المفتي: الأشاعرة من قرروا عقائد أهل السنة وناصروها بالحجج ومنهجهم صمام أمان
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
قال الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن المذاهب الفقهية المختلفة والآراء المعتبرة جزء من التراث الإسلامي والإنساني، وهي مدارس علمية لها مراجعها وأصولها فلا ضير من تبنِّي أحدها أو التخيُّر منها فقهًا وإفتاء وَفق الضوابط المعتبرة في ذلك.
جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد، مضيفًا فضيلته أن هذه المذاهب الفقهية حفظت لنا الدين وحملت عنا عبء النظر والاستدلال الذي يستغرق سنوات وسنوات من الجهد المضني والتعب الشديد، وحفظت علينا العبادات والمعاملات وكل شئون الحياة، نؤديها ونحن مطمئنون إلى صحة ما ورد إلينا من أقوالهم فيها مع ما اشتملت عليه من اختلاف في طرق الاستدلال وتباين وجهات النظر، وكل هذا لا يمنع من التفاعل مع ما يقع من حوادث ومستجدات، فهذه المذاهب تركت لنا المعايير والمناهج التي تتيح لنا التعامل مع الواقع وَفق مراد الشرع الشريف.
وأشار فضيلة المفتي إلى أن منهج الأزهر في جانب الفقه الإسلامي قام في الأساس على التعدد، ففتح أبوابه لدراسة المذاهب الفقهية التي تلقتها الأمة بالقبول، وجعل من ساحاته وأروقته مجالًا لدراسة هذه المذاهب جميعها، وما قصر الدارسين فيه على واحد منها دون الآخر، ولم يُقْصِ أبدًا أيَّ مذهب من المذاهب المعتبرة، فضلًا عن أن المذهبية تتَّسع للجميع.
وأضاف فضيلته أن منهجية دار الإفتاء المصرية في إصدار الفتاوى منهجية علمية موروثة قائمة على احترام المذاهب المعتبرة وتقديرها، وعندما يرد سؤال إلى دار الإفتاء فلدى علمائها منهجية وخبرات متراكمة، مشيرًا إلى أن الدار تلجأ أحيانًا إلى المتخصصين في العلوم المختلفة، مثل الطب والاقتصاد والسياسة وغيرها قبل أن تصدر فتوى في أمر يتعلق بهذا التخصص؛ لاستجلاء الأمر والإلمام بكافة تفاصيله.
وأوضح فضيلة مفتي الجمهورية أن المذاهب الفقهية تركت لنا فكرًا منتظمًا متَّسقًا له غايات واضحة على مدى زمني طويل، يساعدنا على التعامل مع الوقائع الحادثة في المجتمع وَفق مراد الشرع الشريف، مشيرًا إلى أن هؤلاء العلماء أصحاب المذاهب الفقهية كانوا يكنون بعضهم لبعض كل تقدير واحترام، وسيرتهم في ذلك معروفة مشتهرة.
وأكد فضيلة المفتي على عدم تحيز أي من المفتين على مر العصور داخل دار الإفتاء المصرية لمذهبه الفقهي، بل مذهب المفتي لم يؤثر في حركة الفتوى، حيث إن التمذهب لا يعني انغلاق العقل وتحجر الفكر، بل يعني إطلاق العنان للعقل وتحرر الفكر، لإنزال حكم الله الوارد في النصوص الشرعية على الوقائع الحادثة بضوابط علمية رصينة ومناهج واضحة وتسلسل موصول برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن الجماعات الإرهابية لديها خلل في منهجها الفقهي الذي تعتمد عليه، فهم لا يعترفون بالتعددية التي هي من مقومات المنهج الأزهري الذي يقوم على ثلاثة أركان؛ هي: التعددية المذهبية، والعقيدة الأشعرية، وتهذيب النفس والسلوك وهو التصوف، فالمنهج الأزهري يتعامل مع النص بفهم واسع وهو مسلك الصحابة الكرام.
وردًّا على استفسار البعض عن سبب التقدير للمنهج الأشعري في العقيدة قال فضيلته: إن المنهج الأشعري صمام أمان، فالسادة الأشاعرة هم من قرروا عقائد أهل السنة وناصروها بالحجج والبراهين؛ وما قرره السادة الأشاعرة من عقائد هو محلُّ اتفاق بين أهل السنة، وإن اختلفوا في الطرق المؤدية لذلك؛ فضلًا عن أنه منهج علماء المذاهب الفقهية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المذاهب الفقهیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
ضوابط سفر المرأة بدون محرم للعمل.. دار الإفتاء تكشف
أكدت دار الإفتاء المصرية، أنه لا مانع شرعًا مِن سفر المرأة إلى الخارج للعمل إذا تَوَفَّر الأمنُ في الإقامة بِبَلَد السفر، وذلك بشرط موافقة وليِّ الأمر، ولا يُشترط اصطحاب المحرم في حلها ولا ترحالها.
وأضافت دار الإفتاء، في فتوى عبر موقعها الإلكتروني، أنَّ سفر المرأة وحْدَها عبر وسائل السفر المأمونة وطُرُقِه المأهولة ومَنافذه العامرة؛ مِن موانئ ومطاراتٍ ووسائل مواصلاتٍ عامَّة جائزٌ شرعًا، ولا حرج عليها إذا أذن لها وليُّها فيه.
وأشارت الإفتاء إلى أن الأحاديث التي تَنهى المرأةَ عن السفر مِن غير مَحرَمٍ محمولةٌ على حالة انعدام الأمن، فإذا تَوَفَّرَ الأمنُ لَم يَشملها النهيُ عن السفر أصلًا.
وافات الإفتاء بأن جمهور الفقهاء أجازوا للمرأة في حجّ الفريضة أن تسافر من دون محرم إذا كانت مع نساء ثقاتٍ أو رفقةٍ مأمونة، واستدلوا على ذلك بخروج أمهات المؤمنين رضي الله عنهن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحج في عهد عمر رضي الله عنه وقد أرسل معهن عثمان بن عفان ليحافظ عليهن رضي الله عنه.
وذكرت دار الإفتاء رأي عدد من الفقهاء ومنهم :
قال الإمام أبو الحسن بن بطال المالكي في "شرح البخاري" (4/ 532، ط. مكتبة الرشد): [قال مالك والأوزاعي والشافعي: تَخرج المرأة في حجة الفريضة مع جماعة النساء في رفقةٍ مأمونةٍ وإن لم يكن معها مَحرَم، وجمهور العلماء على جواز ذلك، وكان ابن عمر يحجُّ معه نسوةٌ مِن جيرانه، وهو قول عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين والحسن البصري، وقال الحسن: المسلم مَحرَمٌ، ولعلَّ بعضَ مَن ليس بمَحرَمٍ أوثقُ مِن المَحرَم] اهـ.
أمين الإفتاء يوضح سبب منع التطيب أثناء الإحرام في الحج
هل التأمين على السيارات حلال أم حرام؟.. الإفتاء تكشف
ماذا يفعل من نسي إخراج الزكاة عن ماله لسنوات؟.. الإفتاء تجيب
هل يجوز إخراج زكاة المال طعام للفقراء؟.. أمين الإفتاء يجيب
وقال الإمام الباجي المالكي في "المنتقى شرح الموطأ" (3/ 82، ط. مطبعة السعادة): ولعلَّ هذا الذي ذكره بعضُ أصحابنا -أي: عدم خروجها في حج التطوع مِن غير مَحرَم- إنما هو في حال الانفراد والعَدد اليسير، فأما القوافل العظيمة والطرق المشتركة العامرة المأمونة فإنها عندي مثل البلاد التي يكون فيها الأسواق والتجار؛ فإن الأمن يحصل لها دونَ ذي مَحرَمٍ ولا امرأة، وقد رُوِيَ هذا عن الأوزاعي] اهـ.
وقال العلَّامة الحطَّاب المالكي في "مواهب الجليل شرح مختصر خليل" (2/ 523، ط. دار الفكر): [قَيّد ذلك الباجي بالعَدد القليل، ونصه: هذا عندي في الانفراد والعَدد اليسير، فأمَّا في القوافل العظيمة فهي عندي كالبلاد، يَصِحُّ فيها سفرُها دون نساءٍ وذوي مَحارِم انتهى، ونَقَلَه عنه في "الإكمال" وقَبِلَه ولَم يَذْكُر خِلافَهُ، وذكره الزنَاتي في "شرح الرسالة" على أنه المذهب، فيقيد به كلام المصنف وغيره. ونص كلام الزنَاتي: إذا كانت في رفقةٍ مأمونةٍ ذات عَدَدٍ وعُدَدٍ أو جيشٍ مأمونٍ مِن الغَلَبة والمَحَلَّة العظيمة فلا خِلاف في جواز سفرها من غير ذي مَحرَمٍ في جميع الأسفار: الواجب منها والمندوب والمُباح، مِن قول مالك وغيره؛ إذ لا فرق بين ما تَقدَّم ذِكْرُه وبين البلد. هكذا ذَكَرَه القابسي. انتهى] اهـ.
وأشارت الإفتاء إلى أنه مِمَّا يُبَيِّن أن تَوَفُّر الأمن هو المُعَوَّل عليه عند الفقهاء في الإقدام على السفر والامتناع منه: أن الإمام مالكًا رضي الله عنه كَرِه سفر المرأة مع المَحرَم الذي يَغلِب على الظَّنِّ قِلَّةُ حِرصه وإشفاقه عليها؛ قال الإمام الباجي في "المنتقى" (3/ 82): [كَرِه مالك أن يَخرج بها ابنُ زوجها وإن كان ذا مَحرَمٍ منها، قال الإمام أبو الوليد: ووجه ذلك عندي ما ثبت للربائب مِن العداوات وقِلَّة المُراعاة في الأغلب؛ فلا يَحصُل لها مِنه الإشفاق والستر والحِرص على طيب الذِّكْر] اهـ.
واختتمت نص الفقهاء على أن صيرورة الطرق آمنةً يجعل السفرَ في حكم الحضر: قال إمام الحرمين أبو المعالي الجويني الشافعي في "نهاية المطلب في دراية المذهب" (4/ 150، ط. دار المنهاج) وهو يتحدث في اشتراط الأمن في وجوب الحج: [ليس الأمنُ الذي نذكره قطعًا، فالمسافر ومتاعه على قَلَت -أي: توقع الهلاك- إلا ما وقى الله، وإنما الحكم على غالب الظن، والنفس لا تثق بالخلاص عن الحوادث. فالذي يجب التفطن له: أنا لا نشترط في السفرِ الأمنَ الذي يغلب في الحضر؛ فإن ذلك إنما يحصل لو صار السفر في حكم الحضر، بأن تصير الطرق آهلة، ولا سبيل إلى شرط ذلك؛ فالأمن في كل مكانٍ على حسب ما يليق به] اهـ.