لن يبكي أحد على الأكراد
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
آخر تحديث: 2 شتنبر 2023 - 9:42 صبقلم:فاروق يوسف قبل 1991 لم تكن إيران وتركيا تشعران بالخطر الذي يمثله أكراد العراق على أمنهما واستقرارهما وتمكنهما من ضبط أمور حدودهما مع العراق.كانت هناك حكومة قوية في بغداد استطاعت أن تنهي التمرد الكردي عام 1975 حين وقّع العراق مع إيران اتفاقية ترسيم الحدود فتعهدت الحكومة الإيرانية يومها بالكف عن دعم المتمردين الأكراد مما أدى إلى انهيار الحلم الكردي في إنشاء دولة قومية مرة أخرى.
بعد أن ألحقت قوات التحالف الدولي التي تزعمتها الولايات المتحدة الهزيمة بالقوات العراقية وأخرجتها من الكويت فرضت حظرا على الطيران العراقي في سماء المنطقة الشمالية مما سمح للأكراد أن يلملموا أحوالهم من غير أن يتمكنوا من طي صفحة خلافاتهم الداخلية.سمحت تلك الخلافات للتدخل الخارجي في أن يكون جزءا من الصراع بين الحزبين الرئيسيين في المنطقة التي صار يُطلق عليها “كردستان” على أمل إقامة كردستان الكبرى. توزع ولاء الحزبين بين الدولتين الجارتين. كان الحزب الديمقراطي الكردستاني يميل إلى تركيا فيما يميل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني إلى إيران. كان ذلك تقليدا قديما حكم الحزبين بالذيلية بحثا عن سند إقليمي على الرغم من أن مسعود بارزاني قد استنجد بصدام حسين يوم أوشكت قوات الاتحاد الوطني على الدخول إلى أربيل عام 1996. تدخلت القوات العراقية يومها وخرجت بعد ثلاثة أيام بعد أن أزيح الخطر عن أربيل.وبالرغم من تبعية الحزبين إقليميا فإن الدولتين الجارتين لم تثقا بما يخبئه أكراد العراق. صحّت توقعاتهما بعد 2003. سقط النظام العراقي بالغزو الأميركي ونجح الأكراد دستوريا في إقامة كيانهم المستقل في ما يُسمى بالإقليم الكردي الذي هو في حقيقته دولة داخل الدولة، وهي دولة تعتاش على حصة الأكراد في واردات النفط العراقي بعد أن فرض الأميركان نظام المحاصصة الطائفية الذي سمح للأكراد في أن يكونوا جزءا من الطبقة السياسية التي تحكم العراق من غير أن يسمحوا لحكومة بغداد بالاطلاع على أحوالهم وطريقة تصريفهم لشؤونهم السياسية. ومما يؤخذ على الزعماء الأكراد أنهم لم يراعوا حساسية الدولتين المحيطتين بهما من مسألة تماديهما في التشديد على ضرورة قيام كيان سياسي كردي مستقل. والأنكى من ذلك أن الإقليم صار مأوى للمتمردين الأكراد الهاربين من إيران وتركيا، بل صار القاعدة التي تنطلق منها عمليات الفريقين ضد بلديهما.“لن تكون هناك دولة كردية في شمال العراق.” ذلك هو الموقف الحاسم الذي اتخذته الدولتان التي سبق لهما أن عاشتا تنافسا على مناطق النفوذ استفاد منه الأكراد. ذلك ما جسّده القصف المشترك عبر السنوات الماضية للأراضي العراقية التي توهّم الأكراد أنها ستكون نواة لقيام دولتهم الكبرى التي تشمل أجزاء من العراق وسوريا وإيران وتركيا. وكان استقبال المتمردين الأكراد من الدول الثلاث عنوانا للبدء في صياغة تاريخ جديد للمنطقة تُرسم من خلاله خرائط تمحو حدودا وتحل محلها حدود جديدة. خدع زعماء الأكراد أنفسهم حين صدقوا أن ضعف الحكومة العراقية وتراخيها في مواجهة استقلالهم النسبي سيكونان مقياسا للعلاقة بدولتين قويتين هما إيران وتركيا. أما أكراد سوريا فإنهم يتمتعون بحماية أميركية ما دامت الحرب في ذلك البلد المدمر قائمة. تكمن مشكلتهم في أنهم يحلمون بطريقة عمياء ليحولوا أحلام الشعب الكردي إلى كوابيس مرعبة.السؤال: هل يجهل مسعود بارزاني المولود في جمهورية مهاباد الكردية الإيرانية عام 1946 أن أيّ نظام سياسي يقوم في إيران بغض النظر عن توجهاته لا يمكن أن يقبل بدولة كردية في العراق. والسؤال نفسه يمكن أن يوجه إلى بافل ابن جلال طالباني الذي يتزعم الاتحاد الوطني فيما يتعلق بموقف تركيا من تلك الدولة التي من اليسير القضاء عليها لحظة ولادتها. عبر سنوات الاستقلال الكردي تمكن حزب العمال الكردستاني من أن يستقر في شمال العراق ويكون جزءا من بيئته السياسية والاجتماعية كما أن المتمردين الأكراد الهاربين من إيران قد كثرت أعدادهم وصاروا يشكلون عنصر إزعاج بالنسبة إلى المدن الحدودية. لذلك لا أعتقد أن أكراد العراق سيتمتعون طويلا باستقلالهم.قرأ زعماؤهم الخارطة السياسية خطأً. وهو ما سيؤدي بكل أحلامهم إلى السراب. ذلك ما ينسجم مع مخططات الأحزاب الشيعية في بغداد. أوهم الزعماء الأكراد بقيام كردستان الكبرى غير أنهم من خلال ذلك الحلم سيجردونهم من كردستان الصغرى.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: إیران وترکیا
إقرأ أيضاً:
العراق:”نأمل” من واشنطن التوصل إلى إتفاق مع إيران بشأن ملفها النووي
آخر تحديث: 29 أبريل 2025 - 9:37 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- قال وزير الخارجية فؤاد حسين في مقابلة مع “الشرق”، إن العراق يؤيد بقوة المسار التفاوضي القائم بين واشنطن وطهران، معربا عن أمله في التوصل إلى تفاهمات ونتائج إيجابية تخدم الاستقرار.وحذر من أن فشل الخيار الدبلوماسي سيؤدي إلى عواقب كارثية على المنطقة، مردفا بالقول إن “الاتفاق الأميركي الإيراني في حال حصوله لن يكون على حساب أطراف أخرى بالمنطقة”.وأضاف حسين أن العقوبات الأميركية المفروضة على إيران دفعت بغداد للبحث عن مصادر بديلة لاستيراد الغاز الإيراني، الذي يغذي نحو 33% من الكهرباء في العراق، مشيراً إلى إجراء مباحثات مع عدة دول من بينها تركيا والأردن ودول خليجية لتأمين احتياجات التيار الكهربائي.وقال وزير الخارجية العراقي إن محادثاته في واشنطن تطرقت إلى الأوضاع في سوريا، موضحاً أن الإدارة الأميركية وضعت 8 شروط للإدارة الجديدة في دمشق.وذكر أن من بينها “مسألة حساسة” للجانبين وهي تواجد المسلحين الأجانب، واصفاً تلك النقطة بأنها “بؤرة قلق للجميع” سواء للدول المحيطة بسوريا أو الدول الغربية.ولفت إلى أنه شدد خلال المحادثات بواشنطن على أهمية الدفع نحو تسوية سياسية شاملة في سوريا، موضحاً أنه طالب خلال لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين والأوروبيين برفع العقوبات عن سوريا بسبب معاناة الشعب السوري.وشدد على أهمية ضمان الاستقرار في سوريا بالنسبة للعراق، قائلاً: “نهتم جداً بالوضع السوري لأن ما يحدث بها يؤثر سلباً وإيجاباً علينا”.واستبعد حسين انعقاد قمة عربية على هامش تواجد الرئيس الأميركي دونالد ترمب في المنطقة.وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيزور السعودية وقطر والإمارات، في الفترة ما بين 13 إلى 16 مايو المقبل.ووصل نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، فؤاد حسين، إلى العاصمة الأميركية واشنطن، يوم الخميس الموافق 24 من شهر نيسان/أبريل الجاري، في زيارة رسمية اجرى خلالها سلسلة من اللقاءات الثنائية مع عدد من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية.وتأتي هذه الزيارة في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأميركية، وبحث سبل تطوير التعاون المشترك في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية، فضلاً عن مناقشة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.