صحيفة الاتحاد:
2024-10-03@11:06:25 GMT

د. شريف عرفة يكتب: الأنا الرقمية

تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT

حين ظهرت شبكة الإنترنت، تعامل معها الناس كمجرد أداة توفير معلومات، ووسيلة تواصل جعلت العالم «قرية صغيرة»، كما كان يقال.. إلا أن أحداً لم يكن يتوقع أن يمتد تأثيرها لتغيير تكويننا النفسي كأفراد، وصياغة تصوراتنا الذاتية وصحتنا العقلية! لست هنا لأقول لك: إن تأثير الـ «سوشيال ميديا» مدمر وما إلى ذلك.. بل لها استخدامات يمكن اعتبارها إيجابية.

. فعلى سبيل المثال، زادت من قدرتنا على التحكم النسبي في صورتنا الاجتماعية.. واجهتك أمام الناس.. أصبح في إمكانك صنع ذات رقمية تشكلها بالطريقة التي تريدها.. ما تحب أن يراه الناس وما ينبغي تضخيمه أو تجاهله.. الحدث الذي تريد إبرازه والفترة التي تريد إخفاءها.. لأول مرة في تاريخ البشر، أصبح لكل واحد منا واجهة شخصية يمكنه تعديلها بالإضافة والحذف، بعد أن كان صورتنا الاجتماعية جامدة نسبياً مبعثها التفاعلات الشخصية المحدودة وكلام الناس!
أصف إلى ذلك أن الـ«سوشيال ميديا»، تجعلنا أكثر تحكماً في سردية حياتنا.. نرى ما طرأ علينا من تغييرات، وتغيير الماضي الذي لا نحبه بحذف الصور القديمة أو المنشورات التي لم نعد نتفق معها.. أصبحنا نرى - بشكل واضح لا لبس فيه - التغيرات التي تطرأ على تفكيرنا ومواقفنا، ونرصد تطور هويتنا الذاتية..
الصورة ليست وردية تماماً، فصحتنا العقلية أصبحت متصلة بالعالم الرقمي. فلو كنا صرحاء مع أنفسنا، لا يمكن إنكار تأثير التعليقات والإعجابات والمشاركات، في زيادة المشاعر الإيجابية والرضا والتقدير الذاتي.. أصبح لذلك رقم تراه في شاشة الجهاز.. وهو شيء عجيب لا ينبغي أن يكون، خصوصاً أن المنصات تجارية مصممة للحفاظ على تفاعل المستخدمين، لا صحتهم النفسية!
قديماً، رسمت لوحة كاريكاتورية لشاب حزين، تقول له حبيبته:
- «وداعاً. نحن غير متوافقين. أنت على فيسبوك وأنا على تويتر!»
وقتها كانت هذه دعابة، لكن يبدو أنها مع الزمن لم تعد كذلك. فقد ظهرت أبحاث عديدة تظهر تأثير كل منصة على أتباعها. هناك تأثير واضح يمكنك أن تشعر به عند ولوجك لأي منصة.. دخولك موقع «لينكدإن» يختلف طبعاً عن شعور الولوج لـ «سناب شات»! الإفراط في استخدام «فيسبوك» قد يشوه نظرتك للواقع بعيشك منعزلاً في فقاعتك الخاصة مع من يشبهونك.. و«إنستجرام» قد يحفز المقارنات الاجتماعية وإحساسك بأن هناك كثيراً لم تحققه بعد.. «تيكتوك» قد يدمر قدرتك الذهنية على الانتباه لفترة طويلة.. «تويتر» - أو «إكس»- قد يعزز وهم المعرفة بتغريداته القصيرة الانفعالية الخالية من الأفكار المركبة..
كثيراً ما نجد اختلافاً بين شخصية الإنسان في الواقع وفي الإنترنت.. لكن هذا لا ينفي أن ذواتنا الرقمية، قد أصبحت - فيما يبدو - جزءاً أصيلاً من تكويننا النفسي!

أخبار ذات صلة وسائل التواصل.. نوافذ معززة للإبداع د. شريف عرفة يكتب: نسبة التعاسة

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: مواقع التواصل الاجتماعي السوشيال ميديا شريف عرفة الإنترنت

إقرأ أيضاً:

شريف الجبلي رئيسا للجنة الشئون الأفريقية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أسفرت انتخابات هيئة مكتب لجنة الشئون الأفريقية بدورالانعقاد الرابع من الفصل التشريعى الثانى بمجلس النواب عن فوز النائب شريف الجبلي بمقعد رئيس للجنة الشئون الأفريقية، كما فاز كلا من محمود سعد   ومحمدسليم  وكيلا للجنة، وفاز بمقعد أمين السر النائبه رشا ابوشقرة.

مقالات مشابهة

  • يبدو أن العناية الألهية لا تحب الحلف الجنجويدى
  • ميتا تسهل كسب المال لمبدعي فيسبوك
  • «ميتا» تطرح برنامجا جديدا لتحقيق مكاسب أكبر من «فيسبوك»
  • شريف الجبلي رئيسا للجنة الشئون الأفريقية
  • "لازم تبقى عربجي".. شيرين عرفة تثير الجدل بهذا التصريح|هل له معنى خفي؟
  • طحنون بن زايد يناقش مستقبل التكنولوجيا مع مؤسس فيسبوك
  • شبانة : الأهلي أصبح فريق "بهوات" و مندهش من كثرة حضورهم المناسبات الاجتماعية وافتتاح المشاريع
  • أحمد عزمي: منشوري على «فيسبوك» لم يكن ضغطا.. حسيت إني مقصر
  • النظرية الاجتماعية عند ابن بركة البَهلوي
  • دخان يرتفع.. كيف يبدو المشهد في هذه الأثناء في الضاحية الجنوبية؟