موقع 24:
2024-09-17@04:30:01 GMT

كركوك.. عراق مُصغّر ورطتها أنها قُدس الجميع

تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT

كركوك.. عراق مُصغّر ورطتها أنها قُدس الجميع

صورة عراقية ظاهرها البساطة والإهمال والتلوث وباطنها صراع سياسي واقتصادي وربما أمني

حين تتجول في أحيائها المتعبة والمهملة ستجد أنها مدينة لا تختلف عن باقي المدن العراقية سوى تنوع سكانها العِرقي الذي جعلها توصف بأنها عراق مُصغّر.
مدينة مُنهكة في كل ظروفها، تشهد على واقعها المؤلم قلعتها التاريخية التي تقف مثالاً للإهمال والنسيان، وسحابات التلوث البيئي التي تُخيّم على المدينة من جراء النار المشتعلة من آبار النفط.


صورة عراقية ظاهرها البساطة والإهمال والتلوث، وباطنها صراع سياسي واقتصادي وربما أمني.
كركوك العراقية كانت دوماً بؤرة لصراع سياسي بين القوى السياسية واستقطاب مُبطّن لنزاع إقليمي، يختفي خلف قوى سياسية تدافع عن مصالح تلك القوى، خصوصاً عندما تكون هذه المحافظة بؤرة خصبة لمنافذ الطاقة، رغم أن مكونات المدينة الثلاث العرب والكرد والتركمان تتطابق في مناطقهم وطرائق حياتهم صفات متشابهة في الفقر والبطالة والأوضاع السيئة، يوحي للناظر أن لا حواجز تحجب هؤلاء عن بعضهم سوى ذلك الصوت المتصاعد من بعض القوى السياسية، والصراخ المتعالي بأحقية استملاك هذه المدينة من أحد تلك المكونات. وبين كرّ وفرّ للقوى السياسية المتصارعة على مقدرات هذه المدينة، كان آخرها تسليم مقر العمليات المتقدم في كركوك التابع إلى قوات الحكومة الاتحادية في بغداد إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، لتثير بذلك غضباً وتظاهرات واعتصامات بين المكونات الأخرى، قد تنذر باندلاع شرارة صراع يتعدى السياسي إلى مواجهة مسلحة، خصوصاً أن هذه المدينة تشبه برميل بارود قد ينفجر في أيّ لحظة ليحرق العراق.

قرار محمد شياع السوداني رئيس الوزراء العراقي بإخلاء جميع مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك من قبل قوات الحكومة الاتحادية، وتسليمها إلى حزب البارتي من أجل تطبيع الأوضاع في المحافظة، وعودة حزب بارزاني للمشاركة في انتخابات مجلس محافظة كركوك أسوة بالأحزاب العربية والتركمانية، مما جعل الموقف يزداد تعقيداً بعد التلويح بتدخل أميركي إلى جانبه تدخل تركي إذا استمر وضع التأزيم لصالح حزب الديمقراطي الكردستاني، مما سيعطي حجة لتدخل إيراني لصالح أطراف تناهض هذا الوجود في المحافظة.
من جانبها دعت الكتلة النيابية التركمانية في مجلس النواب العراقي إلى إبعاد المحافظة عن الصفقات السياسية والمجاملة، معبّرة عن تخوّفها من تصاعد الخلاف السياسي بين بغداد وأربيل قد يدفع فاتورته أهالي المحافظة، وتدخل دولي فوري خشية تدهور السِلم المجتمعي في المحافظة، الخطوة التي يتوقع أن يعقبها الصراع على منصب محافظ كركوك، ومحاولات السيطرة على مفاصل الحكومة المحلية، لتعويض الخسائر السابقة التي حصلت أثناء طرد حزب بارزاني من المحافظة.
صراع وصل إلى ذروته حين هددت بعض قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني ملوّحة بقدرة الإقليم على حجب المياه التي تصل المحافظات الوسطى والجنوبية، وحجب تلك الحصص المائية عبر سدود الإقليم كإجراء عقابي، في حال استمرار أزمة تصدير النفط إلى تركيا عبر ميناء جيهان. تصعيد مقابل رافق إغلاق طريق كركوك – أربيل البري من قبل مسيرات مناهضة لعودة حزب البارتي، مما قد يؤدي إلى المزيد من الضحايا والخسائر وعودة لسيناريو عام 1959 بين الأكراد والتركمان، يخلّف عواقب وخيمة لحكومة السوداني التي تُدار وفق إدارة ائتلاف الدولة.

الاتهامات لم تقتصر على حزب بارزاني في مناطق كركوك، بل تجاوزت كركوك إلى مناطق شيخان والقوش وصَعيّدة في محافظة نينوى، على اعتبار أنها مشمولة بالمادة 140 التي تخص المناطق المتنازع عليها، في حين أنها تابعة إدارياً لنينوى حسب اتهام النائب السابق لمحافظة نينوى محمد الشَبَكي، الذي أضاف أن الإقليم يسعى لتمرير قانون النفط والغاز للاعتراف بأحقيته باستخراج النفط من مناطق خارج حدود الإقليم، مما يعتبر تجاوزاً على المادتين 12 و13 في الموازنة الاتحادية.
في عام 2015 نشر الكاتب الكندي جيسي روزنفيلد في موقع ديلي بيست الأميركي مقالاً يتحدث فيه عن “اندلاع قتال في المستقبل بين الأكراد والميليشيات الشيعية مما سيهدد بتفجير أطراف كركوك حيث تتواجد حقول النفط القريبة منهم، بينما داعش يراقب ويترقب” وذلك بسبب أهمية كركوك النفطية ووقوعها في قلب مشروع الشرق الأوسط الجديد.
كركوك العراقية هي جوهر الصراع، تتجمع على أرضها كل القوى الطامعة لتشن حربا بالوكالة، ومحاولات إقليمية لإعادة العمل على إرجاع الخط النفطي كركوك – حيفا وتنظيف أنابيبه وصيانتها وحراستها.
غرابيب الليل التي لا تريد للعراق الاستقرار والأمان تريد جعل كركوك جُرحاً نازفاً، يشمل أقطاب القوى المنخرطة في الصراع بالمنطقة، يساعدها في ذلك نظام سياسي فاشل يختلق الأزمات وكأنه يستمتع بأوقاته، لكنه لا يدرك أن شرارة هذا البرميل إن انفجرت فإنها لا تُبقي ولا تذر.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني كركوك

إقرأ أيضاً:

المظلوم ظالم مؤجل، والظالم وحش يفترس الجميع

بقلم : هادي جلو مرعي ..

حتى الذين نصفهم بالمظلومين هم في معظمهم ظالمون، ولكنهم قيد التأجيل ينتظرون الفرصة السانحة ليستولوا على السلطة والمال والنفوذ، ويستعبدوا الحثالات الذين يتبعونهم كما السكارى في ليالي البرد في الشوارع المقفرة.
مايجري على الكوكب من صراعات لايوجد من الأدلة مايكفي لنقول إنه صراع الخير مع الشر، وكل المعطيات تؤكد إنه صراع الأشرار مع الأشرار.. فالديني يدعي العدالة والتمسك بقيم السماء، وماأن يحكم، أو يتحكم بشيء تجده سلطويا إقصائيا يرى الحق في الجانب الذي يتخذه ضاربا قول علي بن أبي طالب بعرض الحائط : إعرف الحق تعرف أهله.. وسيرد كثر بل نعرف الحق، ونعرف أهله.. وقد تعرفون الحق، وتبدون كأنكم أهله، ولكنكم حين تتحولون الى الراحة والدعة والهدوء والتمكين من الحكم تستعبدون سواكم حتى لكأنكم طيور جارحة في أعالي الجبال تترقب فريسة لتنقض عليها وبقسوة، وتنهش لتشبع غريزة الجوع. وفي الشارع أنتم قساة، فلاأحد يجرؤ على مخالفتكم، أو إبداء رأي لايلتقي وآرائكم التي تفرضونها على الناس، وتمنعونهم من أن يعبروا عن إنفعالاتهم بقسوة مفرطة.
ماذا فعلت الرإسمالية غير تحويل الإنسان الى آلة تدور من الصباح، حتى المساء، وحين تتعطل تلقى في مكان تجميع السكراب، وهاهي الرأسمالية العالمية تحرك أدواتها ودكتاتورياتها وأساطيلها، ولديها القدرة على دعم النازية في مكان، ومحاربتها في مكان، ودعم حكومات دينية في مكان، ومحاربتها في آخر ، ودعم حاكم دكتاتوري متجبر حين يلتقي ومصالحها هنا، وتحارب آخر حين يعارضها، وتجدها تدعم حكما ديمقراطيا تمثيليا هنا، وتتجبر على نظام ديمقراطي هناك، وهاهي تتلقى الإتهامات بالفاشية والإمبريالية المقيتة، وتدعم أقسى وأشر حكم مستند الى الخرافة في مايسمى دولة إسرائيل يقتل شعبا بأسره، بينما يموت الأطفال، ويجوعوا ويعطشوا ويتنقلوا من مخيم الى آخر تحوم على رؤوسهم تصريحات العرب وهتافاتهم وإدعية بعضهم بعبارة ( يارب خلصنا من الفلسطينيين وأنصر أخوتنا اليهود). ويتمنون لو تتحول فلسطين الى محل بقالة مكتوب على بابه: مغلق.
ماذا فعلت الشيوعية غير أن حولت الناس الى راغبين في الهروب الى الغرب بشتى الحيل، ثم إنهارت بطريقة مخزية، وتشرذمت دولها، وتغيب مفكروها ودعاتها عن الأنظار، ولم يظهروا ليشيعوا حضورهم وتأثيرهم ورغبتهم في إدارة الحياة، وبقيت بعض المسميات الشيوعية كأحزاب صغيرة لاتأثير لها، وتشبث بعضها باليسار الذي يهتف هنا لدكتاتور ، وهناك لثورة، وهنا لحزب دون أن يتضح مساره، وماذا يريد، وكأنه يبيع الهواء، ومن هم أهل اليسار، وماذا يريدون، وهل هم أحزاب، أم فكر حر طائر محلق في فضاء يمكن أن يحط منه في أي مكان يتلائم والأفكار التي لديه. واليساريون في العالم مثل ألوان الطيور لاحصر لهم ولاعد.
شغلونا بعناوين شتى. منحونا الجوع لنشبع، والعطش لنتروي، والتيه لنهتدي، والخوف لنأمن ، والشيء ونقيضه. هم يحكمون ويس

هادي جلومرعي

مقالات مشابهة

  • كركوك.. 182 طبيب وطبيبة يباشرون في دائرة صحة المحافظة
  • «خارجية النواب»: دعم الرئيس السيسي عزز من قدرة الحوار الوطني على جمع كل القوى
  • مريم كريم تحرز الذهبية الثانية في «عربية القوى»
  • المظلوم ظالم مؤجل، والظالم وحش يفترس الجميع
  • الدخول في عملية سياسية تشمل القوى السياسية الوطنية عدا المؤتمر الوطني وواجهاته!
  • عاجل: شركة النفط اليمنية تخفض سعر الديزل في هذه المحافظة اليمنية
  • بدء قطر ناقلة "سونيون" التي استهدفها الحوثيون قبالة اليمن
  • فرق الإنقاذ تبدأ محاولة جديدة لسحب ناقلة النفط "سونيون" التي فجّرها الحوثيون البحر الأحمر
  • رئيسة المركزي الروسي تحدد الأسباب التي تقف وراء هبوط أسعار النفط
  • تحصينُ الانتقالِ المدنيِّ والتحوُّلِ الديمقراطيِّ القادمِ في السودان عبر “بَصِيرَة”، “عِزْوَة” و”تَاوِق”