بوابة الوفد:
2024-09-19@23:44:40 GMT

من"المجمع العلمى "إلي"مبني الأوقاف"

تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT

 

 

جاء وقع الخبر ثقيلا، فما بين غاضب ومتحسر وحزين بدت ردود الأفعال، هكذا استقبل المجتمع نبأ حريق مبنى وزارة الأوقاف بالقاهرة مطلع هذا الشهر، ولمن لا يعرف القيمة التاريخية لذلك المبنى، فهو يعد تحفة معمارية تنتمى إلى طراز «نيو مملوك»، ويعود تاريخ إنشاء وزارة الأوقاف لعام 1835، حين أمر محمد على باشا والى مصر بتأسيسها تحت اسم ديوان الأوقاف العمومى، وافتتحه الخديو توفيق عام 1899، وقد جرى توسعة المبنى ببناء ملحق به فى 1912، وإضافة بناء ملحق آخر فى عام 1929، وثالث بعد هدم منزلين مجاورين فى عام 1936.

 

وقد أعاد حادث احتراقه للأذهان مشاهد أخرى مماثلة، لمبان ومعالم تراثية وتاريخية، أتت النيران عليها تماما، أو أفقدتها جزءا مهمًا من قيمتها التراثية، وليس إبريل ببعيد، ذلك الشهر الذى احترقت فيه كنيسة العذراء التاريخية، ورئيس الملائكة ميخائيل والشهيد أبى سيفين والقديس الأنبا كاراس بمدينة ديروط بمحافظة أسيوط، والذى أودى بالكنيسة التراثية كاملة، بل من ذا ينسى حريق شركة مصر للصوت والضوء والسينما بالهرم، عام ٢٠١٦، والذى التهم أقدم استوديو تصوير فى مصر، وهو استوديو النحاس الذى يحوى أقدم بلاتوهات وديكورات تعود إلى 100 سنة ماضية.

احتراق قصر ثقافة بنى سويف، وسرقة المجمع العلمى، فى أحداث الفوضى التى أعقبت ثورة يناير، وما وصل إليه قصر المسافرخانة من حالة تردٍ وإهمال، عقب ذلك الحريق الهائل الذى أتى عليه عام ١٩٩٨، ويقع قصر المسافر خانة بين درب المسمط ودرب الطبلاوى فى حى الجمالية، بناه محمود محرم الفيومى أحد كبار تجار القاهرة سنة 1203هـ 1789م، وشيد بجواره مسجدًا  على رأس درب المسمط، ووقف عليه أوقافًا، وبدأ فى تشييد هذا القصر سنة 1779م وانتهى منه سنة 1789م، وكان القصر غنيا بزخارفه وعناصره المعمارية، والقسم الأول منه بناه فى عام 1779، والثانى عام 1783م. ويعد القصر من أجمل دور القاهرة فى القرن الثامن عشر، ويحمل القصر الكثير من النماذج الفنية والمعمارية المبهرة من أرابيسك ورخام وفسيفساء وزجاج ملون بشكل يتسق مع ارتفاعه الكبير الذى كان يبلغ 22م، كما كان يحتوى على أكبر مشربية من الطراز الإسلامى على مستوى العالم. 

وقام شاه بندر التجار محمود محرم بإهداء القصر إلى إبراهيم باشا الذى أهداه إلى ابنته الأميرة فاطمة والدة الخديو إسماعيل الذى ولد فى هذا القصر وتحديدًا فى القاعة القبلية بالطابق العلوى منه.

تلك الحوادث وغيرها الكثير من كوارث أصابت معالمنا التراثية، وتركتنا نصارع أسئلة ملحة؛ إلى متى سنظل نعانى تلك الظاهرة المؤسفة دون أن يكون هناك حل حاسم، وماذا ننتظر حتى نمتلك خطة تأمين وسلامة كاملة للحفاظ على التراث الثقافى والتاريخى من مخاطر قد تتهدده؟

لماذا لا يطبق نظام عام لحماية التراث من السرقة والاقتحام، وتوافر أنظمة الكشف عن الحريق والغازات السامة والخطرة؟

أو ليس ما يحدث عامل تعطيل خطيرًا لخطة الدولة لتطوير القاهرة التاريخية، والحد من نتائجها؟ 

أليس التراث الثقافى والتاريخى جزءًا أصيلا من الهوية الوطنية والإنسانية، وإذا ما تم فقده فإننا حينئذ نفقد قيمة تلك الهوية؛ مما ينسحب بدوره على صفة الاستدامة التى يجب أن تتمتع بها الموارد الثقافية والتاريخية؟ 

على أنه ورغم ذلك القصور الواضح فى عوامل الحماية والأمان للتراث، إلا أن هناك مجموعة من القوانين والتشريعات التى تضمن حماية الأثر سواء من التعدى بالسرقة أو الإضرار أو التشويه أو الهدم، إلا أن تلك التشريعات لم تتطرق بشكل مباشر لما قد يصيب الأثر والتراث من كوارث كالحريق، فهى ليست كافية لتضعنا أمام حلول حاسمة لتلك الأزمة، فهى تحتاج حتما لقرارات عاجلة، لذا فقد حملنا أسئلتنا تلك وتوجهنا بها لأهل الذكر حتى نعلم ما غفل عنا... 

بداية يوضح الدكتور حسين عبدالبصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الاسكندرية، أن لجنة إدارة الأزمات تختص بالمحافظة على المبانى التى تصنف أثرا، وليست المبانى التراثية، فليس كل تراث قد سجل أثرا.

مؤكدا أن تلك الظاهرة تعد أمرا مؤسفا، فنتيجة لتلافى وسائل الأمان أو ندرتها، نجد أنفسنا نفقد أثرا أو تراثا كل فترة، ولا يمكن تعويضه أو إعادته لما كان عليه.

وعما يمكن توفره من حلول، يقول عبدالبصير إنه لابد من تشكيل لجنة تضم خبراء على مستوى عال من وزارة الثقافة والآثار، تكون مهمتهم سن قوانين ملزمة، ووضع خطة واضحة لإنقاذ المبانى التراثية والأثرية.

مستطردا: فهناك أماكن تتوافر بها عناصر حماية من الكوارث والحرائق، وأماكن أخرى تفتقد لتلك الوسائل، مما يجعل الأخيرة عرضة للخطورة.

مختتما بأن الأمر يحتاج لمراجعة دورية لوسائل الحماية فى المبانى التراثية والأثرية، حتى لا نقع ضحايا مفاجأة الكوارث ونقف مكتوفى الأيدى أمام تراث أمتنا وهو يضيع أمام أعيننا واحدا تلو الآخر.

فيما يحدثنا محمد مندور، الباحث فى التراث ومستشار وزير الثقافة الأسبق، عن أهم الحلول قائلا:

نحن فى مصر نفتقد لثقافة الصيانة، مما يتسبب فى كثير من الكوارث المفاجئة، وذلك على العكس من بلدان أوربا، ففى باريس مثلا هناك شركات تتابع الصيانة بشكل دورى دون أن يكون هناك شكوى؛ حتى يقلل من معدل حدوث المخاطر لأى مبنى، فيجب أن تكون هناك خطة صيانة دورية كل ثلاثة شهور مثلا وذلك درءا للمخاطر التى قد تحدث لإزالة فترة بقاء المبانى، فهناك مبان يعود عمرها لمائة عام تحتاج لصيانة بشكل فعال ودورى حتى يطول عمرها. 

هناك أيضا مفهوم جديد للتعامل مع المبانى التاريخية، 

فالعالم كله يتعامل مع المبانى التاريخية ليس فقط باعتبارها مزارات، ولكن يتم إعادة توظيف كل مبنى حسب طبيعته، وبالتالى يجب إعادة قراءة كل مبنى تاريخى وتراثى بمصر، ومعرفة كيفية الحفاظ عليه وتوظيفه بما لا يهدد بقاءه.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: حريق مبنى الأوقاف الاوقاف

إقرأ أيضاً:

25 سنة في حب «الصقور».. هواية الملوك تجذب «حسن وسراج» من الصيد للرعاية والتدريب

هواية الملوك التى تمنح صاحبها عزة النفس، تلحق قلوبهم مع «الصقور»، بينهم صولات وجولات تدريبية، فلا يصيبهم «جرحها» ولا يستغنون عنها، ليكشفوا فى حديثهم لـ«الوطن» أسرار عالم الصقور وتربيتهم والأنواع الأشهر فى مصر.

يقف شامخاً بين الصقور التى اعتادت التحليق فى أعالى السماء، وبشكل مألوف على غير المعتاد تقف مطمئنة على يديه قبل عملية الإحماء المعتادة للصقر، محمد سراج، الذى يشتهر بـ«صقار حلوان»، يعيش لأكثر من 25 عاماً بين الطيور الجارحة، ليمتهن تربية هذه الطيور بقلب لا يعرف الخوف من مخالبها الحادة.

تربية الصقور من الطفولة

دخلت هذه الهواية إلى قلب «سراج» وهو فى التاسعة من عمره، منذ أن رأى طيراً صغيراً من أنواع الصقور فى شركة والده، تعلق بالطيور وحاول تدريبهم مع نفسه لكنه لم ينجح فى البداية، ثم استعان بذوى الخبرة ممن يصيدون الطيور، ويروى أنه منذ هذا الوقت تعلم رويداً رويداً إلى أن أصبح «صقَّار شهير» فى حلوان، وأحب هذه المهنة لأنها، بحسب روايته، المفضلة لدى الملوك، والصقَّار الذى يربى هذه الطيور ويدربها يكتسب صفاتها من عزة النفس.

وفى عالم الطيور يختلف معنى الصقَّار عن الرماك، فالصقار، بحسب «سراج»، هو مدرب ومربى الصقور والطيور الجارحة: «الصقَّار بيدرب الطير على الصيد وبنطلع مسابقات، الصقر بيكون جاى من البرية وحش بيضرب وبيعض فى الناس، باتعامل معاه، بيكون مربوط وعنيه متغمية، باحطله مرهم للعين، لازم يكون عندك دس أو جاونتى وقناع ولازم يكون فيه وكر، ودلوقتى أى طير جارح بادربه؛ صقور وعقبان وغيرها»، ويختلف عن الرماك، الذى يعتبر هو الصياد لهذه الطيور بأدواته التى لا يستغنى عنها ويستعين بصقر صغير لجذب فريسته.

صفات الصقور

حياة الطيور لها قواعد خاصة على أساسها يتعامل «سراج» الذى يقول إنهم يشبهون الإنسان فى طباعه، هناك الصقور العصبية والهادئة، والذكر يختلف عن الأنثى، ويفهمهم عن خبرة، يستقرون فوق ذراعه فى أمان مثل «الصقر المصرى الوكرى» الذى ينصح به للمبتدئين، وهناك الصقر شاهين والصقر الجبلى، والذكر أشد من الأنثى لكنه أصغر منها حجماً، وأشهر الصقور: «الجبلى، البحرى، شاهين، الوكرى فى الصعيد، الشاهين الجبلى، السودانى والجزائرى».

فى مصر يعيش الصقر الوكرى وله شهرة واسعة فى الخارج، بحسب «سراج»: «هذا النوع مقيم فى بلده لا يغادر على عكس الشاهين»، وهذه الصقور أهلَّت «سراج» لدخول المسابقات ثم الحصول على 5 جوائز من سباق العقبان، ويستكمل حكيه عن الصقور قائلاً إنه يمكن أن يصل عمره إلى 30 عاماً: «أهم حاجة الرعاية والاهتمام بالنظافة، بكل اللى يخصه والطعام، وده بيخلى عمره يطول وده بتاع ربنا».

«حسن» يربي الصقور والعقاب

صقّار آخر يدعى حسن صقر، يربى العقاب والصقور، تواصلت «الوطن» معه ليروى قصته مع الطيور الجارحة التى بدأت فى طفولته مع تربية الحمام ثم الاتجاه إلى الصقور ثم اتجه إلى الأسواق ليشترى الصقور، وهو ما وصفه بالبداية الخاطئة، ثم اتجه لهواية صيد الصقور والعقاب، ويصنف أعمارهم كالتالى: «مابنقلش سنة وسنتين بنقول فرخ طير ابن سنة، بكر طير مر عليه موسم، برناص بعد 3 سنين، يتكاثر فى الطبيعة مش فى الأسر»، واتجه «حسن» للحديث عن تكاثر الطيور التى يصطادها قائلاً: «مش كل الطيور تقدر تتكاثر فى الأسر، لازم يكون حر، برة مصر بيكون ده مهيأ له ويقدر عادى، شكل الطير وحجمه بيكون حسب البيئة اللى هو فيها».

يقف «حسن» يمهد للصقر فرصة للحرية ليفرد جناحيه فى مشهد بديع، وعلى الأرض يركض العقاب فى هدوء، بينما يستكمل حديثه عن مقر أصدقائه من الطيور الجارحة، قائلاً: «مكانهم الصحرا، خطر تكون فى البيئة العادية وصعب تشوفهم فى المدينة»، وينصح بأنه قبل أن يكون لديك طير جارح لا بد أن تملك أدواته مثل القناع أو البرقع والجوانتى ومكان فارغ يلائم حياتهم، ولا يميز طير عن الآخر، فالصقر يمهد له الطريق لصيد وترويض أى طير جارح.

مقالات مشابهة

  • مجتمع النفايات الفكرية «٣»
  • السفاح الذى تفنن فى قبحه
  • ﺳﻴﻨﻤﺎ اﻏﺘﻴﺎﻻت الموﺳﺎد ﻣﻦ ﺣﺼﺎن ﻃﺮوادة إﻟﻰ اﻟﺒﻴﺠﺮ
  • فض اشتباك
  • هل يتراجع الوزير؟
  • ترامب.. والقادم الأسوأ للفلسطينيين!
  • عادل حمودة يكتب: 101 سنة هيكل.. الاختلاف لا ينفي الإعجاب
  • العلم والمجتمع
  • (الإجراءات الجنائية).. وإجراءات الحوار!!
  • 25 سنة في حب «الصقور».. هواية الملوك تجذب «حسن وسراج» من الصيد للرعاية والتدريب