الخليج الجديد:
2024-11-26@04:43:04 GMT

حول عوامل انهيار الكيان الصهيوني

تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT

حول عوامل انهيار الكيان الصهيوني

حول عوامل انهيار الكيان الصهيوني

بُعدان هامان يدفعان نحو النهاية: خارجي على مستوى الدول الراعية للكيان؛ وداخلي بتعلق بترهل وشيخوخة الكيان وخطر اندلاع حرب أهلية.

دخل الكيان الصهيوني معادلة ميزان القوى تسمح بمقالات وتصريحات الصهيونية تنذر بقرب النهاية أو تذكر بأسطورة دول عبرية لم تعش أكثر من ثمانين عاماً.

ظاهرتان لا تقلان أهمية تؤكدان أن الكيان الصهيوني دخل في حقبة التراجع والتدهور، مما يشير إلى قرب النهاية، وذلك كاتجاه مستقبلي يتقارب خطوة بعد أخرى.

الأهم الآن التوقف عند أسباب استندت إليها تقديرات لعوامل ووقائع حديثة راهنة تنذر بأن نهاية الكيان الصهيوني أصبحت وشيكة والبعض يؤكد أنها أقرب من أي تقدير يقول بقربها.

* * *

لم يحدث منذ العام 1948، عام إقامة الكيان الصهيوني، حتى هذه الأشهر الأخيرة، أي طوال 75 سنة، أنْ كُتبت مقالات وصدرت تصريحات من مصادر صهيونية، تناولت قرب نهاية الكيان. فقد كان السائد هو الاطمئنان على مستقبله، بل التأكد من أنه في الطريق للسيطرة على "الشرق الأوسط".

وهو ما عبّر عنه مشروع شيمون بيريز في التسعينيات الماضية حول بناء "شرق أوسط جديد"، وقد راحت أمريكا بيل كلينتون تدعمه وتضع كل ثقلها وراءه. وسار على هذا المنهاج، وبتنفيذ عسكري، ما عرف باسم "الشرق الأوسط الكبير" الذي تبنته إدارة جورج دبليو بوش، ووزيرة الخارجية غونداليزا رايس. وعبّر عن التوجه نفسه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحليفه بنيامين نتنياهو، تحت مسمى "صفقة القرن" كذلك.

والكثيرون صدّقوا نجاح هذا التوجه، وروّجوا له، ولعل أغلبهم، حتى اليوم، ما زالوا مقتنعين بأن الكيان الصهيوني سيعود للسيطرة شبه المطلقة، بالرغم مما واجهه من هزائم عسكرية ومن تدهور عام سمح بصدور مقالات وتصريحات من مصادر صهيونية، تنذر بقرب نهاية الكيان. والظريف أن البعض من الاتجاه الأخير أخذ يثير بأن النهاية ستكون مع اقتراب الكيان من الثمانين سنة، بعد العام 1948، عام إقامته. وكان مرجعهم يستند إلى الأسطورة التاريخية التي تزعم أن دولتيه اللتين قامتا في العهود الغابرة، لم تُعمّرا أكثر من الثمانين عاماً.

أما الحديث عن حتمية زوال الكيان الصهيوني، فانقسم من جانبنا إلى مصدرين في مرجعيته: وقد اعتمد الاتجاه الأول على التاريخ الذي يحتم زوال الدول والإمبراطوريات، مهما علت وطال بها الزمن، من جهة، واستناداً أيضاً إلى أن الاستعمار والإمبريالية والدول الكبرى التي كانت السبب في نشأته وإمداده بأسباب القوة والبقاء، فإلى زوال لا محالة، مما يحتم زواله كذلك.

أما الاتجاه الثاني فاعتمد على تفسير قرآني، لا إجماع حوله من جانب كبار العلماء والمفسّرين، وقد حددوا تاريخاً لذلك، ولكن المهم هنا أن النصف الثاني من القرن العشرين عرف اجتهادات إسلامية أكدت على حتمية زواله، استناداً إلى التفسير العام لصورة "الإسراء".

على أن الأهم الآن التوقف عند الأسباب التي راحت تستند إليها التقديرات التي تقوم حجتها على ما أخذ يسود من عوامل ووقائع حديثة راهنة، وهي التي تسمح بالقول إن نهاية الكيان الصهيوني أصبحت وشيكة، والبعض راح يؤكد أنها أقرب من أي تقدير يقول بقربها.

لا شك في أن ما ساد من وقائع عرفتها السنوات العشرون الماضية تسمح بهذا التقدير، وذلك ابتداء من اندحار الاحتلال الصهيوني من جنوبي لبنان، ومن قطاع غزة، في العامين 2000 و2005 على التتالي، وبلا قيد أو شرط، ثم هزيمته المدوية في حرب تموز/ يوليو- آب/ أغسطس 2006 في لبنان، كما هزائمه العسكرية في 2008/2009، و2012، و2014 في قطاع غزة، مما يُشكل مرحلة جديدة، وبأبعاد جديدة، لما كان عليه الحال العسكري في الأعوام الخمسين التي سبقتها، الأمر الذي يُتيح القول بأن حقبة التراجع والتدهور قد ابتدأت، ولا مجال إلى نكران ذلك أو عدم التوقف عنده على الأقل.

ثمة ظاهرتان لا تقلان أهمية عن الوقائع السابقة، بل أبعد أثراً، تؤكدان أن الكيان الصهيوني دخل في حقبة التراجع والتدهور، مما يشير إلى قرب النهاية، وذلك كاتجاه مستقبلي يتقارب خطوة بعد أخرى.

الظاهرة الأولى، عدم لجوئه للحرب فوراً لإنهاء قيام قاعدة مقاومة مسلحة في قطاع غزة، كما عدم لجوئه للحرب فوراً لمنع تسلح حزب الله على مستوى الصواريخ، والمجالات العسكرية الأخرى التي ظهرت لها مؤشرات لا تسمح بالسكوت عنها. وذلك كما كان الحال في الماضي الذي شنّ فيه حرباً ضد مصر عام 1956، عندما بدأت تتسلح خارج المنع الغربي، وبما قد يهدد ميزان القوى معه، وصولاً إلى حرب 1967 حيث احتل سيناء والجولان والقدس والضفة الغربية ليحسم الصراع ضد حركة التحرّر العربي، حسماً بالحرب والعدوان والاكتساح، وتغيير حتى في الجغرافيا.

أما الظاهرة الثانية، فعدم لجوئه للحرب ضد إيران، وهي تتسلح وتبني محور مقاومة، وقد أنزلت القوة العسكرية الصهيونية من احتكار القوة العسكرية المتفوقة تفوقاً كاسحاً على مختلف الدول العربية والإسلامية في المنطقة؛ إلى قوة عسكرية عاجزة عن خوض الحرب المنتصرة. وذلك كما حدث في السنوات الخمسين التي تلت إقامة الكيان الصهيوني الذي اقتلع بالقوة غالبية الشعب الفلسطيني، وأحلّ مكانه كيانه الاستيطاني الاقتلاعي الإحلالي العنصري.

إن عدم لجوء الكيان الصهيوني للحروب في حسم الصراعات آنفة الذكر؛ لا تفسير له غير العجز، وفقدان اليقين من النصر، والخوف من حجم الخسائر المادية والبشرية في حالة اندلاع حرب شاملة. طبعاً هذا لا يعني عدم لجوئه للحرب لاحقاً، بل إن خطط الحرب على الطاولة أمامه ولا يمنع التنفيذ غير ما ذُكر من أسباب.

إن هذه المعادلة في ميزان القوى التي دخل فيها الكيان الصهيوني، تسمح بصدور المقالات والتصريحات الصهيونية التي أخذت تنذر بقرب النهاية، أو تذكر بأسطورة دول عبرية لم تعش أكثر من ثمانين عاماً.

هذا وثمة بُعدان آخران يضعان الحَبّ في طاحونة الاقتراب من النهاية؛ أولهما تطورات خارجية على مستوى الدول الراعية للكيان الصهيوني، وثانيهما تطورات داخلية بعضها يتعلق بالترهل والشيخوخة، وبعضها يهدد باندلاع حرب أهلية داخل الكيان الصهيوني.

صحيح أن البُعد الأول المتعلق بالدول التي أنشأت الكيان، وأمّنت له أسباب الحماية والقوة والسيطرة إلى حد جعلته الدولة المدللة في العالم، أي بريطانيا والغرب، وخصوصاً أمريكا، أخذت تفقد سيطرتها على العالم وجعلت بدورها تتراجع وتشيخ، إلاّ أنها لم تصل بعد إلى حد الانهيار، ولكنها لم تعد قادرة على أن تؤمّن له ما كانت تؤمنه سابقاً من أسباب الدعم والحماية، الأمر الذي أسهم، ويسهم، في ما حاق ويحيق بالكيان الصهيوني من ظاهرة التراجع والتدهور.

يجب أن يلاحظ هنا أن وصول الكيان الصهيوني إلى الانهيار لا يشترط انهيار الغرب تماماً، وإنما حدوث توازن دولي أو حالة دولية في صراع الدول الكبرى تتيح وصول الكيان إلى الانهيار، يكون أفضل من هيمنة صينية روسية مطلقة، بدلاً من الهيمنة الأمريكية- الغربية. وهذا ما سيحدث في المدى المنظور، ومن الصعب التكهن من الآن كيف ستكون معادلة الوضع الدولي في حينه.

أما التطورات الداخلية، فتتلخص ببعدين: الأول الدخول في الحياة الاستهلاكية الغارقة في الترف، وكسب المال، وألوان الانحطاط المسلكي، وهبوط مستوى القيادات، أي الانتقال من "مجتمع" "التقشف والطلائعية" و"كل شيء من أجل الحرب"، إلى "مجتمع" الرفاه والفسوق.

أما البُعد الداخلي الثاني فتمثل باندلاع الصراع بين المتدينين "التوراتيين" الذين يشاركون في حكومة نتنياهو، وفي تأمين أغلبية برلمانية لها، ويسعون لإلغاء "الدولة العميقة"، والنظام العلماني الحداثي المغطى، في الوقت نفسه، بتبني الأسطورة التاريخية لإقامة الكيان الصهيوني الذي قام منذ 1948. هذا الصراع يحمل في داخله طبيعة عدائية تقتضي غلبة طرف على آخر أو دحره تماماً، الأمر الذي جعل عددا من قادة الكيان الصهيوني ينذرون بأن هذا الصراع ذاهب إلى الحرب الأهلية، ووصل الأمر بالبعض إلى توقع الانقسام إلى دولتين، إحداهما على الشاطئ، والأخرى في الداخل حيث المستوطنات في الضفة الغربية ما بعد احتلال 1967.

إلى هنا تكون هذه المقالة قد أشارت إلى مسوغات المقالات والتصريحات الصهيونية التي تحذر من اقتراب نهاية الكيان الصهيوني، وهي مسوّغات جديّة يحب أن تؤخذ بعين الاعتبار. وهذا من دون إبراز البُعد المقابل المتنامي للمقاومات الفلسطينية والإسلامية (وأحرار العالم)، وذلك من ناحية السرعة في تشكل الشرط الضروري لهدم الجدار حين ينخره التآكل الذاتي الداخلي، وعوامل الاهتراء والانهيار، ومتغير موازين القوى، ولهذا بالطبع حديث آخر.

*منير شفيق كاتب ومفكر وسياسي فلسطيني

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل انهيار نهاية المقاومة الصهيونية أزمات تنبؤات الكيان الصهيوني ميزان القوى الحرب الأهلية الکیان الصهیونی

إقرأ أيضاً:

شهداء وجرحى جراء قصف الكيان الصهيوني لمنزل في غزة

غزة.. لا يزال الشعب الفلسطيني يعيش أياما كارثية، مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني قصف مختلف المدن الفلسطينية ومواصلة حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
وشهد اليوم الاثنين الموافق 25 نوفمبر، استشهاد عدد من المواطنين وإصابة آخرون، بعد قصف الاحتلال لمنزل في رفح جنوب قطاع غزة.. وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا". 
وأفادت مصادر طبية في قطاع غزة، باستشهاد 4 مواطنين وإصابة عدد آخر، في قصف لطيران الاحتلال لمنزل في منطقة مصبح شمال مدينة رفح.
كما أفاد مسعفون من الهلال الأحمر، بنقل 5 جرحى إلى مستشفى العودة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة بعد قصف مدفعي إسرائيلي على منازل المواطنين شمال المخيم.


الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجز تياسير في طوباس

وعلى صعيد آخر شددت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم، إجراءاتها العسكرية على حاجز تياسير شرق طوباس.
وأفادت مصادر فلسطينية، بأن الاحتلال شدد إجراءاته العسكرية أمام حركة المواطنين في كلا الاتجاهين، ما خلق أزمة مركبات.. بحسب وفا.
ويشهد الحاجز الذي يفصل طوباس عن الأغوار، تشديدات عسكرية منذ أكثر من عام، مما يعيق تنقلات المواطنين، ونقل بضائعهم من الأغوار إلى السوق المحلية.

استشهاد اكثر من 44 ألف فلسطين خلال العدوان الإسرائيلي على غزة 

وتواصل قوات الاحتلال عدوانها على قطاع غزة، برا وبحرا وجوا، منذ السابع من أكتوبر 2023، ما أسفر عن استشهاد 44,211 مواطنا، أغلبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 104,567 آخرين، في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الركام، وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.

مقالات مشابهة

  • الاعرجي ينفي تلقي بغداد رسائل من الكيان الصهيوني عبر أذربيجان
  • صباغ : سورية تجدد إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية السافرة على دول المنطقة وشعوبها، وإدانة جرائم الحرب، وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني
  • المفتي العام للسلطنة: النكبات تتوالى على الكيـان الصهيوني
  • المفتي العام للسلطنة: النكبات تتوالى على الكيـان الصهيـوني
  • المفتي العام للسلطنة: النكبات تتوالى على الكيـان الصهيـوني.. عاجل
  • الكيان الصهيوني يوجه أمر إخلاء جديد لسكان الضاحية الجنوبية
  • شهداء وجرحى جراء قصف الكيان الصهيوني لمنزل في غزة
  • السوداني: الكيان الصهيوني هدد العراق بذرائع واهية تكشف عن نياته العدوانية
  • وزارة الخارجية والمغتربين: تواصل الولايات المتحدة الأمريكية والغرب الجماعي انتهاج سياسات تقوض الأمن والاستقرار حول العالم وذلك من خلال استمرار دعمها اللامحدود لكل من نظام زيلنيسكي في أوروبا والكيان الصهيوني في منطقتنا
  • مسمار في نعش الكيان الصهيوني