وضمان الصحة والسلامة والكرامة) -حسب التقرير-، الأمر الذي يتطلَّب التركيز على ما يُسمى بـ (قابلية العيش) في هذه المدن وتحويله إلى واقع عملي؛ فالأمر هنا لا يرتبط بالخدمات والبنية الأساسية وحسب، بل باعتماد أهداف قائمة على المرونة وتكييف (نهج الاحتياجات المتغيِّرة).

فالمدينة الحديثة تلك التي تتطوَّر وفقا للاحتياجات والأولويات المتغيِّرة، وبالتالي فإنها تحدِّد استجابتها بناء على التوقعات المتنوعة والقابلة للتغيير، والأمر هنا يشمل البيئة الطبيعية التي تقوم بدور حيوي في تعزيز (قابلية العيش)، وبالتالي فإن المدينة في تخطيطها الحضري تتَّخذ من موقعها الجغرافي وسياقاتها الطبيعية مرتكزا لبناء أنماط حياة مستقرة نابضة، قادرة على تحقيق الاستقرار النفسي للناس، من خلال المساحات الخضراء ومسارات الدراجات ومسارات المشي وغيرها.

ولأن عُمان من الدول التي لها تجارب رائدة في التخطيط الحضري للمدن الحديثة خاصة خلال السنوات الأخيرة، التي بدأت وفق رؤية عمرانية تسعى إلى (إنشاء مدن متوائمة مع التوجهات الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية لـ«رؤية عمان 2040» ومحقِّقة للتوجه الاستراتيجي في الشراكة مع القطاع الخاص والمساهمة في تمكينه) -حسب الخطة التنفيذية لوزارة الإسكان والتخطيط العمراني- إضافة إلى توسعة أدوار المدن من خلال تنمية المحافظات، التي تُسهم في تحقيق التنمية الجغرافية للمدن في كافة المحافظات بما يضمن (الاستخدام الأمثل والمتوازن للأراضي والموارد الطبيعية واستثمارها بطريقة متميَّزة وفاعلة، وحماية البيئة...)، وتدعم بالتالي تحقيق النمو الاقتصادي والرفاه الاجتماعي.

إن الرؤية الحضرية والتخطيط العمراني للمدن في عُمان يمر بمرحلة استثنائية خاصة مع ما تحققه أولوية تنمية المحافظات والمدن المستدامة من نجاحات مكَّنت المدن من تطوير خدماتها وتأسيس تنمية عمرانية قائمة على المرونة والاستدامة، بما يضمن تحقيق مستويات أفضل في العمل والترفيه، وبناء مجتمعات قادرة على التطوير وفق منظومة اللامركزية، التي تنشُد التنمية المتوازنة وتحقيق التنافسية، وتعزيز التنمية الاقتصادية.

ولعل تأسيس مدينة السلطان هيثم، واحد من تلك الشواهد التي تتخِّذ من ميزات التنافسية والمرونة و(قابلية العيش)، أُسساً تقودها إلى أن تكون (وجهة جاذبة ومعزِّزة للاستثمار)؛ إذ تمثِّل (نموذجا جديدا لبناء مدن مستدامة تحاكي الحياة العصرية) حسب موقع الوزارة ، وهذا النموذج يرتكز على مجموعة من الأصول القائمة على أنماط العيش المستدامة، ومعايير جودة الحياة والرفاهية، مع المحافظة على البيئة من خلال استخدام الطاقة المتجددة، وتدابير المحافظة على المياه وغير ذلك، فالمدينة تم تأسيسها بوصفها نموذجا لمدن المستقبل.

وعلى الرغم من أن مدينة السلطان هيثم هي حلم المستقبل وآفاق استدامة المدن في عُمان، إلاَّ أن المدن العمانية تميَّزت منذ القِدم بتاريخها المعماري، وبأنماط الاستدامة التي حفظت الموارد الطبيعية، وعملت على تعزيز قابلية العيش من خلال الإطار الشامل لمفهوم المدينة المؤطِّرة لأنماط العيش المختلفة التي تلبي احتياجات قاطنيها، وتوفِّر لهم الفرص الاقتصادية المتعددة وفق منظومة المفاهيم الاجتماعية والثقافية التي تنتمي إليها، ولهذا فقد تميَّزت المدن العمانية في كل محافظة عن الأخرى وفقا لتلك المفاهيم، والمتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تتوفَّر فيها، فالمدن في المحافظات الساحلية تختلف من حيث التخطيط والرؤية عن المدن الداخلية أو الشرقية وهكذا.

ولقد حافظت المدن العمانية على نظامها العمراني عبر الحقب التاريخية، إلاَّ أن تطوُّر مفهوم المدينة أحدث الكثير من التغيُّرات الحضارية، انعكست على بنية المدينة؛ وأصبحت هناك متطلبات جديدة في الممارسات الحضرية نفسها، دفعتها إلى إنشاء أنماط جديدة من المدن الحديثة كما هو الحال في مدن محافظة مسقط والمدن الرئيسة في المحافظات، التي تتميَّز بقدرتها على التوسُّع في البنية الأساسية والخدمات تماشيا مع تغيُّرات الهجرة الداخلية وزيادة الاستثمارات، بُغية إحداث توازن بين التنمية وحماية البيئة، الأمر الذي يجعلها تنتهج مفاهيم الاستدامة والإدارة الذكية للموارد.

والحال أن توجُّه الدولة في لامركزية المحافظات، يعزِّز من تبني مفاهيم المدن المستدامة في المحافظات؛ فعلى الرغم من أن المدن العمانية متميِّزة ولها إمكاناتها ومواردها، إلاَّ أن الهدف هنا هو جعلها أكثر قدرة على جذب السكُّان القاطنين على المستوى الاجتماعي والثقافي وكذلك جذب الاستثمارات على المستوى الاقتصادي، مما يدعم نموها وتحقيق مستويات أعلى من الرفاهية، وبالتالي فإن الدور المنوط بالمحافظات يتجلى في تنمية المدن وجعلها أكثر قدرة على الصمود من ناحية ومرنة مستدامة من ناحية أخرى.

ولأننا نحتفل بيوم المدينة العربية الذي يصادف 15 مارس من كل عام، فإن الاحتفال بمدننا العمانية يستوجب التطوير المرن لهذه المُدن بما يتناسب والرؤية العمرانية وأهداف التخطيط الحضري الذي تدعو إليه «رؤية عمان 2040» إنها رؤية قائمة على أن تكون المُدن مرنة ومستجيبة للتغيير في ظل عالم سريع التطوُّر ومنفتح، ولذلك فإن المدن الحديثة لا تنشد التغيير في المعمار وحسب بقدر ما تحتاج إلى التوازن، وتعزيز التكامل والشفافية والتواصل.

فالمدينة العمانية تمثِّل تاريخا اجتماعيا وثقافيا حافلا، وهي في ظل المتغيرات المتسارعة تحتاج إلى توسعة من حيث الخدمات ودراسة الأولويات التي تضفي الطابع الإنساني وتعزِّز مفهوم (قابلية العيش)، لتكون أكثر جاذبية للقاطنين، وللاستثمارات التي سيكون لها أثر بالغ في تعزيز رفاهية حياة الناس فيها، إضافة إلى أهمية تبني رؤى تخطيطية تتناسب مع احتياجات المواطنين وتوقعاتهم المستقبلية، وهذه الرؤية تجعل من تشجيع الأنشطة الاقتصادية والابتكار ركيزة أساسية في تحسين قابليتها التنافسية للعيش وقدرتها على التكيُّف مع المتغيرات.

عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة

مقالات مشابهة

  • القازنلي: الأمطار مستمرة على العديد من مناطق المملكة حتى الاثنين المقبل.. فيديو
  • من السلطنة إلى المملكة.. كيف غيّر الملك فؤاد الأول نظام الحكم في مصر؟
  • احتفالًا بالمدينة العمانية
  • شاهد بالفيديو| تطور عسكري يُثير الرعب ويفرض التحديات..  مخاوف غربية صهيونية من التقنيات اليمنية
  • جهاز صاعق.. طالب يصيب زميله بـ ارتجاج في المخ بحلوان
  • منتخب السودان يتعادل مع نظيره العماني ودياً بمسقط
  • «رمضان الخيري» .. مبادرة تدعم 700 أسرة وتعزز التكافل الاجتماعي بصلالة
  • رمضان 29 أم 30 يوما؟.. تعرف على موعد عيد الفطر في السلطنة
  • 131 جنيها.. سعر الريال العماني مقابل الجنيه المصري في البنوك اليوم
  • جهود متكاملة لاستعادة الخدمات العلاجية بمدينة الفاشر