رغم أن العديد من جيران الصين اعترضوا وشجبوا الخريطة المثيرة للجدل التي نشرتها قبل أيام لحدودها الوطنية، وضمت فيها أراضي لدول مجاورة ومنها روسيا، إلا أن الأخيرة التزمت الصمت.

فلم تنبس موسكو ببنت شفة، ولم تندد كغيرها من الدول مثل الهند وماليزيا، في خطوة اعتبرها محللون ثمن الصمت الصيني لغزو أوكرانيا.

العرب والعالم خريطة زادت الطين بلة… ماذا يجري بين الصين وجيرانها؟ مادة اعلانية

ولم يعلق الكرملين أبدا على الخريطة الجديدة لاسيما أنها أظهرت الأراضي المتنازع عليها داخل حدود الصين، بما في ذلك جزيرة بولشوي أوسوريسكي، التي يتقاسمها البلدان.

في حين شكت ماليزيا والفلبين والهند وتايوان من الخريطة التي نشرتها وزارة الموارد الطبيعية الصينية، حيث تطالب الخريطة بالأراضي على حدود الصين مع الهند وتايوان والجزر والشعاب المرجانية والمناطق البحرية في بحر الصين الجنوبي، والتي تتنازع عليها ست دول.

وكتبت صحيفة "غلوبال تايمز" الناطقة باسم الحكومة الصينية بجوار صورة الخريطة التي نشرتها على موقع التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقاً)، "تم تجميع هذه الخريطة بناءً على طريقة رسم الحدود الوطنية للصين ودول مختلفة في العالم".

ضمت جزراً روسية

من جانبها، أشارت وسائل إعلام روسية إلى أن الخريطة تشمل أيضاً جزيرة بولشوي أوسوريسكي، التي تم تقاسمها بين بكين وموسكو بعد اتفاق تم توقيعه في عام 2004، وتم الانتهاء منه في عام 2008 بعد أكثر من قرن من النزاع.

بدوره، قال ستيف تسانغ، مدير معهد الصين في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بلندن، لمجلة "نيوزويك" إن صمت الكرملين حتى الآن "يعكس الأولوية التي توليها إدارة بوتين للشراكة الاستراتيجية" مع الصين.

كما يظهر "الموقف الضعيف" لموسكو تجاه بكين "خاصة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا"، والذي لم تندد به الصين والتزمت الصمت حياله.

The 2023 edition of China's standard map was officially released on Monday and launched on the website of the standard map service hosted by the Ministry of Natural Resources. This map is compiled based on the drawing method of national boundaries of China and various countries… pic.twitter.com/bmtriz2Yqe

— Global Times (@globaltimesnews) August 28, 2023

وتقف الصين محايدة رسمياً بشأن العملية العسكرية الروسية واسعة النطاق في أوكرانيا، والتي أدت إلى فرض عقوبات على موسكو، التي أصبحت بدورها أكثر اعتماداً على علاقاتها الاقتصادية مع بكين.

عقبة دبلوماسية

في الأثناء من الممكن أن تشكل الخريطة عقبة دبلوماسية صعبة، فقد أعلن الرئيس فلاديمير بوتين، الذي وقع الاتفاق المتعلق ببولشوي أوسوريسكي في عام 2008، عن "حقبة جديدة" في العلاقات بين البلدين خلال زيارة نظيره الصيني شي جين بينغ إلى موسكو في مارس/آذار.

وأشار تسانغ إلى أن الصين تطالب بشكل عام بالأراضي المتنازع عليها والتي تطالب بها منذ الخمسينيات.

بوتين وشي (رويترز)

يذكر أن اتفاقية بكين في عام 1860 تنص على أن الحدود بين الصين وروسيا كانت على طول نهري آمور وأوسوري، اللذين يقع عند ملتقاهما بولشوي أوسوريسكي.

وفي عام 1929، احتلها الاتحاد السوفييتي، بالإضافة إلى جزر ينلونغ المجاورة، وهو ما لم تقبله الصين.

وفي عام 2008، أقرت روسيا والصين الاتفاقية التي أعطت لبكين حوالي 68 ميلاً مربعاً من الأراضي، وهي غير مأهولة إلى حد كبير.

مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News الصين روسيا

المصدر: العربية

كلمات دلالية: الصين روسيا فی عام

إقرأ أيضاً:

تخيُّل الأرض المقدسة: كيف تمت عبرنة الخريطة الفلسطينية؟ كتاب جديد

صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية مؤخرا كتاب تخيُّل الأرض المقدسة: كيف تمت عبرنة الخريطة الفلسطينية؟ للباحث الفلسطيني أحمد الدبش.

لم يأتِ المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين على خلفيةٍ استعماريةٍ أوروبيةٍ، ثم أمريكية، فحسب، على الرغم من أهمية هذه الخلفية، التي أخذت مع الوقت تتجسّد أكثر فأكثر في ذلك المشروع الصهيوني، بل مثّل العاملُ العقيديُ الديني عنصرًا مهمًا في دفع مجموعات من يهود أوروبا ورجال الدين فيها إلى البحث عن أرض "الآباء" و"الأجداد" و"أرض الميعاد"، استنادًا إلى رؤى وسرديات توراتية وتلمودية أسطورية تخيُّلية لم تنجح البحوث والاستكشافات الآثارية على مدى أكثر من قرن في إيجاد دلائل حسِّية دامغة على حقيقتها.

يحاول هذا الكتاب البحث في السيرورة التاريخية لتطوُّر عملية تخيُّل "الأرض المقدّسة" لدى اليهود في فلسطين والإجابة عن السؤال الرئيس في هذا السياق، وهو وكيف تدحرج "تخيُّل الأرض المقدسة"، ومتى عُقدت الصلة بين "الشعب اليهودي المُتخيَّل" وفلسطين، التي اختُرع اسم لها هو "أرض إسرائيل" لإثبات تلك الصلة "المُتخيَّلة"؟ وكيف نجح المشروع الصهيوني في استخدام هذه الصلة "المُتخيَّلة" كأداة توجيه ودفع لإفراغ فلسطين والتاريخ الفلسطيني من أي معنى حقيقي، حتى أصبح هذا التاريخ أسيرًا لروايات توراتية إلى درجة يكاد معها يتعذّر التحرّر منها؛ فخسرت فلسطين تاريخها أمام القوى الإمبريالية الأوروبية أولًا، وفي مواجهة تلفيق وتركيب تاريخ "عبري/ إسرائيلي" للماضي ثانيًا، ما لبث أن أصبح رواية قومية "إسرائيلية" بعد ذلك.

يأتي هذا الكتاب في مرحلة غدا فيها الصراع على السردية التاريخية على أشدّه، بين أصحاب الأرض الأصلانيين وأولئك الغرباء عنها، ممن لفظتهم شعوب الأرض، وهو يأتي في سياق عملية النضال في سبيل تحرير الحقائق التاريخية المتعلقة بتاريخ فلسطين القديم من الروايات التوراتية، والشروع في الخروج من بوتقة "الكتاب المقدس" بوصفه تاريخًا.

يستعرض الكتاب دور العامل العقائدي الديني في المشروع الاستيطاني الصهيوني، وكيفية استخدام السرديات التوراتية والتلمودية لإعادة تسمية وتخيل الجغرافيا الفلسطينية بما يتوافق مع الرواية الصهيونية.

يتألف الكتاب من خمسة فصول، بالإضافة إلى المقدمة والخاتمة والمراجع والفهرس، ويقع في 304 صفحات.

وعبرنة الخريطة الفلسطينية هي عملية تغيير الأسماء العربية الأصلية للمدن والقرى والمعالم الجغرافية في فلسطين إلى أسماء عبرية، وهي جزء من مشروع استعماري استهدف محو الهوية الفلسطينية وإحلال هوية إسرائيلية جديدة. هذا الأمر لم يكن مجرد تغيير أسماء، بل كان إعادة تخيُّل للأرض المقدسة بما يتناسب مع الرواية الصهيونية التي سعت إلى تقديم فلسطين على أنها أرض يهودية تاريخياً، مع تجاهل الوجود الفلسطيني المتجذر فيها.

كيف تمت عبرنة الخريطة الفلسطينية؟

إنشاء لجنة الأسماء (1949): بعد النكبة، شكّلت الحكومة الإسرائيلية "لجنة الأسماء" التي كان هدفها عبرنة المعالم الجغرافية. تم تغيير أسماء القرى والمدن العربية المهجَّرة إلى أسماء عبرية مستوحاة من التوراة أو من المفردات العبرية الحديثة.

محو القرى المهجَّرة: خلال وبعد حرب 1948، دُمّرت مئات القرى الفلسطينية بالكامل، وأُنشئت مستوطنات جديدة بأسماء عبرية مكانها، مثل تغيير اسم قرية "أين غزال" إلى "عين أيالاه"، و"صفورية" إلى "تسيبوري".

إعادة تفسير الأسماء التاريخية: في بعض الحالات، تم تحريف الأسماء العربية لتبدو عبرية، مثل تغيير "المجدل" إلى "أشكلون"، و"يبنة" إلى "يبني"، وذلك لإضفاء طابع توراتي على الجغرافيا الفلسطينية.

عبرنة اللافتات والوثائق الرسمية: في الخمسينيات والستينيات، بدأت إسرائيل بفرض الأسماء العبرية على الخرائط الرسمية، اللافتات، وحتى وثائق الهوية، مما عزّز الطمس التدريجي للأسماء العربية.

إن عبرنة الخريطة الفلسطينية ليست مجرد تغيير في الأسماء، بل هي عملية استعمارية تهدف إلى إعادة تشكيل الهوية المكانية والتاريخية لفلسطين. ومع ذلك، يبقى الوعي الفلسطيني بهذه الأسماء والتاريخ الحقيقي للأرض جزءًا لا يتجزأ من المقاومة الثقافية ضد محاولات الطمس والتهويد.فرض الأسماء العبرية على الفلسطينيين في الداخل: منذ قيام إسرائيل، حاولت فرض الأسماء العبرية حتى على الفلسطينيين الذين بقوا داخل الخط الأخضر، كجزء من سياسات الأسرلة، حيث مُنعت القرى والمدن العربية من استخدام أسمائها الأصلية في الوثائق الرسمية.

الهدف من العبرنة

إلغاء الوجود الفلسطيني: عبرنة الأسماء كانت جزءًا من استراتيجية إنكار الرواية الفلسطينية وإعادة كتابة تاريخ المكان ليبدو وكأنه يهودي الأصل.

تعزيز السيطرة الاستعمارية: تغيير الأسماء عزز الشعور بالسيادة الإسرائيلية على المكان، حيث أصبحت كل الإشارات الجغرافية تدل على الرواية الإسرائيلية بدلاً من الفلسطينية.

ربط الأرض بالنصوص الدينية اليهودية: استعادة أسماء توراتية أو اشتقاق أسماء جديدة من العبرية الحديثة كان يهدف إلى تقديم فلسطين على أنها "أرض الميعاد" الخاصة باليهود، مما يدعم السردية الصهيونية عالميًا.

النتائج والتحديات

رغم مرور أكثر من سبعين عامًا على هذه العملية، لا تزال أسماء القرى والبلدات الفلسطينية الأصلية حية في الذاكرة الجماعية الفلسطينية، حيث يواصل اللاجئون وأحفادهم استخدامها في الوثائق والتاريخ الشفوي. كما أن هناك جهوداً أكاديمية وثقافية لإعادة إحياء الأسماء الأصلية من خلال الخرائط التفاعلية والمبادرات المحلية.

وفي المحصلة فإن عبرنة الخريطة الفلسطينية ليست مجرد تغيير في الأسماء، بل هي عملية استعمارية تهدف إلى إعادة تشكيل الهوية المكانية والتاريخية لفلسطين. ومع ذلك، يبقى الوعي الفلسطيني بهذه الأسماء والتاريخ الحقيقي للأرض جزءًا لا يتجزأ من المقاومة الثقافية ضد محاولات الطمس والتهويد.

أحمد الدبش هو كاتب وباحث فلسطيني متخصص في التاريخ القديم، أثارت أبحاثه في تفكيك التاريخ التوراتي العديد من النقاشات. له عدة مؤلفات في التاريخ القديم وجغرافية الكتاب المقدس، من أبرزها: فلسطين: أربعة آلاف عام في التاريخ"، "اليمن: الحضارة والإنسان"، "فلسطين: من هنا بدأت الحضارة".

تتميز أعمال الدبش بتركيزها على نقد السرديات التوراتية المرتبطة بفلسطين، وتقديم رؤى تاريخية تستند إلى الأدلة الأثرية والمصادر التاريخية.

مقالات مشابهة

  • بكين ترفض تأكيد زعم ترامب إجراء محادثة هاتفية مع شي
  • تخيُّل الأرض المقدسة: كيف تمت عبرنة الخريطة الفلسطينية؟ كتاب جديد
  • بكين تستهدف إضافة 1000 شركة متخصصة في الابتكار خلال 2025
  • أردوغان: على إسرائيل وحدها دفع فاتورة إعادة إعمار غزة
  • هل تؤثر السمنة على الذكاء؟ دراسة حديثة تكشف العلاقة المثيرة للجدل
  • روسيا: سلطات كييف «تتفاخر» بالأعمال الإرهابية التي تنفذها
  • تحدٍ كبير للبلاد.. لماذا انخفض عدد من الزيجات في الصين إلى مستوى قياسي؟
  • بو عاصي: وحدها الكرامة الوطنية تحمي السيادة في وجه اي محتل
  • أبرز تصريحات الإعلامي شريف مدكور المثيرة للجدل.. «لا يوجد عذاب قبر»
  • روسيا: القضاء على معظم القوات الأوكرانية التي دخلت كورسك في أغسطس