مع توالي الانقلابات التي تشهدها أفريقيا، والتي تصدرها في الأشهر الأخيرة انقلاب النيجر ثم الجابون التي تعد حليفًا بالغ الأهمية لدى فرنسا، أصبحت باريس وسط سلسلة من النكسات وضعتها  أمام مصير مجهول بشأن مصالحها الاقتصادية الكبيرة والمتنوعة في المستعمرة الفرنسية السابقة في غرب أفريقيا.


ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن الانقلاب الحاصل في الجابون، يشير إلى عودة الظاهرة المعروفة بالانقلابات إلى غرب أفريقيا، مشيرة إلى أن الرئيس الجابوني، البالغ من العمر ٦٢ عامًا، ظهر بمظهر "مهترئ القوى" وأكد أنه وعائلته تحت الإقامة الجبرية.


وذكرت الصحيفة أن الجابون شهدت محاولة انقلابية فاشلة في عام ٢٠١٩، تبنتها جماعة زعمت استعادة الديمقراطية، لكن تم القضاء على العناصر المشاركة فيها وإجهاض المحاولة.


وفي اجتماع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وصف جوزيب بوريل، مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد، الوضع في الجابون بأنه قد يكون سببًا في تصاعد الأوضاع في المنطقة الإفريقية. وأضافت الصحيفة أن الأحداث الجارية في الجابون تشبه ما حدث في دول مثل النيجر وبوركينا فاسو ومالي وأفريقيا الوسطى.
واعتبرت الصحيفة أن الإطاحة بعلي بونجو تعني نهاية حكم عائلة بونجو التي حكمت الجابون لمدة تزيد على ٥٦ عامًا. تولى علي بونجو السلطة في عام ٢٠٠٩ بعد وفاة والده عمر بونجو، الذي حكم البلاد لمدة أربعة عقود متواصلة.
من جهتها؛ نشرت إذاعة "مونت كارلو" الدولية الفرنسية تقريرًا سلطت فيه الضوء على أبرز الانقلابات التي شهدتها القارة السمراء، ومواقعها وتواريخ وقوعها، وبعض من النتائج التي خلفتها.
النيجر
في يوم ٢٦ يوليو ٢٠٢٣، قاد عسكريون انقلابًا في النيجر أدى إلى الإطاحة بالرئيس محمد بازوم، وتولى الجنرال عبدالرحمن تياني السلطة كقائد جديد للبلاد.
في وقت لاحق، أعلنت المنظمة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) رفضها لهذا الانقلاب، وطالبت القوى العسكرية المسئولة بالتراجع عن أفعالها. وفي ١٠ أغسطس، قامت "إكواس" بإطلاق عملية تدخل إقليمي لاستعادة النظام الدستوري، تزامنًا مع فرض عقوبات اقتصادية قوية على النيجر، الذي يُعد واحدًا من أفقر دول العالم. وأكدت "إكواس" تفضيلها للحلول الدبلوماسية في محاولة لحل الأزمة في النيجر.
في المقابل، قدم الانقلابيون اقتراحًا لفترة انتقالية لا تتعدى "ثلاث سنوات"، بهدف تسليم السلطة لحكومة مدنية في نهاية تلك الفترة. وعلى الرغم من هذا الاقتراح، رفضت "إكواس" هذا النهج وأبدت استمرارها في التمسك بالرفض للانقلاب والدعوة إلى استعادة النظام الديمقراطي في النيجر.
بوركينا فاسو (انقلابان في أقل من عام)
في يوم ٢٤ يناير ٢٠٢٢، قاد الجيش في بوركينا فاسو انقلابًا أدى إلى إزاحة الرئيس روش مارك كريستيان كابوري من منصبه، وتم تنصيب اللواء بول هنري سانداوغو دامبا كرئيس انتقالي في فبراير.
ومع ذلك، في ٣٠ سبتمبر، تم إقالة دامبا من قبل الجيش، وتم تعيين الكابتن إبراهيم تراوري كرئيس انتقالي حتى إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في يوليو ٢٠٢٤.
هذه الأحداث تجسد تحولات سياسية متسارعة في بوركينا فاسو، حيث شهدت البلاد انقلابين خلال ثمانية أشهر فقط، وتغير في قيادة البلاد وفقًا لتطورات الوضع السياسي.
غينيا 
في ٥ سبتمبر ٢٠٢١، تم تنفيذ انقلاب عسكري في غينيا أسفر عن إطاحة الرئيس ألفا كوندي من الحكم. وبتاريخ ١ أكتوبر، تم تنصيب الكولونيل مامادي دومبويا كرئيس للبلاد.
وتعهد القادة العسكريون في غينيا بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة بحلول نهاية عام ٢٠٢٤، مما يعكس التزامهم بتنظيم انتخابات ديمقراطية لاختيار القيادة السياسية للبلاد.
مالي (انقلابان خلال تسعة أشهر)
في ١٨ أغسطس ٢٠٢٠، أطاح الجيش بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا، وتم تشكيل حكومة انتقالية في مالي في أكتوبر.
لكن في ٢٤ مايو ٢٠٢١، اعتقل الجيش الرئيس ورئيس الوزراء، وتم تنصيب الكولونيل أسيمي غويتا رئيسا انتقاليا في يونيو وتعهد المجلس العسكري تسليم السلطة إلى مدنيين بعد الانتخابات المقررة في فبراير ٢٠٢٤.
تزايد حدة الانقلابات في القارة الأفريقية، يشير إلى تحديات تزايد النفوذ الغربي في المنطقة، وهذا التطور يشمل ليس فقط فرنسا، بل أيضًا دولًا أخرى مثل الولايات المتحدة التي تتعامل مع الأوضاع بحذر، وهو ما قد يفتح الباب أمام منافسين آخرين مثل روسيا والصين لتعزيز تأثيرهم في المنطقة.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الانقلابات النيجر الجابون فرنسا غرب أفریقیا انقلاب ا

إقرأ أيضاً:

تعويلٌ على تشييع نصرالله... هل بدأت إيران بخسارة لبنان؟

شكّلت الحرب الأخيرة على لبنان ضربة لإيران، بسبب نتائجها السلبيّة على "حزب الله" الذي خسر أمينه العام حسن نصرالله، إضافة إلى قيام إسرائيل بتدمير أنفاق عديدة في الجنوب، والسيطرة على أعتدة عسكريّة تعود لـ"الحزب". وأتى إتّفاق وقف إطلاق النار ليمنع "المقاومة" من شنّ هجمات ضدّ المواقع الإسرائيليّة، على الرغم من أنّ الجيش الإسرائيليّ لا يزال يحتلّ 5 تلال لبنانيّة استراتيجيّة ولا يزال يستهدف البلدات الجنوبيّة ويقوم بعمليّات إغتيال في العمق اللبنانيّ.
 
كذلك، فإنّ سيطرة "هيئة تحرير الشام" على سوريا، قطعت خطوط الإمداد بين إيران و"حزب الله"، وبات الأخير مُحاصراً وغير قادر على إدخال السلاح إلى لبنان. أمّا سياسيّاً، فلم يستطع "الثنائيّ الشيعيّ" انتخاب مرشّحه سليمان فرنجيّة، كما أنّه شارك في حكومة لم يُسمّ فيها رئيسها ولا أغلبيّة الوزراء التابعين له، وأصبح مضطرّاً للسير مع رئيسيّ الجمهوريّة ومجلس الوزراء لترجمة خطاب القسم والبيان الوزاريّ، عبر دعم الجيش وحده لحماية سيادة البلاد، والعمل ديبلوماسيّاً من أجل الضغط على العدوّ الإسرائيليّ للإنسحاب الكامل من الأراضي اللبنانيّة في الجنوب.
 
ولعلّ السياسة الجديدة المتّبعة في لبنان، ساهمت كثيراً في تراجع ليس فقط نفوذ "حزب الله"، وإنّما إيران أيضاً، فقد تمّ تعليق الرحلات الجويّة من طهران وإليها، بينما أمست الطائرات المدنيّة الإيرانيّة تخضع لتفتيش دقيق، خوفاً من إدخال الأموال إلى "الحزب"، وتهديد العدوّ بأنّه سيستهدف مطار بيروت الدوليّ إنّ استمرّ تدفق المال إلى "المقاومة".
 
وكانت حركة الإحتجاج والشغب على طريق المطار لا تُعبّر فقط عن الرفض القاطع لإملاءات إسرائيل على الدولة اللبنانيّة، وإنّما على الخطوات التي استهدفت إيران وتحدّ من نفوذها في لبنان. فبعد سوريا، تخشى طهران بشدّة خسارة لبنان إنّ لم تستطع إعادة تنظيم حليفها الشيعيّ في بيروت عبر إيصال السلاح والمال له لينهض من جديد، ويُشكّل تهديداً لامن تل أبيب.
 
من هنا، أتت إحتجاجات المطار التي قد تُستأنف بعد تشييع نصرالله وهاشم صفي الدين إنّ استمرّ تعليق الرحلات والتضييق على الخطوط الجويّة الإيرانيّة، لتُعبّر عن الغضب الشيعيّ من مُقاطعة إيران، الراعي الرسميّ لـ"محور المقاومة" في الشرق الأوسط. وبحسب أوساط سياسيّة، فإنّ تلك التظاهرات تحمل في طياتها خشية من أنّ ينجر لبنان إلى المحور الغربيّ، وإضعاف "حزب الله" في الداخل غبر الضغط سياسيّاً عليه، كما عبر قطع الأوصال بينه وبين طهران.
 
ويجد "حزب الله" نفسه بعد الحرب وبعد انتخاب رئيس الجمهوريّة وتشكيل الحكومة الجديدة في موقعٍ ضعيفٍ، وقد تُؤثّر الإنتخابات النيابيّة المُقبلة كثيراً عليه إنّ لم يستطع مع الدولة إعادة بناء القرى الجنوبيّة، وإنّ لم يتبدلّ المشهد في المنطقة لصالحه. فهناك رغبة في تهجير سكان قطاع غزة إلى دول مُجاورة بهدف القضاء على حكم "حماس" في القطاع، وإبعادها عن الحدود الإسرائيليّة، كما أنّ هناك مُخططا لضرب النوويّ الإيرانيّ، الأمر الذي سيُشكّل إنتكاسة كبيرة للنظام في طهران ولكلّ "محور المقاومة".
 
ويُعوّل "الحزب" كما إيران على أنّ يُشارك أكبر عدد مُمكن من الجمهور في تشييع نصرالله وصفي الدين غدا الأحد ، كما مُشاركة شخصيّات بارزة من طهران ومن الدول حيث تتواجد "فصائل المقاومة" مثل العراق واليمن، لإرسال رسالة واضحة إلى الخارج من أنّ "حزب الله" لا يزال شعبيّاً يُحافظ على قوّته، وأنّه لم ينتهِ في الحرب الإسرائيليّة الأخيرة على لبنان، وأنّه سيظلّ ذراع طهران الأقوى في المنطقة. المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • ما هي الدروس التي استخلصها الجيش الفرنسي بعد ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا؟
  • تعويلٌ على تشييع نصرالله... هل بدأت إيران بخسارة لبنان؟
  • الرئيس عون عرض والوزير مكي لخطة العمل التي سيعتمدها في وزارته
  • الجيش الإسرائيلي: إحدى الجثث التي سلمتها حماس لا تعود لأي رهينة
  • شهر على عودة الرئيس ترامب.. الأيام الثلاثون التي هزت العلاقات بين ضفّتي الأطلسي
  • رؤساء لجان الشؤون الخارجية بـ40 بلداً أفريقياً يؤكدون من الرباط رفضهم الإنفصال وداعميه
  • الرئيس الفلسطيني: الاحتلال يهدف إلى تقويض حل الدولتين وإضعاف السلطة الوطنية
  • الرئيس الفلسطيني: الاحتلال يسعى لتقويض حل الدولتين وإضعاف السلطة الوطنية
  • المغرب الثاني أفريقيا ومصر وتونس تتقدمان في تصنيف جودة الحياة الرقمية 2024
  • بيراميدز يواجه الجيش الملكي المغربي في ربع نهائي دوري أبطال أفريقيا