بعد اندلاع الأزمة في الجابون، يوم الأربعاء الماضي بعد حوالي شهر واحد من أحداث النيجر، بدأ العديد من المراقبين في المقارنة بين البلدين، ورصد أوجه التشابه والاختلاف فيما شهدته الدولتين من أحداث متسارعة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس الجمعة إن الوضعين في النيجر والجابون "مختلفان للغاية".

وفي هذا السياق قالت الدكتورة نجلاء مرعي خبيرة الشئون الأفريقية، إن ردود الأفعال الدولية على الأحداث في النيجر مختلف عن الجابون نظرا لاختلاف وضع كل دولة منهما.

وأضافت "مرعي" في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد" أن النيجر تحظى بأهمية لدى الدول الكبرى لعدة عوامل أبرزها الثروات التي تتمتع بها مثل اليورانيوم وغيره، إلى جانب موقعها الاستراتيجي ودورها المحوري في محاربة الجماعات المتطرفة في دول الساحل والصحراء، وتعتبر واشنطن أن نيامي خط الدفاع الأخير ضد هذه الجماعات.

وأوضحت أن الغرب ممثل في الولايات المتحدة وفرنسا يتخوف من توغل قوات فاجنر الروسية الشبه عسكرية في النيجر، إلى جانب خشية ارتفاع موجات النزوح واللجوء من البلد الواقع في غرب أفريقيا إلى جانب تزايد معدلات الجريمة.

وأضافت أن موقع النيجر قريب من تواجد تنظيمات القاعدة وبوكو حرام وداعش الإرهابية، في منطقة غرب أفريقيا، وتسعى الولايات المتحدة إلى ترسيخ وجودها بهذه المنطقة في إطار استراتيجيها لمكافحة الإرهاب بالقارة السمراء.

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة ترسل المساعدات المالية إلى النيجر، إلى جانب وجود قاعدتين عسكريتين لها يضمان نحو 1100 جندي، وطورت القاعدتين مؤخرا بنحو 30 مليون دولار.

وفيما يتعلق بفرنسا، فإن النيجر تعد الملاذ الأخير لنفوذ البلد الأوروبي في أفريقيا، خاصة وأن الرئيس بازوم هو آخر حلفاء فرنسا إلى جانب اعتمادها على صادرات اليورانيوم الذي يستخدم في تشغيل محطات الكهرباء، بالإضافة إلى قدرة الجيش الفرنسي على مراقبة الحدود الليبية والحد من الهجرة الغير شرعية.

ويلاحظ توقف تصدير اليورانيوم إلى فرنسا، وإلغاء المعاهدات الأمينة والعسكرية مع النيجر، وهو ما يمثل ضربة للنفوذ الفرنسي في غرب أفريقيا بعد الانكسارات التي عانت منها طوال الأعوام القليلة الماضية وما شهدته مالي وبوركينا فاسو وتشاد.

وأوضحت أن الولايات المتحدة تخشى اللجوء للخيار العسكري في النيجر، لأن ذلك يدفع بالبلد الأفريقي في أحضان روسيا.

ونوهت الخبيرة في الشئون الأفريقية إلى أن تحرك الجيشين في النيجر والجابون، ليس بالأمر المفاجئ وإنما هو انعكاس للتنافس بين روسيا والدول الغربية في منطقة الساحل والصحراء خاصة وأنها كانت منطقة نفوذ فرنسي.

ولفتت إلى أن قواعد اللعبة ستتغير في منطقة الساحل والصحراء، بعد انحسار النفوذ الفرنسي.

وفيما يتعلق بالتشابه بين البلدين، أشارت “مرعي” إلى أن أول هذه التشابهات هو الضعف الاقتصادي للجابون والنيجر، إلى جانب البيئة الأمنية المضطربة ولجوء بعض الحكام إلى تمديد فترات الحكم مخالفة للدستور.

ولفتت إلى أن الجابون على الرغم أنها إحدى الدول الكبرى في انتاج النفط بأفريقيا وأحد أعضاء منظمة "أوبك" ولديها احتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي إلا أن ثلث سكانها يقع تحت خط الفقر.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أحداث النيجر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ماكرون اليورانيوم الجماعات المتطرفة قوات فاجنر الروسية غرب أفريقيا مكافحة الارهاب الولایات المتحدة فی النیجر إلى جانب إلى أن

إقرأ أيضاً:

ضيف ثقيل!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

إنه الصيف يا سادة، ثقيل بشدة حرارته بعد أن أصبح التغير المناخي يجلب طقسًا أكثر تطرّفٍ في كل موسم جديد. 

إن موجات الحر تشكل خطرا متزايدا على صحة الإنسان والحيوان والطبيعة وأصبحت أكثر تواترًا وشدةً وأطول مدةً، وستستمر على هذا النحو في جميع السيناريوهات المناخية المحتملة وفقًا للدوائر العلمية المعنية بالمناخ والطقس، منها خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي.

 وقد سبق أن أشارت "كوبرنيكوس" إلى أن عام 2023 كان العام الأكثر سخونة على الإطلاق خلال الفترة الممتدة من عام 1850 حتى 2023، حيث اقتربت درجات الحرارة من الارتفاع الحرج بمقدار 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، وتوقعت استمرار هذا الارتفاع أيضا خلال الصيف الحالي والأعوام المقبلة. وحذرت من وقوع أضرار لا يمكن إصلاحها على كوكب الأرض.

للأسف التحذيرات متكررة ومن جهات عديدة لكن لا حياة لمن تنادي، وقادة الكوكب هم أنفسهم مدمرو الكوكب، بينما تستمر هذه التحديات المناخية في فرض ضغوط بشكل متزايد على السكان والاقتصاد والطبيعة ناهيك عن الصحة، حيث ظهور أمراض مرتبطة بتغيرات الطقس مثل الحساسية والفيروسات والفطريات والحمى، إضافة إلى عودة محتملة لأمراض حسبناها قد انقرضت. 

الأمر جدي وأصبح في منتهى الخطورة وقد تتجاوز أيام الحرارة الشديدة 60 يومًا صيفيًا وتكون خلالها الأجواء مهددة لصحة الإنسان؛ وهذا يعني ارتفاعًا محتملًا في حالات المرضى ودخول المستشفيات، نتيجة الجفاف أو ضربة الشمس، خاصة بين كبار السن والأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة، ما لم يتم اتخاذ تدابير كافية للحماية. ولعل مرضى القلب والضغط والأوعية الدموية والجهاز التنفسي هم الأكثر عرضة لمخاطر شدة الحرارة ولمسنا ذلك واقعيًا خلال موسم حج 2024.

كل هذه الحالات غير الاعتيادية تحتاج إلى مزيد من الإحاطات الإعلامية مزودة بنصائح الخبراء والأطباء، وما يمكن أن نتوقعه في المستقبل من تبني سياسات للتكيف المناخي وفقًا للتوجيهات العلمية، خاصة وأننا لسنا مستعدين بعدُ للتعامل مع هذه التحديات، ونحتاج على وجه السرعة للتعرف على أفضل الممارسات من جميع أنحاء العالم لرفع مستوى الوعي بين كافة شرائح المجتمع وصناع القرار بكيفية التصدي لتغير المناخ ودعم الجهود لوضع أفضل التدابير للتخفيف من الآثار الناجمة عن الاحتباس الحراري، وتحسين جودة الحياة في ظل هذه الظروف التي تحتاج أن نواجهها ونتأقلمَ معها بحرص ووعي بأبعاد القضية. 

وقد لاحظ كل من غطى مؤتمرات المناخ السابقة، خاصة الأخيريْن في شرم الشيخ والإمارات، كيف كان الصراع محتدًا بين الدول النامية والمنظمات البيئية من جهة والدول الكبرى من جهة أخرى والتي تتقاعس وتتلكأ عن تخصيص تمويلات لصندوق مجابهة الأضرار. 

ورغم كون معظم الدول الكبرى لديها سياسات خاصة بها للتكيف واستراتيجيات صحية وطنية لمواجهة تأثيرات الحرارة على مجتمعاتها، إلا أن الدول النامية والفقيرة، ومعظمها ضحايا لعدة عقود جراء صناعات الدول الكبرى والانبعاثات الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري، لم تستفد حتى الآن من الدعم المطلوب للتكيف المناخي.

ولا حلول الآن إلا المزيد من الضغط الدولي على هذه الدول الكبرى حتى تفي بوعودها تجاه الكرة الأرضية التي عانت طويلا من استغلالها وتدميرها ومن طرف الدول الكبرى قبل غيرها؛ وهي بذلك إذا استجابت وتدخلت فسوف تنقذ شعوبها قبل الشعوب الأخرى التي لا يقام لها حساب يذكر!

وحتى يتحقق ذلك، مطلوب الآن جهد إضافي من غرف الرصد المبكّر المحلية حتى تعطي توجيهات مسبقة ليتم اتخاذ الإجراءات الوقائية والحد من الأضرار والخسائر. 

وفي مجال الزراعة التي تؤمّنُ غذاء الناس فهناك حاجة ماسة للتكيف، ويمكن للمزارعين الحد من الآثار الضارة الناجمة عن المخاطر المتعلقة بدرجات الحرارة والجفاف من خلال تكييف أصناف المحاصيل وتغيير مواعيد الزراعة وتغيير أنماط الري. وبدون مزيد من التكيف، من المتوقع أن تنخفض المحاصيل وعائداتها على الفلاح في المستقبل، الذي يعد أضعف حلقة في هذه الكوارث.

أما وقد أصبحت شدة الحرارة أمرًا ليس بشاذٍّ وجزءا من اتجاه طويل المدى، فإن علينا كدولة ومجتمع أن نستعد أكثر فأكثر وأن يكون هذا الملف على قائمة أولوياتنا خلال السنوات العشر المقبلة، وأن نعتمد على ذاتنا في ظل التمويل الدولي الشحيح. ولا أدري هل نحن في مستوى هذه التحديات الجسيمة، وسط تراكم الملفات الساخنة بسبب الصراع المحتدم في المنطقة؛ فأينما نولي وجوهنا هناك خطر داهم يهدد الحياة ويغلق أبواب الأمل! 

مقالات مشابهة

  • المغرب إلى جانب مصر والجزائر.. كاف يكشف عن التصنيف الرسمي للمنتخبات قبل قرعة تصفيات كان2025
  • مصر تدعو الدول الأفريقية إلى مجابهة تحديات السلم والأمن
  • الأمم المتحدة تتبنى قرارا صينيا حول الوصول للذكاء الاصطناعي
  • القوة والنفوذ في آسيا: من سيفرض هيمنته؟
  • واشنطن.. حادثة طعن في إحدى محطات المترو
  • واشنطن تعلق على تصنيف حزب الله بجامعة الدول العربية
  • ضيف ثقيل!
  • انهيار مجموعة الساحل الخمسة.. هل يفتح الباب لتصاعد الإرهاب في أفريقيا؟
  • أكثر من (10) ملايين برميل نفط الصادرات العراقية لأمريكا خلال شهر نيسان الماضي
  • فولودين يوضح سبب إخفاقات بايدن في المناظرة وحزب ماكرون في الانتخابات