جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-02@05:39:03 GMT

ثورة فكرية.. ثروة مجتمعية

تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT

ثورة فكرية.. ثروة مجتمعية

 

طارق سعيد علاي **

ماذا لو لم يعرف العالم الكهرباء؟ ماذا لو لم تُخترع العجلة أو المُحرك البخاري أو الإنترنت؟ ماذا كان سيحدث لو ظلت الأفكار التي غيَّرت مسار وشكل تاريخ البشرية وحاضرها، حبيسةً في عقول أصحابها؟ قد تكون هذه الأسئلة افتراضية إلى حد كبير، لكن إذا طرحنا إجابات افتراضية أيضًا ستكون النتيجة أننا حتمًا في واقع مختلف الآن، وسندرك أنه، وعلى الرغم مما أنتجته عقول البشر، هناك أفكار كثيرة كان لها أن تجعل من العالم أفضل، لكنها ظلت حبيسة في عقول أصحابها وخسرناها إلى الأبد؟

إنَّ تاريخ التطور البشري، ليس سوى تاريخ تطور الأفكار، وعندما نذكر الأفكار، نحن لا نقصد فقط تلك التي أسست لمشاريع كبرى أو قادت لاكتشافات عظيمة، بل نتناول أيضًا الأفكار التي قدمت أو ساهمت في أن تقدم للعالم حلولًا لتحدياته الكبرى، أو آليات صحيحة للتعامل مع الظواهر المُختلفة، أو نظريات جديدة في الفلسفة والعلوم الإنسانية، وإبداعات جديدة في الآداب والفنون.

من هذا التحليل يتأكد لنا بشكل أكبر أن الأفكار هي أعظم الثروات التي تمتلكها البشرية، ولكن، هناك مشوار طويل على الفكرة أن تجتازه حتى تصبح ثروة، وفي هذا المشوار الكثير من المحطات التي تنضج عبرها الفكرة وتتزود بكل ما تحتاجه لتصبح مشروعًا كبيرًا، فالأفكار تحتاج إلى حاضنة ثقافية واجتماعية ورسمية، وتحتاج إلى تبنٍ وتشجيع وتمويل وتوفير ما يحتاجه صاحبها لتطويرها؛ بل وتحتاج أيضًا إلى الرعاية والحماية من كل ما قد يضعفها.

وعلى الرغم من أنه لا يوجد خلاف على ما ذكرناه حول مشوار الفكرة نحو الحياة، أو شروط تحولها إلى واقع مجسد، إلا أننا لا نرى الاهتمام العالمي الكافي بهذا النبع الذي لا ينضب من الثروات. الكثير من الأفكار استسلمت وتلاشت، وغيرها عانى وتعثر، وقليلها تحول إلى حقيقة وكان له نصيب في الخروج إلى النور.

في الواقع، هناك الكثير من الإجراءات التي يمكن أن نتخذها حتى تحقق البشرية الفائدة القصوى من أفكارها، وهنا سأتحدث عن إجراء واحد كونه يعد إجراءً محوريًا ترتبط به جملة كبيرة من العوامل وهو الاتصال بشكل عام والاتصال الحكومي بشكل خاص، فهذا الاتصال الذي تمارسه المؤسسات الرسمية هو الأكثر قدرةً على قيادة مسيرة الارتقاء بمكانة الأفكار والابتكارات والإبداعات في منظومة الموارد التي تمتلكها البشرية.

من أهم واجبات الاتصال الحكومي في هذا المجال هو تهيئة الحاضنة للمُفكرين والمُبدعين من خلال بناء شبكة من الشراكات بين مؤسسات القطاعين العام والخاص، ومن خلال غرس ثقافة مؤسساتية وأيضًا اجتماعية تهتم بالفكرة وصاحبها وتستمع له وتشجعه على تطويرها وتنفيذها.

في الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، لدينا تجربة تستحق الحديث عنها في هذا المجال، وهي تجربة منظومة المؤسسات التي تحتضن الأطفال واليافعين وترعى نموهم الثقافي والفكري.

أيضًا، من مهام الاتصال الحكومي هنا، بناء الجسور بين المفكرين والمبتكرين ومصادر التمويل والدعم عبر تبني أفكارهم وتسليط الضوء عليهم والتعريف بأهمية إضافاتهم لمنظومتنا الحياتية، وهنا يجب أن تبقى قضية الموارد البشرية التي تعتبر أكثر الموارد تجددًا واستدامة في مركز اهتمام فرق الاتصال الحكومي، بحيث تصمم الحملات والبرامج الإعلامية بالتعاون مع وسائل الإعلام والجهات المعنية للتعريف بأهمية الأفكار في مسيرة البناء والتقدّم.

ولعل أهم ما يُمكن للاتصال الحكومي فعله في هذا السياق، هو تكريم أصحاب الأفكار المبدعة والتعريف بنجاحاتهم، فهذا النموذج القائم على التقدير، يشجع غيرهم ويخلصهم من الحواجز النفسية التي قد تحول دون الإفصاح عن أفكارهم مهما كانت غريبة.

نحن الآن نحيا عصرا جديدا بركائز وموارد جديدة، في هذا العصر تقدمت الفكرة على المادة في تشكيل الثروات الوطنية، وهذا يعني أن شكلًا جديدًا للمستقبل يتكون هذه اللحظة، ويكون دور رواد الاتصال تبني مبدأ الجهوزية والسبق، وليس مبدأ المواكبة فقط، والفارق بين المبدأين كبير، إلى درجة أنه يُحدد مكانة الأمم المستقبلية في المشهد الحضاري العالمي.

** مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يحوّل الأفكار إلى كلام في الوقت الحقيقي

طور علماء جهازا يمكنه ترجمة الأفكار المتعلقة بالكلام إلى كلمات منطوقة في الوقت الحقيقي بالاستعانة بزراعة دماغية تستخدم الذكاء الاصطناعي.
ورغم كون هذا الإنجاز لا يزال في مراحل تجريبية، فإنه عزز الآمال في أن تُمكّن هذه الأجهزة الأشخاص الذين فقدوا القدرة على التواصل من استعادة أصواتهم.

وسبق لعلماء في كاليفورنيا أن استخدموا واجهة دماغ حاسوبية لفك تشفير أفكار "آن"، البالغة 47 عامًا والمصابة بشلل رباعي، وترجمتها إلى كلام. ومع ذلك، كان هناك تأخير زمني قدره ثماني ثوانٍ بين أفكارها وقراءة الكمبيوتر للكلام بصوتٍ عالٍ. وهذا يعني أن إجراء محادثة سلسة لا يزال بعيدًا عن متناول "آن"، مُعلمة الرياضيات السابقة في المدرسة الثانوية التي لم تعد قادرة على الكلام منذ إصابتها بسكتة دماغية قبل 18 عامًا.
لكن النموذج الجديد، الذي طوره الفريق، والذي نُشر في مجلة Nature Neuroscience، حوّل أفكار "آن" إلى نسخة من صوتها القديم بزيادات قدرها 80 ميلي ثانية.

وقال غوبالا أنومانشيبالي، كبير الباحثين في الدراسة من جامعة كاليفورنيا، بيركلي "نهجنا الجديد في البث يُحوّل إشارات دماغها إلى صوتها آنيًا، في غضون ثانية واحدة من نيتها الكلام".
وأضاف أن هدف "آن" هو أن تصبح مستشارة جامعية. وأكد "في حين أننا ما زلنا بعيدين عن تمكين آن من ذلك، فإن هذا الإنجاز يُقرّبنا من تحسين جودة حياة الأفراد المصابين بالشلل الصوتي بشكل جذري".
في إطار البحث، عُرضت على "آن" جمل على شاشة، وكانت ترددها في ذهنها. ثم تُحوَّل أفكارها إلى صوتها، الذي شكّله الباحثون من تسجيلات صوتية لها قبل إصابتها.
اقرأ أيضا... الذكاء الاصطناعي يتفوق في رصد تشوهات الجنين

أخبار ذات صلة أبل تطلق ثورة صحية.. "طبيب بالذكاء الاصطناعي" الذكاء الاصطناعي يتقن الخداع!

وقال أنومانشيبالي "كانت آن متحمسة جدًا لسماع صوتها".
بدوره، أوضح تشيول جون تشو، المؤلف المشارك في الدراسة، في بيان، أن واجهة الدماغ والحاسوب تعترض إشارات الدماغ "بعد أن نقرر ما نقوله، وبعد أن نقرر الكلمات التي نستخدمها، وكيفية تحريك عضلات المسالك الصوتية".
يستخدم النموذج أسلوب ذكاء اصطناعي يُسمى التعلم العميق، تم تدريبه على "آن" التي كانت تحاول سابقًا التحدث بصمت بآلاف الجمل.

ولا تزال مفردات الدراسة محدودة، إذ لا تتجاوز 1024 كلمة.
وصرح باتريك ديجينار، أستاذ الأطراف الاصطناعية العصبية في جامعة نيوكاسل البريطانية، والذي لم يشارك في الدراسة، أن هذا البحث "يُعدّ دليلًا مبكرًا جدًا على صحة المبدأ"، مضيفا أنه "رائع للغاية".
مع التمويل المناسب، قدر أنومانشيبالي أن هذه التقنية قد تساعد الأشخاص المصابين بالشلل الصوتي على التواصل في غضون خمس إلى عشر سنوات.
مصطفى أوفى (أبوظبي)

المصدر: الاتحاد - أبوظبي

مقالات مشابهة

  • غرسة دماغية تترجم الأفكار بطريقة شبه فورية إلى كلام
  • شريحة في الدماغ تترجم الأفكار بطريقة فورية إلى كلام
  • وزير الاتصال: يجب التحلي باليقظة الإعلامية لكشف تزييف الحقائق التي تنتهجها الأطراف المعادية للجزائر
  • خطأ فادح.. امرأة ترمي ثروة بيتكوين بقيمة 3.8 مليون دولار في القمامة!
  • الهروب المخزي لأوباش ال دقلو هو اجبن هروب في تاريخ البشرية
  • الغرفة الزهراء.. زنزانة إسرائيلية ظاهرها العذاب وباطنها الفكرة
  • «الموارد البشرية والتوطين» تنظم فعاليات «عمالنا نبض أعمالنا»
  • الذكاء الاصطناعي يحوّل الأفكار إلى كلام في الوقت الحقيقي
  • مركز الاتصال الحكومي: الموازنة العامة للسنة المالية 2025 "تقشفية"
  • تقرير: المغرب يقع فوق ثروة معدنية هائلة