يُعدُّ الوقف الخيري منظومة متكاملة لخدمة المُجتمع، وتحقيق التكافل الاجتماعي بَيْنَ النَّاس، وتتَّسم هذه المنظومة بالمرونة، وتعطي فرصة كبيرة للإبداع في تنويع مجالات الوقف الخيري لسدِّ احتياجات المُجتمع. ويُقصد بمجالات الوقف الخيري، المجال الذي يخدم النَّاس، أو بمعنى آخر فئة الموقوف عليهم، كالوقف على تعليم الشَّباب، والوقف على علاج المرض، والوقف على تأهيل المعوّقين، والوقف على رعاية المُسنِّين، وغيرها من مجالات خدمة المُجتمع.
ويُعدُّ الوقف الخيري أحد أساليب التأمين الاجتماعي، حيث يتمُّ سدُّ حاجة الفرد من أموال الأوقاف الخيريَّة عِند عجزه أو عِند الحاجة، وسواء كانت هذه الحاجة نتيجة فقر، أو هي الحاجة للدعم والمساندة للتنمية والتطوير كالدَّعم والمساندة للتعليم، أو لتطوير حِرفة معيَّنة بشراء أدوات وأجهزة الحِرفة.
وعِندما تتصفح تاريخ الوقف الخيري في العصور الإسلاميَّة، ترى أنَّ المُسلِمين أبدعوا في فتح أبواب لمجالات جديدة في الوقف، مِثل: الوقف على رعاية خيول الحرب الهرمة، والوقف على تعديل الطُّرقات والأزقة، وتجميلها، والوقف على تعويض المُسلِم عن ما يخسر من أموال نتيجة حريق أو تهدُّم الدار أو غرق البساتين، أو نضوب آبار المياه في المزارع، وتظلُّ المُجتمعات الإسلاميَّة تبتدع مجالات جديدة للوقف الخيري بحسب حاجة المُجتمع.
لقَدِ استوقفتني قصَّة وقْفٍ لمالٍ رخيص الثَّمن، لكن كان فيه البركة والنَّماء، إنَّها قصَّة (صاحبة القِدر «قدر الجريش» ما كان لها أن تقدرَ بقاء هذا القِدر إلى يومنا هذا لينتفعَ مِنه المحتاجون من الفقراء والمساكين، ويبقى أجر ذلك القِدر لتلك المرأة والتي لَمْ تكُنْ تعْلَم أثَر هذا العمل .
يُنسب القِدر لامرأة في القصيم لمَّا رأت أنَّ النَّاس في حاجة ماسَّة جدًّا أوقفَتْ قِدرًا داخل مسجد وجعلته يَدُور بَيْنَ النَّاس، كُلُّ مَن يحتاج القِدر أخذَه وصنع به طعامه ثمَّ ردَّه مكانه في المسجد، وبقِيَ في النَّاس زمانًا حتَّى أغنى الله النَّاس فلَمْ يكُنْ له حاجة فأُخِذَ هذا القِدر وبِيعَ في مزادٍ علني واشتراه أحدُ الأثرياء) بمبلغ كبير من المال، وظلَّ ينمو هذا المبلغ من المال ليتحوَّلَ إلى أوقاف تدرُّ بالخير على الفقراء.
ما يستوقفني في هذه القصَّة أنَّه على الرغم من أنَّ المرأة أوقفَتْ أحدَ الأشياء البسيطة في بيتها، إلَّا أنَّ النَّاس بحاجة لها، فهم لا يستخدمون هذا النَّوع من القُدور بشكلٍ يومي، لذا لا يحتاجون لشراء قِدر، بل يكتفون باستعارته من المسجد عِند الحاجة. والواقع أنَّنا كثيرًا ما نضطرُّ لشراء أشياء لا نستخدمها بشكلٍ يومي، وربَّما لا يستخدمونها إلَّا نادرًا فنُودِعها في مخزن المنزل بلا فائدة. لذا فإنَّها فكرة إبداعيَّة أن تُوقفَ مِثل هذه الاحتياجات التي نادرًا ما يحتاجها النَّاس في منازلهم ليستعيروها عِند الحاجة فقط، ثمَّ ترجع إلى المكان الذي أؤتمن فيه الوقف. وتأمَّل معي في هذه القصَّة أنَّ المرأة أودعته في المسجد، وهو مكان عامٌّ يُمكِن أن يصلَ إليه جميع النَّاس بسهولة، لِيستفيدَ من هذا القِدر. كما أنَّ هناك مَن سيتولَّى الإشراف على إدارة هذا الوقف وهم القائمون على المسجد.
والشيء بالشيء يُذْكر، حيث نذكر مجالًا من مجالات الأوقاف شاع في القرن العاشر الهجري، وهو وقف الأواني أو الزبادي، فإذا ما كسَر المملوك أو العامل الإناء واضطرَّ لتعويض ربِّ العمل، فيأخذ من مخازن مخصَّصة لهذا الغرض تُودَع فيها أوانٍ موقوفة لتعويض الأواني التي يكسرها الخَدَم.
وهذا ما أردتُ أن أصلَ إليه وهو إحياء فكرة إنشاء مخازن تُوقَف فيها أدوات وأشياء قَدْ تكُونُ رخيصة الثَّمن، ولكن يحتاجها النَّاس، ربَّما لفترة مُحدَّدة أو لا تُستخدم إلَّا في المناسبات، وأقصد لا يحتاجها النَّاس بشكلٍ يومي، فما أحوج المُجتمعات لمخازن كبيرة تُودِع النَّاس فيها أوقافها فيقسم المحلُّ إلى أقسام حسب نَوْع الموقوف نَذْكُر مِنها على سبيل المثال: وقف الأجهزة المُعِينة للمعوّقين والمُسنِّين أو للمصابين بالكسور، فتوقَف فيها العكَّازات، والكراسي المتحرِّكة والأسرَّة الطبيَّة، حيث يحتاج النَّاس لمِثل هذه الأجهزة لفترة مؤقَّتة، لا سِيَّما للمصابين بالكسور، وربَّما للمُسنِّين أو المعوّقين لحين ما يتمُّ شراء الأجهزة الدَّائمة لهُمْ.
وقِسم آخر تُودَع فيه ملابس وباقي احتياجات حفلات الزواج مِثل: ملابس العروس، وحليِّها، وملابس العريس، وملابس أقارب العروسيْنِ. وقِسم آخر للأواني اللازمة للحفلات كالقُدور الكبيرة للطبخ في المناسبات، وأواني التقديم الخاصَّة بالمناسبات، وأجهزة الإضاءة، وغيرها.
وقِسم لأدوات المِهن وصيانة المنزل مِثل مكائن الخياطة، وأدوات صيانة الحدائق، مِثل المقص الكبير الحجم، والمنجل، وآلات الزراعة مِثل المحراث، وآلة بذر البذور، وغيرها من آلات الزراعة التي يحتاجها النَّاس بشكلٍ موسمي، وكذلك الأدوات التي يحتاجها النَّاس لصيانة المنزل بشكلِ غير مستمرٍّ مِثل: المنشار، والمطرقة، والمِبرد، المرفاع، والسلالم الطويلة جدًّا التي تستخدم للوصول لسقف المنزل لتنظيفه أو إصلاح المصابيح فيه، وغيرها.
ولك أن تسمِّيَ ما شئت من الأقسام بحسب احتياجات النَّاس، سواء في منازلهم أو في مكان عملهم. إنَّ هذا النَّوع من المخازن الوقفيَّة يفتح بابًا جديدًا للوقف الخيري، فهو يُعطي الفرص لمحدودي الدخل أن يوقفوا أموالًا بسيطة، فبذلك نفتح بابًا من أبواب فعل الخير… ودُمْتُم سالمين.
نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري
najanahi@gmail.com
Najwa.janahi@
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الوقف على الم جتمع
إقرأ أيضاً:
برعاية منصور بن زايد.. «الشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة» تطلق فعاليات مؤتمر الوقف والمجتمع
إبراهيم سليم (أبوظبي)
برعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، وبحضور معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، انطلقت، أمس، فعاليات مؤتمر الوقف والمجتمع، الذي تنظمه الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة تحت شعار: «يداً بيدٍ نحو تنميةٍ وقفيةٍ مستدامة» في فندق إرث بأبوظبي، سعياً إلى استكشاف أبعاد علمية، وطرح حلول عملية، لتحقيق أعلى المعايير التنموية والأهداف المستدامة في مجالات الوقف وفروعه، بما يساير العصر وتطوراته المتسارعة.
كما حضر الافتتاح معالي الشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، رئيس منتدى أبوظبي للسلم، ومعالي الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، ومعالي الدكتور سلطان بن سيف النيادي، وزير دولة لشؤون الشباب، وبمشاركة العلماء ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، والمسؤولين في مؤسسات الوقف بدول مجلس التعاون الخليجي، وأصحاب الاختصاص في شؤون الوقف بالدولة.
وافتتح المؤتمر معالي الشيخ نهيان بن مبارك بكلمة قال فيها: «يسرني أن أكون معكم الليلة في هذا المؤتمر، الذي تنظمه الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، برعاية كريمة من الأخ سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، لمناقشة موضوع مهم، يمس جوانب الحياة، في المجتمعات المسلمة، ويسهم في تنمية قدرات هذه المجتمعات، على التعامل الفعال، مع الوقف والعمل الخيري، باعتبارها أساليب مهمة، للوفاء بالاحتياجات والمتطلبات الإنسانية والمجتمعية، بل وكذلك باعتبارها تجسيداً لمبادئ التكافل والتراحم والإخاء والتعاون في سبيل بناء مجتمعات إسلامية ناجحة ومتضامنة».
العمل المثمر
وقال معاليه «أرحب -بصفة خاصة- بضيوف صاحب السمو رئيس الدولة، في مؤتمرهم هذا، وبين إخوانهم وأشقائهم، في دولة الإمارات العربية المتحدة، مؤكداً لهم أن وجودهم بيننا في هذا الشهر المبارك، شهر الرحمة والعطاء والتكافل، إنما هو إثراء للحياة في هذه الدولة المباركة، وانعكاس أمين وصادق لكل ما يدعو إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، أعزه الله، من تحقيق وحدة الفكر، والعمل المثمر، بين أفراد ومؤسسات الأمة، في إطار من الاعتزاز بتعاليم الإسلام السمحة، والتمكين لقيمه السامية، والترسيخ لمبادئه العليا، بل وكذلك ما يؤكد عليه سموه دائماً من أهمية تعميق دور المسلمين في مسيرة البشرية، وحرص سموه الواضح على أن يكون الوقف والعمل الإنساني بشكل عام مجالاً مهماً لتنمية دور الأفراد ومؤسسات المجتمع في جهود التنمية والبناء كافة، سواء في ذلك دورهم في جهود التعليم أو الصحة أو الرعاية الاجتماعية أو الاقتصاد والبيئة، أو في مجالات الثقافة والفنون، أو برامج الطفولة والشباب، أو في الرياضة والتراث، بالإضافة إلى جهودهم في سبيل إعلاء كلمة الدين، وكل ما ينفع الإسلام والمسلمين، رافعاً إلى سموه عظيم الشكر، وفائق الاحترام والتقدير، لقاء ما يقدمه لوطنه وشعبه وأمته، على طريق العزة والتقدم، والأمان والاستقرار».
تنمية مستدامة
وأكد معاليه أن موضوع هذا المؤتمر، إنما يتراسل تماماً مع احتفالاتنا هذا العام في الإمارات بعام المجتمع، الذي نسعى فيه وبعون الله، وبتوجيهات صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، إلى تعبئة الجهود والوسائل كافة، وتفعيل العمل المشترك بين الأفراد وجميع مؤسسات المجتمع، من أجل الحفاظ على مناخ وطني عام، يحفز على التنمية المستدامة، وتحمل المسؤولية، والإسهام في مسيرة الوطن، قائلاً: «إن موضوع هذا المؤتمر كذلك إنما يتزامن مع المبادرة الكريمة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، بتأسيس (وقف الأب)، الذي يجسد تعاليم الإسلام الحنيف، في بر الوالدين، وترسيخ قيم البذل والعطاء، والإسهام الإيجابي، في تحقيق الخير والرخاء، للبشر أجمعين».
الكفاءة والفاعلية للوقف
وقال معاليه: إنني أيها الإخوة والأخوات، إذ أرحب بكم جميعاً في هذا المؤتمر، الذي يتناول بالبحث والمناقشة سبل تحقيق الكفاءة والفاعلية في الوقف ودوره في تنمية المجتمع، فإنما أنطلق في ذلك من اعتبارات عدة، أوجزها أمامكم فيما يلي:
أولاً: إن دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالفعل هي الآن نموذج يحتذى به في مجالات الوقف والعمل الخيري - نحن ولله الحمد دولة تلتزم بمبادئ العطاء الإنساني، والتكافل المجتمعي، تلك المبادئ التي أرسى دعائمها مؤسس الإمارات العظيم المغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه - كما أن هذه المبادئ أيضاً هي انعكاس أمين وصادق لكل ما يدعو إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان من ضرورة أن يقوم الأفراد ومؤسسات المجتمع كافة بدور نشط في مسيرة الوطن، وأن يكونوا جميعاً شركاء فاعلين في تحقيق التنمية الشاملة في كافة أرجائه وربوعه.
ثانياً: إن الوقف والعطاء الإنساني والمجتمعي هو صدقة جارية وجزء مهم من تراثنا العربي والإسلامي - الوقف في التاريخ الإسلامي هو العطاء المرموق، والتعبير عن بلوغ الواقف غاية الكرم، وسماحة النفس، والحرص على التعاون والتعاطف، مع البشر في كل مكان.
ثالثاً: إن مواجهة مشكلات المجتمع في هذا العصر إنما تحتاج إلى تعاون وعمل مشترك بين الحكومات والشركات والأفراد، وكافة مؤسسات المجتمع - هناك الآن إدراك متنامٍ بأن مشكلات الفقر والتعليم والصحة والتغذية وتغيرات المناخ هي مجالات خصبة للإسهامات الإيجابية للجميع.
رابعاً: إننا في بلادنا العربية والإسلامية، قد حققنا بعون الله إنجازات مهمة في تأكيد مبادئ العطاء والتكافل، وإرساء دور الوقف في مسيرة المجتمع، إلا أنه مازال أمامنا الكثير مما يمكن استحضاره وعمله.
استدامة
ثم قدم معالي بن بيه كلمة أكد فيها أن الوقف مؤسسة عظيمة تتجلى فيها حكمة هذه الشريعة الربانية الخالدة في ترسيخ أسس التعاون بين أفراد المجتمع ورعاية أهل الخصاصة والفاقة حتى قبل أن يوجدوا، فهي في الدنيا رصيد للأجيال القادمة، وللواقفين صدقة جارية يجرى عليهم أجرها، وتلك هي استدامة النفع، حيث إن من خصائص الوقف ديمومة العين وصرف الريع في مصارف الخير التي حددها الواقف، ولهذا الغرض أحيطت الأوقاف بأحكام كثيرة يمكن اعتبارها حماية وتفعيلاً للوقف وعناية بالموقوف عليهم.
وأشار معاليه إلى أن هذا المؤتمر وأمثاله من الجهود المباركة، ترمي إلى إتاحة الفرصة للأوقاف، لتلج أبواباً من الخير، وتنمية المجتمعات، لا يمكن أن تلجها إلا عن طريق الدخول في غمرة الاستثمارات الحديثة من صناعات ومضاربات وزراعة.
مضيفاً: في سياقاتنا المعاصرة، فإن وزارات وهيئات الأوقاف في كثير من الأقطار الإسلامية أصبحت هي الجهة التي تمثل ولي الأمر في رعاية شؤون الأوقاف؛ ولهذا فإن التعاون بين هيئات الأوقاف والمؤسسات القضائية والجهات الخيرية الواقفة والجهات المنتفعة، سواء كان وقفاً خيرياً أو «وقفاً ذرياً»، يمكن من إعداد برامج الاستثمار المراعية للناحيتين الشرعية والمصلحية، ويحافظ على الموازنة الدقيقة.
دور ريادي
في كلمته، أكد معالي الدكتور عمر الدرعي، رئيس «الهيئة» أن الوقف لا ينبغي أن يقل تأثيره اليوم عن الدور الريادي الذي يجب أن يكون عليه في رؤيته ونظمه ومنظومته، فالمراد من الوقف أن يكون دوماً شريان حياة لقلب المجتمع النابض بالعطاء، يسد احتياجات أبناء المجتمع مسلمين كانوا أو غير مسلمين، قائلاً: «إننا نصوب اهتمام هذا المؤتمر إلى صناعة عقلية وقفية جديدة، من خلال التوعية بدور الوقف والتواصل والوصول إلى جميع أفراد المجتمع، فلا ينبغي أن نفهم من مصطلح الوقف أنه حركة جامدة ساكنة ثابتة، بل هو على العكس تماماً يحتاج إلى وتيرة عمل متسارعة وحيوية، ونشاط مستمر ينبض بالابتكار والتطوير، لا يعرف البيروقراطية ولا الإجراءات الروتينية التقليدية ليحقق عامل الاستدامة».
وأكد الدكتور الدرعي أن دولة الإمارات منذ مؤسسها الشيخ زايد -طيب الله ثراه- الذي سنحيي بعد أيام، بإذن الله، ذكراه في يوم زايد للعمل الإنساني يجب أن نستذكر جهوده الإنسانية، ومنها الوقف الذي كان يوليه أهمية كبرى، وعلى هذا النهج يواصل سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، مسيرة دعم الأوقاف وتطويرها.
معرض وقف الإمارات
قام معالي الشيخ نهيان بن مبارك وأصحاب المعالي بجولة في معرض الوقف المصاحب للملتقى الذي يعرف بتاريخ الوقف في الإمارات عبر الأجنحة المصورة والمنصات الرقمية، ومراحل تطوره ونهضته خلال تاريخ دولة الإمارات، والقوانين المنظمة لشؤون الوقف وتنميته، وجهود الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة ومؤسسات الوقف في الدولة في الارتقاء بالوقف، وقد ضم المعرض بعض الوثائق التاريخية للوقف قبل الاتحاد، وجانباً من غرائب الوقف في التاريخ الإسلامي، وقيمة الوقف الدينية والحضارية والمجتمعية، وجناح الوقف من قيم الاتحاد الذي يعرض صوراً لأبرز الأوقاف الخيرية في عهد الشيخ زايد والقادة المؤسسين في الدولة وخارجها، بالإضافة لأبرز مبادرات الهيئة الوقفية التي تعزز ثقافة الوقف في المجتمع وإنجازاتها الوقفية، والتي من أبرزها «وقف اقرأ»، ومشروع «وقف الإمارات»، ومبادرة «نزرع مسايدنا»، وحقائب الطلاب التعليمية، ومجالس «المبروكة» وعدد من الأنشطة التوعوية والثقافية المخصصة لفئة الطفولة المبكرة وطلاب المدارس، كما شارك في المعرض بعض المؤسسات الوقفية في الدولة، وعرضت مبادراتها عبر منصاتها الرقمية، منها: هيئة الأوقاف وإدارة أموال القصر - أوقاف أبوظبي، ومؤسسة الأوقاف وإدارة أموال القصر في دبي، ودائرة الأوقاف بالشارقة.
حوكمة
قال الدرعي: أضع أمام هذا المؤتمر حوصلة من المخرجات التي أرى أنه يمكن بسط القول فيها في هذا المؤتمر، باستعراض أهم التحديات، ومنها الوعي بالوقف لدى الأجيال الناشئة، وكيفية مساهمة الوقف في الاقتصاد الوطني، والعمل على إنتاج صيغ وأشكال مبتكرة، وتنويع الاستثمارات، وتحقيق الحوكمة والشفافية، والابتعاد عن العشوائية في إدارة الوقف، وحسن استثمار التجارب، وتنويع الشراكات الجادة، والاستفادة من التكنولوجيا والتقنية، والحرص على كسب ثقة المجتمع، وإنعاش البنية التشريعية والفقهية لهذا المرفق المهم، وأملنا أن نرى أوقافنا مزدهرة تؤدي دورها المجتمعي وتؤتي أكلها.
عهد المويجعي
أطلقت «الهيئة» في هذا المؤتمر «ميثاق الوقف.. عهد المويجعي»، استلهاماً لهذا العهد المبارك والإرث الحضاري لدولة الإمارات، وتعزيزاً للتكافل الاجتماعي في عام «المجتمع»، وانطلاقاً من الدور المحوري الذي اضطلعت به الأوقاف عبر مختلف حقب التاريخ.
وعهد المويجعي خلده الشيخ زايد، طيب الله ثراه، باجتماعه مع سكان مدينة العين تحت شجرة أمام قصر المويجعي قبل قرابة الـ60 عاماً، وتعاهدهم لإصلاح نظام السقاية، ولضمان وصول مياه الري للجميع من دون مقابل، ليتجلى هذا الارتباط العميق بين الوقف والمجتمع، في تعزيز جودة الحياة، وتطور مستوى المعيشة، واستدامة موارد الطبيعة.
اتفاقية تعاون
تخلل المؤتمر توقيع اتفاقية تعاون بين الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، ومؤسسة الأوقاف وإدارة أموال القصر في دبي «أوقاف دبي»؛ لتحقيق الأهداف المشتركة، وتنمية الوقف لخدمة المجتمع، وفق رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة.