الخليج الجديد:
2025-01-08@23:07:35 GMT

طلال سلمان ومؤسّسة السفير

تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT

طلال سلمان ومؤسّسة السفير

طلال سلمان ومؤسّسة السفير

خلال 40 عاما من الحروب الكبيرة، والأحداث المهمة التي غيّرت وجه الشرق الأوسط، كانت "السفير" في قلبها، تشهد وتسجل وتتفاعل عن كثب.

شكّلت السفير مدرسة جديدة في الصحافة العربية، ألقت بتأثيرها على جيلٍ كامل من الإعلاميين والإعلام العربي ولم يكن هذا هيّنا، مع سطوة مدارس مهنية بتوجّه محلي قوي.

لا يقف الحديث عن طلال سلمان عند سيرة الصحافي بل هو مناسبةٌ لكلمة حقّ عن مؤسّسة إعلامية كبيرة، نجحت بكل المعايير في مواكبة مرحلةٍ مهمةٍ من عمر لبنان وفلسطين وسورية.

عاش طلال سلمان 4 عقودٍ من الأحداث وواجه مصاعب كبيرة وتعرّض لأكثر من محاولة اغتيال. قد يكون هادن، وأجرى مساومة لكنه، بنهاية المطاف، صحافي، تحتمل مهنته الصواب والخطأ والاختلاف.

ظل طلال سلمان محافظا على استمرار صدور السفير أكثر من أربعة عقود، بمستوىً لائق وأدار التنوّع والاختلاف لتوفير منبر عربي، سياسي وثقافي وحافظ على مهنيةٍ عالية شكّلت مدرسة صحافية عربية.

* * *

لقي رحيل مؤسّس صحيفة السفير ورئيس تحريرها طلال سلمان في الأوساط اللبنانية والفلسطينية السورية عدم اهتمام ملحوظ، مردّه إلى سببين. الأول، حالة من التمحور حول الذات، تقيس حسنات الآخرين وسيئاتهم بميزان، كل من ليس على مواقفنا مائة بالمائة لا يستحقّ منا سوى إدارة الظهر.

وهذا نتاج تربية ذات جذور مديدة في الثقافة السياسية العربية التي لم تتعلم قيمة الاختلاف، ولا تتحلّى بفضيلة الاعتراف بجهد الآخرين، حتى لو كانوا خصوما. السبب الثاني الإحباط العام، على اختلاف المواقع السياسية والثقافية، وهذا حالٌ قاد إلى عزوفٍ عن التفاعل مع التطورات خارج دائرة المحيط المباشر.

ولم تعد الأغلبية تملك ترف التعاطي مع أي حدث، بسبب الكوارث التي حلّت بالمنطقة. وقد يجد المرء مبرّرا لفئاتٍ كثيرة، لكن المُصاب الكبير يجب ألا يمنع الهيئات والمؤسّسات والنخب السياسية والثقافية من رد الفعل تجاه ما يحصل من أحداث وتطوّرات.

لا يقف الحديث عن طلال سلمان عند سيرة الصحافي فقط، بل هو مناسبةٌ لقول كلمة حقّ عن مؤسّسة إعلامية كبيرة، نجحت بكل المعايير في مواكبة مرحلةٍ مهمةٍ من عمر لبنان وفلسطين وسورية، بدأت في منتصف سبعينيات القرن الماضي، وتتواصل، ولم تكن خاتمتها مع إقفال السفير عام 2016، بل واحدة من نتائجها الكارثية.

وبالتالي، نحن إزاء 40 عاما من الحروب الكبيرة، والأحداث المهمة التي غيّرت وجه الشرق الأوسط، وكانت "السفير" في قلبها، تشهد وتسجل وتتفاعل عن كثب.

في أتون الحرب الأهلية اللبنانية، وتدخل النظام السوري في لبنان ضد المقاومة الفلسطينية، والحركة الوطنية اللبنانية، وسقوط مخيم تل الزعتر، ومن ثم اغتيال الزعيم كمال جنبلاط، وبعد ذلك الاجتياح الإسرائيلي لبنان، ودخول بيروت عام 1982، وإخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان.

وبعد ذلك انتخاب بشير الجميّل واغتياله، واتفاق 17 أيار ومعركة إسقاطه، وصولا إلى الحرب العراقية الإيرانية، واجتياح الكويت، وحرب الخليج الأولى، والاحتلال الأميركي للعراق.

ومن ثم الربيع العربي الذي تفاعلت معه الصحيفة بإيجابية، حتى وصلت رياحه إلى سورية، وحينها حاول سلمان أن يوازن موقفه بين النظام والثورة، ولكنه فشل، وربما كان هذا أحد الأسباب التي دفعته إلى قرار إقفال الصحيفة.

في كل مسيرة "السفير"، كان سلمان مهموما بأمرين معا، صناعة صحيفة مهنيّة قادرة على المنافسة في لبنان، وذات حضور في العالم العربي. ومواكبة الأحداث، من موقع التفاعل وتسجيل موقف سياسي، يحافظ على الثوابت التي تشكل قواسم عربية مشتركة من فلسطين، ومقاومة الاحتلال، إلى الديمقراطية والإصلاح.

ولم يكن وحدَه في خوض هذه التجربة، التي قامت على خبرات صحافية متنوّعة، من لبنان، فلسطين، سورية، مصر، الأردن، تونس، العراق، والمغرب ... إلخ.

وما يميز هذا الصحافي أنه ظل محافظا على استمرار صدور الصحيفة أكثر من أربعة عقود، في مستوىً لائق، واستطاع إدارة التنوّع والاختلاف من أجل توفير منبر عربي، سياسي وثقافي، وحافظ على مهنيةٍ عالية، شكّلت مدرسة جديدة في الصحافة العربية، ألقت بتأثيرها على جيلٍ كامل من الإعلاميين ووسائل الإعلام العربية. ولم يكن هذا أمرا هيّنا، في ظل سطوة مدارس مهنية ذات توجّه محلي قوي.

عاش سلمان وسط أربعة عقودٍ من الأحداث، وواجه مصاعب كبيرة، وتعرّض إلى أكثر من محاولة اغتيال. قد يكون هادن، وأجرى مساومة في مكان، لكنه، في نهاية المطاف، صحافي، تحتمل مهنته الصواب والخطأ والاختلاف.

ومن المنطقي أن تكون وفاته مناسبة لتسجيل ما له وما عليه، من خلال تشخيص موضوعي، يعتمد معايير مهنيّة وقيمية تترفّع عن الحسابات الصغيرة والرؤى القصيرة النظر. ولكن من المؤسف أن حال التردّي العام الذي تعيشه المنطقة لا يترك مجالا سوى للنسيان.

*بشير البكر كاتب صحفي وشاعر سوري

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: لبنان فلسطين سورية السفير طلال سلمان المقاومة الفلسطينية الحرب الأهلية الربيع العربي الصحافة العربية طلال سلمان

إقرأ أيضاً:

سلطان القاسمي يفتتح "الشارقة للشعر العربي"

في قصر الثقافة بالشارقة افتتح عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي مساء أمس فعاليات الدورة 21 من مهرجان الشارقة للشعر العربي، التي تقام خلال الفترة من 6 لغاية 12 يناير (كانون الثاني) الحالي، بمشاركة أكثر من 70 شاعراً وشاعرة وناقداً وإعلامياً يمثلون الدول العربية.

واستهل حفل الافتتاح بعرض مصور عنوانه "بيوت الشعر 10 أعوام من العطاء"، تناول أبرز إنجازات بيوت الشعر العربية وإصداراتها المتنوعة، عقب ذلك تم تقديم قراءات شعرية لكل من الشاعر طلال الجنيبي من الإمارات ، والشاعر حسين العبدالله من سوريا، والشاعر طلال الصلتي من  عُمان.
حملت قصيدة الشاعر طلال الجنيبي عنوان "سلطان القاسمي لحن الحياة" كما قدم الشاعر السوري حسين العبدالله قراءة شعرية متنوعة وألقى الشاعر العُماني طلال الصلتي قراءة شعرية بعنوان "سفينة من الطين"؟
وتفضل حاكم الشارقة عقب ذلك بتكريم الشاعرين الفائزين بالنسخة الثالثة عشرة من جائزة الشارقة للشعر العربي، واللذان ساهما بنتاجهما الشعري في إثراء الساحة الإبداعية لخدمة الشعر ورفد المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات الشعرية اللافتة، وهما: الشاعر طلال الجنيبي من الإمارات، والشاعر حسين العبدالله من سوريا.
ثم كرم الفائزين بالدورة الرابعة من جائزة الشارقة لنقد الشعر العربي، وهم: فتحي بن بلقاسم نصري من تونس بالمركز الأول، عن بحثه السير ذاتية في القصيدة العربية المعاصرة، والدكتور أحمد جار الله ياسين من العراق بالمركز الثاني، عن بحثه تلاقي الأجناس الأدبية في القصيدة العربية المعاصرة، وإبراهيم الكراوي من المغرب بالمركز الثالث عن بحثه شعرية النص العابر للأجناس: من هاجس التأصيل إلى سؤال الحدود.
ويشتمل المهرجان خلال أيامه على قراءات شعرية، إضافة إلى ركن لتوقيع الدواوين الشعرية لمجموعة من المبدعين، ويطل القراء العرب على 12 اسماً جديداً من الفائزين في الدورة الثالثة من جائزة القوافي الذهبية، الذين ساهموا بإبداعاتهم الشعرية في مجلة القوافي خلال 12 عدداً لعام 2024، ويصاحب المهرجان ندوة فكرية تحت عنوان "الشعر العربي من الثبات إلى التحول" ليتعرف الجمهور من خلال مجموعة بحوث ودراسات نقدية على أبرز القضايا التي تتصل بالشعر العربي.
ويشارك في مهرجان الشارقة للشعر العربي شعراء أفارقة يمثلون دول السنغال، ومالي، والنيجر، وتشاد، تماشياً مع أهداف المهرجان التي تسعى إلى الإنفتاح على آفاق شعرية جديدة، وتعزيزاً لملتقيات الشعر العربي في إفريقيا.
وفي ثاني أيام المهرجان سيتم تكريم الفائزين بجائزة القوافي الذهبية – الدورة الـ3، كما ستقام أمسيات شعرية وندوة فكرية تحت عنوان "الشعر العربي من الثبات إلى التحوّل"، وقراءات شعرية، وسيختتم المهرجان فعاليات الدورة الـ21 بأمسية شعرية في قصر الثقافة، بمشاركة عدد من الشعراء العرب.

مقالات مشابهة

  • الاتحاد يوافق على إعارة طلال حاجي
  • بعد قرار لبنان بترحيله.. ما هي التهم التي يواجهها عبد الرحمن يوسف القرضاوي؟
  • رئيس لجنة وقف النار: الجيش هو المؤسسة الشرعية التي توفر الأمن للبنان
  • أصالة تعلق على فيديو متداول لوالد الأمير النائم
  • وزير الخارجية: مصر تواصل تقديم كافة أشكال الدعم للبنان في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها
  • سلطان القاسمي يفتتح "الشارقة للشعر العربي"
  • مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية السابعة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب السوري
  • السفير الأمريكي في المكسيك: عهد ترامب سيشهد تغيرات كبيرة
  • السفير الرحبي: زيارة الدكتور بدر عبد العاطي إلى مسقط تؤكد عمق الروابط الأخوية التي تجمع البلدين
  • ‏الجيش الإسرائيلي يطلق عملية للبحث عن منفذي عملية إطلاق النار التي وقعت في قلقيلية في شمال الضفة الغربية