د. عبدالله الغذامي يكتب: النسق بين الشعرنة والعقلنة
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
الشعر ديوان العرب كما الفلسفة ديوان أوروبا، وكلاهما كاشف نسقي يكشف العيوب بمثل ما يحمل من جماليات وقيم راقية وجدانياً وعقلياً، وسيظل الشعر عندنا ديواناً لنا بمعنى أنه كاشف نسقي من حيث إن الشعر العربي لما يزل خطاباً حياً له وجوده وله حيويته، فنحن نحفظ نصوص المتنبي كما نحفظ ونطرب للجواهري والقصيبي ودرويش، وقس عليهم كل نص شعري عربي قديم أو حديث، بل ستجد أن الخطابة من جهة والتغريدة من جهة ثانية تحملان سمات الشعرية جمالياً وصياغةً وفيهما نسقيات الشعرنة إضماراً، ونسق الشعرنة نشأ وتشكل شعرياً ثم انتقل من المطبخ الشعري إلى المائدة الاجتماعية والذهنية بعامة، كما أن نسق العقلنة فلسفياً يحمل سمات مماثلة لسمات الشعرنة، ولدي كتاب تحت الإعداد يتعامل مع نسق العقلنة، كما تعاملت من قبل مع نسق الشعرنة، ومن ثم نحن أمام أنساق مضمرة تتوسل بالجمالي والقيمي لإدامة وجودها ولتعميق أثرها، على أن الأنساق تشبه الفيروسات في قدرتها على التجدد والتحور، مع لعبة الاختفاء والكمون لينتظر لحظةً مواتيةً تمكنه من الخروج من تحت مخابئه وينشر سلطته وتحكمه بالأجساد إن كان فيروساً أو بالأذهان إن كان نسقاً، ومن طبع الإنسان إن يعيش تحت سطوة الرغبة والرهبة، ويتنوع سلوكنا بين حال الرغبة وحال الرهبة، وكلما رغبنا رهبنا، أي أننا نتخوف على مكتسباتنا من المنافسة، مما يؤدي بنا إلى مناوأة المنافس أو التحوط منه أو الشك بنواياه، وهذا يترتب عليه أنواع من التحصين الذاتي قد تتجاوز شرط التحصن وتبلغ حدود كبح المنافس وهذا ما يشعل الحروب العسكرية عملياً أو اللغوية ثقافياً، والشاعر يقول (وإن الحرب أولها الكلام)، وهذه نسقية ثقافية تتصبغ بها الذهنيات وإن عجزت عن التحقق العملي عمدت لأساليب أبرزها النقائض في الشعر، وهي مثال للشعرنة، وتتسع لتشمل لغة التعامل في الرياضة مثلاً، تلك التي تجعل التنافس تصارعاً، وهكذا هي حال الذهنية البشرية بين نفس خيرة وأخرى متحفزة ومستعدة لقلب معادلة الخير إلى معادلات سلبية، ويحدث ذلك في كل الخطابات سياسياً كان أو اجتماعياً أو فلسفياً، مما يجعل العقلنة نسقاً كما أن الشعرية نسقٌ.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الغذامي عبدالله الغذامي
إقرأ أيضاً:
إسحق أحمد فضل الله يكتب: مقتل قرنق
وقالوا إن تحقيقا ينطلق الآن يبحث عمن قتل قرنق
ونحن بعد مقتله بأسبوع ننشر القصة التي لا يدفعها شيء .. قصة تدبير وتنفيذ قتل الرجل …. وحوار الطيار مع قرنق والطائرة تتقلب في العاصفة
ويومها قالوا إن الجنية هي من جاءتنا بهذا
……..
والصندوق الأسود نسرده وسطور التحقيق …. وحديث اللجنة التي رفعت الجثث
وأبرز ما فيه هو شهادة عريف كان في الحراسة لما شاهد الطائرة تسقط .. والرجل يندفع إليها ونيرانها ما زالت تشتعل وهناك العريف يجد (ثلاثة عشر …. ثلاثة عشر … نعم … ثلاثة عشر) جثة لكن اللجنة التي هي وصلت بعد الحادث بساعة تجد …. (إثني عشر) جثة .. كان واضحا أن الجثة الثالثة عشر قد هربت …
والحكاية خطواتها هي
قرنق يتسلل من الخرطوم دون علم أحد
إلى يوغندا
ويشهد حفلاً سنوياً غريباً كان موسيفيني يقيمه للسفراء وبعض الرؤساء كل عام
حفل …. (ملط)
بعدها قرنق يعطونه طائرة كانت تعود من الصيانة في روسيا قبل إيام … والصيانة في أيام المخابرات يمكن أن يكون فيها أي شيء
والتحقيق يجد أن العاصفة لم تكن هي ما أسقط الطائرة .. ومظلة عسكرية يستخدمها المظليون للهبوط/ وجدوها هناك/ وإنفجار واضح في جسم الطائرة وإختفاء الجثة الثالثة عشر وقائمة أسماء الركاب (الأثنا عشر)!!
أشياء ربطها في جملة ربط يقول إن شخصاً خارج المجموعة تسلل إلى الطائرة بدقة مخابراتية
وأن مهمته كانت هي …. وضع قنبلة موقوتة .. ثم الهبوط بالمظلة
والرجل يفعل ذلك عند دخول الطائرة أجواء السودان .. والرجل بعد تشغيل عداد القنبلة يتجه لفتح الباب
ليجد أن من وضع المخطط أغلق الباب …. من الخارج … والبحث يجد أن الجهة التي تدير الأمر كانت قد وضعت عدة عربات فى عدة أماكن تنتظر سقوط الطائرة. لسحب جثة صاحب المظلة …. وأن عربة في نيوسايت كانت بالفعل تسحب الجثة الثالثة عشر من بين الجثث لكنها تنسى المظلة التى يبدو أنها أنفلتت من جسم الرجل
…..
وقرنق كان يجد أنه يفشل فى هزيمة الجيش والمجاهدين في الجنوب … وقرنق يفتح جبهة في الغرب … ويفشل
ويفتح جبهة في الشرق .. حتى همشكوريب .. ويفشل…
والجيش يسحب قرنق إلى الخرطوم ويعطيه المنصب الثاني في الدولة
عندها قرنق يقرر وقف الحرب
عندها .. الجهات التي تحارب السودان لنصف قرن تقرر إغتيال قرنق
ويوم الإغتيال الجهة تلك تشعل الخرطوم
والأسلوب يفضح أن إشعال الخرطوم كان عملاً مدبراً .. فالشبكة الهاتفية قبل يوم وفي يوم مقتل قرنق كانت تختنق بسيل من الاتصالات ….
لكن المفاجأة يومها …. مثل المفاجأة الآن .. كانت هي الشعب الأعزل المسالم حين يفاجأ بالغدر يتحول إلى شيء لا يقوم له شيء
والشعب يفعل بالجنوبيين المهاجمين شيئا يجعل الدولة تمنع نشر التحقيق … لأن الأرقام فظيعة ….
مثلما يمنع الجيش الآن نشر العدد الحقيقي لقتلى الدعم السريع…
إطلاق التحقيق الآن في مقتل قرنق هو رصاصة في الحرب الجنوبية / الجنوبية. التي تدور الآن.
والرصاصة مطلوب منها أن تتحول إلى معارك الخرطوم الآن
ما حبكتها كويس يا قرقاش …
……..
يبقى إنه
لما كان قرنق يكيل التعذيب لمشار المعتقل عنده كان قرنق يقف عند مشار المقيد في حفرة
ويسخر منه
ومشار المهتاج يصرخ فيه بكلمة أصبحت نبوءة
مشار يرفع رأسه من الحفرة ويصرخ
: أرجو أن أراك مدفونا على عمق ستة أقدام
….. قال لي الطيب سيخة الذي شهد دفن قرنق
:: وقفت أنا ونافع فوق القبر المحفور لقرنق .. ونظرنا فيه … وكان عمقه ستة أقدام ..
إسحق أحمد فضل الله
إنضم لقناة النيلين على واتساب