ملوك مصر| "بسمتيك الأول".. مُخلِّص مصر من الآشوريين
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
تعد الأسرة السادسة والعشرين، التي تبدأ بالملك «بسمتيك الأول» ابن الملك «نيكاو»، وتنتهي بالملك «بسمتيك الثالث» من الأسر التي يعرف الأثريون تاريخها بصورة مرضية على وجه عام، وتحتوي هذه الأسرة على ستة ملوك حكموا جميعًا حوالي تسع وثلاثين ومائة سنة.
وبدأ حكم الأسرة السادسة والعشرون بالسنة الرابعة والستين والستمائة، وينتهي بالسنة الخامسة والعشرين والخمسمائة قبل الميلاد.
وقد عُد «بسمتيك الأول» بين الأثريين باعتباره مؤسس أسرة جديدة، مع أنه من سلسلة أسرة ملوك متتابعين وهم ملوك الأسرة الرابعة والعشرين. حيث أصبحت البلاد في عهده مستقلة، بعد أن كانت ترزح تحت نير الحكم الآشوري.
ويفسر البعض تحديد بداية الأسرة السادسة والعشرين ببداية حكمه لأن الوضع يُشبه تأسيس الأسرة الثامنة عشرة التي تؤرخ بدايتها بحكم «أحمس الأول»، والذي كان أخًا للملك «كامس» آخر ملوك الأسرة السابعة عشرة، ومع ذلك عد مؤسسًا لأسرة جديدة.
وأسس «بسمتيك الأول» أسرة جديدة سار بها في طريق الاستقلال حتى بلغت غايته، ثم أخذ بعد ذلك في تأسيس إمبراطورية جديدة على أنقاض النير الآشوري والكوشي، ونهض بها نهضة كانت مضرب الأمثال في تاريخ «مصر» والشرق عامة.
ولا نزاع في أنه منذ حوالي عام 660 ق.م قد سيطر «بسمتيك الأول» على كافة أراضي مصر بحزم، حتى أن الأجانب و«الآشوريين» أنفسهم أطلقوا عليه «ملك مصر».
وفي الجزء الثاني عشر موسوعة «مصر القديمة»، والذي تناول "عصر النهضة المصرية ولمحة في تاريخ الإغريق"، يشير الأثري الراحل سليم حسن إلى أنه، في الواقع، كان النصر الباهر الذي أحرزه «بسمتيك»، هو -في حقيقة الأمر- كان بداية القضاء المبرم على كيان الإمبراطورية، التي بدأ بتكوينها ملوك الأسرة الثانية عشرة، والتي بلغت ذروتها في عهد ملوك الأسرة الثامنة عشرة.
يقول: فقد محيت «مصر الكبرى» -التي كانت تتكون من مصر وكوش وبلاد آسيا- بعد أن استمرت شامخة ما يقرب من عشرين قرنًا من الزمان، وحلت محلها «مصر الصغرى» للمرة الأولى في التاريخ.
وتدل الآثار على أن هزيمة الأمراء الحربيين الشماليين، وضم إمارة «طيبة» التي كان يسيطر عليها «آمون» وطرد «الكوشيين» و«الآشوريين» نهائيًّا من «مصر» لم يستغرق أكثر من تسع سنين.
وتابع: غير أن هذه الأعمال العظيمة التي حققها «بسمتيك» لم تؤلف إلا جزءًا صغيرًا من مشاريعه العظيمة. إذ كان واجبه بعد ذلك ينحصر في إعادة الرخاء إلى بلاده، أو على أية حال كان عاقدًا آماله على أن ينتشلها من البؤس الذي استمرت ترزح تحت عبئه قرنين من الزمان قضتها في حروب داخلية وغزوات خارجية.
هذا بجانب أنه لم توجد مدينة من مدن مصر من أول «أسوان» حتى «بلزيوم» لم تصل إليها أيدي التخريب، سواء أكان ذلك على أيدي الأجانب أم المصريين أنفسهم، وفق حسن.
وكانت المدينة الملكية بلا نزاع في عهد هذا الملك هي «سايس»، وهي مسقط رأس أجداده ومعقلهم الحصين منذ أن أخذ «تفنخت» أميرها العظيم يناضل عن ملك مصر في وجه «الكوشيين»، وبخاصة في عهد «بيعنخي».
وفي وصف المدينة، يقول سليم حسن: استمرت هذه المدينة الشوكة المؤلمة في جسم ملوك الأسرة «الكوشية» حتى قضي عليها نهائيًّا، وتقهقر ملوكها إلى الجنوب ثانيةً ولزموا عقر دارهم. فقد رأينا كيف أن «بوكوريس» قد نهاض «شبكا»، ثم وقف ثانية في وجه ملوك «الآشوريين» على الرغم من إغرائه بالمال والحكم. وأخيرًا جاء بعده «بسمتيك» وخلص البلاد من «الآشوريين» أولًا، ومن الكوشيين آخرًا.
وقد أقام ملوك الأسرة السادسة والعشرين في هذه المدينة قصورهم ومقابرهم، غير أن مقتضيات الأحوال قد جعلتهم يتخذون عاصمة الملك الرسمية «منف»، وذلك على غرار ما فعله الرعامسة، فقد كانت عاصمة ملكهم السياسية «قنتير» في حين كانت عاصمتهم الحقيقية «طيبة».
وكانت «سايس» في الواقع مقامة على الفرع «الكانوبي» للنيل وهو أهم فروعه. وفي العصر الذي كانت فيه مصر مقسمة مقاطعات متنافرة متناحرة، كان الأمير الساوي في مقدوره أن يقف في وجه السفن التي تسير على الطريق الرئيسي إلى «منف». وتشير موسوعة «مصر القديمة» إلى أنه من المحتمل أن هذا هو السبب الذي من أجله كانت «سايس» و«منف» مرتبطتين معًا.
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
من كانت تقاتل إسرائيل في غزة؟
د. أحمد بن علي العمري
تدخلت حركة حماس مع حركات المقاومة الفلسطينية الأخرى في السابع من أكتوبر 2023 في غفوة من النظام الإسرائيلي باستخباراته وقوته، وأسرت العديد من الجنود والمجندات الإسرائيليين وحتى بعض المدنيين، والعالم كله يعرف بما فيه إسرائيل أن حركات المقاومة لا تعني الأسر بالمعنى المُطلق له ولكنها تأسر من أجل إنقاذ أسرى لها مظلومين في السجون الإسرائيلية، ساعتها هبَّ العالم المنافق كله متداعيًا لأجل إسرائيل، مدعين أنَّ حركات المقاومة هي الظالمة والمعتدية وحتى الإرهابية، ونسوا أن أكبر كثافة سكانية على الإطلاق في العالم في قطاع غزة، محاصرة منذ سبعة عشر عامًا.
لقد عانوا تحت هذا الحصار ولم يبق أمامهم إما العيش بكرامة أو الموت بكرامة، وما أصعب على الإنسان أن يختار بين العيش والموت.
المهم حصل ما حصل والعالم شاهد على ذلك، ولكن الغطرسة الإسرائيلية والجبروت الصهيوني لم يقبل ذلك فقد أعلن الحرب على غزة في حدودها الضيقة جدًا وجغرافيتها الصغيرة، معلنًا أن أهداف الحرب تتمثل في القضاء على حماس وتحرير الأسرى.
ولكن ماذا حصل بعد 471 يومًا من الحرب؟ هل تم القضاء على حماس وهل تحرر الأسرى؟
كلا، لم يحدث من ذلك شيء؛ بل العكس، هُزم الجيش الذي يزعم أنه لا يُقهر، على الرغم من الدعم الأمريكي المنقطع النظير والدعم الأوروبي الوفير، فلقد بقي المجاهدون أمام أعتى القوات العالمية وانتصروا بكل بسالة وشجاعة.
نعم هكذا هي المقاومة عندما يتقدم قادتها رجالهم المقاتلين ولا يبقون في الصفوف الخلفية فلقد استُشهد القائد إسماعيل هنية واستُشهد يحيى السنوار وشهد له العالم أجمع بأنه استشهد مقبلًا غير مدبر، ولم يكن محتميًا بالأسرى ولا بالدروع البشرية كما ادعى العدو.
وعند توقيع إسرائيل اتفاقية وقف إطلاق النار مرغمة على الرغم من الدعم الأمريكي والأوروبي لها، ماذا حدث؟ ومع تسليم أول دفعة من الأسيرات الإسرائيليات ماذا الذي ظهر؟ ظهر رجال المقاومة بكل عدتهم وعتادهم وسياراتهم منتشين رافعين الروس.
إذن.. فمن كانت تقاتل إسرائيل ومن قتلت وفي عددهم 50 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف جريح.
الظاهر والواقع والحقيقة أنها لم تقتل ولم تجرح سوى المدنيين الأبرياء العزل، وقد عاثت فسادًا بتجريف الشوارع وهدم المدارس والمساجد والمستشفيات والجامعات، وحتى نبش القبور وفي أكبر المظاهر الإنسانية اشمئزازًا سماحها للكلاب الضالة بنهش الجثث.
فهل بعد هذا إنسانية؟
ولله في خلقه شؤون.
رابط مختصر