كيف انجو من الحنين ورصاص الحزن
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
هادية حسب الله
وانا أقلب الواتساب بحثا عن رسالة تطمئن القلب حول الاهل والأحباب، طالعنى تقرير فى أحد القروبات الامدرمانية ، ذكر ان المنطقة حول كلية التربية وهى منطقة المقابر تقريبا ( البكرى. أحمد شرفى) لا تسيطر عليها اى قوى عسكرية. دون ان أفكر وجدتنى اتنهد بارتياح غبى. وأقول لنفسى ” الحمد لله لن يشهد سكان القبور على المعارك.
اترانا سننجو من حنيننا ؟ من رصاص الحزن المخترق للقلب! كل صباح أصحو وامدد تثاؤبى متصورة اننى بفراشى بغرفتى بالمنزل. افتح عينى ببطء حتى لا تقع عيناى على مكانى الجديد وأتأكد اننى لست بمنزلى.
ابتلع دمعى المالح وانا أبحث عن معلقة او سكين بالمطبخ الجديد .وانا مصرة اننى وضعته بمكانه المحدد لاكتشف اننى مسجونة الذاكرة فى مطبخى القديم.
يصيبنى السهاد وانا استمع لكل الأصوات الغريبة بليل بلاد أخرى. يعاف نومى هذا الليل المعبأ باصوات أخرى .. ليس هذا ليلى.
أصحو وانا اشعر بالارهاق اتجنب التلفون والتلفزيون خوفا من معرفة الاخبار. أوقد بخورى لكى لا تفاجئ انفى رائحة الغربة…نعم للغربة رائحة نافذة جارحة للقلب قبل الأنف. رائحة شجر لم يخرج من طيننا. طعام مطهو بطريقة جدات لسن جداتى. غسيل منشور ببلكونة قريبة بقايا عطن وصابون. نسمات معبأة ببرودة ما: برودة السلام دون مقالدة. برودة الشاى الأحمر دون نعناع أخضر. برودة الطرق الغريبة. برودة كل شىء. فالدفء هناك بحضن البلاد وحدها.
لم أكن اظن اننى ساكأفح فيما أكافح فى حياتى، الغربة.
تباهيت كثيرا بصمودنا عن الخروج من البلاد طوال سنوات شبابنا. واننا سنظل هناك مزروعين كشجر النيم بشارع النيل. كشجرة التبلدى عظيمة الجذور بباب بيت أمى. ظننا اننا لن نخرج أبدا. وصدقت ظنى اننى سأقضى ماتبقى من العمر هناك وأمضى لحياتى الأخرى بقرب أماتى. بمقابر جدودى محمولة على أكتاف أحبتى. وسط دمع صادق.
الان انا وأسرتى نواجه الغربة وجها لوجه. نواجه أيام بلا صوت بائع اللبن. والاذان. ورائحة سوق سمك الموردة حين تغلق أنفك لنفاذ رائحة السمك. نواجه الايام دون مناداة “الكماسرة” بموقف مواصلات الشهداء والمؤسسة. وممازحة اطفال الجيران.
ورغم كل الافتقاد لكل التفاصيل أثق اننا سننجو حتما وستنجو البلاد. فنحن مخلوقين لشوارعنا المعفرة بغبارها وتمام محبتها.
ستنجو البلاد من تآمر القتلة جميعهم. ستنجو حبيبتنا البلاد ونقالدها بالتخلى عن كل ما يؤذيها سنهبها اخلاصنا الكبير ونتجاهل صغائر نفوسنا..لاشىء أقسى من اختبارنا هذا لنجنبها المزيد من الخراب. الوسومهادية حسب الله
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
إقرأ أيضاً:
جنوب السودان على صفيح ساخن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
دخلت الأوضاع السياسية في جنوب السودان منعطفًا خطيرًا، بعد اعتقال النائب الأول لرئيس البلاد، رياك مشار، مساء الأربعاء على أيدي قوات موالية للرئيس سلفا كير، في خطوة اعتبرتها المعارضة نهاية لاتفاق السلام المبرم عام 2018، والذي أنهى حربًا أهلية دامية بين الطرفين.
المعارضة: الاتفاق "ملغى" والحكومة تنتهك التفاهمات السياسية
في بيان رسمي، اتهم حزب مشار الحكومة بخرق التفاهمات السياسية وتقويض جهود السلام، معتبرًا أن عملية اعتقاله تُظهر عدم احترام الاتفاق السياسي وانعدام الإرادة لتحقيق الاستقرار في البلاد. ووفقًا للبيان، فإن هذا التصعيد يجعل اتفاق السلام لعام 2018 "ملغى"، مما يثير مخاوف جدية بشأن عودة النزاع المسلح.
الأمم المتحدة تحذر: جنوب السودان على شفا حرب أهلية جديدة
دعت الأمم المتحدة جميع الأطراف إلى الالتزام باتفاق السلام، محذرةً من أن البلاد قد تنزلق مجددًا إلى حرب أهلية، خاصة بعد الاشتباكات العنيفة بين جماعة مسلحة موالية لمشار والقوات الحكومية في شمال البلاد. وصرّح المتحدث باسم المعارضة، بال ماي دينق، أن مشار محتجز لدى الحكومة وأن حياته "في خطر".
تصعيد عسكري في الشمال والغارات الجوية تزيد التوتر
جاءت هذه الأزمة بعد تصاعد التوترات بين قوات سلفا كير ومشار في الأشهر الأخيرة، حيث شهد فبراير الماضي هجومًا من مجموعة "الجيش الأبيض" المسلحة، الموالية لمشار، على قاعدة عسكرية في ولاية أعالي النيل، مما دفع الحكومة إلى شن غارات جوية وتحذير المدنيين من البقاء في المناطق التي تتمركز فيها هذه القوات. وأسفرت تلك الغارات عن مقتل أكثر من 12 شخصًا منذ منتصف مارس، مما زاد المخاوف من تجدد الحرب الأهلية.
مستقبل الاتفاق والسلام على المحك
يُعتبر اتفاق السلام لعام 2018 أحد أهم المحاولات لإنهاء الصراع الذي استمر خمس سنوات وأسفر عن مقتل أكثر من 400 ألف شخص. إلا أن التوترات السياسية والعسكرية الأخيرة قد تطيح بهذا الاتفاق، ما لم تتدخل الوساطات الإقليمية والدولية بسرعة لاحتواء الأزمة.