فتاوى وأحكام

هل الكفاءة المالية شرط لقبول العريس؟.. على جمعة يجيب
حكم عدم زيارة الأقارب وصلة الرحم للذين يصعب زيارتهم ؟
هل الاستعجال في الصلاة يبطلها ؟
الإفتاء: من ماتت أثناء الولادة فهي شهيدة
هل يجوز الاقتراض من البنك لإتمام الزواج.. الإفتاء ترد

 

نشر موقع “صدى البلد”، خلال الساعات الماضية، عددا من الفتاوى الدينية المهمة التي تشغل الأذهان وتهم كل مسلم في حياته اليومية، نرصدها في تقرير عن فتاوى تشغل الأذهان.

فى البداية .. أجاب الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو كبار هيئة العلماء، عن سؤال ورد اليه مضمونة: "هل الكفاءة المالية شرط لقبول العريس؟".

ورد “جمعة”، ساردا تجربته في الزواج التي استمرت أكثر من 41 عامًا ورأى خلالها حالات كثيرة، قائلًا: إن هذه التجربة الإنسانية لها قيمة، ناصحًا الأبناء بأن ما رآه هو وغيره هو سنة الله في كونه، فليس شرطًا أن يكون الزوج غنيًا لأن الأموال تذهب في علاج أو في مخاطرة بسيطة أو في الأزمات والكوارث لكن المعدن لا يذهب. 

وأشار جمعة الى اننا إذا اخدناهم فقراء اغناهم الله"، والمطلوب في الزوج ليس فقط الغنى، ولكن أيضًا الإمكانية، "واحد معاه شهادته وكفاءته وفي وظيفة جيدة وهو ذكي وواعد"، فهذه الأمور هي التي تؤثر تأثيرًا حقيقيًا.

وتابع قائلا: "اللي هيشيل البنت في عنيه ويريحها ويحسسها بالحنان والامان هو من نبحث عنه بغض النظر عن الجانب المادي" .

أجاب الشيخ محمود شلبي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليه خلال البث المباشر لصفحة دار الإفتاء مضمونه: "هل علي إثم فى عدم صلة الرحم كثيرًا لأنى لا أقيم فى بلدى وأقاربي يقيمون فى بلد آخرى؟".

وأضاف شلبي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء ، أن صلة الرحم ليس لها شكل معين، فقد تكون بالتزاور وبالسؤال بالهاتف فكل هذا من صور صلة الرحم واتقى الله ما استطعت ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.

قال الشيخ عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن صلة الأرحام واجبة شرعًا وهي إحدى صفات أهل الجنة، كما في قوله تعالى: «الَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَل».

وأضاف الشيخ عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء، خلال فتوى مسجلة له، فى إجابته عن سؤال يقول صاحبه "فيمن تجب صلة الرحم؟ وهل لصلة الرحم أفعال محددة؟"، أن صلة الرحم هى جميع أفعال الخير من التصدق عليهم ووصلهم والوقوف بجانبهم عند المشكلات والإحسان إليهم والكلام الطيب والحفاظ على سيرتهم وسمعتهم.

وأشار الشيخ عمرو الورداني إلى أنه لا يجوز قطيعة الرحم منعا للمشاكل، ولكن يجوز تقليل الزيارات للشخص المتسبب في ذلك، أو يجوز إطالة المدة بين الزيارات، أو تقليل المكالمات الهاتفية، لكن القطيعة نهائيًا لا تجوز شرعًا.

وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن صلة الرحم تحتاج إلى عدم الخصام والقطيعة وعدم الإيذاء وتمني الخير للغير.

هل الاستعجال في الصلاة يبطلها ؟.. أكدت دار الإفتاء المصرية، أنه إذا لم يتحقق ركن الطمأنينة بطلت الصلاة، ولو كانت فرضًا وجبت إعادتها.

وقالت دار الإفتاء المصرية رد على سؤال “حكم التسرع فى الصلاة ؟”: إن الاطمئنان فى الصلاة فى الركوع وفى الرفع منه وفى السجدتين وما بينهما فرض وركن، ومن دونه تبطل الصلاة وكأنها لم تكن.

واستشهدت بحديث النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِذَا أَحْسَنَ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ فَأَتَمَّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا قَالَتِ الصَّلَاةُ: حَفِظَكَ اللهُ كَمَا حَفِظْتَنِي، فَتُرْفَعُ، وَإِذَا أَسَاءَ الصَّلَاةَ فَلَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا قَالَتِ الصَّلَاةُ: ضَيَّعَكَ اللهُ كَمَا ضَيَّعْتَنِي، فَتُلَفُّ كَمَا يُلَفُّ الثَّوْبُ الْخَلَقُ فَيُضْرَبُ بِهَا وَجْهُهُ» أخرجه أبو داود الطيالسى فى "مسنده".

واشارت إلى أن العلماء يقولون إن الاطمئنان هو: استقرار الأعضاء والسكون قليلًا بعد الرفع من الركوع وقبل السجود، وأيضًا بعد الرفع من السجود وقبل السجدة الثانية، ولا بد أن يطمئن المصلى فى ركوعه وسجوده زمنًا يتسع لقوله: سبحان ربى العظيم فى الركوع، أو سبحان ربى الأعلى فى السجود مرة واحدة على الأقل، وإن كانت السنة أن يسبح ثلاثًا على الأقل.

أجابت دار الافتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها مضمونة:" إذا ماتت المرأة الحامل عند الولادة؛ فما حكم غُسلها والصلاة عليها؟". 

لترد دار الإفتاء موضحة، ان فقهاء المذاهب الأربعة اتفقوا على أن المرأة الحامل إذا ماتت في الولادة تُغسَّل ويصلَّى عليها؛ لما رواه الإمامان البخاري واللفظ له، ومسلمٌ في "صحيحيهما" عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: "صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ عَلَيْهَا وَسَطَهَا". 

وأشارت دار الإفتاء، لها حكم الشهداء في الآخرة وثوابهم فضلًا من الله ورحمة.

ورد في السنة النبوية أن المرأة التي تموت أثناء الولادة لها أجر شهيد، كما في قول النبي-صلى الله عليه وسلم- الذى روى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ لِلْمَرْأَةِ فِي حَمْلِهَا إِلَى وَضْعِهَا إِلَى فِصَالِهَا مِنَ الأَجْرِ كَالْمُتَشَحِّطِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ هَلَكَتْ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَلَهَا أَجْرُ شَهِيدٍ».

وأوضح العلماء والمحدثين أن هذا الحديث ورد في مسند عبد بن حميد وكتاب العيال لابن أبي الدنيا وأحكام النساء لابن الجوزي عن ابن عمر مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حسن هذا الحديث بعض أهل العلم، مضيفين أن للمرأة أجرا كبيرا في تحملها مشاق الحمل والولادة والتربية فجعلها في مرتبة وأجر الشهيد، الذي يتخبَّط ويتمرَّغ في دمه؛ لأنها فى هذا الوقت بتخدم النوع بتكثير المسلمين.

وأوضح العلماء والمحدثون فى شرح هذا الحديث أن الذنوب التى تكفر بألم الولادة والوضع هى الصغائر وليست الكبائر على ما ذهب إليه الكثير من العلماء، لأن الذنوب الكبائر لا بد لها من توبة خاصة بها.

قال الشيخ محمود شلبي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه يجوز الحصول على قرض بزيادة؛ بشرط أن يكون لحاجة ضرورية.

وأضاف شلبي، فى إجابته، عن سؤال ورد اليه، مضمونه: (ما حكم الاقتراض للزواج والعفة ؟)، أن الأصل فى القرض أنه قرض بفائدة وليس تمويلا لمشروع، فالأصل فى القرض أنه لا يصح إلا إذا كانت هناك ضرورة أو حاجة ملحة مثل السكن أو علاج أو غيرها، فهذه حالات حرجة وتنزل منزلة الضرورة، فمن الممكن فى هذه الحالات أن نأخذ قرضا، ولكن نأخذ على قدر احتياجنا فقط، وذلك لقوله- تعالى-: “فمن اضطر غير باغ ولا عاد”، ولذلك قال الفقهاء على أن الضرورة تقدر بقدرها.

كان الشيخ محمد عبدالسميع، مدير إدارة الفروع الفقهية بدار الإفتاء، إن المال لا تجب فيه الزكاة إلا إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول وهناك شرط آخر قال به بعض الفقهاء وهو ما اعتمدته دار الإفتاء المصرية وهو أن المال المدخر للحاجات الأصلية لا زكاة فيه كالمسكن والمأكل والمشرب والملبس.

وأضاف عبدالسميع، في فتوى له ردا على سؤال: ( عملت جمعية حتى أزوج أبنائي فهل هذا المال عليه زكاة؟)، أن الزواج يلحق بهذا الأمر، فإذا كان المال مدخر لأجل الزواج فى حدود المعروف فإنه لا زكاة فيه بناء على هذا الرأى فإن كان المال المدخر للزواج بلغ النصاب وحال عليه الحول ولم يتجاوز الحد الذي يغطي نفقات الزواج.

وأشار الى أنه إذا كان الابن أو البنت على مقربة من الزواج أي يجهزونهم فليس على هذا المال زكاة أما إذا كان لديهم وت على زواجهم ففى هذه الحالة يزكى من هذا المال.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: هل يجوز الاقتراض من البنك لإتمام الزواج هل الاستعجال في الصلاة يبطلها الفتوى بدار الإفتاء دار الإفتاء المصریة ى الله ع إذا کان

إقرأ أيضاً:

فتاوى

• بعض المحلات التجارية الكبيرة كمحلات الأثاث تفتح خدمة الدفع بالتقسيط، للذين معهم حساب في مصرف البنك الإسلامي، وتقوم بإجراءات البيع والتقسيط داخل المحل دون الحاجة لذهاب الزبون إلى البنك الإسلامي من أجل الإسراع في المعاملة، هل يصح مثل هذا التعاقد؟

الأصل أن المعاملات المالية المقدمة من المصارف الإسلامية عندنا في سلطنة عمان موافقة للشريعة، وذلك بسبب النظام التشريعي الذي تعمل به هذه المصارف الإسلامية ونظام الحوكمة الذي تخضع له، فالأصل في المعاملات المقدمة من المصارف الإسلامية عندنا الصحة، إلا إذا وُجدت ريبة، فحينئذ يُسأل عن محل هذه الريبة وعن سبب الاستشكال في أي جزء من المعاملة، حيث يرى المتعامل أن هناك ما يدعوه إلى الارتياب.

هذا من باب التقعيد، كيف يمكن لنا أن نُكيف هذه المعاملة؟ إذ لم يُذكر هو التفاصيل، والظاهر أنها معاملة مرابحة، فهذا البائع اتفق مع المصرف الإسلامي أنه في حالة رغبة أحد ما أن يشتري سلعة وكان يريد أن يشتريها بالتقسيط، فإن المصرف الإسلامي يمول مرابحة، ويكون المصرف قد فوض البائع في إتمام هذه المعاملة بالشراء له هو، أي للمصرف أولًا، أن يشتري المصرف، وإن كان ذلك من خلال المتمول أو المشتري، وكيلا عن المصرف، ثم تؤول الملكية بعد ذلك للمتمول نفسه.

ملكية المبيع (السلعة) غالبًا في المنقولات تكون على جهة المرابحة، فالمصرف يشتري نقدًا من البائع، ثم يبيع السلعة بنسبة المرابحة للمتمول أو راغب الشراء، ويدفع هذا على أقساط، وهذا لا إشكال فيه، فالمعاملة بناءً على هذا تكون صحيحة.

ولا يُعترض على هذا أن تملّك المصرف كان تملّكًا لحظيًا، إذ لا يُشترط أن تطول مدة تملك المشتري الأول قبل أن يبيعها للآخر، واليوم نحن نعلم أن الوسائل الحديثة تعين على إنجاز معاملات مالية كبيرة في "ضغطة زر" كما يُقال، فهذا أيضًا ليس بوجه اعتراض،

فتكييف المعاملة -فيما يظهر- هو من هذا الباب، وحكمها هو الذي تقدم، والله تعالى أعلم.

• في قوله تعالى: "أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ" لماذا جاء الفعل "يقول" منصوبًا، وما أثره على معنى الآية؟

والحقيقة أن هذه هي قراءة الجمهور، كل القراء قرأوا الفعل "يقول" بالنصب إلا نافعًا، نافع قرأ بالرفع، قال: "حتى يقول الرسول"، وسنأتي إلى توجيه هذه القراءة، وأكثر القراء ما عدا نافعا كما تقدم، إنما قالوا بالنصب لأن الفعل هنا منصوب عند البصريين بأن المضمرة، بعد "حتى"، وعند الكوفيين لم يقدروا أن المضمر هنا، البصريون يقولون: "حتى أن يقول الرسول" وحتى هذه أولاً يعني لنبين الفارق بين القراءتين، "حتى يقول الرسول"، الآن وجه النصب هو موافق لما عليه الجمهور، وجه النصب، وهي قراءة الجمهور، وهي أيضًا وجه صحيح شهير في "حتى"، أي أن تنصب الفعل بعدها، أن تنصب الفعل المضارع بعدها، ولكن هناك حالات يرتفع فيها الفعل بعد "حتى"، يرتفع فيها الفعل بعد "حتى"، وهذا في هذه الآية الكريمة على قراءة نافع "حتى يقول الرسول" والذين آمنوا معه: "متى نصر الله"، فإن دخل إن كان ما بعد "حتى" يدل على الاستقبال، فحقه النصب، إذا كان ما بعد "حتى" الفعل الذي يأتي بعد "حتى" يدل على الاستقبال، فحق هذا الفعل النصب.

وإذا كان الفعل بعدها يدل على حدث حالي حاضر، فإن حقه الرفع، وفي الصورتين، هناك أحوال يجب فيها النصب، وأحوال يجب فيها الرفع، وأحوال يجوز فيها النصب، وأحوال يجوز فيها الرفع في الحالتين، بمعنى إذا كان الاستقبال حقيقيًا، إذا كان الزمن المستقبل حقيقيًا، باعتبار زمن ما يأتي بعد "حتى" بالنظر إلى زمن التكلم، هو زمن المستقبل، لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى، هنا يصرحون بأنهم لا يبرحون عاكفين على ما اتخذوه من عجل حتى يرجع إليهم موسى عليه السلام، أي إلى أن يرجع إليهم موسى، الزمن هنا حقيقي، ولكن قد يكون الزمن الاستقبال فيه باعتبار الحدث، لننظر في هذه الآية الكريمة من سورة البقرة التي يسأل عنها السائل: "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتيكم مثل الذين خلوا من قبلكم" الآن، الحديث عن من خلَّا قبلنا مستهم البأس، حدث في الماضي مستهم البأس والضراء، وزلزلوا حتى يقول الرسول، هذا ليس بزمن حقيقي، ليس باستقبال حقيقي، لأن الحدث كله كان في الماضي، فإذا كان الحدث في الماضي، فالاستقبال هنا باعتبار ما كان قبل "حتى" ما أصابهم من بأساء وضراء، والزلزلة بالنظر إلى قولهم ذلك الحدث متأخر، وما جاء للحديث عن قول الرسول والمؤمنين هو المتأخر، ولذلك هنا جاز أن ينصب، إذن فالنصب هنا ليس واجبًا، وإنما هو وجه من الوجوه، كما جاز أن يرفع، فيرفع الفعل بعد "حتى" إذا كان دالا على الحال، على الوقت الحاضر.

في العربية يضربون مثلًا يقولون: "سرت حتى أدخل القرية"، بمعنى أنه يدخل لحظتها تلك حينما يتكلم هو يدخل القرية، لو قال: "سرت حتى أدخلها"، فهذا يعني أنه سائر، ولما يدخلها بعد، لكن "سرت حتى أدخل القرية"، فهذا يعني أنه يدخلها، أو أنه دخلها في تلك اللحظة، فإذا نظرنا إلى هذا الحدث في هذه الآية الكريمة، فإن الحدث كله كان في الماضي، وإنما هذا القول جاء متأخرًا عما تقدمه فقط، وإلا فالحدث كله حدث في الماضي، ولذلك جاز أن ينصب الفعل.

وقيل، وهذا القول ذهب إليه ابن عاشور، وهو يتخرج على أن يكون على قراءة نافع، أن يكون الرفع واجبًا، إذا نظر إلى المخاطب وهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن هذه الآية تتحدث عن أمم سابقة، وفيها عبرة وعظة للمخاطبين لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين معه، لكن هذا القول لم يصدر منه بعد عليه الصلاة والسلام، فإذا نظر إلى أن الرسول هنا يقصد به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهذا يعني أنه مستقبل حقيقي، ولكن بالنظر إلى أنه من باب الحكاية لا من حيث الحدث الحقيقي، أنه من حيث الحكاية، فهنا يكون الرفع أيضًا، ولذلك فالآية بالقراءتين تتسع لهذه الوجوه كلها أن يكون القول لم يحصل بعد، إما على جهة الحقيقة، أو على جهة الحكاية، وفي حالة الحكاية أن يكون هذا مقصودًا به الأمم السابقة، أي رسل الأنبياء المتحدث عنهم أو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلأن هذا الوضع ليس هو باستقبال حقيقي، وإنما هو حال يعني اعتباري فالـ"حال" الاعتبارية سوغت الرفع.

من باب الإضافة التي لا بد منها لأجل أن نفهم، توجيه حتى في هذه الآية الكريمة، حتى من حيث، من حيث الوجوه الإعرابية التي تأتي عليها، تأتي عاطفة، وهذا هو الأكثر فيها، وفي هذه الحالة، يعني تدل على ما تدل عليه "إلى"، أو كما يقول النحاة، مرادفة لـ "إلى" كما في قوله تعالى: لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى، أي إلى أن يرجع إلينا موسى، إذن تأتي عاطفة؟ نعم، مثل ذلك في قوله تعالى: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة، أي لكي لا تكون فتنة، سنأتي إلى معانيها الآن.

وجوه الإعراب التي ذكرناها، قلنا إنها تأتي عاطفة، يمكن أن تكون "إلى" جارة بمعنى حرف الجر "إلى"، وأن تكون عاطفة، وأن تكون ابتدائية، استشهد لها ابن هشام بهذه الآية الكريمة من سورة البقرة على قراءة الرفع، فيكون توجيه الكلام كالتالي: "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقولوا الرسولُ لسنا به"، ويرى ابن مالك هنا أن "حتى" جارة، ولكن ابن هشام يرى أن هذا مخالف لما عليه الجمهور، فـ "حتى" هنا ابتدائية والجملة بعدها مستأنفة.

فالحاصل أن لهذه ثلاثة وجوه إعرابية تأتي عليها، وهذه الوجوه الإعرابية لها معانٍ، أي "حتى" تأتي على ثلاثة معانٍ: المعنى الأول هو معنى "إلى" الغائية كما في قوله: حتى يرجع إلينا موسى، المعنى الثاني هو معنى التعليم كما في قوله: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة، والمعنى الثالث هو معنى الاستثناء كما في قوله: لا أفعل حتى تفعل، أي إلا أن تفعل، وعد من هذا الباب، كما قال بعض المفسرين أو بعض علماء اللغة، من هذا الباب قول الله تعالى: (وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر).

وفي التعليل أيضًا ذكروا مثالًا، وهو قول الله تعالى: فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله، هذه فيها وجهان: قيل بأنها للتعليم، أي قاتلوا التي تبغي لكي تفيء إلى أمر الله، وقيل بأنها بمعنى إلغاء الغاية، أي إلى أن تفيء، أي إلى أمر الله، وهذا أيضًا دليل على اتساع المعاني، ولهذا استعملت "حتى" في هذه السياقات لتتسع لكل هذه المعاني، إذ يتبين أن هذه المعاني صحيحة ومقبولة، وأن القول يتجه إليها، ولذلك قال بها عدد من المفسرين، ويصعب الاعتراض، يمكن أن يترجح قول على آخر بناء على قواعد اللغة والسياق القرآني، ولكن يبقى أن القول المرجوح مقبول، ليس ببعيد أو متعثر، فيتجه القول إلى أنه لا حاجة إلى الترجيح، لأن معاني القرآن الكريم تتسع، لأن ألفاظ القرآن الكريم تتسع لكل هذه المعاني، وهي فيما يظهر مقصودة، والله تعالى أعلم.

مقالات مشابهة

  • فتاوى
  • متى يجوز الصلاة بالحذاء.. المفتي السابق يحسم الجدل
  • هل يجوز جمع المغرب والعشاء بدون عذر؟.. أمين الفتوى يوضح
  • الإفتاء: لا إثم على منع الصدقة عن المتسولين في الشارع
  • لماذا نستغفر بعد الصلاة؟.. دار الإفتاء توضح السبب
  • هل المصافحة بعد انتهاء الصلاة بين المصلين بدعة؟.. الإفتاء توضح
  • حكم من يترك الصلاة بسبب عدم قدرته على الحركة.. الإفتاء تكشف حالتين
  • استيقظت بعد شروق الشمس هل أصلي الصبح أولًا أم سنة الفجر؟.. الأزهر يوضح
  • هل التوبة تغني عن قضاء الصلاة الفائتة؟ ..الإفتاء تحسم الجدل
  • هل يشترط ترديد الأذكار بعد الصلاة بالترتيب .. المفتي الأسبق يوضح