تواجه المعارضة المصرية قبل الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، عديد التحديات وعلى رأسها التوافق حول منافس واحد لمواجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك في وقت قدمت أحزاب ما تعرف بالحركة المدنية لائحة بضمانات بنزاهة الاقتراع المقبل.

ولم تتخذ هذه الأحزاب قرار بالمشاركة الفعلية في الانتخابات، لكن عقدت اجتماعات مكثفة حول هذا الشأن أشهرها الذي جرى في مدينة العلمين بالساحل الشمالي الشهر الماضي.

وأعلنت شخصيات عديدة عزمها الترشح للانتخابات، ولكن المعارض الأبرز هو النائب السابق أحمد الطنطاوي الذي تعرض لتضييقات أمنية وتم اعتقال عدد من أقاربه وداعميه مع إعلانه الترشح، وكان من بين حضور اجتماع المعارضة في "الساحل" لبحث مسألة الانتخابات.

في ظل المحادثات، تم القبض على رئيس مجلس أمناء التيار الليبرالي الحر (تجمع لعدد من الأحزاب الليبرالية)، المعارض هشام قاسم، وذلك بعد بلاغ من المعارض اليساري البارز ووزير القوى العاملة الأسبق كمال أبو عيطة.

المعارضة المصرية تندّد باعتقال "سياسي" لأحد كوادرها ندّد "التيار الحر" وهو تحالف أحزاب معارضة ليبرالية في مصر، باعتقال "سياسي" للقيادي هشام قاسم الذي يلاحقه وزير سابق بتهمة "التشهير" و"ازدراء" شرطيين.

انتقد التيار الحر ومنظمات مجتمع مدني القبض على قاسم، واعتبرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أنه أظهر "نية السلطات في استهدافه بسبب نشاطه السياسي وممارسة حقه في التعبير عن الرأي".

وجهت لقاسم اتهامات بالسب والقذف، والتعدي على موظف عام، وتعمد إزعاج الغير، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

لكن هذه القضية بجانب أمور أخرى أظهرت معضلة الخلافات الواضحة بين المعارضة قبل الانتخابات، ومدى صعوبة التوافق على مرشح حال الاستقرار على المشاركة في الانتخابات.

"الملاحقة الأمنية"

يضم التيار الحر مجموعة أحزاب ليبرالية، وهو من بين حركة تشارك في الحوار الوطني الذي دعا إليه السيسي، وتحمل اسم الحركة المدنية التي تضم أحزاب معارضة أوسع يسارية وقومية.

اعتبر التيار في بيان عقب القبض على أمينه العام أن هناك شكوك مثارة "حول الأسباب الحقيقية لإحالته إلى المحكمة محبوسًا... السياسات الحالية التي تطلق يد موظفي الأجهزة الأمنية في ملاحقة السياسيين وشخصنة المواقف والمكايدة لهم ولأصحاب الرأي المعارض منهم إنما يمثل خطورة شديدة على المستقبل السياسي والاقتصادي لبلادنا وتنذر بدخول البلاد في منعطف أخطر".

وقال المتحدث باسم التيار الحر، عماد جاد، في تصريحات لموقع الحرة، إن قرار المشاركة في الانتخابات لم يتم اتخاذه بعد و"وفي انتظار تحقيق الضمانات التي قدمتها الحركة المدنية ولم يتحقق منها أي شيء حتى الآن... وبالنسبة للتيار موقفنا مرتبط بموضوع هشام قاسم وضمانات نزاهة الانتخابات، لو تم الإفراج عنه ووقف الملاحقة ستكون خطوة أولى".

"مقاطعة انتخابات الرئاسة المصرية".. توقعات بتأثير محدود في ظل "معارضة منقسمة" لوحت بعض الأحزاب السياسية والشخصيات العامة المصرية بمقاطعة الانتخابات الرئاسية القادمة في مصر، بينما يكشف قيادات بتيارات معارضة وأخرى مؤيدة لموقع "الحرة" مغزى تلك الدعوات ومدى تأثيرها على مسار العملية الانتخابية المرتقبة.

ومن بين الضمانات التي قدمتها المعارضة تحصين أعضاء الحملات الانتخابية من "الملاحقة الجنائية المتعسفة، وكذلك الإفراج عن سجناء الرأي ورفع أسماء المعارضين السلميين من قوائم الإرهاب"، و"حرية وسائل الإعلام بمختلف أنواعها وإتاحة فرص متكافئة لجميع المرشحين".

ومن بين الضمانات أيضًا حياد مؤسسات الدولة ووقوفها على مسافة واحدة من كافة المرشحين طوال العملية الانتخابية، بجانب إخضاع الانتخابات "للمتابعة من قبل هيئات ومنظمات محلية ودولية مشهود لها بالحياد والموضوعية".

???? استهداف السياسي المعارض #هشام_قاسم نموذج للتنكيل بالمعارضين وإساءة استخدام الحبس الاحتياطي

???? طالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالإفراج الفوري عن هشام قاسم، الناشر الصحفي ورئيس مجلس أمناء التيار الليبرالي الحر والرئيس الأسبق للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان. pic.twitter.com/1OX97IeFFh

— المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (@EIPR) August 23, 2023

من جانبه يرى عضو المجلس الرئاسي بحزب المحافظين، طلعت خليل، أن "جميع المعطيات الحالية تشير إلى أن الانتخابات المقبلة ستكون صورية وإجراؤها بهذا الشكل سوف يؤدي إلى احتقان شعبي وصل بالفعل ذروته".

وأشار كذلك في حديثه لموقع الحرة إلى ما وصفه بـ"إغلاق المجال بشكل كامل أمام المرشحين الجادين للرئاسة والاغتيال المعنوي لهم".

توافق مفقود

اجتمع عدة أحزاب وشخصيات سياسية، يوم 11 أغسطس الماضي، في مدينة العلمين بالساحل الشمالي المصري لبحث تكوين فريق رئاسي لخوض الانتخابات المقبلة.

واستعرضت رئيسة حزب الدستور (المنضوي تحت التيار الحر)، جميلة إسماعيل، تفاصيل ما دار في الاجتماع في منشور على حسابها بموقع فيسبوك، وأوضحت مناقشة مبادرة لتكوين فريق رئاسي من المرشحين المحتملين في الأحزاب المدنية.

[مبادرة فريق رئاسي للانتخابات الرئاسية المقبلة ] دعوة من المهندس أكمل قرطام رئيس حزب المحافظين لمناقشة مبادرته بتكوين...

Posted by ‎Gameela Ismail - جميلة اسماعيل‎ on Friday, August 11, 2023

المبادرة التي جاءت من رئيس حزب المحافظين، أكمل قرطام، والذي أعلن من قبل أنه لم يحسم موقفه من الترشح بعد مطالبته بذلك من المجلس التنفيذي لحزبه، قال عنها جاد في حديثه للحرة، إنها كانت بهدف "جمع الاتجاهات المختلفة ورؤية من الأكثر حظا ويتنازل له الآخرين ويعملون بعد ذلك ضمن فريق رئاسي معه".

وتابع: "لكن إلى الآن ليس لها مردود على الأرض، ولم نر تجاوبا مع الفكرة"، مضيفًا "من الوارد أن يكون هناك أكثر من مرشح بين الحركة المدنية".

لكن خليل أشار إلى أنه يعتقد أنه حال توافرت الضمانات المطلوبة "سيكون للمعارضة المصرية مرشح واحد أو تقف خلف مرشح، لا أعتقد أنه سيكون هناك مرشحين كثر".

خلاف قوي

وسط عدم توافق حول مرشح بعينه واستمرار المرشح المعارض الآخر أحمد طنطاوي، في التحرك والترويج لحملته الانتخابية بعيدا عن الأحزاب المدنية الأخرى، ظهر الخلاف الكبير بين قاسم وأبوعيطة.

أبرز هذا الخلاف الصدع الكبير في الأفكار بين الأحزاب الليبرالية في التيار الحر والأخرى اليسارية والقومية المشتركة معها في الحملة المدنية.

وشهدت الأزمة تشكيكا من كمال أبو عيطة في التيار الحر بشكل عام، حيث قال في تصريحات إعلامية: "التيار الليبرالي الحر أشم فيه رائحة أجندة أجنبية لوجود هشام قاسم، وأنا ضد أي تيار يستقوى بالخارج".

وجاء الرد من قاسم بنشر خبر قبل سنوات يتطرق للذمة المالية لأبو عيطة، ما دفع الأخير بالتقدم ببلاغ، وانتهى بالقبض على قاسم بانتظار المحاكمة.

وقال عضو مجلس أمناء حزب الكرامة الناصري، حازم جبر، في تصريحات للحرة إن قرار أبو عيطة لا يشوبه شيء وجاء ردا قانونيًا عاديًا، متهمًا قاسم باستغلال الأمر للترويج لنفسه في الشارع المصري، على حد قوله.

وتابع: "أنا لا أدافع عن الدولة، ولكن قاسم ظهر على قنوات تابعة للإخوان من قبل ولم يتم التعرض له... ولكن ربما يكون هو الجوكر المختفي الذي يطرحه التيار الحر في الانتخابات وهذا حقه بالطبع. ولكن الشعب المصري يسقط المطبعين".

وتابع: "لو كان هناك مرشح وتم توفير الضمانات وتم الاتفاق عليه ويحمل هموم الشعب ستكون الظروف أكثر تفاؤلا من قبل".

يذكر أن المعارض الناصري حمدين صباحي، قد تعرض بدوره لانتقادات قوية في الأوساط المعارضة بعد زيارة لسوريا ولقاءه برأس النظام بشار الأسد.

مرشح يريد "تخليد اسم السيسي".. مخاوف من تكرار سيناريو الانتخابات الرئاسية السابقة بمصر أعلن رئيس حزب الوفد المصري، عبد السند يمامة، نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر المقررة العام المقبل، لكن تصريحه بأنه يرغب في تغيير الدستور من أجل "تخليد" اسم الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعاد إلى الأذهان سيناريو الانتخابات السابقة حينما كان المنافس الوحيد للسيسي هو شخص مؤيد له. فرصة ضد السيسي؟

على الرغم من ذلك يصر خليل، على أن ما يحدث مجرد خلافات في وجهات النظر وليست انقسامات كبيرة وحال تحقيق الضمانات المطلوبة والمشاركة في الانتخابات سيكون هناك توافقًا حول مرشح للمعارضة.

وبدوره يقول جاد للحرة: "نريد إنقاذ البلاد من الأزمة الاقتصادية ورفع اليد عن وسائل الإعلام وفتح المجال العام والحريات، ولن يأت ذلك إلا بالتغيير".

وتابع أنه خلال انتخابات عام 2014 كان للسيسي "شعبية ضخمة تراجعت في الانتخابات التي تلتها وحاليًا الشعبية أقل بكثير.. لو فاز بنسبة 55 بالمئة أو 60 بالمئة، فأنت هنا تجهز لانتخابات 2030".

وأضاف: "المعيار لاختيار مرشحنا أن يكون شخصية متزنة تطرح خطابا مصريا تقبل بفكرة المواءمات السياسية وتحظى بقبول شعبي لا يطرح خطاب تصادمي مع الدولة ولا مع الجيش، ولو هناك 3 أو 4 أشخاص اتفقنا من البداية أننا سنجلس ونبحث من له الفرصة الأفضل ونرى من الأكثر قدرة على التعبير عن هذه الأفكار أو إدارة معركة بشكل أفضل".

أما جبر فقال إن "أي مشاركة انتخابية لها جدوى حال تهيئة الأجواء والابتعاد عن تعسف الأجهزة الأمنية وحال توفير الضمانات الي طالبت بها الحركة المدنية، بينما الابتعاد سيضر بالسلطة وبمصر، ومتى توفرت الضمانات سيتم التوافق على مرشح ودعمه".

لكنه عاد وأكد أن "معايير الاختيار في حزب الكرامة أهمها رد الاعتبار لثورتي 25 يناير و30 يونيو والالتزام بعدم بيع الممتلكات العامة التي تعود للشعب والعدالة الاجتماعية واستقلال القرار الوطني، ومناهضة التطبيع داخل مصر. من لم يتمسك بها أي مرشح لن نكون معه".

يذكر أن اتهام التطبيع طالما يطال قاسم بسبب موافقه التي يتعارض فيها بقوة مع أفكار حزب الكرامة والناصريين بشكل عام فيما يخص التطبيع مع إسرائيل.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الحرکة المدنیة فی الانتخابات التیار الحر هشام قاسم من بین من قبل

إقرأ أيضاً:

إبراهيم أمين السيد.. مرشح أمين عام حزب الله بعد مقتل حسن نصر الله

في ظل تصاعد التوترات في لبنان واغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، برز اسم إبراهيم أمين السيد كمرشح محتمل لتولي منصب الأمين العام للحزب.

تأتي هذه الأنباء وسط تداول أخبار حول اغتيال هاشم صفي الدين، مما زاد من حدة المخاوف داخل الحزب وخارجه. ومع ذلك، تشير بعض المصادر إلى أن إبراهيم أمين قد طلب السفر إلى العاصمة الإيرانية طهران للتفرغ للعبادة، مما يعكس تعقيدات الوضع الداخلي لحزب الله.

معلومات عن إبراهيم أمين السيد

يشغل إبراهيم أمين السيد منصب رئيس المجلس السياسي لحزب الله، وهو شخصية بارزة في الحزب منذ تأسيسه في بداية الثمانينات. وُلد إبراهيم في منطقة البقاع، حيث درس العلوم الدينية في صغره. 

منذ انضمامه إلى حزب الله، لعب دورًا هامًا في تطوير الحركة السياسية والعسكرية للحزب، مما جعله واحدًا من الشخصيات المؤثرة في استراتيجية الحزب.

مسيرته السياسية

حظي إبراهيم أمين السيد بخبرة طويلة في السياسة، حيث يتولى إدارة السياسات العامة للحزب ويتواصل مع القوى السياسية اللبنانية والدولية. 

كما يتولى مسؤولية النقاشات السياسية المتعلقة بالصراع الإقليمي، وخصوصًا ما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل والوضع في سوريا.

إن خبرته في هذه المجالات تجعله مرشحًا محتملًا لتولي منصب الأمين العام، خاصة في ظل الظروف الحالية، حيث يحتاج الحزب إلى قيادة قوية للتعامل مع التحديات المتزايدة.

موقف إبراهيم أمين السيد من القضية الفلسطينية

يُعرف إبراهيم أمين بمواقفه القوية تجاه القضايا العربية والإسلامية، حيث يركز بشكل خاص على القضية الفلسطينية. 

يُعتبر إبراهيم شخصية محورية في إقامة العلاقات مع القوى السياسية اللبنانية الأخرى، مثل حركة أمل والتيار الوطني الحر.

تبرز مواقفه كأحد الأركان الأساسية في السياسة العامة للحزب، حيث يسعى دائمًا لتعزيز التعاون مع مختلف الأطراف.

السياق الأمني والسياسي في لبنان

تسود لبنان أجواء من التوتر الشديد بعد اغتيال حسن نصر الله في 27 سبتمبر. منذ بداية العام، شهد جيش الاحتلال الإسرائيلي اغتيال 3 من قيادات حزب الله، مما أدى إلى تصعيد العمليات العسكرية. 

قبل أسبوعين، استهدف الاحتلال الإسرائيلي منطقة في جنوب لبنان عبر رصد أجهزة اتصالات أعضاء الحزب وتفجيرها، مما حول شمال وجنوب لبنان إلى ساحة قتال واسعة.

أدي هذا التصعيد إلى استشهاد وإصابة أكثر من 700 شخص، بينهم أطفال وسيدات.

مقالات مشابهة

  • منافس الأهلي .. العين الإماراتي يواصل التراجع ويخسر من الوحدة
  • تونس تصوت في ثالث انتخابات رئاسية منذ الربيع العربي
  • الحرّيفة عائدون بـ الريمونتادا
  • تلغرام يعتزم إطلاق منافس ليوتيوب
  • إبراهيم أمين السيد.. مرشح أمين عام حزب الله بعد مقتل حسن نصر الله
  • موجها الشكر للسلطات المصرية.. سفير تونس: توافد أبناء الجالية للتصويت في انتخابات الرئاسة
  • المعارضة التونسية والخيارات الانتخابية الصعبة
  • المعارضة التونسية والخيارات الانتخابيةالصعبة
  • الجيش نعى العريف الشهيد علي حسن قاسم
  • المعارضة غير موحدة