الموقع بوست:
2024-07-03@16:50:59 GMT

"اليمن من الداخل".. رحلات في أمكنة التاريخ

تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT

'اليمن من الداخل'.. رحلات في أمكنة التاريخ

يطوف الصحفي والناقد والكاتب المتخصص بالشأن الثقافي اليمني، أحمد الأغبري، بقارئه في مناطق شتى من اليمن ضمن كتابه الصادر حديثا "اليمن من الداخل.. المكان شاهدا" عن دار "عناوين بوكس" في القاهرة.

 

في 200 صفحة، تتوزع رحلات الأغبري على 20 مكانا؛ تبدأ من مدينة إب وسط البلاد وتنتهي بشارع المطاعم الواقع في زاوية بميدان التحرير في قلب العاصمة صنعاء الذي يعد ملتقى للأدباء والكتّاب والفنانين، حيث صخب الحياة اليومية وحزمة مطاعم تقدم وجبات شعبية يؤمها البسطاء في الأغلب.

 

يحاول الكتاب، تقديم قراءة مختلفة لليمن من داخله، كشهادة حية عن بلد يتصدر المكان واجهته الثقافية؛ حيث المكان هو أول الدروب إلى ذاكرة الإنسان، وأهم شاهد على هُويته ومنجزه الثقافي، كما هو وسيلته للتعبير عن خصوصيته.

 

وتشمل الرحلة مدنا كصنعاء وعدن وإب وشبام حضرموت وثِلاء والهجرين ودمت وتريم والطويلة، وهي مدن تتناثر جغرافيا من شمال البلاد مرورا بوسطها وإلى جنوبها، وجزيرة سُقطرى؛ حيث الطبيعة البكر وحديث الناس بلغتهم السقطرية المختلفة عن لغة اليمنيين المعتادة ولهجاتهم المنبثقة عنها.

 

"الزمردة الخضراء"

 

ويذهب الكاتب إلى محمية عُتمة الواقعة في محافظة ذمار (وسط اليمن)، حيث ينبسط جمال الطبيعة ببذخ، يفترش الأرض متموجا وصاعدا إلى المرتفعات بمدرجاتها الساحرة وهابطا في الوديان المكسوة بالاخضرار معظم أيام السنة.

 

ويُطلِق الكاتب على محمية عُتمة اسم "الزمرّدة الخضراء"؛ نسبة إلى تنوع خصوصياتها النباتية والحيوانية معتمدة على غطاء نباتي يمتد إلى أحراش وغابات جبلية يوفر مرعى للحيوانات الأليفة ومرتعا لحيوانات وطيور برية متنوعة.

 

ويحذر الكاتب من مخاطر التحطيب الجائر الذي تزايد في السنوات الأخيرة متسببا في استهلاك نحو 90% من الأشجار المعمرة في ظل أزمات انعدام وارتفاع أسعار غاز الطهي، كما يحذر من الحفر العشوائي المتزايد لآبار المياه واتساع زراعة القات على حساب بؤر رئيسة في المحمية.

 

كبرياء وإهمال

 

ويتوقف الكاتب أمام شواهد المكان وخصوصيته في قرية "بيت بوس" الأثرية المنتصبة بكبرياء أسطوري على تل صخري جنوب غرب مدينة صنعاء، فيعدها شاهدا ليس فقط على خصوصية القيمة الحضارية للحصون والقلاع في التاريخ اليمني، وإنما أيضا على فداحة ما يشير إليه بـ"المأساة التي ترتكبها المدينة الحديثة بعمقها التاريخي الحضاري لضواحيها وتداعيات إهمال الصيانة والترميم".

 

ويذهب بعيدا إلى قرية "حيد الجزيل" الواقعة غربي محافظة حضرموت؛ حيث يمر "وادي دوعن" الشهير وتجثم بيوت طينية على سطح جرف صخري ضخم يقع على ربوة تتوسط ملتقى واديين، في مشهد يتداخل فيه موقع الصخرة الفريد وبهاء المعمار الطيني الجميل، ومن حولهما خضرة الوادي وزهو الجبال وأنفتها.

 

ومنتهيا من "جهة المدينة" أو ما يقول عنه "الناصية الأولى" التي شملت 9 مدن، تتبعها قريتان ضمن طريقه "جهة القرية"، ثم الطريق الثالث "جهة المدرسة والقصر"، حيث يتوقف الكاتب في رحاب "المدرسة العامرية" في "رداع" وسط البلاد الشاهدة على فن الزخرفة، ومنها يتجه الكاتب (والقارئ معا) إلى دهشة العمارة الطينية في "قصر سيئون" بأقصى شرق البلاد الحضرميّ، ثم عودة إلى "دار الحجر" القصر الذي شُيّد بروح قصيدة.

 

والطريق الرابع "جهة الجزر والمحميات" يطوف فيه الأغبري "جزيرة سُقطرى" البكر بطبيعيها المنفردة وبلغتها وطقوس وإرث إنسانها، وينتهي به الطريق عودة إلى محمية "عتمة" غير القريبة تماما.

 

مقهى مدهش.. ملتقى الإبداع

 

أما الجهة الأخيرة في تبويبات الكتاب فتتأمل زوايا واحتشادات "شارع المطاعم" في قلب مدينة صنعاء، الذي لا يقتصر ارتياده على "المتعبين والمثقلين بالخسارات" من الفئة العمالية الكادحة وغيرهم، ولا فئة السياسيين من وزراء وسفراء ورجال أعمال وطلاب وموظفين.

 

غير أن الكاتب، يتوقف هناك ليقرأ علاقة الشارع بالمبدعين والإبداع عموما، فهؤلاء "وإن كانت لهم خساراتهم وهمومهم أيضا"؛ فإنهم أضافوا زخما آخر لهذا المكان، فقد صار "مقهى مُدهِش" -أحد مقاهي شارع المطاعم- ملتقى يوميا يقصده كثير من الأدباء والفنانين والصحفيين.

 

مشروع ثقافي يمتد منذ ربع قرن

 

يقول الكاتب أحمد الأغبري للجزيرة نت إن كتاب "اليمن من الداخل" يأتي ضمن مشروع ثقافي يشتغل عليه منذ ربع قرن خلال عمله في الصحافة والكتابة، ويستهدف إعادة تقديم اليمن من زاوية غيّبتها السياسة والحرب والصراع على السلطة على مدى العقود الماضية؛ وهي زاوية القيمة الإبداعية الجمالية لنتاج البلد الثقافي.

 

وينوه الأغبري إلى أن الكتاب هو "نتاج 10 سنوات من التنقل بين مناطق اليمن والكتابة عنها، وقد ارتكز على المكان باعتباره الشاهد الأهم على عظمة الفن، الذي انتمى إليه أسلافنا، كهوية حمت تنوعهم".

 

ويضيف أن الكتاب يمثل دعوة للأجيال الحالية من اليمنيين للعودة للانتماء للفن؛ الذي تتجلى عظمته بين ظهرانيهم، وتحديدا فيما قدمه الأجداد من تنوع وجمال، تفلسفه علاقتهم بالمكان، وتترجمه المدن والقرى والحصون والقلاع والمدارس والقصور.

 

وتابع "تنقل الكتاب بين الجهات الأربع لليمن على امتداد تنوعه: تفاصيل انطلقت من الجغرافيا، تعاملت مع التاريخ، واعتمدت أدب الرحلة، كتبتها بجوارحي كشهادة مرتبطة بأسباب الحياة والنهضة في بلد تتزاحم فيه أخبار الموت والتخلف".

 

وهذا الكتاب هو سرديات وصفية لرحلات مكانية مرتدية ثوب الأدب ومتحدثة بلغة الفن؛ تقدم شهادة متخففة من أي تحيز عن بلد يتآكل حضوره الابداعي في وعي أبنائه: شهادات تروي سير الأجداد مع المنجز الحضاري، ودليل يرشد إلى طريق النجاة واستئناف النهوض.

 

وهذه الطريق هي الانتماء للإبداع والفن، حيث يتتبع الكتاب ملامح الفن في المكان في سياق التعرف إلى الهوية من خلال ثنائية المكان والإنسان؛ لقراءة أبرز ملامح شخصية هذا البلد.

 

ويفيد الأغبري بأن هناك كتابين آخرين له يصبان في ذات الاتجاه، سيصدران لاحقا، الأول يُعيد الاعتبار لليمن في علاقته بالفن، لكن هذه المرة سينطلق من الحاضر، وتحديدا من أبرز تجليات الفن الحديث، وعلى وجه الخصوص الفن التشكيلي؛ وفيه يقدم قراءات في أبرز التجارب التشكيلية اليمنية. والكتاب الآخر يشتغل على تجربة اليمن مع فنون الأداء (المسرح والغناء والموسيقى والسينما والدراما).

 

20 نصا

 

من جهته، يلفت الروائي اليمني، وجدي الأهدل، الانتباه إلى أنه جرت العادة أن يكتب الرحالة العرب والمستشرقون الأجانب عن رحلاتهم وإقامتهم في اليمن، ولكن الكاتب والصحفي اليمني أحمد الأغبري كسر هذه القاعدة، وسخّر قلمه لوصف بلاده والتغزل بمحاسنها، فقد جاب اليمن من شرقها إلى غربها، ومن جنوبها إلى شمالها، وتنقل بين سهولها وشعابها وجزرها وسواحلها، ودوّن -خلال سنوات- ثروة من المعلومات والأوصاف؛ جامعا بين التأريخ والجغرافيا.

 

وقال الأهدل للجزيرة نت "إننا أمام 20 نصا، كل نص يتحدث عن بقعة جغرافية أو معلم تاريخي يتميز بفرادة وعراقة ضاربة في جذور التاريخ".

 

وكان صدر للأغبري عام 2020 كتاب بعنوان "أجنحة الكلام وفضاء الأسئلة- مقاربات يمنية"، حيث يقدّم اليمن من خلال نتاجات سردية وشعرية على امتداد عقود؛ بما فيها التي صدرت خلال سني الحرب، متضمنا شهادة مغايرة ومنصفة عن بلد "يتحول إلى مقبرة كبيرة لأبنائه، ويعكس للآخر صورة ليست هي صورته المتأصلة في متن شخصيته"، على حد تعبير الكاتب الأغبري.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن اليمن من الداخل رحلات في أمكنة التاريخ الیمن من

إقرأ أيضاً:

سكين في الظهر.. نتنياهو ينوي التخلص من غالانت

تبدو بيئة عمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو روتينية وشبه فارغة من الناس، فهو وحيد، لا يوجد من يتشاور معه ولا من يفكر معه ولا من يثق به ويستند عليه، بعد إفراغ حكومة الحرب الضيقة مع رحيل بيني غانتس وغادي آيزنكوت، دون ذكر لوزير الدفاع يوآف غالانت.

بهذه المقدمة بدأ الكاتب اليميني بن كاسبيت مقالا تحليليا مطولا بصحيفة جيروزاليم بوست قال فيه إن السكاكين الطويلة أخرجت بالفعل ولم يبق إلا إشارة بدء استخدامها، في إشارة إلى نية نتنياهو الإطاحة بوزير دفاعه يوآف غالانت.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مقال في ناشونال إنترست: أميركا هي الخاسر الأكبر من مناظرة بايدن وترامبlist 2 of 2غارديان: هل كانت محاولة الانقلاب في بوليفيا مسرحية نظمها الرئيس؟end of list

ولم يبق لرئيس الوزراء من صلة -حسب بن كاسبيت- سوى العناوين والتسريبات ومعارك الشوارع على حساب الأمن القومي، الذي أصبح مختصرا أو يكاد في الشخصين اليمينيين المتطرفين، وزير الأمن إيتامار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، إضافة إلى رون ديرمر، الذي لا يعرف المجتمع الإسرائيلي، والمكروه من قبل المؤسسة الديمقراطية في الولايات المتحدة، وأرييه درعي المهتم بمصلحته الشخصية فقط، بحسب المقال.

أكثر الفترات صعوبة

هكذا يواجه نتنياهو غالانت وحيدا -كما يقول الكاتب- تحت رحمة شعبه القريب والبعيد، دون أي دعم معقول، خاصة أنه يشتبه في قادة الجيش ورئيس الشاباك، وذلك في واحدة من أكثر فترات التاريخ صعوبة ومصيرية في إسرائيل، تتطلب اتخاذ قرارات ضخمة تناسب حجم التحدي، كما يقول الكاتب.

وذكّر الكاتب بأن رؤساء الوزراء الذين واجهوا مواقف مماثلة قبل نتنياهو كان لديهم دعم مثل ليفي إشكول عشية حرب 1967 وغولدا مائير في حرب أكتوبر/تشرين الأول وإيهود أولمرت عشية قصف المفاعل السوري، ولا يعني ذلك أن نتنياهو ليس لديه قادة أكفاء، نعم هم مسؤولون عن الفشل الاستخباري والعملياتي الذي أدى إلى هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لكنهم من ذوي الخبرة والعزيمة، والمشكلة أنه يشك فيهم.

في هذه الظروف، غيّر نتنياهو سكرتيره العسكري، ليأتي بآخر يستطيع ربطه بصغار الضباط من وراء ظهر المؤسسة، لأن نتنياهو يشك في قادة المؤسسات العسكرية والأمنية، وقد بدأت آلته السامّة تضربهم، لأنهم لا يعملون من أجل أمن البلاد، ولأنهم يخططون لانقلاب عسكري، كما يشير الكاتب.

ذريعة بعد ذريعة

إذن، السكاكين تُشحذ الآن للإطاحة بغالانت، ولكن نتنياهو لم يقرر لحظة التنفيذ بعد، ومن حولَه يحثونه على رمي غالانت في مهب الريح وعرض منصبه على غدعون ساعر، أو أي شخص آخر يؤدي قسم الولاء، وفقا للكاتب.

واستعاد الكاتب قضية الفيديو الذي هاجم فيه نتنياهو علنًا الإدارة الأميركية بسبب التأخير في توريد الأسلحة إلى إسرائيل، قائلا إن غالانت حاول التعويض عن خسائره بزيارته لواشنطن، وقد نجح فيها جزئيا.

وقال بن كاسبيت إن نتنياهو، "إما أنه كان يحاول ببساطة إحباط مهمة غالانت، وإما أنه كان يحاول إظهار أن الشحنات توقفت بسببه (بسبب نتنياهو) وليس بسبب غالانت، وإما أنه يحاول العثور على ذريعة أخرى لعدم مهاجمة لبنان، أو لعدم اتخاذ قراره في غزة، وبالتالي نحن في سلسلة من الذرائع الواحدة بعد الأخرى".

زوجان غير سعيدين

هذا الأسبوع -كما يقول الكاتب- نشر مايكل هاوزر في صحيفة هآرتس أن زوجة نتنياهو قالت في محادثة خاصة إنها لا تثق برؤساء الأجهزة الأمنية لأنهم يخططون لانقلاب عسكري ضد زوجها، وهو ما نشره كذلك ابنها الذي يحب نظريات المؤامرة المجنونة أكثر بكثير من والدته.

ومع ذلك، لا يستطيع أحد أن يتخيل ما يتخيله أفراد هذه العائلة غير السعيدة، فهي ربما تتخيل أن مجموعة من الجنود ستقتحم مقر إقامة العائلة المسحورة ويسحبون الزوجين إلى فرقة الإعدام، كما حدث مع إيلينا ونيكولاي تشاوشيسكو في رومانيا في ذلك الوقت!، بحسب الكاتب.

في الآونة الأخيرة، أضيفت اتجاهات أخرى إلى هذا السيناريو، حيث أصبح نتنياهو يخشى أن يستهدفه حزب الله إذا حدث تصعيد على الجبهة الشمالية، وذلك بعد فيديو الحزب -المنشور مؤخرا- الذي يظهر صورا جوية لأهداف البنية التحتية الإستراتيجية في إسرائيل، بما في ذلك الإحداثيات الدقيقة لكل هدف.

مقالات مشابهة

  • "كيف صنع العالم الغرب؟"
  • الجزيرة للدراسات يصدر رؤية حول الأمن القومي الفلسطيني
  • من الذي يبث التوتر داخل الأردن؟
  • الى الابطال في سنجة وفي كل مكان
  • "العجوز".. هل يسجل رونالدو اليوم ليصنع الحدث ويكتب التاريخ في "يورو 2024"؟
  • في ذكرى ميلاده.. "إكسترا نيوز" تعرض تقريرا عن السيناريست وحيد حامد
  • بعد تسعة شهور من طوفان الأقصى.. هذه هي صورة الكيان من الداخل
  • بارولين لم يفشل ورسائل مناسبة في المكان المناسب
  • سكين في الظهر.. نتنياهو ينوي التخلص من غالانت
  • لحفيد الطيب صالح بين فكرة الهِجرة ولا هِجرة..!