يمن مونيتور:
2025-03-20@01:49:17 GMT

“اليمن من الداخل”.. رحلات في أمكنة التاريخ

تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT

“اليمن من الداخل”.. رحلات في أمكنة التاريخ

يمن مونيتور/الجزيرة

يطوف الصحفي والناقد والكاتب المتخصص بالشأن الثقافي اليمني، أحمد الأغبري، بقارئه في مناطق شتى من اليمن ضمن كتابه الصادر حديثا “اليمن من الداخل.. المكان شاهدا” عن دار “عناوين بوكس” في القاهرة.

في 200 صفحة، تتوزع رحلات الأغبري على 20 مكانا؛ تبدأ من مدينة إب وسط البلاد وتنتهي بشارع المطاعم الواقع في زاوية بميدان التحرير في قلب العاصمة صنعاء الذي يعد ملتقى للأدباء والكتّاب والفنانين، حيث صخب الحياة اليومية وحزمة مطاعم تقدم وجبات شعبية يؤمها البسطاء في الأغلب.

يحاول الكتاب، تقديم قراءة مختلفة لليمن من داخله، كشهادة حية عن بلد يتصدر المكان واجهته الثقافية؛ حيث المكان هو أول الدروب إلى ذاكرة الإنسان، وأهم شاهد على هُويته ومنجزه الثقافي، كما هو وسيلته للتعبير عن خصوصيته.

وتشمل الرحلة مدنا كصنعاء وعدن وإب وشبام حضرموت وثِلاء والهجرين ودمت وتريم والطويلة، وهي مدن تتناثر جغرافيا من شمال البلاد مرورا بوسطها وإلى جنوبها، وجزيرة سُقطرى؛ حيث الطبيعة البكر وحديث الناس بلغتهم السقطرية المختلفة عن لغة اليمنيين المعتادة ولهجاتهم المنبثقة عنها.

“الزمردة الخضراء”

ويذهب الكاتب إلى محمية عُتمة الواقعة في محافظة ذمار (وسط اليمن)، حيث ينبسط جمال الطبيعة ببذخ، يفترش الأرض متموجا وصاعدا إلى المرتفعات بمدرجاتها الساحرة وهابطا في الوديان المكسوة بالاخضرار معظم أيام السنة.

ويُطلِق الكاتب على محمية عُتمة اسم “الزمرّدة الخضراء”؛ نسبة إلى تنوع خصوصياتها النباتية والحيوانية معتمدة على غطاء نباتي يمتد إلى أحراش وغابات جبلية يوفر مرعى للحيوانات الأليفة ومرتعا لحيوانات وطيور برية متنوعة.

 

ويحذر الكاتب من مخاطر التحطيب الجائر الذي تزايد في السنوات الأخيرة متسببا في استهلاك نحو 90% من الأشجار المعمرة في ظل أزمات انعدام وارتفاع أسعار غاز الطهي، كما يحذر من الحفر العشوائي المتزايد لآبار المياه واتساع زراعة القات على حساب بؤر رئيسة في المحمية.

كبرياء وإهمال

ويتوقف الكاتب أمام شواهد المكان وخصوصيته في قرية “بيت بوس” الأثرية المنتصبة بكبرياء أسطوري على تل صخري جنوب غرب مدينة صنعاء، فيعدها شاهدا ليس فقط على خصوصية القيمة الحضارية للحصون والقلاع في التاريخ اليمني، وإنما أيضا على فداحة ما يشير إليه بـ”المأساة التي ترتكبها المدينة الحديثة بعمقها التاريخي الحضاري لضواحيها وتداعيات إهمال الصيانة والترميم”.

ويذهب بعيدا إلى قرية “حيد الجزيل” الواقعة غربي محافظة حضرموت؛ حيث يمر “وادي دوعن” الشهير وتجثم بيوت طينية على سطح جرف صخري ضخم يقع على ربوة تتوسط ملتقى واديين، في مشهد يتداخل فيه موقع الصخرة الفريد وبهاء المعمار الطيني الجميل، ومن حولهما خضرة الوادي وزهو الجبال وأنفتها.

ومنتهيا من “جهة المدينة” أو ما يقول عنه “الناصية الأولى” التي شملت 9 مدن، تتبعها قريتان ضمن طريقه “جهة القرية”، ثم الطريق الثالث “جهة المدرسة والقصر”، حيث يتوقف الكاتب في رحاب “المدرسة العامرية” في “رداع” وسط البلاد الشاهدة على فن الزخرفة، ومنها يتجه الكاتب (والقارئ معا) إلى دهشة العمارة الطينية في “قصر سيئون” بأقصى شرق البلاد الحضرميّ، ثم عودة إلى “دار الحجر” القصر الذي شُيّد بروح قصيدة.

والطريق الرابع “جهة الجزر والمحميات” يطوف فيه الأغبري “جزيرة سُقطرى” البكر بطبيعيها المنفردة وبلغتها وطقوس وإرث إنسانها، وينتهي به الطريق عودة إلى محمية “عتمة” غير القريبة تماما.

مقهى مدهش.. ملتقى الإبداع

أما الجهة الأخيرة في تبويبات الكتاب فتتأمل زوايا واحتشادات “شارع المطاعم” في قلب مدينة صنعاء، الذي لا يقتصر ارتياده على “المتعبين والمثقلين بالخسارات” من الفئة العمالية الكادحة وغيرهم، ولا فئة السياسيين من وزراء وسفراء ورجال أعمال وطلاب وموظفين.

غير أن الكاتب، يتوقف هناك ليقرأ علاقة الشارع بالمبدعين والإبداع عموما، فهؤلاء “وإن كانت لهم خساراتهم وهمومهم أيضا”؛ فإنهم أضافوا زخما آخر لهذا المكان، فقد صار “مقهى مُدهِش” -أحد مقاهي شارع المطاعم- ملتقى يوميا يقصده كثير من الأدباء والفنانين والصحفيين.

مشروع ثقافي يمتد منذ ربع قرن

يقول الكاتب أحمد الأغبري للجزيرة نت إن كتاب “اليمن من الداخل” يأتي ضمن مشروع ثقافي يشتغل عليه منذ ربع قرن خلال عمله في الصحافة والكتابة، ويستهدف إعادة تقديم اليمن من زاوية غيّبتها السياسة والحرب والصراع على السلطة على مدى العقود الماضية؛ وهي زاوية القيمة الإبداعية الجمالية لنتاج البلد الثقافي.

وينوه الأغبري إلى أن الكتاب هو “نتاج 10 سنوات من التنقل بين مناطق اليمن والكتابة عنها، وقد ارتكز على المكان باعتباره الشاهد الأهم على عظمة الفن، الذي انتمى إليه أسلافنا، كهوية حمت تنوعهم”.

ويضيف أن الكتاب يمثل دعوة للأجيال الحالية من اليمنيين للعودة للانتماء للفن؛ الذي تتجلى عظمته بين ظهرانيهم، وتحديدا فيما قدمه الأجداد من تنوع وجمال، تفلسفه علاقتهم بالمكان، وتترجمه المدن والقرى والحصون والقلاع والمدارس والقصور.

وتابع “تنقل الكتاب بين الجهات الأربع لليمن على امتداد تنوعه: تفاصيل انطلقت من الجغرافيا، تعاملت مع التاريخ، واعتمدت أدب الرحلة، كتبتها بجوارحي كشهادة مرتبطة بأسباب الحياة والنهضة في بلد تتزاحم فيه أخبار الموت والتخلف”.

وهذا الكتاب هو سرديات وصفية لرحلات مكانية مرتدية ثوب الأدب ومتحدثة بلغة الفن؛ تقدم شهادة متخففة من أي تحيز عن بلد يتآكل حضوره الابداعي في وعي أبنائه: شهادات تروي سير الأجداد مع المنجز الحضاري، ودليل يرشد إلى طريق النجاة واستئناف النهوض.

 

وهذه الطريق هي الانتماء للإبداع والفن، حيث يتتبع الكتاب ملامح الفن في المكان في سياق التعرف إلى الهوية من خلال ثنائية المكان والإنسان؛ لقراءة أبرز ملامح شخصية هذا البلد.

ويفيد الأغبري بأن هناك كتابين آخرين له يصبان في ذات الاتجاه، سيصدران لاحقا، الأول يُعيد الاعتبار لليمن في علاقته بالفن، لكن هذه المرة سينطلق من الحاضر، وتحديدا من أبرز تجليات الفن الحديث، وعلى وجه الخصوص الفن التشكيلي؛ وفيه يقدم قراءات في أبرز التجارب التشكيلية اليمنية. والكتاب الآخر يشتغل على تجربة اليمن مع فنون الأداء (المسرح والغناء والموسيقى والسينما والدراما).

20 نصا

من جهته، يلفت الروائي اليمني، وجدي الأهدل، الانتباه إلى أنه جرت العادة أن يكتب الرحالة العرب والمستشرقون الأجانب عن رحلاتهم وإقامتهم في اليمن، ولكن الكاتب والصحفي اليمني أحمد الأغبري كسر هذه القاعدة، وسخّر قلمه لوصف بلاده والتغزل بمحاسنها، فقد جاب اليمن من شرقها إلى غربها، ومن جنوبها إلى شمالها، وتنقل بين سهولها وشعابها وجزرها وسواحلها، ودوّن -خلال سنوات- ثروة من المعلومات والأوصاف؛ جامعا بين التأريخ والجغرافيا.

وقال الأهدل للجزيرة نت “إننا أمام 20 نصا، كل نص يتحدث عن بقعة جغرافية أو معلم تاريخي يتميز بفرادة وعراقة ضاربة في جذور التاريخ”.

وكان صدر للأغبري عام 2020 كتاب بعنوان “أجنحة الكلام وفضاء الأسئلة- مقاربات يمنية”، حيث يقدّم اليمن من خلال نتاجات سردية وشعرية على امتداد عقود؛ بما فيها التي صدرت خلال سني الحرب، متضمنا شهادة مغايرة ومنصفة عن بلد “يتحول إلى مقبرة كبيرة لأبنائه، ويعكس للآخر صورة ليست هي صورته المتأصلة في متن شخصيته”، على حد تعبير الكاتب الأغبري.

 

 

 

 

 

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الأغبري الثقافة اليمن الیمن من

إقرأ أيضاً:

مشروع ترميم قصر سيئون التاريخي.. حماية للموروث التاريخي والثقافي في اليمن بتمويل من البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن وتنفيذ “اليونسكو”

المناطق_واس

انطلاقًا من أواصر الأخوة المتينة والروابط التاريخية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية، ودعمًا للجانب الثقافي والحفاظ على الموروث التاريخي في اليمن، جاء مشروع ترميم قصر سيئون التاريخي في محافظة حضرموت؛ بهدف حمايته بصفته معلمًا ومركزًا ثقافيًا بتمويل من البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن وتنفيذ منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، وبالتعاون مع وزارة الثقافة بالمملكة والهيئة العامة للآثار والمتاحف في اليمن، وبدعم لوجستي وفني من الصندوق الاجتماعي للتنمية في اليمن.

ويأتي مشروع ترميم قصر سيئون التاريخي في إطار مساعدة الحكومة اليمنية لحماية التراث اليمني من الاندثار، امتدادًا لدور المملكة العربية السعودية الريادي في المحافظة على تاريخ وآثار الجزيرة العربية والدول العربية والإسلامية، واهتمام المملكة في حفظ وصون التراث المادي وغير المادي في اليمن عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن.

أخبار قد تهمك غارات أمريكية جديدة على الحوثيين في الحديدة باليمن 17 مارس 2025 - 10:18 مساءً مشروع “إعادة تأهيل طريق يربط محافظة تعز بعدة محافظات” يشكّل أهميةً بالغةً في حياة 5 ملايين يمني عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن 17 مارس 2025 - 9:51 مساءً

ويهدف المشروع إلى ترميم قصر سيئون الثقافي والتاريخي وحمايته كمعلم ومركز ثقافي في بيئة حضرية عبر أيد عاملة يمنية، ويعد قصر سيئون من أبرز المعالم في وادي حضرموت وتجاوز عمر القصر الطيني أكثر من 500 عام، ويعد من أكبر القصور الطينية في العالم ويتكون من سبعة طوابق و 45 غرفة.

ويعمل البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن على إعادة إحياء التراث والمحافظة عليه وترميم المباني التاريخية وتعزيز القدرات العاملة في المجال الثقافي، وتنفيذ مبادرات نوعية تعود في تعزيز العملية التنموية، وأيضًا تمكين تنمية فعالة إضافة إلى خلق نتائج إيجابية عبر تعزيز المنافع الاقتصادية في اليمن.

ويسهم البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن في الحفاظ على الموروث الثقافي غير المادي عبر عدة مشاريع ومبادرات تنموية منها: مشروع معمل حرفة في محافظة أرخبيل سقطرى الذي يأتي لدعم 114 مستفيدة مباشرة و570 مستفيدة غير مباشرة في مجال الحرف اليدوية والخياطة؛ بهدف تهيئة الظروف والموارد المناسبة لتحسين الوضع المعيشي للمرأة اليمنية وبناء قدراتها وإمكانياتها للتعلم والانخراط في سوق العمل، وامتدادًا لدعم البرنامج لتمكين المرأة اليمنية اقتصاديًا.

كما يسهم البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن بالتعاون مع وزارة الثقافة اليمنية ودارة الملك عبدالعزيز في حفظ وصون التراث اليمني عبر الحفاظ على الوثائق والمخطوطات في مكتبة الأحقاف التاريخية بمدينة تريم في محافظة حضرموت، من خلال رقمنتها ومعالجتها وإعادة ترميمها، وبناء قدرات الأشقاء في اليمن للحفاظ على هذه الوثائق وتاريخ اليمن.

وتشمل مشاريع ومبادرات البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن في دعم المجال الثقافي الاحتفاء بيوم اللغة المهرية بمشاركة منظمة اليونسكو وذلك في المدارس النموذجية التي أنشأها البرنامج في محافظة المهرة، إسهامًا في رفع الوعي الثقافي تجاه الموروث اليمني وتنميته والحفاظ عليه من الاندثار، وامتدادًا لدعم البرنامج لمختلف القطاعات الأساسية والحيوية، حيث تعدُّ اللغة المهرية لغة سامية وإحدى اللغات العربية كالسقطرية والشحرية وغيرها.

كما تشمل مشاركة البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن في معرض “بين ثقافتَين” بنسخته الأولى الذي نظمته وزارة الثقافة في الرياض خلال الفترة من 8 – 20 سبتمبر 2023م، للتعريف بالثقافة السعودية واليمنية، وعرض أوجه التشابه بينهما، متناولاً عدة جوانب مختلفة كالأزياء والفنون البصرية والعمارة والتصميم وفنون الطهي، لتعزيز التبادل والتعاون الثقافي، حيث أسهم المعرض في إثراء المعرفة الثقافية للزائرين، وذلك عبر التعريف بالتاريخ الفني للمملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية.

وشارك البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن في احتفاء وزارة الثقافة بالأوركسترا اليمنية بالتعاون مع وزارة الإعلام والثقافة والسياحة اليمنية، في نوفمبر 2024م بمركز الملك فهد الثقافي بالرياض، الذي تضمن عرضًا فنيًا أدّاه فنانون يمنيون اشتمل على ألوان موسيقية وغنائية متنوعة ممزوجة بفنون تقليدية مستوحاة من ألوان التراث اليمني، مثل: العدني، والصنعاني، والحضرمي، وشاركهم موسيقيون سعوديون في تقديم مقطوعات تراثية مشتركة بين البلدين الشقيقين، حيث صاحب الحفل فعاليات جانبية، تمثلت في مشاركة البرنامج بجناح يستعرض مشاريعه ومبادرات التنموية التي بلغت 264 مشروعًا ومبادرة في ثمانية قطاعات أساسية وحيوية، وهي: التعليم، والصحة، والمياه، والطاقة، والنقل، والزراعة والثروة السمكية، وتنمية ودعم قدرات الحكومة اليمنية، والبرامج التنموية، وذلك في مختلف المحافظات اليمنية.

ع / عام / مشروع ترميم قصر سيئون التاريخي.. حماية للموروث التاريخي والثقافي في اليمن بتمويل من البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن وتنفيذ “اليونسكو” 9

مقالات مشابهة

  • بسبب الغارات الأميركية على العاصمة صنعاء … إصابات في صفوف النساء والأطفال وسيارات الإسعاف تتجه نحو المكان ” صور “
  • مشروع ترميم قصر سيئون التاريخي.. حماية للموروث التاريخي والثقافي في اليمن بتمويل من البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن وتنفيذ “اليونسكو”
  • لأول مرة في التاريخ الدولي.. إمرأة “متحولة جنسيا” تدير مباراة كرة قدم
  • “برنامج إعمار اليمن” يعزز مصادر المياه في عدن وحضرموت باستخدام الطاقة المتجددة
  • إطلاق صفارات الإنذار في جنوب “اسرائيل” بسبب مقذوف أطلق من اليمن
  • عاجل : الكشف عن الموقع الذي استهدفته الغارات في العاصمة صنعاء وسماع سيارات الإسعاف تهرع نحو المكان 
  • نائب أمير منطقة حائل يتسلّم التقرير الختامي لـ “مؤتمر أجا التقني” الذي أقيم بالمنطقة
  • بيتكوفيتش: “بن ناصر الذي كان يرغب بشدة في التواجد معنا لكن..”
  • “معركة بدر” نقطة تحوّل في التاريخ الإسلامي ودروس خالدة في القيادة والتخطيط
  • الشابندر يدعو الحكومة العراقية الى تطهير الداخل من “العملاء”