لجريدة عمان:
2025-01-16@23:44:14 GMT

«نقضت غزلها».. مواثيق مبعثرة

تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT

بين الخطأ والخطيئة ثمة فاصل دقيق، فما إن تستمرئ الخطأ، وترى فيه شيئا من تحقيق الذات؛ إلا وتقع في الخطيئة، التي تلومك عليها الذات نفسها، عندها فقط تدرك أنك وقعت في مصيدة ما كان ينبغي لك أن تقع فيها بملء إرادتك، فعندها تندم، ولكن ندمك لن يعوّض لك خسارة الثقة في نفسك؛ حيث يكون مع كل خطأ تقترفه وتعضده بالخطيئة، تعود بنفسك إلى المربع الأول، لتبدأ من جديد حياة جديدة، تظن فيها؛ واثقا؛ أنك لن تكرر خطأ ارتكبته سابقا، وعضدته بالخطيئة، وتستمر على هذه الحالة سنوات تمضي من عمرك الذي يُفترض أن يكون مساحة واسعة لتعظيم جانب المكاسب التي تنقلك من حالة الضعف، إلى حالة القوة؛ والقوة هنا؛ ليست القوة العضلية، أو القوة المادية، أو الوجاهة، أو المناصب، وإنما القوة هنا؛ هي قوة إدارتك لذاتك التي تمتحنك طوال سنوات عمرك، إدارتها نحو الصلاح، والبناء، ومعالجة الأخطاء، والترقي بسمو الخلق والتصرف، فلا تكون مجرد رقم في حياتك، ومع من حولك.

من الأمور المسلَّم بها لنا كبشر، هي أننا من الأغيار -متغيّرين- لا نكون في حالة إلا وأصبحنا أو أمسينا في حالة أخرى، بعض هذا التغيير تحكمه القدرية «مُقدَّر علينا» وهي ممارسات أو مواقف قليلة، أما الغالبية الكبرى من هذه الغيرية فهي مملوكة لأفكارنا، ولتصرفاتنا، ولقراراتنا، ولعزائمنا، ولطموحاتنا، يحدث كل هذا انعكاسا لقلق نعيشه بغير وعي، نسلم له الأمر دون أن نترك لحظة «عودة» للمراجعة، للتفكير، للمحاسبة، لاستحضار مواقف الأخطاء، للبناء على نقطة «ذهبية» يكون لها فضل ترميم مجمل المواثيق التي قطعناها مع خالقنا قبل كل شيء، ومع الآخر من دونه في مساحة التفاعل والتعاطي، ففي لحظات كثيرة نستشيط غضبا ونفورا، لأن ما نعتقده ملكية خاصة يصبح عامًّا، أردنا ذلك أو لم نُرِد، فأطفالنا نظن أنهم ملكية خاصة نتصرف بهم كيفما نشاء، ولكن هذا الطفل هو عنوانك بعد جدران منزلك الأربعة؛ حيث يصبح في حكم العامة، ومن خلال هؤلاء العامة يقيم سلوكك أنت، وحقيقتك أنت، وليس أطفالك الذين ولدت، فلِمَ ترتجف رُكبك عندما يشار إليهم بالبنان؟

في لحظة ما؛ نملك أفكارنا ورؤانا، وقراراتنا، ونكون على يقين أن كل ما يتعلق بنا هو ملكية خاصة ليس للآخرين من حولنا الحق في مناقشتنا فيه، وهذا أمر فيه تعنّت كبير؛ فالواحد منا لا يعيش معزولا عن الآخرين من حوله، وفي هذا الارتباط المادي والمعنوي في آن واحد له تكلفته المعنوية والمادية أيضا، حيث ينتج عن ذلك من أننا نوزّع مواثيق وعهودا نتعهّد بها أمام الآخر بمعية الله عز وجل، فلا يخلو قولنا قليله وكثيره من جملة «إن شاء الله» وهذا موثق وعهد منا أمام الآخر، ولكن الذي يحدث أنه في أقل من ثانية قد نتراجع عن هذا العهد والموثق، وقد نبرم موثقا وعهدا آخريْن، أمام آخرين أيضا، وهكذا نراكم من العهود والمواثيق؛ حيث تبقى مكتوبة على الجبين إلى يوم القيامة، ولأننا نجهل حقيقة ما نقوم به، فلا نكترث لما نقول ونفعل، ونبعثر كل ذلك على أرصفة سلوكياتنا في هذه الحياة، فهل هناك أكثر غَبْنًا من هذا؟

«نقضت غزلها».. قوله تعالى: (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا) قال عبدالله بن كثير، والسدي: هذه امرأة خرقاء كانت بمكة، كلما غزلت شيئا نقضته بعد إبرامه. وقال مجاهد، وقتادة، وابن زيد: «هذا مثل لمن نقض عهده بعد توكيده»- وفق المصدر.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

قواتٌ صاروخيّة تعانقُ النّصر

محمّد يحيى فطيرة

في ظل المتغيرات الكبرى التي تشهدها المنطقة يبرز الشعب اليمني كواحد من الشعوب التي ضربت أروع الأمثلة في الصمود والتوكل على الله.. شعب معتمدٌ على الله، يمتلك قيادة إيمانية مع القائد العلم، مستمدًا قوته من إيمانه العميق وقيادته الحكيمة المتمثلة بالقائد العلم الذي حمل هم الأُمَّــة وقضاياها المصيرية بوعي وحكمة وإرادَة لا تلين.

لقد تمكّن هذا الشعب من تحويل المحنة إلى منحة واستطاع في ظل الحصار والحرب أن يطور قوة صاروخية فريدة ونظام طيران مسير متقدم جعل اليمن رقمًا صعبًا في معادلة الصراع.

القوة الصاروخية اليمنية التي بدأت بإمْكَانات بسيطة تطورت بشكل مذهل فأصبحت قادرة على إصابة الأهداف بدقة فائقة لتثبت أن الإبداع العسكري ليس حكرًا على القوى الكبرى بل هو نتيجة طبيعية لإرادَة الشعوب الحرة التي تؤمن بحقها في الدفاع عن سيادتها واستقلالها كما أن الطيران المسير اليمني بات سلاحًا استراتيجيًّا أحدث فرقًا كَبيرًا في ميادين المواجهة وفرض معادلات ردع جديدة جعلت العدوّ يعيد حساباته مرارًا.

إن القضية الفلسطينية التي تمثل جوهر الصراع في المنطقة وجدت في الشعب اليمني سندًا صادقًا ودعمًا حقيقيًّا تجاوز الشعارات إلى الأفعال، فاليمن لم يكتف بالمواقف السياسية المعلنة بل جعل من قوته الصاروخية وطيرانه المسير أدَاة دعم حقيقية للمقاومة الفلسطينية ليؤكّـد أن تحرير فلسطين واجب ديني وقومي وأن الأُمَّــة رغم ما تعانيه ما زالت قادرة على تقديم الدعم لمن يقف في مواجهة الكيان الصهيوني.

القيادة اليمنية التي يقف على رأسها القائد العلم قدمت نموذجًا مشرفًا للقيادة الإيمانية التي تجمع بين الثبات على المبادئ والعمل الدؤوب؛ مِن أجلِ تحقيق الأهداف الوطنية والقومية فهذه القيادة التي انطلقت من مبدأ التوكل على الله والثقة بقدرات الشعب اليمني استطاعت في ظل الحصار الخانق أن تبنيَ جيشًا عقائديًّا يمتلك أحدث التقنيات العسكرية وأن توجّـه هذه القوة لخدمة قضايا الأُمَّــة وعلى رأسها قضية فلسطين.

الشعب اليمني الذي لم تكسره سنوات الحرب والحصار يقف اليوم شامخًا بفضل إيمانه بالله وبفضل قيادته التي جسدت معاني الصمود والإبداع ليقدم نموذجًا لشعب متوكل على الله لا يعرف المستحيل شعب جعل من القوة الصاروخية والطيران المسير وسيلة لدعم قضايا الأُمَّــة والوقوف في وجه أعدائها ليبرهن أن النصر يصنعه الإيمان والإرادَة الحرة والقيادة الحكيمة.

مقالات مشابهة

  • الرشيدي: جيسوس لا يمزح ولكن يجب أن يلزم البليهي دكة البدلاء
  • وائل الدحدوح: دفعنا ثمنا باهظا ولكن هذا هو قدر الله رب العالمين ونرضى به
  • إغناطيوس: اتفاق وقف النار أخبار سارّة ولكن ماذا عن اليوم التالي؟
  • إبراهيم عثمان يكتب: نعم .. ولكن
  • كولر: الأهلي يحتاج إلى تدعيمات ولكن لا يوجد أي جديد
  • قواتٌ صاروخيّة تعانقُ النّصر
  • غطرسة القوة الأمريكية
  • شرب القهوة يمنع سرطان الكبد ولكن بشرط وحيد.. فما هو؟
  • علي معيض : عمر السومة لاعب هداف ولكن قبل الاهلي كان غير معروف
  • وزير البترول الأسبق: ليس لدينا أي أزمة طاقة ولكن في التسعير