كتاب للبيع ليس بالكتاب وحده يعيش الإنسان
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
ليس بالورق وحده يعيش الإنسان، كما انه وفقا لما ورد بنص الكتاب المقدس أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، تلك هى المعادلة الأصعب والأعقد، فإذا كان الخبز ومعادله المادى كفيلا باستمرار وبقاء حياة المرء، فإن الكتاب المقدس أبان عن روح المعنى الذى يجب أن تتواجد ليكتمل بقاء الإنسان،ثم أتت الأحداث لتبين أن المعنى وحده والكلمة والحكمة ومفردات الكتب ليست بكفيلة لحياة الإنسان، سؤال أعادته الكاتبة الصحفية والناقدة الأدبية صافيناز كاظم للأذهان عبر طرحها لبيع مكتبتها بملبغ مليون جنيه، ذلك العرض الذى أعلنته على صفحتها الشخصية على موقع التواصل الجتماعى ليعيد للأذهان مئة تساؤل وتساؤل .
درس المعلمون لتلاميذهم أن حضارتنا العربية العريقة شهدت ازدهارا للفكر والثقافة والفنون وحركة التراجم، حين كان خلفاء الدولة العباسية يزنون الكتاب بالذهب، فقدر التلامذة دور الفكر والعلم وقراطيس المعرفة، فكانت الدولة التى تزن الكتب بالذهب هى نفسها الدولة التى كانت تنثر الحب والبذور على الجبال حتى لا يجوع طير فى بلاد المسلمين، حيث كان الذهب متوفرا ووريقات البنكنوت متوفرة وبكثرة ....لكن عفوا هذا زمان مختلف أضحت ورقات البنكنوت هى الفئة الأكثر قبولا ورواجا وجذبا للعيون، فقد حدث أحد المتصوفة تلاميذه متسائلا: «لما سمى المال مالا يا مريدى ؟..غير ان المريد لم يسعفه الذهن بإجابة فرد الشيخ المربى بجوابه: «إنما سمى مالا لأن القلوب تميل إليه».
التوقيت لم يدم لساعات الذى طرحت فيه الكاتبة الصحفية الفارسية النشأة المصرية الهوى –صافيناز كاظم – عن بيع مكتبتها بمبلغ قدره «أرنب مصرى» بمصطلح لغة الانفتاح إبان عصر الرئيس الراحل للديار أنور السادات، ثم أعقب بعد ساعات أن نوارة ابنتها تدخلت فى الأمر فأثنتها عن القرار..
وقبيل اعلان الكاتبة صافيناز كاظم، كانت ثمة قضية معرفية أخرى شهدت رواجا بين الصحف ووسائل الإعلام العربية والأجنبية، كانت القضية هى كنز الفنان حسن كامى، ليس الكنز بمصطلح الذهب والبنكنوت، بينما كان الكنز هو مكتبته المحببة الى قلبه والتى كان يقضى فيها أغلب اوقاته، لكنه لم يبع، ولم يطرح الأمر للبيع لسبب أعلنه اكثر من مرة وبأكثر من طريقة، أن روائح الورق وجدران المكتبة بأغلفة الكتب تحمل ريح «نجوى» زوجته وحبيبته ورفيقته، فمثلت الكتب جدران ليلى العامرية للعاشق حسن أو الشاطر حسن، فلم يبع ولم يعرض للبيع، حتى وبعد وفاته صارت الأقاويل وتدوالت المحاكم المصرية قصة بيع المكتبة لمحاميه الخاص إلا أن القدر أيضا لم يترك الإرث المعنوى ليكون مباحا بيد شخص، فمات المحامى تاركا المكتبة لتضع عليها وزارة الثقافة المصرية يدها.
الأديب والكاتب الصحفى مصطفى عبيد ذكر عبر مقاله المعنون «تركة ثقيلة على رصيف الأزبكية» أن مصير تلك الكتب التى جمعت وتملكها المبدعون تصبح تركة ثقيلة لورثة المبدع فيسعى الورثة للتخلص منها عبر الاتفاق مع أحد سماسرة الكتب فى سور الأزبكية، ثم يكون مصيرها هو العرض عالرصيف... لذا هل من المنصف أن يكون عرض الكاتبة صافيناز كاظم بالعرض غير الواقعى كونها أرادت أن تبدل ثروتها المعرفية بأوراق بنكنوت حتى لا تثقل بجثث الكتب على نفسها أو على أحبابها ....هذا هو التساؤل الأصعب فى المعادلة..
هو نفس الأمر الذى عرض له الكاتب الصحفى عادل السنهورى فى معرض مقاله الصحفى المعنون «مكتبة مشاهير مصر» قائلا: «ثروة ضخمة من آلاف الكتب لكبار الأدباء والشعراء والكتاب والفنانين انتهى بها الأمر إلى بيعها لسماسرة الأشياء القديمة سواء تحت ضغط الحاجة للمال أو لأنها أصبحت عبئا وحملا ثقيلا بمجرد وفاة صاحبها ولا يراها الورثة من الأهل والأبناء سوى جزء من مقتنيات الاب يجب بيعها. حدث ذلك مع كثير ممن نعرفهم من كبار المفكرين والمثقفين والصحفيين، وضاعت ثروات معرفية على مكتبات الدولة للحفاظ عليها وعرضها بصورة تليق بأصحابها لمن يريد القراءة والمعرفة أو البحث. للأسف أقول إن الكتاب فى هذا الزمان لم يعد خير جليس وأصبح هما ثقيلا وضيفا يتيما غير مرغوب فيه فى المنزل فيتحول برغبة الورثة إلى مشرد لقيط على أرصفة الشوارع بعد أن قضى صاحبه عمرا فى جمعه والحفاظ عليه ومصاحبته، وتصبح الأمنية أن يرثه مثقف آخر أو يحصل عليه تلامذته أو تتحول إلى مكتبة عامة».
ينتهى المطاف بالكتاب أن يكون عبئا ثقيلا على وريث المبدع أو الكاتب أو المفكر، فيصبح الهم الأكبر هو التخلص من تلك الأوراق التى تحوى الفئران وتحدث زحاما فى البيت... لذا فهل من حرج أن يعرض المبدع أو المفكر تحويشة عمره بتعبير «صلاح السنهورى» للبيع شأن كل الأشياء التى تباع وتترجم إلى أوراق من فئات البنكنوت.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صافیناز کاظم
إقرأ أيضاً:
الأولى من نوعها المفروضة على أحد طرفي الصراع.. خبراء يكشفون مدى فاعلية عقوبات مجلس الأمن الدولي ضد السودان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أصدر مجلس الأمن الدولى قرارًا يقضى بفرض عقوبات على ٢ من قادة قوات الدعم السريع وذلك لما أقدما عليه من أفعال تهدد استقرار البلاد، وفقًا لما نص عليه القرار.
ووافقت اللجنة المكلفة بشئون العقوبات المفروضة على السودان، والتى تضم خمسة عشر عضوًا، على المقترح الذى تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية فى نهاية شهر أغسطس من العام الجاري.
وينص القرار على منع هذين القائدين من السفر وتجميد أموالهما وأصولهما، وهما قائد عمليات قوات الدعم السريع عثمان محمد حامد الملقب بـ"عمليات"، وقائد الدعم السريع فى ولاية غرب دارفور عبد الرحمن جمعة بارك الله الذى يواجه اتهامات بالتورط فى قتل والى غرب دارفور خميس أبكر وتشويه جثته فى العام الماضي.
وتعتبر هذه العقوبات هى الأولى من نوعها التى يفرضها مجلس الأمن الدولى على أحد طرفى الصراع فى السودان، ألا وهما الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، منذ اندلاع الحرب، إلا أنها تأتى ضمن سلسلة من العقوبات الدولية التى فرضت على السودان منذ شهر أبريل من العام الماضي.
وبالعودة إلى المشهد لما قبل حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣، فإن السودان لم يغادر قائمة العقوبات الدولية وبالتحديد الأمريكية إلا لوقت قصير، وذلك بسبب العداء بين نظام البشير والولايات المتحدة إذ أدرجت واشنطن السودان فى قائمة "الدول الراعية للإرهاب" فى عام ١٩٩٣ بسبب مخاوف تتعلق بالإرهاب واستضافة السودان وقتها لتنظيم القاعدة بحسب اتهامات واشنطن.
كما أعقب ذلك، عقوبات اقتصادية فى عام ١٩٩٧، حتى وصل الأمر إلى رأس النظام السابق والمطالبة بتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وإلى جانب العقوبات الأممية، أنشأ مجلس الأمن الدولى نظام العقوبات الذى يستهدف السودان فى عام ٢٠٠٥، فى محاولة للمساعدة فى إنهاء الصراع فى دارفور الذى اندلع فى العام ٢٠٠٣، كما فرض المجلس حظرًا على توريد الأسلحة إلى دارفور فى عام ٢٠٠٤.
كما تضم قائمة المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية الرئيس السودانى المعزول عمر البشير، ووزير الدفاع السابق عبدالرحيم محمد حسين، وقيادات عسكرية من دارفور، إلى جانب على كوشيب، الذى يعد الوحيد الذى سلم نفسه للمحكمة.
وتهم معظم العقوبات الدولية عسكريين، إلا أن مراقبين يقللون من أثرها على جهود إنهاء العنف أو الحرب فى السودان.
ويستهدف جزء من العقوبات الأمريكية التى فرضت على طرفى الحرب فى السودان، شقيق قائد الدعم السريع عبدالرحيم دقلو، والذى يعد ثانى قائد لهذه القوات، إلى جانب شركة "زادنا" التابعة للصناعات الدفاعية للقوات المسلحة.
وشملت العقوبات كذلك القونى حمدان، شقيق قائد الدعم السريع الأصغر، ولم تخل قوائم العقوبات من عناصر الجيش وآخرين يتبعون الحركة الإسلامية فى السودان برئاسة على كرتي، الذين تتهمهم جهات أمريكية وأوروبية بإذكاء نار الحرب فى السودان.
ويعد ميرغنى إدريس مدير الصناعات الدفاعية، أرفع شخصية فى الجيش السودانى تطاله العقوبات منذ اندلاع الحرب، بعدما أدرجت الخزانة الأمريكية اسمه ضمن قوائم عقوبات.
ولم يعلق الجيش على العقوبة الصادرة بحق مدير مؤسسته الاقتصادية الأولى، كما أن تقديرات الخسائر المترتبة على العقوبات ليست واضحة فى الوقت الحالي.
واعتبرت مصادر مسئولة فى المكتب السياسى للدعم السريع، أن فرض عقوبات أممية على قائدين من الدعم السريع، "إجراء معيب ولا يستند إلى دليل"، كما أن "العقوبات لن يكون لها أثر"، ووصفها بأنها "محاولة للتغطية على فظائع الجيش من قبل بعض الدول داخل اللجنة الأممية".
فى حين يرى الخبراء أن العقوبات "سياسية ولا قيمة لها إلا فى الإدانة التى تصدر مع العقوبات"، كما أن مجلس الأمن يجب أن يكون أكثر جدية وأن يتعامل مع شكوى السودان، والتى تشمل الممولين الرئيسيين لـ"الميليشيا".
كما أن العقوبات الأممية "يمكن أن تكون أجدى من العقوبات التى تفرضها الدول، بسبب استنادها إلى الفصل السابع والذى يتيح تدخلًا مباشرًا فى حماية المدنيين، وإحالة الملفات على المحكمة الجنائية"، كما ترى أن "العقوبات الأممية ذات قيمة وقابلية للتنفيذ دون غيرها من قرارات الدول التى تفرض عقوبات على العسكريين".