عرف بافتتاحياته المدوية وآرائه غير المهادنة فيما يتعلق بفلسطين والقومية العربية.

ناصري الهوى، عشق تجربة كمال جنبلاط ومواقفه القومية حين كانت البوارج الأمريكية تحط على شواطئ لبنان بدعوة من الرئيس اللبناني كميل شمعون.

مسيرة إعلامية وصحافية حافلة بالنجاحات والخيبات لـ"واحد من متخرجي بيروت، عاصمة العروبة"، كما وصف نفسه ذات مساء.



بداية طلال سلمان، المولود في بلدة شمسطار في محافظة بعلبك الهرمل بلبنان عام 1938 لأب شرطي فقير، كانت نهاية الخمسينيات من القرن الماضي في مجلة "الأنباء" التي كانت تصدر عن "الحزب التقدمي الاشتراكي" ثم تأثره بثورة كمال جنبلاط قائد الحزب ورفاقه على رئيس الجمهورية بشارة الخوري احتجاجا على تمديد ولايته الدستورية.

 ثم عمل مصححا لغويا في جريدة "النضال"، فمراسلا صحافيا في جريدة "الشرق".

وطغت اهتماماته السياسية بعض الوقت على عمله الصحافي فشارك في المظاهرات الطلابية التي خرجت في شوارع بيروت تأييدا للرئيس المصري جمال عبد الناصر وتأميمه قناة السويس عام 1956، وفي عام 1958 شارك في الثورة ضد الرئيس اللبناني كميل شمعون احتجاجا على وصول البوارج الأمريكية إلى شواطئ بيروت لنصرته وبناء على طلبه.



وهو ما اعتبر خيانة قومية في جلب الأمريكان أعداء العرب في ذلك الوقت إلى أرض عربية.

ثم لاحقا قدمه والده إلى الصحافي اللبناني الشهير سليم اللوزي الذي كان تعرف عليه حين كان يحرس زنزانته في سجن الكرنتينا، واللوزي نفسه عثر عليه مقتولا عام 1980 في أحراج عرمون جنوب بيروت قرب مواقع للقوات الخاصة السورية، وحملت جثته آثار تعذيب شديد تضمن إحراق يده اليمنى بالأسيد.

عمل طلال سلمان في مجلة "الحوادث" مصححا ومحررا لصفحة بريد القراء ثم محررا فسكرتيرا للتحرير. ومع ولادة الوحدة بين سوريا ومصر قرر الذهاب إلى دمشق في عام 1958 لمقابلة عبد الناصر وكان هذا اليوم مفصلا محوريا في حياته الشخصية والمهنية لا يغادر ذاكرته.

انتقل بعدها مديرا للتحرير في مجلة "الأحد"، ولكن الأمن اللبناني قام باعتقاله في عام 1960 بتهمة تهريب السلاح إلى ثوار الجزائر، وقضى عشرين يوما في المعتقل وحين خرج من السجن وجد نفسه مفصولا من العمل.

واضطرته الظروف ليغادر لبنان في عام 1962 حيث شد الرحال إلى الكويت للعمل في مجلة "دنيا العروبة"، ليعود إلى بيروت ليعمل من جديد في "الصياد" و"الأحد".

النقلة الكبرى في مسيرته المهنية إصداره في عام 1974 جريدة "السفير" في بيروت حيث قرر الاستقلال والانفراد بصحيفة خاصة به، بدعم مالي مع الرئيس الليبي معمر القذافي كما أشيع ويقول إنه جاء على شكل قرض.

حملت الصحيفة شعار "صوت الذين لا صوت لهم"، كما حملت شعار "جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان". مع شعار الحمامة البرتقالية حاملة الرسائل، و"البرتقال يعني الشام وفلسطين"، كما قال سلمان.

وتضمن العدد الأول مقابلة مع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات (أبو عمار)، وفي اليوم التالي لصدورها أقيمت ضدها أول دعوى قضائية، تلتها 16 دعوى مع ختام العام الأول.



اتخذت "السفير" خطا عروبيا واضحا مؤيدا للشعب الفلسطيني ومناهضا لدولة الاحتلال. كما أنها عارضت أنور السادات وعنونت عددها الصادر بعد زيارته إلى القدس عام 1977: "الساقط عند المغتصب"، وعندما اغتيل، عنونت "إعدام السادات".

كانت "السفير" تجربة ثرية في الصحافة اللبنانية والعربية، وجمعت أسماء لامعة في الفكر والأدب مثل: عبد الرحمن منيف، سعد الله ونوس، طارق البشري، رفعت السعيد، ياسين الحافظ، عصمت سيف الدولة، عبد الرحمن الخميسي، كلوفيس مقصود وغيرهم. كما فتحت صفحاتها أمام اتجاهات فكرية وسياسية كالناصرية والبعث والقوميين العرب والسوريين القوميين والعلمانيين والشيوعيين وغيرهم.

ومعهم طبعا ظهر الرسام الفلسطيني الشهيد ناجي العلي، صديق وحبيب طلال سلمان، وعند إنتاج فيلم عن حياة ناجي وقام ببطولته نور الشريف عام 1992، ظهرت شخصية طلال سلمان على الشاشة ولعب دوره الممثل اللبناني ماجد الأفيوني.

وفي ذكرى استشهاد العلي قبل عام تقريبا كتب سلمان على صفحته على الفيسبوك: "تحية لرفيق سلاح لا يموت. ناجي العلي معنا: الأمس، اليوم، وكل يوم".

 أجرى طلال سلمان لقاءات مع العديد من الزعماء والقادة العرب.

اتسم بالتواضع وكان لطيفا وقريبا من العاملين معه وداعما لهم. وكان مزيجا من رهافة الوجدان السياسي والصلابة في الموقف، وكثيرا ما كاد أن يدفع ثمنا لمواقفه المعادية للصهيونية وحلفائها، فقد تعرض في عام 1984 لمحاولة اغتيال أمام منزله في رأس بيروت تركت ندوبا في وجهه وصدره. وكانت سبقتها محاولات لتفجير منزله، وكذلك عملية تفجير لمطابع "السفير" في عام 1980.

تماسك قدر استطاعته أمام العاصفة التي واجهت الصحافة الورقية لكنه أضطر في عام 2017 إلى إقفال جريدة "السفير"، وبرر تلك الخطوة بـ "انعدام السياسة" و"تغلب وسائل التواصل الاجتماعي على الصحف" و"انقراض القراء". وكأن واقع المهنة المر قد انتصر عليه، واختار سلمان افتتاحية العدد الأخير تحت عنوان "لعلها تكون أطيب تحية وداع"، وجاء فيها: "يحق لنا أن نلتقط أنفاسنا لنقول ببساطة وباختصار وبصدق: شكرا".

بعد إغلاق السفير، بقي طلال سلمان يكتب عبر موقع حمل اسمه واسم "على الطريق"، وهو عنوان زاويته الأسبوعية الشهيرة في "السفير".

أثرى المكتبة العربية بعدة مؤلفات من بينها: "مع فتح والفدائيين"، "ثرثرة فوق بحيرة ليمان"، "إلى أميرة اسمها بيروت"، "حجر يثقب ليل الهزيمة"، "الهزيمة ليست قدرا"، "على الطريق.. عن الديمقراطية والعروبة والإسلام"، "هوامش في الثقافة والأدب والحب، "سقوط النظام العربي من فلسطين إلى العراق"، "لبنان العرب والعروبة"، و"كتابة على جدار الصحافة".

رحل في أحد مستشفيات بيروت حيث كان يعالج بعد تدهور صحته خلال الأشهر الأخيرة عن 85 عاما، رحل الرجل الذي قال في افتتاحية سابقة له بعنوان "لماذا فلسطين"؟: "زماننا يبدأ بفلسطين، ويمتد مع فلسطين من الماضي إلى المستقبل الذي سوف تشكله فلسطين بموقعها فينا وموقعنا منها".

قال ذات يوم بأنه في يوم تحرير فلسطين، سيكون "المانشيت" الرئيسي لجريدة "السفير" العيد، وفتح ذراعيه ومد كلمة العيد على قدر استطاعته.

حين احتجبت "السفير" تركت فراغا وثقبا أسودا كبيرا في مهنة الصحافة، وحين مات طلال سلمان سقط جدار أخر من قلعة الصحافة العربية، لم يسقط طلال سلمان بحبر المطابع ولم ينجح الرصاص في وقف نبضه، لكنها نهاية كل شيء الرحيل الموجع، ورحل "الأستاذ".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه بورتريه لبنان طلال سلمان السفير الفلسطيني ناجي العلي لبنان فلسطين السفير طلال سلمان ناجي العلي بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طلال سلمان فی مجلة فی عام

إقرأ أيضاً:

أردوغان: الأسد فر كالجبان.. والشعب السوري فتح صفحة جديدة لبلاده

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن "الأشقاء السوريين حققوا نصرا عظيما ومؤزرا" بعد نضال دام 13 عاما.

وأضاف في خطاب ألقاه، الأربعاء، خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية: "أحيي بكل احترام أشقاءنا السوريين الذين حققوا نصرا عظيما ومؤزرا بعد نضال دام 13 عاما".

وأضاف: "باسمي وباسم حزبي وتركيا والشعب التركي، أحيي بكل احترام أبناء بلاد الشام الأبطال الشجعان، الكرام الذين لم ينحنوا للظلم والطغاة، وأقول لهم مبارك عليكم هذا النصر".



وبعد قراءته الآيات الأولى من سورة الفتح، قال أردوغان: "نحمد الله لأنه أشرك أمتنا في فرحة هذا النصر المجيد مع المظلومين السوريين. نشكر الله الذي جعلنا ندرك هذا اليوم، وكتب لنا أن نشهد تحرير سوريا".

وذكر أنه "منذ 3 أسابيع وحلفاء الأسد في حداد، وبدأت تتكشف نواياهم في صب جام غضبهم جراء فقدانه".

وأضاف أردوغان: "سنحقق هدفنا المتمثل في جعل تركيا خالية من الإرهاب خلال الفترة المقبلة باستخدام جميع الأدوات المتاحة لدولتنا".

وتابع: "سنقضي على التنظيم الإرهابي الذي يحاول بناء جدار من دم بيننا وبين أشقائنا الأكراد، وإذا كانت لديه حسابات فنحن أيضا لدينا حساباتنا".

وفي السياق، أكد أردوغان أن هدف تركيا الوحيد هو ضمان السلام والرفاهية والاستقرار بأقوى الأشكال في كل شبر من أراضي المنطقة بدءا من سوريا.

وذكر الرئيس أردوغان أن الأحداث في سوريا بدأت في 15 آذار/ مارس 2011، عندما تم اعتقال طفل في درعا بسبب كتابات على الحائط، وتعذيبه واستشهاده على يد قوات النظام الغاشمة".

ولفت إلى أن الأسد ونظام البعث اختارا قمع الاحتجاجات السلمية بطريقة دموية للغاية، على الرغم من كل التوصيات ذات النوايا الحسنة التي قدمتها تركيا.

وأضاف أن الأسد استمر في قمع شعبه وزاد من طغيانه، بالرغم من وجود إمكانية وقف إراقة الدماء وإنهاء الصراع.

وأشار أردوغان، إلى أن الجارة سوريا جرت إلى الفوضى وعدم الاستقرار بشكل كبير بسبب سياسة المجازر التي اتبعها النظام لأكثر من 13 عاما.

وأوضح أن المدن والقرى والمعالم التاريخية، التي تعد أفضل الأمثلة على الحضارة الإسلامية، تعرضت للقصف والتدمير.

وأردف أردوغان: "استشهد مليون من أشقائنا السوريين إما نتيجة مجازر النظام ومؤيديه أو هجمات التنظيمات الإرهابية مثل داعش وبي كي كي. ليتغمد الله جميع شهدائنا برحمته ويسكنهم الجنة".

وقال إن أكثر من 12 مليون سوري اضطروا إلى مغادرة منازلهم ومسقط رأسهم ووطنهم. و أن 3.6 ملايين منهم لجأوا إلى تركيا، وقسم آخر لجأ إلى دول أخرى في المنطقة وإلى أوروبا.

واستذكر الرئيس التركي، السوريين الذين غرقوا في البحر، والذين أغرقت قواربهم وتُركوا وسط البحر ليواجهوا الموت، والذين تعرضوا لمختلف أنواع التعذيب على البوابات الحدودية في أوروبا بعد أن غادروا سوريا لإنقاذ حياتهم وعلى الأقل تأسيس حياة آمنة لأنفسهم ولأسرهم.



ولفت إلى وقوع فظائع لا حصر لها في سوريا على يد النظام وأزلامه تجعل الإنسان يخجل من إنسانيته.

وتساءل أردوغان: كيف يمكننا أن ننسى تلك الصورة البريئة للطفل إيلان، التي ظلت عالقة في ذاكرتنا وقلوبنا مثل المسمار؟ كيف يمكننا أن ننسى النظرات الخائفة لطفلنا عمران الذي كان وجهه مغطى بالدماء، فكوت قلوبنا؟ كيف ننسى الأطفال الذين ماتوا في المدارس التي تحولت إلى أنقاض بفعل البراميل المتفجرة؟.

وأردف: "كيف ننسى النساء والشيوخ الذين قُتلوا بطريقة وحشية بالكيماوي في الغوطة وخان شيخون؟ وكيف يمكن لأي منا أن ينسى العار الذي تعرضت له النساء السوريات اللاتي انتهكت عفتهن أمام أعين أزواجهن؟".

وتابع: "كيف يمكننا أن ننسى همجية وقسوة أولئك الشبيحة أشباه البشر الذين استمتعوا بقتل المدنيين؟ وكيف يمكن أن ننسى التعذيب، والقتل الجماعي، والإعدامات خارج نطاق القانون التي جرت في سجون مثل صيدنايا التي حولها النظام إلى مسلخ بشري؟".

وأكد أردوغان، أنه لا يمكنهم نسيان اللامبالاة التي أظهرها ما يسمى بالعالم المتحضر بينما كانت تحدث كل تلك الأعمال الوحشية اللاإنسانية لمدة 13 عامًا في سوريا، وكذلك لن ينسوا الدعم الذي تم تقديمه إلى تنظيم "بي كي كي/ واي بي جي" الانفصالي عبر آلاف الشاحنات المحملة بالأسلحة بحجة القتال ضد داعش؟.

وأكد أنهم منذ لحظة اندلاع الأحداث في سوريا اعتمدوا سياسة تركز على الرحمة والعدالة.

وأضاف: "قلنا إننا سنقف في وجه الظالم وإلى جانب المظلومين وحققنا ذلك، وقلنا إننا لن نعيد من جاء إلى بابنا وطلب الأمان منا، و قلنا إننا لن نرسل أخوتنا للموت ولن نسلم الذين لجأوا إلينا للظلّام.

وشدد الرئيس أردوغان، على أنه قال حينها سندعم المظلومين بكل وسائلنا، حتى لو دفعنا الثمن السياسي بأنفسنا.

وذكر الرئيس أردوغان أن نضال الشعب السوري، المليء بالمعاناة والألم العميق والتضحيات، حقق النصر بتحرير دمشق في 8 ديسمبر.

وقال: "بعد 61 عاما من القمع، انهار نظام البعث وفر الأسد الجبان من سوريا، كما يليق به، حتى أنه باع أقرب الناس إليه. ومع سيطرة الثوار السوريين على دمشق، انفتحت الآن صفحة جديدة أمام هذا البلد".

وأضاف: "قامت تركيا بالتدخلات اللازمة طوال العملية لمنع المزيد من إراقة الدماء ومنع انتشار الصراعات إلى أماكن أخرى.

وأردف: "إن الثورة التي استمرت 13 عاما توجت بالنصر في 12 يوما، وهذا إنجاز عظيم بحد ذاته. ويعود الفضل لهذا النجاح لله أولا، وثم لإخواننا السوريين، لقد أنقذ الشعب السوري بلاده من براثن شبكة المجازر.

وأكد: "لقد دخل السوريون، بكل شرائحهم العرقية والطائفية والدينية إلى طريق سيحددون فيه مستقبلهم بأنفسهم. نشعر بسعادة غامرة لإخواننا وأخواتنا السوريين".

مقالات مشابهة

  • الوداد البيضاوي يعلن تعيين طلال ناطقا رسميا للفريق
  • الأردن يطوي صفحة سوريا الأسد.. كيف كانت العلاقة خلال 54 عاما وما مستقبلها؟
  • نصائح مهمة للأزواج لتقوية علاقتهما قبل عام 2025.. «اتبعا نظرية الدعم»
  • في ندوة "سوريا ومستقبل المنطقة" بنقابة الصحفيين.. الفقي: مصر عصية على السقوط.. خيرت: سوريا ستظل "قلب العروبة النابض".. ربيع: الجيش السوري لم يتلق راتبه منذ 6 أشهر.. الزناتي: العرب دائمًا على صفيح ساخن
  • صفحة الأوقاف تحيي ذكرى رحيل الشيخ مصطفى إسماعيل
  • الربيعة يبحث الأعمال الإغاثية مع سفير فلسطين لدى المملكة
  • أردوغان: الأسد فر كالجبان.. والشعب السوري فتح صفحة جديدة لبلاده
  • بعد الهزيمة من الأهلي.. لاعب شباب بلوزداد يشتبك مع مدرب ورئيس النادي
  • زيارة جنبلاط إلى دمشق.. صفحة جديدة في العلاقات اللبنانية السورية!
  • بعد الهزيمة القاسية من الأهلي.. لاعب بلوزداد يطالب بالرحيل من الفريق لهذا السبب