مقاطعة بيلغورود الروسية.. المدينة البيضاء
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
بيلغورود أو "المدينة البيضاء" هي مقاطعة إدارية تابعة لروسيا، تقع جنوب غربي البلاد بمحاذاة الحدود الشمالية الأوكرانية. تمتاز بموقعها الإستراتيجي بوسط أوروبا وإطلالتها على بحر البلطيق.
منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022 صارت خط إمداد وتحرك رئيسي للقوات الروسية وشكّلت بوابة لعبور الجنود الروس إلى خاركيف وشمال أوكرانيا.
يسميها من يحملون أصولا أوكرانية "بيلغورود" ويطلق عليه الشعب الروسي "بيلغراد"، وتعد جزءا من الاتحاد الفيدرالي المركزي، وتنقسم إداريا إلى 13 منطقة.
الموقع
تقع مقاطعة بيلغورود جنوب غربي روسيا، وتمتد على مساحة 27 ألف كيلومتر مربع، وتعد جزءا من المنطقة الاقتصادية الوسطى والمنطقة الاتحادية المركزية في الجنوب للاتحاد الروسي.
تحدها أوكرانيا من الجنوب والغرب، ومنطقة كورسك من الشمال، ومنطقة فورونيغ من الشرق. ويبلغ طول حدودها نحو 1150 كيلومترا، منها 450 كيلومترا مع أوكرانيا، وتشمل عدةَ مناطق منها لوغانسك وخاركيف وسومي في الشمال والشمال الغربي.
ومما يكسب المنطقة أهميتها الجغرافية تقاطعها مع أنهار كبيرة، أهمها دونيتس وسيفيرسكي وأوسكول، وتُميزها خطوط سكك حديدية وطرق سريعة تربط موسكو بالمناطق الجنوبية والغربية لروسيا وأيضا أوكرانيا.
وتعد مدينة بيلغورود المركز الإداري للمقاطعة، ولها أهمية عسكرية لوزارة الدفاع الروسية، لِكونها تُمثل خطَّ إمداد للقوات الروسية داخل أوكرانيا، ومكانا لتدريبات قوات الدفاع التابعة لها.
النظام السياسيلمقاطعة بيلغورود برلمان محلي ويضم 50 نائبا يتم انتخابهم لمدة خمس سنوات. وتعد حكومة مقاطعة بيلغورود السلطة التنفيذية العليا الدائمة في المنطقة، والحاكم هو أعلى مسؤول فيها، يتم انتخابه لمدة خمس سنوات من قبل المواطنين الروس الذين يقيمون بشكل دائم في المنطقة. ويعتبر ميثاق مقاطعة بيلغورود هو القانون الأساسي لها.
تشكل الغابات جزءا مهما من مساحة مقاطعة بيلغورود (شترستوك) الجغرافياتقع المقاطعة على المنحدرات الجنوبية والجنوبية الشرقية للمرتفعات الروسية الوسطى، في منطقة سهوب ذات سهول جبلية عالية، يبلغ متوسط ارتفاعها 200 متر فوق مستوى سطح البحر في منطقة بروخوروفسكي، وأدنى نقطة تقع في الجزء السفلي من وديان أوسكول وسيفيرسكي دونيتس.
وتشكل الأنهار والبحيرات والمستنقعات حوالي 1% من أراضي مقاطعة بيلغورود، وهناك حوالي 480 من الأنهار يبلغ طولها الإجمالي نحو 5 آلاف كيلومتر مربع، بينما تغطي الغابات 9.8% من المساحة الإجمالية للمنطقة.
المناختتمتع بمناخ قاري معتدل، صيفها حار وطويل وشتاؤها بارد نسبيا، مع تساقط الثلوج وذوبان الجليد. بينما يتراوح متوسط درجات الحرارة السنوية من 5.4 درجات مئوية إلى 6.7 درجات مئوية.
ويعتبر الجنوب الشرقي أكثر دفئا في المتوسط من الشمال، ويتراوح متوسط درجة الحرارة في شهر يناير/كانون الثاني (الشهر الأكثر برودة) بين سالب 8 درجات مئوية وسالب 9 درجات مئوية.
ويعد الصيف فيها دافئا، ويتراوح متوسط درجة الحرارة في شهر يوليو/تموز (الشهر الأكثر دفئا) بين 19.5 و21 درجة مئوية.
فرقة موسيقية نسائية وطنية روسية في المهرجان العرقي "مالانيا" بمقاطعة بيلغورود (شترستوك) السكان والأعراق والأديانيتجاوز عدد سكان مقاطعة بيلغورود مليونا ونصف مليون نسمة حسب إحصاءات عام 2022، وهم يمثلون 0.2% من مجموع سكان روسيا، وبذلك تحتل المقاطعة المرتبة 28 من حيث عدد السكان في البلد.
وفقا للتعداد السكاني الروسي لعام 2020، يشكل الروس 95.3% من السكان، بينما يمثل الأوكرانيون 1.2%، ويشكل الأرمن 0.4%، والأتراك 0.3%، ثم الأذريون 0.3%.
ووفقا لمسح عام 2012، فإن 50.5% من سكان مقاطعة بيلغورود، هم من الأرثوذكس الروس، و1.7% من المسيحيين الأرثوذكس غير الروس، و0.7% من الروم الكاثوليك، و8.6% من المسيحيين غير الروس، و0.6% مسلمون، فيما أعلن 22.2% من السكان أنهم "روحانيون" غير متدينين، و10.5% أنهم ملحدون.
أصل تسمية "المدينة البيضاء"يعني اسم بيلغورود "المدينة البيضاء" باللغة الروسية، وسميت بذلك لأنها كانت غنية بالحجر الجيري الأبيض. واشتق هذا الاسم من تسمية القبائل السلافية للمنطقة، التي كانت تعني قلعة بجدران مبنية من الحجر الأبيض، كما جاء في بعض الروايات التاريخية.
وقيل إن الاسم ارتبط بجبل بيلايا "الأبيض"، الذي يقع على المنحدرات التي بنيت عليها مدينة بيلغورود الأصلية، ولذلك كانت تعني "بلدة على جبل أبيض".
وجاء في دائرة المعارف الإسلامية المعربة، أن اسمها قديما كان "تیراس" أو "توراس" وهو اسم يوناني لمدينة يعود بناؤها إلى القرن 4 ق.م، وكانت تقع غرب خليج متفرع من نهر تيراس (دنيستر حاليا).
فيما كان يطلق عليها تجار البندقية في القرون الوسطى اسم "مارو كاسترو" أو "مون كاسترو"، وتعني القلعة السوداء، لكن المغول والتتار سموها في القرن الـ12 " آك- ليبو".
والراجح أن كلمة "آك" هي كلمة "آق" التركية التي تعني "الأبيض"، إذ جاء في قاموس الأعلام التركي أن المنطقة كانت قلعة تدعى "آق قرمان" وتكتب "آق كهرمان"، وهي مدينة في بساربيا الروسية، عند مصب نهر الينسي، ويعني الاسم "القصر الأبيض" أو "القلعة البيضاء".
وترجع المصادر الروسية تاريخ هذه التسمية إلى عام 1279م الذي سيطر فيه العثمانيون عليها، وكان ذلك في عهد السلطان العثماني بايزيد.
وتضيف أن اسم "آق کهرمان" ظلّ يطلق عليها في فترة الحروب العثمانية-الروسية عندما كانت خاضعة للقوات العثمانية، و"بيلغورود" بعد خضوعها للقوات الروسية.
التاريخ
تقول روسيا إن القبائل السلافية الشرقية أسست "بيلغورود" بين القرن العاشر والثاني عشر، ودمرت المدينة عام 1237م خلال الغزو المغولي لروسيا.
لكن المرجح في بعض الروايات الأخرى أن بيلغورود أنشئت لأول مرة عام 1593م، بأمر من القيصر فيودور الأول إيفانوفيتش لتكون حصنا حدوديا لروسيا. ثم أحرقت القوات البولندية الليتوانية هذه القلعة خلال فترة الاضطرابات في روسيا عام 1612م.
ثم أعيد بناء بيلغورود على الجانب الأيسر من نهر سيفرسكي دونيتس، ونقلت عام 1650م إلى الضفة اليمنى للنهر في الجزء المركزي، حيث يقع وسط المدينة حاليا.
في القرنين الـ17 والـ18، دمجت في مقاطعة "سلوبيدسكا أوكرانيا"، التي قسمت عام 1835م بين مقاطعات خاركيف وكورسك وفورونيغ، التابعة للإمبراطورية الروسية.
احتل الألمان المدينة عام 1943 خلال الحرب العالمية الثانية، ودمّرت بالكامل تقريبا، وفي صيف 1943 استعادتها القوات السوفياتية، وسميت منذ ذلك التاريخ بـ" بيلغورود دینیستروفسکي"، وأصبحت مركزا لمنطقة بيلغورود المنشأة في 6 يناير/كانون الثاني 1954.
وصارت مقاطعة منفصلة بموجب مرسوم صادر عن رئاسة مجلس السوفيات الأعلى، ومنذ تلك الفترة لم تتغير حدودها.
متحف حقل بروخوروفكا الذي يعرض أحداثا وآثارا من الحرب العالمية الثانية (شترستوك) الاقتصاد والموارد الطبيعيةتعد مقاطعة بيلغورود واحدة من المناطق الصناعية والزراعية النامية في روسيا، إذ صنّفت من بين أفضل 10 مناطق روسية. وتتمتع تقليديا بعلاقات اقتصادية مع أوكرانيا، وعلى الرغم من مساحتها الصغيرة نسبيا، فإنها تمثل خمس قيمة التجارة بين روسيا وأوكرانيا.
يعتمد اقتصاد بيلغورود على احتياطيات الموارد الطبيعية (حوالي 40% من خام الحديد والبوكسيت والأباتيت والمياه المعدنية) والتربة السوداء الخصبة.
وتعد مدينة جوبكين (تأسست في ثلاثينيات القرن العشرين)، واحدة من أكبر أحواض تعدين خام الحديد في روسيا، كما تشتهر بإنتاج الذهب والغرانيت والمعادن النادرة الأخرى، ويعتقد أنها تشكل خزانا من البلاتين والهيدروكربونات والمعادن الأخرى، بفعل الخصائص الجغرافية التي تميزها.
كما تعتبر بيلغورود واحدة من المناطق الإدارية الأكثر تطورا من الناحية الزراعية في الاتحاد الروسي، إذ تغطي الأراضي الزراعية 61% من مساحتها، وتحتل المرتبة 12 من حيث إجمالي محصول الحبوب لعام 2021. وتعد من أكبر منتجي الماشية في روسيا.
وتتمتع تربة المنطقة بخصوبة طبيعية تشكل حوالي 80% من إجمالي مساحتها، وحوالي 90% من إجمالي مساحة الأراضي الزراعية عبارة عن تربة "تشيرنوزيم" الأكثر خصوبة في غابات السهوب ومناطق السهوب في روسيا.
بينما تشغل الغابات الطبيعية 12.5% من مساحة المقاطعة، ويقدر إجمالي احتياطيات الأخشاب بنحو 34.3 مليون متر مكعب.
في عام 2022، صدّرت منطقة بيلغورود الروسية ما قيمته 279 مليون دولار، ما يجعلها في المرتبة 23 بين أكبر المصدرين بين 85 مصدرا في روسيا، وما بين عامي 2021 و2022، بلغ نمو صادراتها 10.5 مليون دولار.
كنيسة الرسولين القديسين بطرس وبولس المعروفة باسم كنيسة القديس بطرس في مقاطعة بيلغورود (غيتي) المعالم التاريخيةجامعة بيلغورود الحكومية: أقدم وأكبر الجامعات، أسست عام 1876م، وكانت معهدا تربويا في بداية تأسيسها، ثم تحولت لجامعة عام 1919م، وأطلق عليها اسم جامعة "بيلغورود التربوية" عام 1920، ثم جامعة "أومينسكوف" عام 1996، وتتميز بوجود 8 مبان أكاديمية ومتحفا.
متحف بيلغورود التاريخي: يعتبر المتحف المركزي للمقاطعة ويتضمن تحفا عن تاريخ وثقافة المنطقة، تأسس عام 1924، ثم دمّر خلال الاحتلال النازي للمدينة، ثم أعيد بناؤه داخل كاتدرائية التجلي عام 1973.
متحف بيلغورود للفنون: يعود تاريخه إلى عام 1970، يضم حوالي 3700 معروضا للرسم وفن الغرافيك والنحت والفن الزخرفي، وهي واحدة من أكبر مجموعات الأعمال الفنية من القرن الماضي والحاضر.
متحف "حقل بروخوروفكا": تأسس عام 1987، وهو عبارة عن لوحة فنية تمتد مساحتها لألف كيلو متر مربع وتمتد أفقيا لمساحة 500 متر، تمثل معركة كورسك التي وقعت في حقل بروخوروفكا يوم 12 يوليو/تموز 1943، بين جيش الدبابات الرابع التابع للفيرماخت الألماني، وجيش دبابات الحرس الخامس التابع للجيش الأحمر.
كما تستمر المعروضات إلى خارج المبنى حيث تعرض المعدات والتقنيات العسكرية التي استخدمت في حرب تعرف تاريخيا بمعركة الدبابة، وتعتبر أكبر معركة دبابات (أكثر من 1000 دبابة) في التاريخ العسكري.
متنزه "مدينة بيلغورود للديناصورات": غابة صنوبر بها بحيرة ومستنقع يحوي نماذج لديناصورات ثابتة وروبوتية بالحجم الطبيعي، ومسرح سينمائي ثلاثي الأبعاد، ومتحف ديناصورات به نسخ من الحفريات من أنحاء العالم.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
مراسل «القاهرة الإخبارية»: الضربات الروسية الأخيرة على أوكرانيا دمرت 74 منزلا
قال غيث مناف، مراسل القاهرة الإخبارية من كييف، إن يوم أمس شهد ضربة بصاروخ باليستي روسي موجه واستهدف مدينة «كريفي ريه» وهي مسقط رأس الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، ما أدى لإصابة 17 مدنيًا بينهم 4 حالات حرجة ومقتل شخص واحد.
صافرات الإنذار تدوي في أوكرانياوأوضح «مناف»، خلال رسالة على الهواء، ببرنامج «منتصف النهار»، مع الإعلامية هاجر جلال، عبر شاشة «القاهرة الإخبارية»، أنه في منتصف الليل دوت صافرات الإنذار في جميع الأراضي الأوكرانية، وفعلت أجهزة الدفاعات الجوية لمحاولة التصدي لمسيرات روسية اجتاحت الأراضي الاوكرانية، ودوت الانفجارات صباح اليوم جراء اختراق 70 صاروخًا.
وأشار إلى أنه تم إيقاف خدمة التيار الكهربائي في إحدى البلدات الأوكرانية، مؤكدًا أن عمدة مدينة خاركيف أشار عن استهداف روسي نتج عنه تدمير ما لا يقل عن 74 منزلا.
وشدد على أن سلاح الجو الأوكراني أعلن التصدي لهجمات روسية أخيرة، والرئيس الأوكراني يؤكد أن قواته تمكنت من إسقاط 50 صاروخًا من أصل 70 أطلقتها روسيا.