في اليوم الدولي لمناهضة التجارب النووية.. روسيا تنذر باقتراب نهاية العالم
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
احتفلت الأمم المتحدة باليوم الدولي لمناهضة التجارب النووية الذي يوافق 29 أغسطس (آب) من كل عام، بالتحذير من وضع يُنذر بإبادة محققة في ظل "تنامي انعدام الثقة والانقسام في العالم". وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش في رسالته بهذه المناسبة إن "العالم ينادي بصوت واحد لإنهاء هذا الإرث المدمر".
قمة العشرين فرصة حقيقة للقادة السياسيين لإعادة تأكيد التزامهم بحظر وانتشار السلاح النووي
وأضاف أن "هذا يأتي في وقت يشهد فيه العالم تخزين ما يقرب من 13 ألف من الأسلحة النووية في جميع أنحاء العالم، بينما تعمل البلدان على تحسين دقة هذه الأسلحة وزيادة مداها وقوتها التدميرية"، وتابع أن "هذا وضع ينذر بإبادة محققة".
وفي نفس اليوم، علق الرئيس الروسي السابق ورئيس مجلس الأمن القومي الحالي، دميتري ميدفيديف على تصريحات للمستشار الرئاسي الأوكراني ميخائيل بودولياك أشار فيها إلى أن شركاء بلاده في الغرب موافقون الآن على إمكانية قيام أوكرانيا بتدمير كل ما هو روسي في الأراضي المحتلة، ومن بينها القرم على سبيل المثال.
وقال ميدفيديف إن "هذه التصريحات تعد دليلاً مباشراً قانونياً على تورط الغرب في الحرب على روسيا"، وأضاف أن "التوقعات بشأن نهاية العالم تقترب"، مشيراً إلى تهديد الكرملين باستخدام الأسلحة النووية ضد أوكرانيا و حلفائها الغربيين.
Kazakhstan can act as a blueprint for nuclear powers as a country that voluntarily relinquished its nuclear weapons, writes Kairat Umarov. https://t.co/uUWrTDsOYS
— National Interest (@TheNatlInterest) September 1, 2023ومن ناحية أخرى، قال خيرت عمروف النائب الأول لوزير الخارجية في كازاخستان في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست"، إن "فيلم أوبنهايمر الذي عرض مؤخراً لفت الأنظار على نطاق واسع إلى الخطر الحقيقي والحالي للأسلحة النووية. وقد طال انتظار هذا الأمر، حيث أنه غالباً ما يتم حجب التهديد النووي في الخطاب العام رغم أن هذه الأسلحة تمثل خطراً وجودياً على العالم تماماً مثل أزمة المناخ".
وأشار عمروف إلى أنه تم تعديل ساعة نهاية العالم، وهي مقياس رمزي لمدى تعرض البشرية لكارثة نووية من 100 ثانية إلى 90 ثانية فقط حتى ساعة الصفر. وهناك أسباب متعددة لذلك، وأكد أن المخاوف المروعة التي صورها فيلم أوبنهايمر تظل وثيقة الصلة. ولذلك يتعين على العالم مواجهة تهديد الأسلحة النووية بجدية، وأن يحدد مسارات لمنع انتشار ونزع السلاح النووي.
وأوضح عمروف أن كازاخستان عانت بالفعل من التداعيات الكارثية للأسلحة النووية. فقد شهدت طوال نصف قرن تقريباً تجارب نووية في الجو، وعلى الأرض، وتحت الأرض. وكان لذلك تأثيراته على صحة حوالي 1.5 مليون كازاخي كانوا يعيشون بالقرب من موقع التجارب في مدينة سيميبالاتينسك، التي كان يجري فيها الاتحاد السوفيتي السابق تجاربه النووية في الفترة ما بين 1949 و1989، وقد استمرت تأثيرات الاشعاع 3 عقود بعد قيام كازاخستان بتفكيك الموقع عام 1991.
Russia’s opponents in the West are pushing everyone towards World War III, ignoring signals from Moscow, Russian Security Council Deputy Chairman Dmitry Medvedev said in an interview with TASS and RT:https://t.co/8Gclg7jY2A pic.twitter.com/dHhYu3X9mp
— TASS (@tassagency_en) August 26, 2023وتابع أن "غوتيريش كان على حق عندما أكد أهمية التخلص من خطر الأسلحة النووية قبل أن تقضي على عالمنا. ولتحقيق ذلك ينبغي على المجتمع الدولي مقاومة أي محاولة لتطبيع التهديدات النووية، ومواجهة أولئك الذي يؤكدون أنه يمكن تبرير أي هجوم نووي محدود".
وأردف قائلاً "كما يتعين استئناف مفاوضات الحد من التسلح واستمرار خفض الترسانات النووية. وينبغي على الولايات المتحدة وروسيا بوجه خاص التفاوض بشأن إطار جديد للحد من التسلح ليحل محل اتفاقية نيو ستارت، وهي الاتفاقية الوحيدة الرئيسية الباقية بينهما للحد من الأسلحة النووية، والمقرر أن تنتهي في عام 2026 ما لم يتم تجديدها".
وأكد عمروف أنه يتعين على المجتمع الدولي تأكيد الحاجة إلى استعادة الدبلوماسية النووية العالمية، وإعادة تأكيد الالتزام العالمي بنزع السلاح النووي- وهو الهدف النهائي لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية والاتفاقية الأحدث الخاصة بحظر الأسلحة النووية.
وقال إن "قمة مجموعة العشرين المقبلة المقرر عقدها في نيودلهي خلال الشهر الحالي، وتضم كبار ممثلي القوى العالمية، تعتبر فرصة نموذجية للقادة السياسيين لإعادة تأكيد التزامهم بحظر الانتشار ونزع السلاح النووي".
Since 1945, more than 2,000 nuclear tests have inflicted suffering on people, poisoned the air & ravaged landscapes around the world.
In the name of the victims, I call on all countries to ratify the Comprehensive Nuclear-Test-Ban Treaty, immediately & without conditions.
وأشار إلى أنه لدعم الجهود العالمية لنزع الأسلحة النووية، كانت كازاخستان من بين أول الدول التي انضمت إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية عام 2019، وأحد الأهداف الرئيسية لهذه المعاهدة هو تأسيس صندوق ثقة دولي .ولدى كازاخستان تفاؤل بتحقيق هذه المبادرة أثناء رئاستها للاجتماع الثالث للدول الأطراف في معاهدة حظر الأسلحة النووية عام 2025.
ووفقاً لعمروف، من الممكن تحقيق تقدم في مجال نزع الأسلحة النووية حتى في ظل الاضطراب الجيوسياسي العالمي. فقد انخفض عدد الأسلحة النووية من نحو 65 ألف في منتصف ثمانينيات القرن الماضي إلى نحو 12500 الآن.
ومن الممكن أن تكون كازاخستان نموذجاً للدول النووية كدولة تخلت طواعية عن أسلحتها النووية بعد استقلالها من الاتحاد السوفيتي، وأغلقت أكبر موقع للتجارب النووية في العالم. وبالتعاون مع الدول المجاورة أقامت كازاخستان منطقة خالية من الأسلحة النووية في آسيا الوسطى. ومن الممكن تطبيق ذلك في مناطق أخرى في العالم أيضاً.
وفي ختام تقريره قال عمروف إنه "رغم وقوف عقبات سياسية وفنية عديدة في طريق تحقيق عالم خال من الأسلحة النووية، فإنه في ظل تزايد التوترات الدولية وتعاظم الترسانات النووية، ليس هناك بديل عن ذلك من أجل تجنب وقوع الكارثة".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني كازاخستان روسيا السلاح النووي الأمم المتحدة من الأسلحة النوویة السلاح النووی النوویة فی
إقرأ أيضاً:
قراءه في العقيدة النووية الروسية المحدثة ..
حيث تأخذ في اعتبارها التهديدات المتزايدة من القوى الغربية وحلفائها، وتُعلن عن استعداد روسيا لاستخدام أسلحتها النووية كوسيلة ردع في حالة تهديد وجودي.
المرسوم الذي صدر في 19 نوفمبر 2024 جاء ليؤكد الطابع الدفاعي للسياسة النووية الروسية، وهو ما يختلف عن التوجهات الهجومية التي قد تُفسر في بعض الأحيان بشكل خاطئ.
العقيدة تُؤكد أن استخدام الأسلحة النووية سيكون في إطار سياسة الردع، وهي خطوة يُنظر إليها باعتبارها إجراء أخيرا وحتميا في مواجهة تهديدات خطيرة. وبذلك، تعكس روسيا موقفا حذرا، حيث تضع خطا أحمر واضحا في مواجهة التهديدات المباشرة ضد سيادتها، وهو ما يعكس تفاعلها مع التوترات العالمية وتزايد الدعم الغربي لأوكرانيا.
أحد أبرز عناصر العقيدة الجديدة هو الاعتراف بأن أي عدوان على روسيا أو حلفائها من قبل دولة غير نووية، إذا كان مدعوما من دولة نووية، سيُعتبر تهديدا مشتركا مما يعكس تحولا استراتيجيًا في كيفية النظر إلى التحالفات العسكرية.
في هذا السياق، تُظهر العقيدة استشعارا دقيقا للتحولات في توازن القوى الدولية، لا سيما في ضوء دعم الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا، وهو ما قد يُنظر إليه في موسكو كتصعيد يؤدي إلى توريط روسيا في مواجهة مباشرة مع القوى الغربية.
العقيدة تعزز أيضا مبدأ "الردع الاستراتيجي"، حيث تُبقي على حالة من الغموض بشأن كيفية وحجم الرد النووي، وهو ما يهدف إلى بث حالة من الشك وعدم اليقين لدى أي خصم محتمل، مما يعزز قدرة روسيا على استخدام الردع النووي بشكل فعال.
مثل هذا المبدأ يعكس فهما عميقا لمبادئ القوة العسكرية، حيث يُعتبر إبقاء الخصوم في حالة ترقب حيال الإجراءات الروسية خطوة مهمة لتجنب التصعيد. أيضا، توضح العقيدة موقف روسيا من التحالفات العسكرية وتوضّح كيف يمكن أن يتوسع نطاق الرد النووي ليشمل أي تهديد من التحالفات العسكرية ضد روسيا أو حلفائها.
مما يعني أن الرد الروسي لن يقتصر فقط على الطرف المباشر المهاجم، بل سيمتد ليشمل الحلفاء العسكريين الذين يدعمون العدوان، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تصعيد إقليمي أو عالمي في حال استخدام الأسلحة النووية.
وتؤكد العقيدة الجديدة على أهمية الحفاظ على الجاهزية الدائمة للقوات النووية، وهو مبدأ أساسي في الردع النووي الروسي وفي هذا الإطار، تتفهم موسكو تمامًا أهمية الاستعداد الفوري لاستخدام الأسلحة النووية في حال تفاقمت الأوضاع إلى مستوى يهدد الأمن القومي.
كما تركز العقيدة على ضرورة التحكم المركزي في الأسلحة النووية، بما في ذلك الأسلحة المتمركزة خارج الحدود الروسية، مما يعكس الحاجة إلى تكامل استراتيجي في القدرة على الرد السريع والفعّال على أي تهديد نووي.
موسكو تدرك تماما المخاطر التي قد تترتب على أي تصعيد نووي، لذا فإن التوجه نحو سياسة الردع النووي يهدف إلى إرسال رسالة قوية للعالم مفادها أن أي محاولة لتهديد روسيا أو حلفائها باستخدام القوة التقليدية أو النووية ستقابل برد فعل قاسي.
بالتالي، فإن روسيا تبدو جادة في تعزيز قدرتها على الردع النووي كجزء من استراتيجيتها الدفاعية، لكنها في الوقت ذاته تستخدم هذه العقيدة كأداة ضغط للتأكيد على أن أي تدخل غربي قد يؤدي إلى تداعيات غير مقبولة.
العقيدة النووية الجديدة هي بمثابة تحذير ضمني، يوجه رسالة إلى القوى الدولية بأن موسكو لن تتردد في الدفاع عن مصالحها بكل الوسائل المتاحة، لكنها في نفس الوقت تأمل في تجنب التصعيد النووي الذي قد يكون مدمرا للجميع. -صحفي متخصص في الشأن العسكري