لماذا تقبل النساء على شراء حقائب اليد المستعملة رغم ارتفاع سعرها؟
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
بالنسبة لمعظم الناس، خاصة النساء، عندما نتحدث عن "شراء ملابس مستعملة"، قد يذهب الذهن أولا إلى أن الظروف المادية متعسرة، لكن بالنسبة لبعض "الإكسسوارات" التي ترتديها النساء بدرجة كبيرة مع الملابس قد لا تكون بسبب الظروف المادية، إذ تباع بعض حقائب اليد المستعملة بأسعار غالية الثمن، وقد يكون بعضها أغلى من الجديدة، ما يجعلنا نتساءل عن السبب.
أفادت منصة البيع بالتجزئة الفاخرة "ذا ريل ريال" الأميركية أن المتسوقين يتجهون نحو عمليات الشراء التجارية على السلع الفاخرة المستعملة، وذكرت المنصة أن الجيل "زي"، وجيل الألفية مهتمون بهذا النوع من الشراء أكثر من غيرهم.
وحسب شركة البيع والشحن الفاخرة، فإن الطلب على حقائب اليد "ذات الحالة المقبولة"، مثل تلك التي تظهر عليها علامات التآكل، كالخدوش والبقع؛ لكنها لا تزال بحالة جيدة قد تضاعف منذ 2022، ووجد التقرير -أيضا- أن هذه الحقائب تباع بسعر 33% أقل من الأنواع الأخرى"، ما يعني أنها تلقى رواجا، وتباع بسعر ليس قليلا كذلك.
ذكاء المستهلكاتوفقا لتقرير نشرته منصة "ياهو فينانس" في أغسطس/آب الماضي، فإن مستهلكي المنتجات الفاخرة يحاولون أن يكونوا أكثر انتقائية، ويتجهون نحو شراء منتجات ذات قيمة أكبر، حتى لو كانت مستعملة.
وأشار التقرير إلى أن هذا النمط من شراء الحقائب المستعملة هو نمط فيه "ذكاء" من المستهلكات، وذلك لاتجاههن إلى اقتناء حقيبة مستخدمة بشكل خفيف، أو في حالة جيدة بدلا من شراء واحدة جديدة تماما.
المستهلكات أصبحن على استعداد للتضحية بالكمال من أجل القدرة على تحمل تكاليف الحقيبة (الفرنسية) "ماركات" الأثرياء بتكاليف محتملةبينما يرى تقرير مجلة "فوغ بيزنس" التي تركز على قطاع المال والأزياء، أن هذا الاتجاه هو علامة على أن الوصمة ضد شراء السلع المستعملة آخذة في التلاشي، وأن المستهلكات أصبحن أكثر حساسية للسعر، وأنهن على استعداد للتضحية بالكمال من أجل القدرة على تحمل التكاليف، في ظل ارتفاع تكلفة السلع الفاخرة الجديدة.
كما أن 66% من مشتريات المنتجات المستعملة في تقرير "ذا ريل ريال" يقلن، إنهن تسوقن للحصول على صفقة جيدة في المقام الأول، من خلال اقتناء منتج فاخر لكن بسعر عادل.
موظفة تفحص حقيبة يد "هيرمس كيلي" المستعملة والتحقق من صحتها (غيتي) منتجات فاخرة في متناول الجميعيساعد شراء المنتجات الفاخرة المستعملة على جعل الرفاهية والمنتجات الفاخرة في متناول جميع النساء، وأشار تقرير "ذا ريل ريال" إلى تضاعف الطلب على حقائب اليد في حالة جيدة تقريبا، كما يشير إلى أن 58% من المشترين الذين يقتنون حقائب يد مستعملة بـ "حالة جيدة"، هم متسوقون ومتسوقات جدد.
اقتناء قطع فريدةالرغبة في الحصول على قطع فريدة وأصلية، هو أحد العوامل التي تدفع مشتري الحقائب المستعملة إلى شراء المستعملة بدلا من الجديدة، إذ إن بعض الحقائب اليدوية لـ"ماركات" الأثرياء تُنتج بكميات محدودة جدا، مما يجعلها نادرة ومميزة، وعندما تنفد هذه الحقائب من المتاجر الرسمية، يصبح العثور عليها مستعملة أمرا صعبا ونادرا، مما يزيد من قيمتها وسعرها، لذلك قد تباع بسعر غال في سوق المستعمل، حتى إنه قد يتجاوز لبعض القطع السعر الأصلي.
كما أن تصميم بعض الحقائب اليدوية يصبح "كلاسيكيا" ومشهورا على مر الزمن، لذلك قد تكون بعض الحقائب التي صُنِعت قبل سنوات معروفة بتصميمها الرائع والمميز، مما يجعل الناس يبحثون عنها ويشترونها مستعملة بسبب التاريخ الذي تحمله والقيمة التاريخية لها.
ويعدّ بعض الناس جمع الحقائب الفاخرة والمميزة هواية فاخرة بحد ذاتها. ومن ثم يكون هناك طلب مرتفع على الحقائب المستعملة، لا سيما تلك التي يصعب الحصول عليها بشكل جديد.
إعادة البيع فرصة للحصول على المنتجات التي تريدها النساء ولا يستطعن الحصول عليها (غيتي) "كوتة" شراء لـ"ماركات" الأثرياءتضع بعض "الماركات" الفاخرة حصة بعدد القطع المسموح بشرائها لكل عميل في السنة، لذلك يجد بعض المشترين المتحمسين في أسواق إعادة البيع، فرصة للحصول على المنتجات التي يريدونها ولا يستطيعون الحصول عليها.
على سبيل المثال؛ في 2021، قدمت "شانيل" حصة من شأنها أن تقيد العميل بإجراء 12 عملية شراء من كل فئة سنويا. وهذا يعني أنه يمكن للعميل شراء ما يصل إلى 12 حقيبة يد، وما يصل إلى 12 سلعة جلدية صغيرة و"إكسسوارات" وما إلى ذلك، في كل سنة تقويمية.
وبالنسبة لمعظم الناس فإن 12 قطعة سنويا من كل فئة هي كمية كبيرة، ولكن هناك أشخاص من هواة جمع "شانيل" أو "الماركات" الفاخرة، يصبح بالنسبة لهم 12 قطعة ستكون مقيدة جدا، حسب تقرير بثته "رويترز".
منصات إعادة البيع عبر الإنترنت سهلت شراء واقتناء السلع المستعملة (غيتي)وفي الواقع؛ هناك العديد من الأسباب وراء رغبة العلامات التجارية في فرض حدود على الشراء، ففي 2021، اعترف برونو بافلوفسكي، رئيس "شانيل فاشن" و"شانيل ساس"، في مقابلة مع "فوغ بيزنس"، أن شانيل ليس لديها ما يكفي من المنتجات لبيعها لعملائها.
ووفقا له، ليس لأنهم لا يريدون التصنيع، ولكن لأن الطلب يفوق باستمرار توقعاتهم، وكان يتحدث عن الطلب على حقائب اليد من شانيل على وجه الخصوص.
ومع ذلك، في حالة شانيل، لا يقتصر الأمر على نقص المنتجات فقط. ففي صناعة الرفاهية إذا لم تكن حصرية؛ فإنها لم تعد فاخرة. لذلك فإن السبب الرئيس وراء رغبة النساء في إنفاق الآلاف على السلع الفاخرة، هو ندرتها وتفردها. وقد أصبح من السهل جدا أن تحصل على أي حقيبة يد أخرى من شانيل مؤخرا. ما عليك سوى الذهاب إلى أحد مئات البائعين الفاخرين، وستكون الحقيبة ملكك.
أصحابها السابقون مميزونبعض الحقائب اليدوية لـ"ماركات" الأثرياء قد يكون تملكها شخصيات مشهورة أو بارزة، وعندما تُباع هذه الحقائب المستعملة، قد تكون لها تاريخ سابق يرتبط بشخصية مشهورة، مما يجعلها تحمل قيمة تذكارية، وتوقيعا شخصيا مميزا.
الطلب المتزايد على حقائب اليد المستخدمة بشكل واضح بسبب الشعبية المتزايدة للاستدامة (غيتي) انتشار منصات إعادة البيعيشير تقرير المنصة الإعلامية التابعة لشبكة "فوغ" العالمية إلى أن ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، قد سهّل على الأشخاص العثور على السلع المستعملة وشراءها، كما هو الحال بالنسبة لمنصات إعادة البيع عبر الإنترنت، التي سهلت على الأشخاص شراء وبيع السلع المستعملة.
حتى إن بعض العلامات التجارية الفاخرة بدأت في تبني اتجاه إعادة البيع، على سبيل المثال، أطلقت "شانيل" مؤخرا برنامجا تجريبيا يسمح للعملاء باستبدال حقائبهم القديمة، مقابل الحصول على رصيد لشراء حقيبة جديدة.
الأثر البيئييعزو تقرير مجلة "فوغ بيزنس" الطلب المتزايد على حقائب اليد المستخدمة بشكل واضح إلى الشعبية المتزايدة للاستدامة، في وقت أصبحت المستهلكات أكثر وعيا بالأثر البيئي لمشترياتهن، لذلك يحاولن استخدام منتجات موجودة بالسوق بالفعل، بدلا من شراء الجديد، ومن ثم تحفيز المصانع على إنتاج قطع جديدة أكثر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حالة جیدة إلى أن
إقرأ أيضاً:
الميثاق والدستور والمداورة في الحقائب الوزارية
كتب القاضي سليم جريصاتي في" نداء الوطن": قيل الكثير، وكتب الكثير، ونسب الكثير الى مداولات الطائف، وقال رئيس الجمهورية ما قاله في خطاب القسم، كما قال رئيس الحكومة المكلّف ما قاله بشأن تخصيص حقيبة لطائفة معينة. الا ان الحل يبقى في "الكتاب"، اي الدستور الذي استقى مقدمته وبعض احكامه من "وثيقة الوفاق الوطني" التي أقرها مجلس النواب تمهيدا لتعديل الدستور في ضوئها، الامر الذي حصل بالقانون الدستوري الصادر بتاريخ 31-9-1990. اما الرجوع الى محاضر الطائف الحبيسة، انما يكون كأي رجوع الى محضر، غالبا لتفسير النص الوضعي الذي اقرّ في ضوء المداولات التي دونت فيه، وليس لاعادة صوغه او الاضافة عليه، وذلك من منطلق ان المحضر يعتبر من قبيل "الاعمال التمهيدية" (travaux préparatoires) التي هي مصدر من مصادر تفسير النصوص. هذا مع العلم ان محاضر الطائف وثقت مداولات الوثيقة، التي انتهت الى ميثاق خطي، في حين ان المحضر الذي يصلح مباشرة لتفسير الدستور انما هو محضر جلسة مجلس النواب بالتاريخ المذكور اعلاه. من هنا ان مقاربة هذه المسألة انما تصح من هذا المنطلق الميثاقي والدستوري من دون اي كيدية او تعبير عن غلبة او فرض رأي او سوء نية باستغلال اوضاع نفسية معينة لدى طيف من اطياف الوطن او تعمّد تعطيل انشاء السلطات الدستورية صحيحا لاسباب سلطوية محض، من أنّى اتت هذه التصرفات او الاقوال الرعناء. في الشكل، يجب مراعاة مسار التأليف كما هو موصوف في الدستور، اي تسمية رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلّف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب واستنادا الى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسميا على نتائجها، ومن ثم قيام رئيس الحكومة المكلّف باجراء استشارات نيابية غير ملزمة لتأليف الحكومة، واخيرا صدور مرسوم تأليف الحكومة عن رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء.
اما في المضمون، فيجب ان تمثل الطوائف بصورة عادلة في التشكيلة الوزارية، لا سيما ان كلا من المادتين 17و 65 من الدستور ناط السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء، وان المادة 66 من الدستور اعطت حيثية دستورية مستقلة للوزير (الذي لم يعد فقط من اعوان رئيس الجمهورية الذي كان يتولى السلطة الاجرائية) ، وان خاتمة مبادىء مقدمة الدستور المقتبسة حرفيا من المبادىء العامة الواردة في مستهل وثيقة الوفاق الوطني، تنص صراحة ان لا شرعية لاي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، هذا المبدأ الذي اوصى العلاّمة الراحل ادمون ربّاط بتطبيقه على اي مسؤول اعتمد نهجا او موقفا او اتى فعلا تتبدى منه بوادر انقسامات طائفية.
ثانيا- كل هذا يعني ان اي ممارسات لا تمت بصلة الى المبادىء والنصوص والآليات اعلاه ولا ترتكز اصلا الى اعراف نهضت عن ممارسات متواترة وراسخة في معرض تأليف الحكومات، انما يتوجب اهمالها، كي لا تؤسس عليها تدابير، تفاقم الخطأ ولا تصلحه، على ما هي حال المطالبة بتخصيص حقيبة وزارية لطائفة معينة.
ثالثا- لم يخصص الدستور حقائب وزارية لطوائف معينة، واكتفى بما جاء في الفقرة (أ) من المادة 95 منه لجهة ان "تتمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة"، والمقصود المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، ونسبيا بين مذاهب كل من الفئتين، على ما يمكن استنباطه من المادة 24 من الدستور. ان المشرّع الدستوري لم يقحم ماهية الحقائب الوزارية في عدالة التمثيل، ذلك ان كل الحقائب الوزارية جميعها تتساوى من حيث المشاركة في السلطة الاجرائية التي ناطها الدستور بمجلس الوزراء مجتمعا، حيث يكون لكل وزير صوت عند التصويت، سواء تولى حقيبة، مهما كانت، او لم يتولّ اي حقيبة. هذا ولم تأت الوثيقة بما يخالف ذلك لاي جهة في حال اعتبرنا ان ما لم يدخل منها في صلب الدستور اضحى مجرد تعهدات وطنية يمكن الركون اليها عند الحاجة.
رابعا- ان التعمّق في مواد الدستور يقودنا الى الآتي:
ان الفقرة (ب) من المادة 95 من الدستور التي قضت بالغاء قاعدة التمثيل الطائفي في الوظائف العامة، انما استثنت الفئة الاولى وما يعادلها من هذا الالغاء، بحيث تبقى وظائف هذه الفئة "مناصفة بين المسيحيين والمسلمين من دون تخصيص اي وظيفة لاية طائفة...".
خامسا- اضافة الى كل ذلك، وتحديدا فيما يتعلق بحقيبة المالية، ان تخصيصها للطائفة الشيعية الكريمة بحجة المشاركة في صناعة القرار الاجرائي، لا يستقيم ميثاقا ودستورا، ذلك ان المشاركة في السلطة الاجرائية تتم في عضوية مجلس الوزراء الذي ناط به الدستور السلطة الاجرائية، على ما شرحت، وان القول بأن وزير المالية هو من يقوم بالتوقيع الثالث او الرابع على معظم المراسيم المتخذة في مجلس الوزراء او المراسيم العادية، هو قول لا يصلح ايضا حجّة للتخصيص والتثبيت، بمعزل عن حسن الممارسة او سوئها، ذلك ان من شأنه ان يرتقي بهذا الوزير من طائفة معينة تستأثر بهذه الحقيبة الى مرتبة تسمو مرتبة رئيس الجمهورية المنتمي الى طائفة معينة عرفا منذ الاستقلال. في الخلاصة، الحقيبة ليست حكرا لاي طائفة ولا يمكن حجب اي طائفة عن اي حقيبة، والوزراء متساوون في مجلس الوزراء الذي يمارس السلطة الاجرائية بالارتكاز الى احكام الدستور. اما الاخطر، فهو ان هذه الاشكاليات المصطنعة انما تعيق انطلاقة العهود الرئاسية الواعدة، او تهدد استمرارها على نهج مرن ومتوازن عند انتاج الحكومات، او تؤسس لأزمة نظام وطروحات بديلة لا يملك لبنان ترف الغوص فيها الان، وهو يعاني ما يعانيه من ازمات حادة على جميع الصعد، وأخرها عدم التزام اسرائيل بمندرجات اتفاق وقف الاعمال العدائية واستمرار احتلالها اراض لبنانية.