الخليج الجديد:
2025-02-19@23:42:49 GMT

طلال سلمان ومؤسّسة السفير

تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT

طلال سلمان ومؤسّسة السفير

طلال سلمان ومؤسّسة السفير

خلال 40 عاما من الحروب الكبيرة، والأحداث المهمة التي غيّرت وجه الشرق الأوسط، كانت "السفير" في قلبها، تشهد وتسجل وتتفاعل عن كثب.

شكّلت السفير مدرسة جديدة في الصحافة العربية، ألقت بتأثيرها على جيلٍ كامل من الإعلاميين والإعلام العربي ولم يكن هذا هيّنا، مع سطوة مدارس مهنية بتوجّه محلي قوي.

لا يقف الحديث عن طلال سلمان عند سيرة الصحافي بل هو مناسبةٌ لكلمة حقّ عن مؤسّسة إعلامية كبيرة، نجحت بكل المعايير في مواكبة مرحلةٍ مهمةٍ من عمر لبنان وفلسطين وسورية.

عاش طلال سلمان 4 عقودٍ من الأحداث وواجه مصاعب كبيرة وتعرّض لأكثر من محاولة اغتيال. قد يكون هادن، وأجرى مساومة لكنه، بنهاية المطاف، صحافي، تحتمل مهنته الصواب والخطأ والاختلاف.

ظل طلال سلمان محافظا على استمرار صدور السفير أكثر من أربعة عقود، بمستوىً لائق وأدار التنوّع والاختلاف لتوفير منبر عربي، سياسي وثقافي وحافظ على مهنيةٍ عالية شكّلت مدرسة صحافية عربية.

* * *

لقي رحيل مؤسّس صحيفة السفير ورئيس تحريرها طلال سلمان في الأوساط اللبنانية والفلسطينية السورية عدم اهتمام ملحوظ، مردّه إلى سببين. الأول، حالة من التمحور حول الذات، تقيس حسنات الآخرين وسيئاتهم بميزان، كل من ليس على مواقفنا مائة بالمائة لا يستحقّ منا سوى إدارة الظهر.

وهذا نتاج تربية ذات جذور مديدة في الثقافة السياسية العربية التي لم تتعلم قيمة الاختلاف، ولا تتحلّى بفضيلة الاعتراف بجهد الآخرين، حتى لو كانوا خصوما. السبب الثاني الإحباط العام، على اختلاف المواقع السياسية والثقافية، وهذا حالٌ قاد إلى عزوفٍ عن التفاعل مع التطورات خارج دائرة المحيط المباشر.

ولم تعد الأغلبية تملك ترف التعاطي مع أي حدث، بسبب الكوارث التي حلّت بالمنطقة. وقد يجد المرء مبرّرا لفئاتٍ كثيرة، لكن المُصاب الكبير يجب ألا يمنع الهيئات والمؤسّسات والنخب السياسية والثقافية من رد الفعل تجاه ما يحصل من أحداث وتطوّرات.

لا يقف الحديث عن طلال سلمان عند سيرة الصحافي فقط، بل هو مناسبةٌ لقول كلمة حقّ عن مؤسّسة إعلامية كبيرة، نجحت بكل المعايير في مواكبة مرحلةٍ مهمةٍ من عمر لبنان وفلسطين وسورية، بدأت في منتصف سبعينيات القرن الماضي، وتتواصل، ولم تكن خاتمتها مع إقفال السفير عام 2016، بل واحدة من نتائجها الكارثية.

وبالتالي، نحن إزاء 40 عاما من الحروب الكبيرة، والأحداث المهمة التي غيّرت وجه الشرق الأوسط، وكانت "السفير" في قلبها، تشهد وتسجل وتتفاعل عن كثب.

في أتون الحرب الأهلية اللبنانية، وتدخل النظام السوري في لبنان ضد المقاومة الفلسطينية، والحركة الوطنية اللبنانية، وسقوط مخيم تل الزعتر، ومن ثم اغتيال الزعيم كمال جنبلاط، وبعد ذلك الاجتياح الإسرائيلي لبنان، ودخول بيروت عام 1982، وإخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان.

وبعد ذلك انتخاب بشير الجميّل واغتياله، واتفاق 17 أيار ومعركة إسقاطه، وصولا إلى الحرب العراقية الإيرانية، واجتياح الكويت، وحرب الخليج الأولى، والاحتلال الأميركي للعراق.

ومن ثم الربيع العربي الذي تفاعلت معه الصحيفة بإيجابية، حتى وصلت رياحه إلى سورية، وحينها حاول سلمان أن يوازن موقفه بين النظام والثورة، ولكنه فشل، وربما كان هذا أحد الأسباب التي دفعته إلى قرار إقفال الصحيفة.

في كل مسيرة "السفير"، كان سلمان مهموما بأمرين معا، صناعة صحيفة مهنيّة قادرة على المنافسة في لبنان، وذات حضور في العالم العربي. ومواكبة الأحداث، من موقع التفاعل وتسجيل موقف سياسي، يحافظ على الثوابت التي تشكل قواسم عربية مشتركة من فلسطين، ومقاومة الاحتلال، إلى الديمقراطية والإصلاح.

ولم يكن وحدَه في خوض هذه التجربة، التي قامت على خبرات صحافية متنوّعة، من لبنان، فلسطين، سورية، مصر، الأردن، تونس، العراق، والمغرب ... إلخ.

وما يميز هذا الصحافي أنه ظل محافظا على استمرار صدور الصحيفة أكثر من أربعة عقود، في مستوىً لائق، واستطاع إدارة التنوّع والاختلاف من أجل توفير منبر عربي، سياسي وثقافي، وحافظ على مهنيةٍ عالية، شكّلت مدرسة جديدة في الصحافة العربية، ألقت بتأثيرها على جيلٍ كامل من الإعلاميين ووسائل الإعلام العربية. ولم يكن هذا أمرا هيّنا، في ظل سطوة مدارس مهنية ذات توجّه محلي قوي.

عاش سلمان وسط أربعة عقودٍ من الأحداث، وواجه مصاعب كبيرة، وتعرّض إلى أكثر من محاولة اغتيال. قد يكون هادن، وأجرى مساومة في مكان، لكنه، في نهاية المطاف، صحافي، تحتمل مهنته الصواب والخطأ والاختلاف.

ومن المنطقي أن تكون وفاته مناسبة لتسجيل ما له وما عليه، من خلال تشخيص موضوعي، يعتمد معايير مهنيّة وقيمية تترفّع عن الحسابات الصغيرة والرؤى القصيرة النظر. ولكن من المؤسف أن حال التردّي العام الذي تعيشه المنطقة لا يترك مجالا سوى للنسيان.

*بشير البكر كاتب صحفي وشاعر سوري

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: لبنان فلسطين سورية السفير طلال سلمان المقاومة الفلسطينية الحرب الأهلية الربيع العربي الصحافة العربية طلال سلمان

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري يوضح تأثير النقاط التي لن ينسحب منها الاحتلال جنوب لبنان

قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن النقاط الخمس التي اختارها جيش الاحتلال الإسرائيلي للبقاء فيها جنوب لبنان تم اختيارها بدقة متناهية، مشيرا إلى أن هذه النقاط تشكل جزءا من إستراتيجية أمنية جديدة لإسرائيل تهدف إلى حماية مستوطناتها الشمالية ومراقبة الداخل اللبناني.

جاء ذلك في تحليل للمشهد العسكري جنوب لبنان بعد انتهاء المهلة المحددة لانسحاب الجيش الإسرائيلي من معظم المناطق التي سيطر عليها خلال الأشهر الماضية في جنوب لبنان، حيث أبقى قواته في 5 مناطق إستراتيجية بدعوى حماية المستوطنات القريبة من الحدود.

وأوضح حنا أن هذه النقاط الخمس تم اختيارها بعناية لتكون بمثابة منظومة أمنية متكاملة، حيث توجد في كل نقطة سرية عسكرية تضم ما بين 100 إلى 150 جنديا، مما يمنحها القدرة على حماية العمق الإسرائيلي ومراقبة التحركات داخل الأراضي اللبنانية.

وأضاف أن هذه النقاط تتيح لإسرائيل جمع المعلومات والتصرف بمرونة من دون الحاجة إلى الالتزام الكامل بالقرارات الدولية.

وأشار الخبير العسكري إلى أن هذه الإستراتيجية تشبه إلى حد كبير ما تم تطبيقه في غزة، حيث أنشأت إسرائيل منطقة عازلة ونقاطا أمنية داخلية لضمان أمن مستوطناتها.

إعلان

تعزيز للسيطرة

وأكد أن هذه النقاط الخمس في لبنان ستكون بمثابة وجود مادي وجسدي يعزز السيطرة الإسرائيلية على المنطقة، مع قدرة على التدخل السريع عند الحاجة.

ولفت حنا إلى أن البيان المشترك الصادر عن الرؤساء الثلاثة في لبنان (رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب) أكد على الالتزام بالقرار 1701 واتفاق الطائف، مشيرا إلى أن لبنان يسعى حاليا إلى حل دبلوماسي وقانوني للأزمة عبر التوجه إلى مجلس الأمن الدولي.

ورغم تحذير الأمم المتحدة من أن "أي تأخير" في الانسحاب الإسرائيلي سيعتبر انتهاكا للقرار 1701، أشار حنا إلى أن هذا القرار لم ينجح في تحقيق أهدافه بشكل كامل، وأن الواقع الجديد على الأرض يتطلب تعاملا مختلفا.

وفيما يتعلق بالخطوات المستقبلية، توقع حنا أن تستمر القوات الإسرائيلية في البقاء في هذه النقاط لفترة تتراوح بين شهرين إلى 6 أشهر، مع تعزيز دفاعاتها وحماية المستوطنات القريبة.

وأكد أن التكنولوجيا الحديثة قد تعوض عن الحاجة إلى وجود عسكري مكثف، لكن إسرائيل ما زالت تعتمد على الوجود المادي لضمان أمنها.

وأشار حنا إلى أن الوضع الحالي يمثل ديناميكية جديدة في المنطقة، حيث تسعى إسرائيل إلى تعزيز وجودها الأمني في جنوب لبنان، بينما يبحث لبنان عن حلول دبلوماسية وقانونية لإنهاء هذا الوجود الذي يعتبره "احتلالا".

مقالات مشابهة

  • العميد خالد حمادة: النقاط التي تحتفظ بها إسرائيل في جنوب لبنان ذات أهمية إستراتيجية
  • بري استقبل السفير البريطاني ووفدا من الكتيبة الكورية العاملة في اليونيفيل
  • "لكنّها لا تكفي".. حزب الله يحتفظ بموارد مالية كبيرة
  • بمجموعات كبيرة.. إسرائيليون حاولوا الدخول إلى لبنان للمرة الثانية خلال أسبوع
  • خبير عسكري يوضح تأثير النقاط التي لن ينسحب منها الاحتلال جنوب لبنان
  • رجّي استعرض مع السفير الاردني المستجدات في لبنان والمنطقة
  • ما النقاط التي لن ينحسب منها الاحتلال جنوب لبنان؟
  • الحمامص وبلاط الأبرز.. تعرف على التلال الخمس التي ستبقى إسرائيل بها في جنوب لبنان
  • السفير المصري: نعمل على انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان "في أسرع وقت"
  • الخماسية في بعبدا.. السفير المصريّ: ملتزمون بالدفع إلى انسحاب الجيش الاسرائيليّ