نيوزويك: إعادة ضبط دور الولايات المتحدة بالشرق الأوسط تؤتي ثمارها
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
اعتبر ديفيد فارس الأكاديمي المتخصص في الشؤون السياسية بجامعة جامعة روزفلت، أن عملية إعادة ضبط الولايات المتحدة الأمريكية لدورها في الشرق الأوسط باتت تؤتي ثمارها.
وأضاف فارس في مقال بمجلة نيوزويك الأمريكية، أن الولايات المتحدة أكملت عامين على إجلاء أخر رحلة لقواتها من أفغانستان
وذكر أنه بالرغم من الانتقادات الواسعة لعملية إجلاء القوات الأمريكية من أفغانستان، فقد استمر الرئيس الأمريكي جو بايدن في مهمتها رغم الصراخ العالي لآلاف من المتحمسين للحرب إلى الأبد
ورأي أن عملية الإجلاء أثبتت في نهاية المطاف أن الأمن القومي الأمريكي لا يتطلب حامية مفتوحة أو مواقع عسكرية تشمل دول متعددة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
نهاية الأساطير
وذكر فارس أن الولايات المتحدة في عام 2008، كانت غارقة في أتون حربين مرهقتين في منطقة الشرق الأوسط، وهما العراق وأفغانستان.
وأشار إلى أن ذلك كان يأتي في ظل وجود عشرات الآلاف من القوات على الأرض، وإهدار مليارات الدولارات يوميًا في مسعى غير مثمر لإعادة تشكيل مجتمعين بالكاد نفهمهما.
وأضاف أن إدارة جورج بوش الابن كانت تعتقد بأن التحول الديمقراطي وحده هو القادر على منع موجات جديدة من الإرهاب ضد الولايات المتحدة الأمريكية.
وبدلاً من ذلك، عندما تم إخلاء آخر جندي من كابول، تضمنت قوائم الرحلة رجالًا ونساء لم يولدوا حتى في 11 سبتمبر/ أيلول 2001.
وأوضح فارس أن القصة غير المعلنة للسياسة الخارجية الأمريكية اليوم هي أن الأساطير المدمرة حول مهمتنا الحضارية في الشرق الأوسط وحتمية وجود القوة العسكرية الأمريكية لتحقيق الاستقرار الإقليمي تم التخلص منها بشكل شامل.
وذكر أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بدأ عملية إعادة ضبط الدور الأمريكي في الشرق الأوسط بالانسحاب من العراق ورفض الانجرار بشكل عميق إلى الحرب الأهلية السورية.
اقرأ أيضاً
بذكراه السنوية.. مذكرة أمريكية للدفاع عن الانسحاب من أفغانستان
على الرغم من افتتانه الواضح بالطغاة السعوديين وانفتاحه المتعجرف على إثارة حرب مع إيران، إلا أن الرئيس السابق دونالد ترامب ظل على هذا المسار إلى حد كبير.
وقد أنهى الرئيس بايدن، الذي كان ذات يوم الصوت الوحيد الذي عارض زيادة القوات في أفغانستان عندما كان نائباً للرئيس أوباما، مهمة الابتعاد عن الشرق الأوسط.
يؤتي ثماره
ووفق فارس فقد أثبت العامان الماضيان بشكل قاطع أن الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط ليس غير ضروري فحسب، بل إنه يضر بشدة بشعوب وبلدان المنطقة.
منذ أن بدأت الولايات المتحدة في تقليص وجودها العسكري، تم التوقيع على العديد من اتفاقيات السلام الجديدة بين إسرائيل ودول إقليمية أخرى.
كما اتخذ الخصمان اللدودان إيران السعودية الخطوات الأولى نحو مستقبل السلام والتعايش بدلاً من التدخل والتحريض الذي لا نهاية له.
وأصبح العراق اليوم أفضل حالاً مما كان عليه قبل عقد من الزمان، وأصبحت الحروب الأهلية في اليمن وسوريا أقرب إلى النهاية مما بدا ممكناً قبل بضع سنوات فقط.
لم تكن هناك أعمال إرهابية كبيرة أو حتى مؤامرات محبطة ضد الولايات المتحدة.
وعقب فارس قائلا إنه "صحيح أن أفغانستان قد تُركت لطالبان، ومما لا شك فيه أن الحياة أصبحت أسوأ بالنسبة للنساء هناك.. ولكن كما قال الصحفي فضل الله قزيزاي وقت سابق من هذا الشهر، كان هناك جانب إيجابي غير متوقع
وأوضح قزيزاي في تصريحات إعلامية أن: التغييرات الجيدة التي يمكنني رؤيتها هي توقف القصف، ولا مزيد من غارات الطائرات بدون طيار، فقد تم إرساء السلام والأمن.
وبحسب فارس فإنه ربما يكون منح أفغانستان استراحة طويلة من الصراع الذي لا نهاية له أفضل على المدى الطويل بالنسبة للإصلاحيين المحتملين في البلاد من عقد آخر من القتال غير المثمر بقيادة الولايات المتحدة.
لقد كلف الصراع في أفغانستان دافعي الضرائب الأمريكيين أكثر من 2.3 تريليون دولار، ناهيك عن مقتل ما يزيد على 243 ألف شخص كنتيجة مباشرة للقتال والملايين من الجرحى.
وتتجاوز التكلفة الإجمالية لحروب ما بعد 11 سبتمبر/أيلول في نهاية المطاف 6 تريليون دولار مع عدم وجود عائد ملحوظ على هذا الاستثمار المذهل.
وخلص فارس إلي أن الأمر المهم بالنسبة لبلاده يتمثل في أنه ليست هناك عودة إلى سياسات التدخل الثقيلة في الشرق الأوسط التي كانت متبعة خلال فترة الحرب الطويلة على الإرهاب.. فأخيرا تم إنجاز المهمة.
اقرأ أيضاً
أمريكا تركت معدات عسكرية لدى انسحابها من أفغانستان بـ7 مليارات دولار
المصدر | ديفيد فارس/نيوزويك- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الانسحاب الامريكي من أفغانستان التطبيع الإسرائيلي العربي الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط من أفغانستان
إقرأ أيضاً:
مونيكا وليم تكتب: الانتخابات الامريكية.. ما بين الولايات المتأرجحة والحرب في الشرق الأوسط
تفصلنا ساعات على تحديد مؤشرات مبدئية للفائز بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية التي تمثل أكبر خطر سياسي على العالم في عام 2024 بغض النظر عمن سيفوز وذلك وفقاُ للتقرير الصادر عن مجموعة أوراسيا الاستشارية لتحليل المخاطر وذلك في ضوء عدد من المعطيات، الأول انها ستسهم في إعادة تموضع الولايات المتحدة في النظام الدولي ، الثاني ستشكل الانتخابات مرحلة نوعية جديدة بالنسبة لمسار العديد من الحروب الدائرة في المنطقة وكذا الحرب الروسية-الأوكرانية
ومع اقتراب موعد الانتخابات، تتزايد حدة التنافس والاستقطاب بين المرشح الجمهوري والمرشحة الديمقراطية خاصة في الولايات المتأرجحة ورغم ان القضايا الاقتصادية هي التي غالبا ما تؤثر علي اراء الناخبين في الولايات المتحدة الامريكية
من حيث المبدأ، فأن أولويات الناخب الأمريكي تختزل في الاقتصاد كونه المحرك الأساسي والمؤثر علي حياة المواطن ، والمهاجرين غير الشرعيين في قضية الإجهاض، فعلي سبيل المثال ، فقد تُظهر استطلاعات الرأي في الولايات المتأرجحة السبعة أن الاقتصاد يتصدّر أولويات الناخب الأميركي واهتماماته بنسبة (41 %)، متبوعًا بالهجرة (14 %)، فالإجهاض (13 %)، ثمّ الرعاية الصحية (8 %)، فالديمقراطية وتوحيد البلاد ونزاهة الانتخابات (7 %)وبالتالي فإن ترامب يتقدّم في ملفيّ الاقتصاد والهجرة، في حين تتقدّم هاريس في ملفات الإجهاض والرعاية الصحية والديمقراطية
الا ان التغيرات المتلاحقة في الشرق الأوسط، سيكون لها تأثيرات كبيرة علي مجري الانتخابات الحالية وآراء الناخبين، فقد اظهر استطلاع للرأي ان غالبية الناخبين الأمريكيين يشعرون بأن احتمال التصاعد الصراع الدائر في الشرق الأوسط، فقد ابدي اكثر من 50% تخوفهم من اتساع الحرب في المنطقة، ووفقا لاستطلاع اجراؤه لاسوشيتد برس كما أن مركز (اه بي يورك نيور للأبحاث العامة ( AB York) ، أظهر أن 4 من كل 10 أمريكيين يشعرون بالقلق من انجرار الولايات المتحدة في حرب في الشرق الأوسط
واستناداً على ذلك، وحين تقترب الانتخابات وتفصلها ساعات عن حسم المعركة بين المرشح الجمهوري والمرشحة الديمقراطية، يصبح أي مجموعة من الناخبين لها تأثير علي ولاية قد تكون الحاسمة، وهو ما انعكس في مخاطبة الرئيس ترامب للجالية اللبنانية الامريكية بانه سيسعي إلي السلام في حال انتخابه في ولاية ميشيغان و اوهايو وبنسيلفانيا حيث الانتشار اللبناني ليس لاستمالتهم ولكن لمنع تصويتهم إلي هاريس.
وانطلاقاً من حقيقة مفاداها، أن الأمريكيون لا ينتخون مرشح لأنه نجح في إدارة ال لكنهم يعاقبون في حال فشلهم كما حدث مع جيمي كارتر جراء أزمة الرهائن منذ 40 عاما ، وبالرجوع إلي اخر السبعينات مع احتجاز 52 امريكي في طهران لمدة 444 يوما، بعد اندلاع الثورة الايرانية الخمائيني ، وفشل جيمي كارتر في عودتهم ، تلاحظ تغيير مجري الانتخابات لصالح رونالد ريجان ، وبالتالي هناك تقديرات و احتمالات لمعاقبة هاريس كونها جزء من الإدارة الحالية، فأي تصويت عقابي ضدها يصب لصالح ترامب اعتباراً من مبدأ الكلفة السياسية
ومن ثم ما هي الأصوات التي ستحسم السباق؟
تشير كافة استطلاعات الرأي إلى تقارب كبير والفارق يظل بين نقطة أو نقطتين، فوفقا إلى News week حيث يحقق ترامب 48.5% بينما هاريس 48.4% ، لذلك انتقل المرشحين بين الولايات المتأرجحة لحشد الناخبين على التصويت، وباستقراء الخلفية التاريخية للسبعة ولايات متأرجحة لمحاولة توقع اتجاهات التصويت، تبين ما يلي:
ففي بنسيلفانيا التي تعد أكبر الولايات المتأرجحة والتي فار بها دونالد ترامب عام 2016 وعادت إلى الحزب الديمقراطي في 2020 نتيجة مشروعات البنية التحتية التي أطلقها جو بايدن، فهي تتميز بمكانة استراتيجية في الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث ستكون النتائج في هذه الولاية حاسمة في تحديد الفائز في الانتخابات، كونها تحظي ب 19 مندوبا في المجمع الانتخابي.
اما ميشيغان، فقد تعد معقل الحزب الديمقراطي ألا انه في 2016 تم ترجيح كفة جو بايدن وهو ما اثار العديد من التساؤلات حينها، غير ان الحزب الديمقراطي قد استعادها في 2020 وبالتالي تمثل هذه الولاية ذات الأغلبية العربية المسلمة نقطة فاصلة أخري في الانتخابات خاصة في ظل وجود انقسام بين الجالية العربية، حيث انه يوجد اتجاه متنامي يتعلق بالمقاطعة وعدم التصويت وبالتالي تواجه هاريس مشكلةً في كسب أصوات العرب والمسلمين الأميركيين بسبب دعم إدارة بايدن، للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، غير إن خطابها في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي جاء مخيّبًا لآمالهم.
أما ولاية ويسكونسن، فقد تتشابه مع ميشيغان فقد خسرها الديمقراطيين في انتخابات 2026 وتم استعادتها في 2020 وولاية جورجيا التي يسيطر علي سكان أمريكيين من اصل أفريقي وهو ما يمثل افضلية لصالح كاملا هاريس إلا ان هناك جانب يؤيد مشروع ترامب الذي ينص علي ألغاء الضمانة الفيدرالية للإجهاض وبالتالي ستشكل هي الآخري نقطة حاسمة في ظل الصراع الدائر في المنطقة اخذا بالاعتبار أم
في حين ان كارولينا الشمالية الولاية المتأرجحة التي لم تصوت لصالح الحزب الديمقراطي منذ 2008، إلا انها قد انتخبت حاكم ديمقراطي عام 2017 وقد استغل ترامب الاثار المدمرة لإعصار هيلين الذي تسبب في مقتل 63 شخصاً للتشكيك في سياسات الديمقراطيين واهتمامهم بالولاية.
اما سادس ولاية متأرجحة هي اريزونا المتاخمة للحدود مع المكسيك ، فهي تعد ولاية جمهورية بالأساس لكنها ايدت الديمقراطيين في انتخابات 2020 ومع ذلك هناك فرصة لترامب للفوز بها نتيجة تركيزه على ملف الهجرة الغير الشرعية وهو ما يساهم بحد كبير في تغيير قواعد اللعبة
ومنذ 2004 لم تصوت ولاية نيفادا لصالح أي مرشح جمهوري غير ان المحافظين يعتقدون أن بإمكانهم الفوز خلال الاعتماد علي تصويت سكان أمريكا اللاتينية الذين ينفصلون بشكل متزايد عن المعسكر الديمقراطي
بعد استعراض جميع المعطيات المذكورة عاليه، فهناك صعوبة في وضع تقديرات تتعلق بحسم كفة مرشح علي غيره فالاحتمالات متقاربة إلي حد كبير وبالتالي أي تقدم لاحداهما سيحسم الانتخابات، كما يبدو أنه لم يكن هناك اقتناع كامل بأي من المرشحين أو برامجهم. ومع ذلك، يمكن القول إن التصويت في الانتخابات الأمريكية يعد تصويتًا عقابيًا، يهدف إلى منع مرشح معين من الفوز على آخر.