ديمقراطية الغابون وديمقراطية نظام المحاصصة
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
آخر تحديث: 2 شتنبر 2023 - 9:28 صبقلم:زكي رضا صناديق الاقتراع ليست معيارا حقيقيا للديمقراطية في الكثير من البلدان، التي يتوجه الناخبون فيها إلى صناديق الاقتراع بشكل دوري. فتعديل الفترة الزمنية للحكم من 4 إلى 7 سنوات من قبل الحزب الحاكم أو زعيمه في بلد ما بتغيير فقرات دستورية، لا تمت للديمقراطية بصلة. والتعديلات الدستورية لزيادة الفترة الرئاسية من فترتين إلى ثلاث أو أربع أو أكثر، تعتبر من الضربات القاسية لمفهوم الديمقراطية وممارستها.
ووجود حزب أو حزبين فقط يتصارعان انتخابيا في بلد ما، هو الآخر بعيد عن المنافسة الديمقراطية، إذ من غير الممكن أن يكون حزبان فقط يمثلان جميع الطبقات الاجتماعية في بلد تعداد سكّانه مئات الملايين، والازدواجية في تقييم انقلاب على الشرعية في بلدان مختلفة تبعا لمواقف دول معينة تجاه أنظمة معينة، هي تحريف لمفهوم الديمقراطية معنى وممارسة.لو لم تحتل الولايات المتحدة العراق وتغيّر نظام الحكم فيه، لكان النظام البعثي الفاشي لازال يحكم البلد، ولكان التوريث هو نمط نظام الحكم فيه. وهذا ما أثبته واقع المعارضة العراقية الضعيف والمتصارع والمتشرذم وولاءات أحزابه الخارجية، وهذا الأمر أي عدم استطاعة المعارضة العراقية على إسقاط نظام البعث الدموي، كانت تتحدث به أقطاب المعارضة ورجالاتها قبل الاحتلال، وبعضهم يقولها إلى اليوم! وهذه السياسة أي سياسة التوريث نجحت في سوريا، وكانت في طريقها إلى النجاح في مصر وليبيا إلى حدود معيّنة، على الرغم من عدم ممارسة تلك الأنظمة لجرائم كبيرة كجرائم البعث العراقي تجاه شعبه وشعوب المنطقة. الغابون الغنية بالنفط والعديد من المعادن، حكمها ثلاثة رؤساء أوّلهم الدكتاتور ليون مبا 1961 – 1967، ليخلفه بعد موته الرئيس عمر بونغو 1967 – 2009، ليرث السلطة بعد 42 عاما من حكمه ابنه علي بونغو سنوات 2009 – 2023. الوريث وللتغيّرات الكبيرة في العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وبضغط من فرنسا والغرب اعتمد النظام “الديمقراطي” ففاز في أوّل وثاني انتخابات بالبلاد وهذا أمر مفروغ منه في ديمقراطيات الموز إن جاز التعبير. وعلى الرغم من إصابته بجلطة دماغية قبل بضع سنوات إلا أنه رشّح نفسه لولاية ثالثة جديدة وفاز بها. ولو ترك علي بونغو حاكما للبلاد، لكان ابنه نورالدين بونغو رئيسا للبلاد بعد وفاته. النظام “الديمقراطي” بالعراق لا يختلف كثيرا عن “ديمقراطية” الغابون. صحيح أن لا توريث شخصيا في الحكم إلا في كردستان العراق، إلا أننا نجد توريثا حزبيا. فديمقراطية الموز بالعراق لا يترشح منها قادة منتخبون ديمقراطيا، كون الديمقراطية عندنا معلّبة وجاهزة للاستهلاك المحلي. فصناديق الاقتراع تفرز قادة شيعة وسنّة وكردا في كل دورة انتخابية، على الرغم من فشل هؤلاء القادة ومعهم أحزابهم في حل مشاكل البلاد. بل ولنكن منصفين في وصفنا، فإنّهم السبب الرئيس في تعميق مشاكل البلاد. عشرات الدورات الانتخابية المحليّة والبرلمانية منها والرئاسية عند وجود ضرورة عند زعماء المحاصصة لإجرائها مستقبلا، لا تنتج نظام حكم وطني يأخذ على عاتقه بناء عراق جديد. ولأننا جرّبنا حكم العسكر لعقود طويلة، وكانت نتائجه كارثية على مستقبل شعبنا ووطننا، فعلينا أن نرفض تجربة الغابون وغيرها من البلدان في انقلاباتهم العسكرية لتغيير شكل السلطة.نحن في العراق اليوم لسنا في حاجة إلى إصلاح أو تغيير شكل السلطة، التي فشلت الانتخابات السابقة والقادمة في تغييرها، بل نحن في حاجة إلى تغيير شكل النظام السياسي بالبلاد، وهذا التغيير يحتاج حراكا جماهيريا واسعا على غرار انتفاضة تشرين، وقوى سياسية جماهيرية نابعة من رحم المعاناة لتتقدم جماهير شعبنا المكتوي بسياسات المحاصصة التي نهبت البلاد والعباد. الجماهير اليوم يائسة تقريبا من تحسّن أوضاعها وأوضاع البلد، لذا نرى غالبيتها لا تفّكر إلا بلقمة عيشها، لكن إحساسها بالظلم والتهميش موجود في دواخلها، وعلى القوى الديمقراطية بالبلاد أن تصطف إلى جانب شعبها وتبتعد عن المناكفات فيما بينها، لتعمّق هذا الإحساس عند الناس وتدفعهم للانفجار في وجه منظومة الفساد.تستطيع العربة الخربة أن تسير إذا وضعت في أعلى طريق منحدر (مثل روسي).استطاعت عربة المحاصصة أن تدمّر كل ما هو أمامها، فلنعمل على ألاّ تستمر بالصعود لتصل إلى أعلى المنحدر، لأنّ حينها سيكون العراق أثرا بعد عين.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
سوريون: نظام الأسد أُجبرنا على تغيير شهادتنا بشأن هجوم كيميائي
قال سوريون في منطقة دوما بريف دمشق إنهم أُجبروا تحت التهديد على الإدلاء بشهادات منافية للحقيقة بشأن إحدى الهجمات الكيميائية، المنسوبة للنظام السابق ضد المدنيين قبل نحو 7 سنوات.
وتعرضت دوما -التي تقع في الغوطة الشرقية بدمشق- لهجوم بالأسلحة الكيميائية في أبريل/نيسان 2018، عندما كانت محاصرة من قِبل قوات نظام بشار الأسد.
وخلصت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية -بعد تحقيق استمر قرابة عامين- إلى أن مروحية عسكرية واحدة على الأقل، تابعة لقوات النظام، أسقطت أسطوانات غاز الكلور على مبانٍ سكنية في دوما، مما أسفر عن مقتل 43 شخصا.
وقال الطبيب ممتاز الحاميش، في حديث لوكالة الأناضول، إنه تعرض لضغوط شديدة من مخابرات النظام المخلوع لتغيير إفادته حول الأسلحة الكيميائية.
وذكر أن عناصر النظام تواصلوا معه هاتفيا أثناء مغادرة "الحافلات الخضراء" التي أجلت المدنيين من الغوطة الشرقية إلى الشمال السوري، وهددوه بإيذاء أسرته التي كانت في دمشق، وأمروه بعدم ركوب الحافلات.
مشهد للدمار في دوما التي حاصرتها وهاجمتها قوات النظام السابق (أسوشيتد برس-أرشيف)وأوضح الحاميش أن المقابلات التي أجرتها معه وسائل إعلام النظام المخلوع والإعلام الروسي عُدلت عبر المونتاج لتبدو وكأنه ينكر استخدام الأسلحة الكيميائية.
إعلانوأضاف "عندما ذهبنا للإدلاء بشهاداتنا أمام المحققين القادمين من الأمم المتحدة، وضع عناصر نظام الأسد أجهزة تنصت في جيوبنا".
وانتقد الطبيب تجاهل المجازر المرتكبة في الغوطة الشرقية، واقتصار تحرك المجتمع الدولي على استخدام الأسلحة الكيميائية.
أما أبو علي الذي فقد أولاده الأربعة وزوجته في الهجوم الكيميائي بدوما، فقال إن جميع من كانوا بالمنزل آنذاك تواجدوا في الملجأ أثناء القصف بالأسلحة الكيميائية.
وذكر أبو علي أنه عندما عاد إلى المنزل توقف فجأة عن التنفس وشعر بالغثيان، وأنه رأى أشخاصا يخرجون من الملجأ "يموتون بصورة رهيبة أمام الباب"، وأنه فقد وعيه أيضا بعد تلك اللحظة.
دوما بعد نحو 7 سنوات من الهجوم الكيميائي (الأناضول)وأوضح أنه اضطر إلى تغيير تصريحه والقول للصحافة الروسية والسورية إن أسرته "ماتت بالقصف لا بالأسلحة الكيميائية"، بسبب الضغط الشديد عليه من عناصر النظام السابق.
وقال أبو علي إن نظام الأسد اعتقله في سجون مختلفة لمدة 18 شهرا تقريبا.
أما أكرم كيليس من سكان دوما أيضا، فقال إنه أصيب بالإغماء أمام منزله بعد تعرضه للأسلحة الكيميائية في الهجوم، وإن الطواقم الطبية عالجته بأجهزة قياس التنفس لعدم توفر الكهرباء.
وأوضح كيليس أن نظام الأسد بعد سيطرته على المنطقة، استخدم آلات الحفر لإخراج جثث المدنيين الذين قُتلوا بسبب الأسلحة الكيميائية ونقلها لمكان آخر.
وذكر أن المراقبين الدوليين حين جاؤوا إلى المنطقة، ضللهم نظام الأسد بإنكار وجود قتلى بالأسلحة الكيميائية في المنطقة.