"فيسبوك" تستخدم بياناتك "سرا" لتدريب الذكاء الاصطناعي.. كيف يمكن منع ذلك؟
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
قدم موقع "فيسبوك" المملوك لشركة "ميتا" "مفتاح الإيقاف" الذي يتيح للمستخدمين تحديد ما إذا كانوا يريدون استخدام بياناتهم في تقنية الذكاء الاصطناعي للشركة أم لا.
وداخل مركز المساعدة على "فيسبوك"، يمكن للمستخدمين الوصول إلى نموذج يطلب من "ميتا" حذف أو فحص أو تحرير المعلومات من مصدر خارجي (طرف ثالث) عن أنفسهم والتي يمكنها تغذية الذكاء الاصطناعي (AI) لتدريبه.
وتُعرّف "ميتا" معلومات الطرف الثالث بأنها بيانات متاحة للجمهور على الإنترنت أو يتم الحصول عليها من خلال مصادر مرخصة. ووفقا للشركة، تشكل هذه الفئة من المعلومات جزءا من "مليارات نقاط البيانات" الهائلة المستخدمة في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية، والتي تستخدم القدرات والأنماط التنبؤية لإنشاء محتوى جديد.
ووسط صعود الذكاء الآلي، تهدف شركات التكنولوجيا إلى إنشاء الذكاء الاصطناعي الأكثر تطورا والرائد عالميا، وبالتالي فهي تبحث عن "كنوز" من بيانات التدريب.
ويأتي قرار إلغاء الاشتراك هذا في أعقاب بيان مشترك صادر عن مجموعة من وكالات حماية البيانات العالمية الأسبوع الماضي، حثوا فيه على عدم سرقة البيانات وطالبوا بمزيد من الحماية لخصوصية المستخدمين في ما يتعلق بشركات "ميتا" و"ألفابت" المالكة لـ"غوغل" و"مايكروسوفت".
وأقرّت "ميتا" بأن منشورات المدونة قد تحتوي على تفاصيل شخصية مثل الأسماء ومعلومات الاتصال وتفاصيل العمل، والتي تم جمعها بواسطة الشركة لتدريب تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ومن المهم ملاحظة أن البيانات المستخدمة هي بالفعل "متاحة للجمهور على الإنترنت أو مصادر مرخصة"، وفقا لمنشور مدونة "ميتا".
وقالت الشركة إن هذا النوع من المعلومات يمكن أن يمثل بعضا من "مليارات البيانات" المستخدمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية التي "تستخدم التنبؤات والأنماط لإنشاء محتوى جديد".
إقرأ المزيد "ميتا" تؤكد إطلاقها التغيير المثير للجدل في تطبيق "فيسبوك مسنجر" بحلول نهاية العامويمكن للمستخدمين الآن الحد من انتشار تلك البيانات بواسطة قسم بعنوان Generative AI Data Subject Rights، والذي يمكّن المستخدمين من "إرسال طلبات الاعتراض المتعلقة باستخدام معلومات الطرف الثالث الخاصة بهم لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية".
وما يزال من غير الواضح ما إذا كانت البيانات الشخصية للمستخدمين تشمل أنشطتهم على المنصات الآخرى المملوكة لـ"ميتا"، بما في ذلك تعليقاتهم العامة وصورهم على إنستغرام.
وقال متحدث باسم ميتا: "اعتمادا على المكان الذي يعيش فيه الأشخاص، قد يكونون قادرين على ممارسة حقوقهم في موضوع البيانات والاعتراض على استخدام بيانات معينة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي لدينا. يمكنهم تقديم نموذج اعتراض إلينا من خلال رابط مركز الخصوصية".
المصدر: ذي صن
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا تطبيقات فيسبوك facebook مواقع التواصل الإجتماعي نماذج الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
استسلام «ميتا» والسوق الحر للأكاذيب
في الشهر الماضي، وتحديدا في اليوم السابع منه، استبقت شركة «ميتا» تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لولاية ثانية، وأعلنت إنهاء نظام التحقق من الأخبار والمعلومات الخاص بها الذي كانت تستخدمه على منصاتها الاجتماعية الثلاثة، «فيسبوك» و«إنستغرام» و«ثريد»، وتبني سياسة جديدة في الولايات المتحدة تقوم على الاعتماد على ملاحظات المستخدمين أو ما أطلقت عليه «ملاحظات المجتمع» لتصحيح ما يعتقدون أنها معلومات كاذبة أو مضللة والإبلاغ عنها.
برر مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي للشركة، في الفيديو الذي نشره، التحول الجذري في سياسة التحقق من المعلومات بأنها «انتصار على الرقابة ذات الميول اليسارية» يضمن حسب وصفه «المزيد من الكلام والقليل من الأخطاء»، بعد أن أصبح مدققو الحقائق الذين يستعين بهم «متحيزين سياسيا للغاية»، واعترف «زوكربيرج» بأن السياسة السابقة للشركة كانت تفرض رقابة مفرطة على المحتوى»، ووعد بالعودة بالمنصات إلى سابق عهدها، واستعادة حرية التعبير عليها.
تمثل هذه الخطوة- من وجهة نظري- تحولا كبيرا، وتراجعا إلى الوراء، ليس بالنسبة لشركة «ميتا» ومنصاتها الاجتماعية فقط، ولكن أيضا لصناعة وسائل التواصل الاجتماعي بأكملها، والتوجه نحو انتهاج سياسات أكثر مرونة فيما يتعلق بما يمكن للمستخدمين نشره.
ورغم إشادة البعض بقرار زوكربيرج، باعتبار أنه يسمح بحرية أكبر في التعبير على منصات التواصل الاجتماعي، فإنني أعتقد أنه يمثل الخطوة الأولى في استسلام شركات التقنية العملاقة لرغبات وأحلام وربما كوابيس الرئيس ترامب الذي عاد شاهرا سيفه على الجميع في الداخل والخارج، والذي كان يهاجم التحقق من المعلومات على منصات الإعلام الاجتماعي باعتباره عائقًا لحرية التعبير، والرضوخ للتيارات المحافظة من حلفاء ترامب التي شنت حملة استمرت سنوات ضد التحقق من المعلومات وضمان اعتدال المحتوى على منصات النشر.
الواقع أن استسلام زوكربيرج لترامب بدأ قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة بشهور، فقد دفعه الخوف من وصول ترامب إلى البيت الأبيض، واحتمالات انتقامه منه بعد أن تم حظره على المنصة في 2021 حتى عام 2023، وتحسبا لفوزه في الانتخابات تناول زوكربيرج العشاء مع ترامب، وفي الشهر الماضي، تبرعت شركة «ميتا» بمليون دولار للجنة تنصيب ترامب في إطار محاولاتها لإصلاح العلاقات معه، ومع عودته للرئاسة تتسابق شبكات التواصل الاجتماعي للتراجع عن بعض سياساتها التي سبق أن انتقدها ترامب وهو خارج السلطة، اتقاء لشره وإرضاء له وللإدارة والكونغرس ذي الأغلبية الجمهورية. وفي الأسبوع الماضي، عينت الشركة جويل كابلان، وهو جمهوري يتمتع بخبرة كبيرة في واشنطن، رئيسا للشؤون العالمية، كما عينت دانا وايت، صديق ترامب المقرب منذ فترة طويلة في مجلس إدارتها.
إن تغيير سياسة التحقق من الأخبار والمعلومات المضللة تمثل تنازلا من المنصات الاجتماعية عن مسؤولياتها الأخلاقية عن المحتوى المضلل الكاذب. وتشمل السياسة الجديدة السماح للمستخدمين بتحدي المحتوى المنشور بإضافة سياق أو دحض ادعاءات في ملاحظات تظهر بجوار منشورات محددة، وهي سياسة مشابهة للسياسة التي اتبعها «ايلون ماسك» في منصة «اكس» في أكتوبر الماضي، وأضاف لها ميزة على التطبيق هي «اكس آي» تحت مسمي «ملاحظات المجتمع» أو «التعهد الجماعي» التي تسند إلى المستخدمين مهام التحقق من صحة ما ينشره بعضهم البعض. وتسمح هذه الميزة بإضافة التصحيحات بشكل تعاوني إلى المنشورات التي قد تكون مضللة أو مثيرة للجدل. وتهدف هذه الملاحظات إلى توفير معلومات إضافية ووجهات نظر مختلفة، قد تساعد المستخدمين الآخرين على فهم المحتوى وتقييم آثاره بشكل أفضل.
وقد كشفت دراسات علمية فشل هذه السياسة على منصة «اكس»، إذ تبين أن غالبية عمليات التحقق التي يقترحها المستخدمون على المنشورات السياسية لا يتم عرضها على الجمهور أبدًا. ووفقًا لبحث أجراه مركز مكافحة الكراهية الرقمية، وهو مركز غير ربحي، وتحليل بيانات منفصل أجرته صحيفة «واشنطن بوست»، فإن سياسة «أكس» الجديدة، فشلت في توفير فحص ذي مغزى للمعلومات المضللة. ومؤخرا ألقى مسؤولون فيدراليون باللوم على المنشورات الكاذبة على المنصة، مؤكدين أنها كانت سببا مباشرا في عرقلة جهود الإغاثة أثناء إعصار هيلين الذي ضرب ولاية نورث كارولينا في أكتوبر الماضي.
الأكثر خطورة في سياسة منصات «ميتا» الجديدة لا تتمثل فقط في إيقاف برامج التحقق من المحتوى، ولكن لكونها تتضمن أيضا رفع القيود التي كانت مفروضة على مناقشة الموضوعات الساخنة والحساسة، مثل قضايا الهجرة والكراهية العرقية والدينية والمذهبية، والهوية الجنسية، وهو ما سوف يسمح بمزيد من الانتقادات للأشخاص والمجموعات المهمشة في المجتمع. وتسمح القواعد الجديدة بنشر ملصقات تدعو إلى فرض قيود على أساس الجنس والعرق.
إن التقييم الموضوعي لسياسة «اكس» و«ميتا» الجديدة في التحقق من المعلومات يؤكد إن المعلومات المضللة والكاذبة سوف تستعيد زخمها الكبير على المنصات وتحولها من منصات للحقائق إلى منصات للأكاذيب. قد يقول البعض أن السياسة الجديدة سوف تعيد الاعتبار لحرية التعبير وتعيد المنصات الاجتماعية إلى أصولها باعتبارها «سوق حر للأفكار»، وهو المبدأ الذي تستند إليه حرية الإعلام في الديمقراطيات الغربية، ويعني أنه عندما تتصارع أفكار الناس بحرية تظهر الحقيقة. هذا المبدأ كان صحيحا في عصور إعلامية سابقة كانت تقتصر فيها منافذ التعبير على الصحف والمجلات، أما في عصر الإعلام الاجتماعي الذي نعيشه واستطاعة كل شخص أن يشارك في الجدل حول الحقائق والمعلومات والأخبار فقد أصبحنا أمام «سوق حر للأكاذيب» وليس للأفكار.
من المؤكد أن تعبير «السوق الحر للأفكار» أصبح من قبيل الخيال، ولم يعد صالحا في هذا العصر لأنه ببساطة يفترض أن كل المشاركين في الحوار على المنصات الاجتماعية أشخاص جيدون لا يكذبون ولا يضللون وأن دوافعهم جميعا نقية وتستهدف الصالح العام، وهذا ليس صحيحا، لأنه سيكون لدينا باستمرار من يكذبون ليس فقط من الأشخاص، ولكن أيضا من الدول والمنظمات.
أيًا كانت السياسة الخاصة بالتحقق من المعلومات على المنصات الاجتماعية فإن أفضل طريقة لنا للتعامل معها هو أن نضع أنفسنا خاصة في الدول العربية على نظام غذائي إعلامي يعتمد على الذهاب مباشرة إلى مصادر الأخبار الموثوقة، وعدم إضاعة الوقت في اللهاث وراء الإثارة التي يقدمها أشخاص أو جماعات أو أنظمة لكسب المتابعين والتلاعب بالعقول وتحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية ضيقة.
يمكننا أيضا المقاومة من خلال المشاركة في ملاحظات المجتمع وتحدي المنشورات التي تعتقد أنها خاطئة، وكشف التضليل الذي يصبغ غالبية المعلومات المنشورة على المنصات العالمية، كما يمكننا المقاومة برفض المشاركة في وسائل التواصل الاجتماعي على الإطلاق، حتى نكفي أنفسنا ومجتمعاتنا وقيمنا وثقافتنا، القتال.