من"المجمع العلمى "إلي"مبني الأوقاف"
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
جاء وقع الخبر ثقيلا، فما بين غاضب ومتحسر وحزين بدت ردود الأفعال، هكذا استقبل المجتمع نبأ حريق مبنى وزارة الأوقاف بالقاهرة مطلع هذا الشهر، ولمن لا يعرف القيمة التاريخية لذلك المبنى، فهو يعد تحفة معمارية تنتمى إلى طراز «نيو مملوك»، ويعود تاريخ إنشاء وزارة الأوقاف لعام 1835، حين أمر محمد على باشا والى مصر بتأسيسها تحت اسم ديوان الأوقاف العمومى، وافتتحه الخديو توفيق عام 1899، وقد جرى توسعة المبنى ببناء ملحق به فى 1912، وإضافة بناء ملحق آخر فى عام 1929، وثالث بعد هدم منزلين مجاورين فى عام 1936.
وقد أعاد حادث احتراقه للأذهان مشاهد أخرى مماثلة، لمبان ومعالم تراثية وتاريخية، أتت النيران عليها تماما، أو أفقدتها جزءا مهمًا من قيمتها التراثية، وليس إبريل ببعيد، ذلك الشهر الذى احترقت فيه كنيسة العذراء التاريخية، ورئيس الملائكة ميخائيل والشهيد أبى سيفين والقديس الأنبا كاراس بمدينة ديروط بمحافظة أسيوط، والذى أودى بالكنيسة التراثية كاملة، بل من ذا ينسى حريق شركة مصر للصوت والضوء والسينما بالهرم، عام ٢٠١٦، والذى التهم أقدم استوديو تصوير فى مصر، وهو استوديو النحاس الذى يحوى أقدم بلاتوهات وديكورات تعود إلى 100 سنة ماضية.
احتراق قصر ثقافة بنى سويف، وسرقة المجمع العلمى، فى أحداث الفوضى التى أعقبت ثورة يناير، وما وصل إليه قصر المسافرخانة من حالة تردٍ وإهمال، عقب ذلك الحريق الهائل الذى أتى عليه عام ١٩٩٨، ويقع قصر المسافر خانة بين درب المسمط ودرب الطبلاوى فى حى الجمالية، بناه محمود محرم الفيومى أحد كبار تجار القاهرة سنة 1203هـ 1789م، وشيد بجواره مسجدًا على رأس درب المسمط، ووقف عليه أوقافًا، وبدأ فى تشييد هذا القصر سنة 1779م وانتهى منه سنة 1789م، وكان القصر غنيا بزخارفه وعناصره المعمارية، والقسم الأول منه بناه فى عام 1779، والثانى عام 1783م. ويعد القصر من أجمل دور القاهرة فى القرن الثامن عشر، ويحمل القصر الكثير من النماذج الفنية والمعمارية المبهرة من أرابيسك ورخام وفسيفساء وزجاج ملون بشكل يتسق مع ارتفاعه الكبير الذى كان يبلغ 22م، كما كان يحتوى على أكبر مشربية من الطراز الإسلامى على مستوى العالم.
وقام شاه بندر التجار محمود محرم بإهداء القصر إلى إبراهيم باشا الذى أهداه إلى ابنته الأميرة فاطمة والدة الخديو إسماعيل الذى ولد فى هذا القصر وتحديدًا فى القاعة القبلية بالطابق العلوى منه.
تلك الحوادث وغيرها الكثير من كوارث أصابت معالمنا التراثية، وتركتنا نصارع أسئلة ملحة؛ إلى متى سنظل نعانى تلك الظاهرة المؤسفة دون أن يكون هناك حل حاسم، وماذا ننتظر حتى نمتلك خطة تأمين وسلامة كاملة للحفاظ على التراث الثقافى والتاريخى من مخاطر قد تتهدده؟
لماذا لا يطبق نظام عام لحماية التراث من السرقة والاقتحام، وتوافر أنظمة الكشف عن الحريق والغازات السامة والخطرة؟
أو ليس ما يحدث عامل تعطيل خطيرًا لخطة الدولة لتطوير القاهرة التاريخية، والحد من نتائجها؟
أليس التراث الثقافى والتاريخى جزءًا أصيلا من الهوية الوطنية والإنسانية، وإذا ما تم فقده فإننا حينئذ نفقد قيمة تلك الهوية؛ مما ينسحب بدوره على صفة الاستدامة التى يجب أن تتمتع بها الموارد الثقافية والتاريخية؟
على أنه ورغم ذلك القصور الواضح فى عوامل الحماية والأمان للتراث، إلا أن هناك مجموعة من القوانين والتشريعات التى تضمن حماية الأثر سواء من التعدى بالسرقة أو الإضرار أو التشويه أو الهدم، إلا أن تلك التشريعات لم تتطرق بشكل مباشر لما قد يصيب الأثر والتراث من كوارث كالحريق، فهى ليست كافية لتضعنا أمام حلول حاسمة لتلك الأزمة، فهى تحتاج حتما لقرارات عاجلة، لذا فقد حملنا أسئلتنا تلك وتوجهنا بها لأهل الذكر حتى نعلم ما غفل عنا...
بداية يوضح الدكتور حسين عبدالبصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الاسكندرية، أن لجنة إدارة الأزمات تختص بالمحافظة على المبانى التى تصنف أثرا، وليست المبانى التراثية، فليس كل تراث قد سجل أثرا.
مؤكدا أن تلك الظاهرة تعد أمرا مؤسفا، فنتيجة لتلافى وسائل الأمان أو ندرتها، نجد أنفسنا نفقد أثرا أو تراثا كل فترة، ولا يمكن تعويضه أو إعادته لما كان عليه.
وعما يمكن توفره من حلول، يقول عبدالبصير إنه لابد من تشكيل لجنة تضم خبراء على مستوى عال من وزارة الثقافة والآثار، تكون مهمتهم سن قوانين ملزمة، ووضع خطة واضحة لإنقاذ المبانى التراثية والأثرية.
مستطردا: فهناك أماكن تتوافر بها عناصر حماية من الكوارث والحرائق، وأماكن أخرى تفتقد لتلك الوسائل، مما يجعل الأخيرة عرضة للخطورة.
مختتما بأن الأمر يحتاج لمراجعة دورية لوسائل الحماية فى المبانى التراثية والأثرية، حتى لا نقع ضحايا مفاجأة الكوارث ونقف مكتوفى الأيدى أمام تراث أمتنا وهو يضيع أمام أعيننا واحدا تلو الآخر.
فيما يحدثنا محمد مندور، الباحث فى التراث ومستشار وزير الثقافة الأسبق، عن أهم الحلول قائلا:
نحن فى مصر نفتقد لثقافة الصيانة، مما يتسبب فى كثير من الكوارث المفاجئة، وذلك على العكس من بلدان أوربا، ففى باريس مثلا هناك شركات تتابع الصيانة بشكل دورى دون أن يكون هناك شكوى؛ حتى يقلل من معدل حدوث المخاطر لأى مبنى، فيجب أن تكون هناك خطة صيانة دورية كل ثلاثة شهور مثلا وذلك درءا للمخاطر التى قد تحدث لإزالة فترة بقاء المبانى، فهناك مبان يعود عمرها لمائة عام تحتاج لصيانة بشكل فعال ودورى حتى يطول عمرها.
هناك أيضا مفهوم جديد للتعامل مع المبانى التاريخية،
فالعالم كله يتعامل مع المبانى التاريخية ليس فقط باعتبارها مزارات، ولكن يتم إعادة توظيف كل مبنى حسب طبيعته، وبالتالى يجب إعادة قراءة كل مبنى تاريخى وتراثى بمصر، ومعرفة كيفية الحفاظ عليه وتوظيفه بما لا يهدد بقاءه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حريق مبنى الأوقاف الاوقاف
إقرأ أيضاً:
مشروعات النواب تطالب بتسويق الصناعات التراثية والحرف اليدوية بالبحر الأحمر.. والمحافظ يعقب
أكدت د.هالة ابو السعد وكيل لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمجلس النواب، أن اللجنة عندما تقوم بزيارات ميدانية للمحافظات تهدف للوقوف علي المشكلات علي أرض الواقع والعمل علي حلها، مشيرة خلال لقاء وفد مشروعات النواب برئاسة النائب محمد كمال مرعي ، مع اللواء عمرو حنفي محافظ البحر الأحمر الي أن القانون لم يطبق بالشكل الكامل علي الارض.
وطالبت أبو السعد بضرورة وجود رؤية واحدة حتي نواكب الجمهورية الجديدة وأن القيادة السياسية تدعم ذلك ولا بد أن يكون لدينا موازنة عامة قادرة علي ذلك، وأن ما يدعم ذلك هو الإنتاج سواء صناعي أو زراعي.
وتابعت قائلة: إننا لا نحتاج أن ندعم فقط مصنع أو اثنين ولكن ندعم صناعة مؤثرة للاقتصاد القومي ونحتاج مجمعات صناعية في كل المحافظة وليس الغردقة فقط حتي نستطيع عمل طفرة حقيقية.
وقالت وكيل لجنة المشروعات بمجلس النواب ان اللجنة عقدت ٣٣ اجتماعا حتي يخرج القانون ١٥٢ لسنة ٢٠٢٠ للنور ولكن طالما هناك مستحدثات ووضع اقتصادي متغير فيمكن تعديل النشريعات لتواكب ذلك.
وأكدت ابو السعد أننا نحتاج رؤية واحدة لدمج القطاع الغير رسمي في القطاع الرسمي ليست فقط من أجل الإيرادات ولكن حتي نرسم سياسات مالية ونقدية حقيقة تدعم فكره التصنيع والانتاج لدعم الاقتصاد القومي.
وطالبت هالة ابو السعد المحافظ بتوفير وسيلة مواصلات فورية للمنطقة الصناعية لدعم المصنعين والعمال حتي يتسني للمصنعين تخفيف التكلفة علي المنتج النهائي.
كما طالبت باماكن في الفنادق وللقري السياحية لجهاز تنمية المشروعات الصغيره لعرض وتسويق المنتجات الحرفية والتراثية بما يتوائم مع دعم التراث المصري والحفاظ علي الهوية المصرية.
ووافق المحافظ علي الفور وأعلن عن حل مشكلة المواصلات للمجمع الصناعي بالغردقة عبر التنسيق مع مجلس المدينة لفتح خطوط نقل تخدم العمالة في هذه المنطقة الحيوية.
وأشار المحافظ إلى أهمية دعم وتسويق الصناعات التراثية والحرف اليدوية وعرض منتجات الحرف اليدوية في الفنادق والمنشآت السياحية بالغردقة، وتخصيص مكان في مطار الغردقة الدولي لعرض الحرف التراثية، بالتنسيق مع وزير الطيران، و إقامة معرض دائم بشارع الشيراتون، كونه أكثر الشوارع ازدحامًا، لتسويق الصناعات التراثية.