الجبهة الشعبيّة تحذّر من تنامي ظواهر الانتحار والهجرة
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
حذرت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين اليوم السبت 02 سبتمبر 2023، من تنامي ظواهر الانتحار والهجرة وغيرها وتدعو لبرنامج انقاذ وطني.
وجاء نص بيان الجبهة الشعبية كما يلي:
بيان صحفي صادر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
الشعبيّة تحذّر من تنامي ظواهر الانتحار والهجرة وغيرها وتدعو لبرنامج انقاذ وطني
تحذّر الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين من تنامي ظواهر مقلقة وخطيرة جداً باتت تهدد المجتمع الفلسطيني من أبرزها تزايد أعداد حالات الانتحار، والهجرة غير الشرعية خاصة بين صفوف الشباب.
وتعد الجبهة أن تزايد مؤشرات حالات الانتحار وتقاطر آلاف الشباب للحصول على تصاريح وأذونات السفر للدول الإقليمية التي تُشّكل المحطات الأولى للهجرة غير الشرعية وركوب قوارب الموت إلى المجهول؛ سببه استمرار العدوان الصهيوني والحصار المفروض على القطاع منذ سنوات طويلة، والتداعيات الخطيرة للانقسام الفلسطيني التي خلقت بيئة لتوالد وتوطين الأزمات، بفعل تواطؤ الجهات الرسمية وتقاعسها في أحيان أخرى، عدا عن قراراتها وإجراءاتها غير المسؤولة التي ساهمت بشكلٍ كبير في إدارة تلك الأزمات استناداً لحسابات الربح والخسارة، والحكم لقوى السلطة بطريقةٍ عظّمت من معاناة المواطنين وفي مقدمتهم فئة الشباب، وزاد من ذلك أيضاً، الدور الذي لعبته جماعات المصالح والاقتصادات الطفيلية التي استثمرت فيها وصنعت نفوذها ومصالحها على حساب المواطن الفقير والشباب بالدرجة الأكبر، مما أفقد آلاف الأسر لأبسط مقومات الحياة الكريمة والأمن الغذائي الذي دفع بدوره لتنامي ظاهرة التسوّل على مفارق الطرق والميادين العامة داخل مدن القطاع، كما تفاقمت ظاهرة عمالة الأطفال واستغلالهم من قبل أصحاب العمل والمصالح التجارية، وانتشار ظاهرة التسوّل الالكتروني وتداعياته الأمنية والاجتماعية الخطيرة، والعديد من الظواهر الأخرى التي باتت تُشّكل إساءة لمنظومة القيم الوطنية والمجتمعية التي طالما تميّز بها شعبنا في أحلك الظروف، في مقدمتها التضامن الاجتماعي والتعفف والكرامة، كما وتشكّل انكشافًا أمنيًا للمجتمع والحاضنة الشعبيّة للمقاومة.
وفي الوقت الذي تراقب فيه الجبهة الممارسات الإجرامية للاحتلال وتهديداته المتتالية للمقاومة وقيادتها، وتمارس دورها النضالي جنبًا إلى جنب مع مختلف قوى وتشكيلات المقاومة في ساحات الفعل النضالي المختلفة للرد على جرائم الاحتلال، فإنها تتابع أيضًا بمسؤوليةٍ عالية تلك المؤشرات المجتمعية والاقتصادية وارتفاع وتيرتها في الآونة الأخيرة، حيث أشارت البيانات الرسمية والأهلية إلى ارتفاع ملحوظ في نسب الفقر بقطاع غزة إلى أكثر من 50% وفي ارتفاع غير مسبوق بمعدلات البطالة بين الخريجين حيث وصلت إلى نحو 75% بينما وصلت نسبة البطالة العامة في القطاع 46%، وكذلك التصاعد بأعداد حالات الانتحار ومحاولات الشروع به، حيث بلغت حالات الانتحار التي أدت للوفاة في قطاع غزة حتى الربع الثالث من العام الحالي 17 حالة وفاة، مقابل 18 حالة سجلت العام الماضي، بينما تفيد تقارير رسمية داخل القطاع بأنّ حالات الشروع بالانتحار التي يتم تسجيلها سنويًا تتراوح ما بين 500 لـ 600 حالة عدا تلك التي لا يتم توثيقها رسميًا، وجميعها مؤشرات تعلل التزايد الكبير بحالات الهجرة غير الشرعية في صفوف الشباب التي كشف عنها مؤخرًا من خلال الاقبال الشديد على أذونات السفر التي سجلتها الشركات المحلية ذات الصلة.
وعليه، فإنّ الجبهة تدعو كافة أطياف شعبنا بكل تلاوينه السياسية والمجتمعية ومؤسساته المدنية إلى مواجهة هذه التحديات والظواهر الخطيرة التي تعصف بالمجتمع الفلسطيني عامة والغزي خاصة، لا سيما في صفوف الشباب على وجه التحديد، من خلال حراك وطني ومجتمعي تتوحّد فيه طاقات الجميع عبر تدشين برنامج انقاذ وطني عاجل، يناقش الأمراض المجتمعية التي تهدد الأمن المجتمعي ويضع خطة للحد من تداعياتها على المديين القريب والبعيد، واقرار سياسات وإجراءات ت فتح من خلالها آفاق للشباب في العمل والمشاركة السياسية بما يُمكنّهم من امتلاك مقومات الصمود واستثمار طاقاتهم وابداعاتهم، وتوجيهها نحو المشروع الوطني التحرري.
كما تدعو الجبهة أحرار العالم إلى الوقوف إلى جانب شعبنا الفلسطيني من أجل وقف العدوان وكسر الحصار الصهيوني المفروض على شعبنا، والذي يُعد المُسبب الأوّل لكل معاناته.
الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين
دائرة الإعلام المركزي
2-9-2023
المصدر : وكالة سواالمصدر: وكالة سوا الإخبارية
كلمات دلالية: ة لتحریر فلسطین الجبهة الشعبی ة حالات الانتحار
إقرأ أيضاً:
قصة المحكي الشعبي: خاطف خضر عليه السلام
د. مريم بنت حميد الغافرية **
ارتبطت شخصية "الخضر" بالعِلم الإلهي والكرامات، ويظهر الخضر في سورة الكهف مع النبي موسى عليه السلام كرمز للعلم اللدُنِّي (العلم الغيبي)، الذي لا يُدرَك بالعقل البشري، وهذا ما أعطى له بُعدًا روحيًّا قويًّا وجعل الناس يربطونه بالأسرار الإلهية والكرامات.
ظهرت شخصية الخضر لأول مرة في قصص القرآن الكريم، في سورة الكهف، التي حكت قصته من الآية (60- 82)، يظهر الخضر معلمًا للنبي موسى عليه السلام، وهو يحمل علمًا لدُنيًّا لا يعرفه الأنبياء إلا -بإذن الله تعالى- ومن خلال أفعاله الغريبة:
(خرق السفينة، قتل الغلام، وإقامة الجدار) يتضح أنه يفعل أشياء ظاهرها شر وباطنها خير.
هذا التقديم القرآني الفريد لأحداث اللقاء وسرد الحوار القصصي؛ أعطى شخصية الخضر ميزات أسطورية، منها:
العلم اللدُنِّي الحكمة العميقة القدرة على خرق قوانين الظاهر الارتباط بالكراماتبعد انتشار الإسلام والظهور القرآني؛ تلقفت الحكاية الشعبية شخصية الخضر ووظفتها بأساليب فنية وثقافية، فصار رمزًا روحيًّا في القصص الشعبية، بل إن ذكره عند العوام أصبح يتكرر في معرض المحكي الشعبي اليومي، صار الخضر يمثل رمزيات متعددة وأصبح:
رمزًا للحكمة الخارقة (العلم اللدُنِّي)، في القصص كثيرًا ما يظهر؛ ليقدم حلا لمشكلة تبدو مستحيلة، لكنه يفعلها بطريقة لا تخطر على بال بشر. رمزًا للمُنقِذ الغيبي؛ فيستحضر الحكواتي أو السارد الخضر في لحظة الأزمات (في البحر، في الصحاري، في المرض، في الحروب...) وبعضهم في الدعاء الصوفي: "يا خضر أدركني"... رمزًا للتجوال الأبدي؛ ففي بعض الحكايات الشعبية تصور الخضر على أنه لم يمتْ، وما زال يجوب الأرض. رمزًا للارتباط بالماء والخضر؛ فكلمة الخضر ارتبطت بالخصب والبركة.وقد وُظفت رمزيته في الحكايات الشعبية بصور مختلفة، منها:
يعد الخضر "شيخ الأولياء" في الحكايات الصوفية، يظهر لمن بلغ مقامًا روحيًّا معيَّنًا. يظهر في حكايات النساء؛ يُروى أنه يساعد امرأة في ورطة أو يظهر لها كرامة. يظهر في القصص الريفية؛ فيأتي في صورة رجل مسافر بسيط لا يُعرف إلاّ بعد رحيله. وقد تعددت رموز شخصي الخضر في الأدب الشعبي؛ فرمز إلى المرشد الروحي، البركة، الحضور في الكرامات وبقوة، ورمز التصوف، والحكمة اللدنية. شخصية الخضر في الأدب الصوفي.وكان للصوفية دور مهم في نشر رمزية الخضر كـ"الهادي الغيبي" أو "الرفيق الروحي" وهو ما انعكس في القصص الشعبية بقوة. إن غموضه جعله أرضًا خصبة للأساطير والحكايات، كل بيئة تضيف له صبغتها؛ ففي المشرق يظهر في صور الأولياء والصالحين وأصحاب الكرامات؛ أما في المغرب العربي؛ فله مكانة خاصة كجامٍ للعيون والينابيع.
شخصية الخضر في الحكايات الشعبية العُمانية
تجلت صورة الخضر في الحكايات الشعبية العمانية، كفاتحة للحديث عن الأشياء العظيمة، وكثيرًا ما تنتهي في معرض التأمين بعد الدعاء أو أثنائه عند الحكواتيين أو كبار السن، ففي حكايات عمان الداخل وجبال الحجر الغربي والشرقي وبعض قرى الساحل، يذكرون الخضر في حديثهم المحكي بالعامية "خاطف خضر عليه السلام" أثناء سرد الحكاية أو قبل الختام وتأتي في جملة التأمين على الدعاء" يا خاطف خضر عليه السلام".
إن أغلب السرد المسموع عن الحكواتي والراوي يتضمن هاتين العبارتين:
" خاطف خضر عليه السلام"، "يا خاطف خضر عليه السلام"، والحكايات الشعبية تظهر الخضر صاحب كرامة وأنه من أولياء الصالحين، وغالبًا ما يكون الخضر هو البطل المنقذ في الأزمات.
وتتجلى كرامات الخضر في حكاية سالمة أخت الحطَّاب؛ إذ تقول الحكاية:
كان هناك ولدٌ شاب وأخته اسمها سالمة، يعيشان بحب وسعادة وتعاون. الأخ يعملُ حطابًا، وأخته سالمة تطبخ الطعام وتخبز على الرحى.
مرت الأيام وكبُر الأخوان...فكرت سالمة في البحث عن زوجة مناسبة لأخيها الحطاب، وبعد بحث طويل؛ وجدت زوجة لأخيها... عاش الثلاثة معًا. مرت الأيام وبدأت الزوجة تغار من سالمة وفكرت في طريقة للتخلص منها بعد أن كبرت ابنتها وأصبحت تساعدها في شؤون البيت. أصبح وجود سالمة مزعجًا بالنسبة لها.
بدأت تخطط وقالت لزوجها: ما رأيك أن تأخذ أختك سالمة؛ لتحتطب معك وتبقى إلا الليل ثم تتركها لتعيش حياتها، ونحن نعيش حياتنا... فكر الحطاب كثيرا ثم قال لزوجته: أخشى على أختي من الجوارح والسباع. قالت الزوجة: إن أختك نجيبة وتحسن التطرف.
اصطحب الحطاب أخته، التي كانت سعيدة بمرافقته. طال النهار وحضر موعد الغداء وتغديا سويا ومرت سويعات النهار، وجن الليل وأخبر سالمة أنهما سيبيتان في ذلك المكان. مرت ساعات الليل الأولى وتأكد أن أخته نامت؛ تركها مسرعا للبيت وأخبر زوجته بالتفاصيل؛ فهونت عليه.
أشرقت الشمس لتجد سالمة نفسها في الصحراء، فكرت بعد حزن وبكاء أن ترسم ما تتخيله في ذهنها من أشجار وأنهار وقصور وبدأت ترسم على الأرض؛ مر عليها الخضر وسألها عن الماء فأعطته مما تبقى عندها، وسألها عن الطعام فأعطته ما بقي من طعام. شكرها ثم مسح بيديه على تلك الرسومات وتحولت الأرض إلى غابة من الأشجار المثمرة والأنهار والقصور الجميلة؛ لتعيش سالمة بنعمة ونعيم.
مرت الأيام وبعد مدة حن الحطاب لمعرفة مصير أخته وما حل بها، وفعلاً ذهب للمكان الذي تركها فيه، لكنه تفاجأ بتلك الجنة الدنيوية ووجد أخته كالأميرة، وطلب منها السماح؛ فسامحته، وأعطته من خيرات الثمار ما لذ وطاب.
ذهب وحكى القصة للزوجة الظلوم، وأصرت عليه أن يفعل مع ابنته كما فعل مع أخته. نفذ الخطة نفسها، لكن ابنته كانت سيئة الطباع، صعبة المزاج... حين استيقظت، بدأت تنادي أباها ولا مجيب، وأخذت بعد تعب طويل ترسم السباع والضباع، ومر عليها الخضر عليه السلام، سألها: ماذا تفعل؟ صرخت عليه! ما شأنك أنت، دعني في حالي. قال لها: عابر سبيل يطلب الماء والطعام. نهرته وامتنعت عن إعطائه شيئًا مما تملك من الطعام الوفير الذي أعدته أمها. مسح الخضر عليه السلام بيديه على تلك الرسومات وتحولت إلى سباع حقيقية، افترست تلك الفتاة، سليطة اللسان.
مر يومان وقررت الزوجة الذهاب لزيارة ابنتها؛ لترَ الجنة التي رزقت بها ابنتها. تفاجأت ببقايا قماش كانت ترتديه الابنة عندما تركت أمها وأن السباع تنتظرها في المكان، التهمت الأم الظالمة وبقي الحطاب وأخته سالمة.
ظهرت شخصية الخضر صاحب الكرامة، الذي أنقذ سالمة وأهلك زوجة الأخ وابنتها، كما ظهرت شخصية الخضر كعابر سبيل اختبر كرم وبخل المرأتين؛ فكان الجزاء من جنس العمل، وكما زرعت الزوجة الظالمة؛ حصدت.
وتستأنس الجدات عند الحكاية بقولهن: "خاطف خضر عليه السلام" أو أثناء الحديث عن هول أو دعاء يعقبه قول: "يا خاطف خضر عليه السلام"، وهذا التكرار والاستحضار يدل على أثر المعتقد الديني في التراث الشعبي الحكائي العُماني، وتنبثق قصة هذا المحكي من وجود بعد ديني روحي في الحكايات الشعبية العمانية وأن وظيفة الحكاية الشعبية تؤدي دورًا في التربية والتوجيه قديمًا وحديثًا.
** باحثة وكاتبة في الدراسات الأدبية والنقدية