الشعر ديوان العرب كما الفلسفة ديوان أوروبا، وكلاهما كاشف نسقي يكشف العيوب بمثل ما يحمل من جماليات وقيم راقية وجدانياً وعقلياً، وسيظل الشعر عندنا ديواناً لنا بمعنى أنه كاشف نسقي من حيث إن الشعر العربي لما يزل خطاباً حياً له وجوده وله حيويته، فنحن نحفظ نصوص المتنبي كما نحفظ ونطرب للجواهري والقصيبي ودرويش، وقس عليهم كل نص شعري عربي قديم أو حديث، بل ستجد أن الخطابة من جهة والتغريدة من جهة ثانية تحملان سمات الشعرية جمالياً وصياغةً وفيهما نسقيات الشعرنة إضماراً، ونسق الشعرنة نشأ وتشكل شعرياً ثم انتقل من المطبخ الشعري إلى المائدة الاجتماعية والذهنية بعامة، كما أن نسق العقلنة فلسفياً يحمل سمات مماثلة لسمات الشعرنة، ولدي كتاب تحت الإعداد يتعامل مع نسق العقلنة، كما تعاملت من قبل مع نسق الشعرنة، ومن ثم نحن أمام أنساق مضمرة تتوسل بالجمالي والقيمي لإدامة وجودها ولتعميق أثرها، على أن الأنساق تشبه الفيروسات في قدرتها على التجدد والتحور، مع لعبة الاختفاء والكمون لينتظر لحظةً مواتيةً تمكنه من الخروج من تحت مخابئه وينشر سلطته وتحكمه بالأجساد إن كان فيروساً أو بالأذهان إن كان نسقاً، ومن طبع الإنسان إن يعيش تحت سطوة الرغبة والرهبة، ويتنوع سلوكنا بين حال الرغبة وحال الرهبة، وكلما رغبنا رهبنا، أي أننا نتخوف على مكتسباتنا من المنافسة، مما يؤدي بنا إلى مناوأة المنافس أو التحوط منه أو الشك بنواياه، وهذا يترتب عليه أنواع من التحصين الذاتي قد تتجاوز شرط التحصن وتبلغ حدود كبح المنافس وهذا ما يشعل الحروب العسكرية عملياً أو اللغوية ثقافياً، والشاعر يقول (وإن الحرب أولها الكلام)، وهذه نسقية ثقافية تتصبغ بها الذهنيات وإن عجزت عن التحقق العملي عمدت لأساليب أبرزها النقائض في الشعر، وهي مثال للشعرنة، وتتسع لتشمل لغة التعامل في الرياضة مثلاً، تلك التي تجعل التنافس تصارعاً، وهكذا هي حال الذهنية البشرية بين نفس خيرة وأخرى متحفزة ومستعدة لقلب معادلة الخير إلى معادلات سلبية، ويحدث ذلك في كل الخطابات سياسياً كان أو اجتماعياً أو فلسفياً، مما يجعل العقلنة نسقاً كما أن الشعرية نسقٌ.

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: التفاوضية الثقافية د. عبدالله الغذامي يكتب: العمامة زيادة في القامة

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الغذامي عبدالله الغذامي

إقرأ أيضاً:

د.ابراهيم الصديق علي يكتب: المليشيا فى الخرطوم: موت بلا نعوش

فى العمل العسكري ، فإن المحافظة على الموقع ومغادرته قرار عسكري ، و يخضع لتقديرات كثيرة ، وتفاصيل ، ليس من بينها ، (الهوشة) و (الهيجان).. وفى كل الأحوال فإن القائد يتحمل مسؤولية قراره ويتحسب لنتائجه وابعاده..

فبماذا سيبرر قائد مليشيا الدعم السريع بقاء شرازم من قواته فى الخرطوم ، والموت يحاصرهم من كل ناحية ؟..

لا يمكن لقائد ما ، بكامل قواه العقلية حشر نفسه من نقطة إلى اخرى وقواته تفقد كل يوم العتاد والذخائر والعربات القتالية والعناصر ، بينما الطرف الآخر يزداد زخماً وفاعلية ، فما هى الحكمة من البقاء فى كماشة تزداد عليك كل يوم قبضة وانت عاجز عن الفكاك وبإمكانك الهروب ؟..
إنها عدة عوامل متضافرة :
اولها: الرعونة العسكرية استناداً لمناورات نفذتها المليشيا أول اسابيع الحرب ، كثافة النيران والمناورة والفزع ، ولكنها خطة فشلت فى جبل مويه وسنجة وام القرى والجزيرة كلها والمصفاة وحتى القطينة ، وفى كل أحياء أمدرمان وبحري وشرق النيل.. ليس ذلك فحسب ، بل الجيش امتلك زمام المبادرة وقواته تزداد قوة وفاعلية وتسليحاً ومشاة وتكتيك حربي..
وافتراض ثاني: توقع وصول إمداد أو دخول متغير (سلاح جديد) أو (قوة عسكرية) أو (فتح ثغرة عسكرية) ، وكل ذلك غير وارد ، فقد انقطعت طرق وسبل الإمداد وجف المورد أصلاً ، سواء من الحواضن الاجتماعية او من مرتزقة غرب افريقيا أو مجموعات العصابات العابرة للحدود ، وقد افترست القوات المشتركة فى محور الصحراء أكبر متحركات المليشيا قبل شهر ، وقوات المليشيا المحاصرة فى الخرطوم هى ذاتها المهزومة والمنسحبة من مناطق اخرى ، مع عتاد متهالك وروح معنوية منهارة..

وخيار ثالث: هو انتظار متغير خارجي (الخريف مثلاً) أو (محادثات أو موقف دولي), وكل ذلك غير وارد ،والمعارك فى الخرطوم غير رهينه بالخرطوم ، وتساقطت غالب مناورات حشد دولي خلف مواقف المليشيا وداعميها ، فما هى دوافع بقاء المليشيا فى الخرطوم..؟
– أمس ، أى 24 فبراير 2025م ، وبعد بسط الجيش وقوات النخبة ودرع السودان سيطرتهم على كبري سوبا شرق ، فإن خيار حركة المليشيا من شرق النيل عبر كبري المنشية ، ويؤدي إلى مزيد من التعقيدات اللوجستية والدخول فى دوامة أشد صعوبة ، لأن المخرج هو كبري جبل اولياء ولا سبيل للوصول اليه بعد أن بسط الجيش انتشاره على اطراف كثيرة بالخرطوم وتقدمت قوات منطقة الشجرة العسكرية إلى مساحة واسعة فى منطقة الخرطوم جنوب.. فما هى خيارات مليشيا آل دقلو الارهابية ؟ ..
إنها فى راي واحدة من ثلاثة افتراضات:
1. – عدم الإكتراث بحياة العناصر ، فلا أحد من قادتهم يأبه لموتهم ، وهذا ما شهدناه فى معاركهم فى المدرعات حيث يتساقطون بالآلاف ويعودون فى اليوم التالي بذات الطريق وكذلك فى الفاشر ، وغيرها شواهد كثيرة ، وسيتم سحب القيادات فى آخر لحظة وترك البقية نعوش أو جثث فى الطرقات.. وهذه طبيعة المليشيا المتوحشة ، وكما إنها تقتل دون حس أو شفقة ، فانها تترك عناصرها دون اعتبار لهم ، مثلهم وبقايا الذخائر والعتاد ، وكثير من الجرحى أحياء فى الطرقات أو بيوت غادرتها المليشيا..

– والافتراض الثاني هو خوف القادة الميدانيين (عثمان عمليات ،وحسن إدريس) من التصفية بمجرد انسحابهم ، ولذلك سيحتفظون بمواقعهم حتى فناء آخر عناصرهم لاقناع قادتهم بالولاء.. خاصة اننا شهدنا هلاك عدد كبير من القادة خلال الايام الفائتة من جلحة وجبلين وعبدالله حسين وآخرين..
– والثالث هو أن القرار لدى طرف مغيب عن الواقع أو ان قراره ليس مستقلاً ، ومن يتابع منشورات المليشيا يتبين فعلاً ان هناك (تغبيش) للوعى وادعاءات لا أساس لها من الصحة..
– وربما الافتراضات الثلاثة بدرجات متفاوتة ، وهو أمر يقتضي من الادارات الاهلية ومن المثقفين دعوة هؤلاء المغيبين لوضع السلاح والتسليم فوراً أو ترك الموقع والانسحاب والعودة للديار.. وخلال فترة محدودة لا تتجاوز الأيام ، وبعد اغلاق جسر جبل اولياء سيصعب اخراج نعوشهم..
وهذه الكماشة الصغيرة فى الخرطوم لها صورة أخرى فى كافة ارجاء الوطن، وهو أمر لا تدركه المليشيا وعناصرها فى غيبوبتهم ، و ستبين لكم الأيام القادمة غشامة التفكير..
حفظ الله البلاد والعباد
د.ابراهيم الصديق على
25 فبراير 2025م..
ملحوظة: الفيديو استكمل ولخص المقال..

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مشروبات شائعة تسرع تساقط الشعر وتزيد خطر الصلع.. تعرف عليها
  • سر جمال شعرك: اكتشفي فوائد زيت جوز الهند السحرية للشعر
  • تحذير.. مشروبات شائعة تسبب «التوتر وتساقط الشعر»!
  • د.ابراهيم الصديق علي يكتب: المليشيا فى الخرطوم: موت بلا نعوش
  • 7 فيتامينات مسؤولة عن تساقط الشعر.. ما هي؟
  • عصام العباسي.. شاعر فلسطيني كتب عن الكثيرين ولم يكتب عنه أحد
  • طبيبة تحذر: مشروبات شائعة قد تؤدي إلى تساقط الشعر وزيادة القلق
  • ما هو سر الشعر الصحي عند النساء؟
  • مصطفى الشيمي يكتب: مهندس حُر
  • 10طرق فعّالة لتقليل نمو الشعر الزائد في الوجه