العلاقات الثقافية بين قطر وألمانيا.. بوابة واسعة للحوار ومد الجسور بين الشعبين الصديقين
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
ترتبط دولة قطر وجمهورية ألمانيا الإتحادية بشراكة استراتيجية وعلاقات صداقة وثيقة يناهز عمرها الخمسين عاما، ترسخت خلالها الجسور والروابط بين البلدين في مختلف المجالات، بما في ذلك المجال الثقافي، الأمر الذي ترك أثرا طيبا في نفوس أبناء الشعبين الصديقين.
وتعتبر الثقافة سفير دولة قطر الدائم في علاقاتها مع مختلف دول العالم، إيمانا منها بأهمية الدبلوماسية الثقافية المحورية في بناء علاقات متينة بين الدول والشعوب على أساس احترام الثقافات المتنوعة، وبأن الثقافة هي من أكثر الوسائل تأثيرا لتوحيد الشعوب وتشجيع الحوار وتعميق مستوى الفهم فيما بينها.
وقد نجحت الدبلوماسية الثقافية التي انتهجتها دولة قطر في تعزيز علاقاتها الخارجية، خاصة وأنها قوة ناعمة تتعالى عن تقلبات السياسات، وتتمسك بالقيم الإنسانية التي تحفظ الخصوصيات وتحترم الاختلاف وتضمن تواصلا بناء بين الجميع.
كما تؤمن دولة قطر بأهمية تواصل الدول مع بعضها البعض، ليس على المستوى السياسي والتجاري والاقتصادي فحسب، بل ينبغي عليها أن تفتح قنواتا للتواصل الثقافي بينها، وأن تعزز هذه القنوات وتحميها، حتى يتسنى للشعوب والمجتمعات أن تكون طرفا في الحوار ومد الجسور وبناء الصداقات والفهم المتبادل.
وقد أثبتت دولة قطر نفسها كمركز مزدهر يوقد شعلة الإبداع، ويحتفي بالتنوع، ويغرس شعورا عميقا بالانتماء، ويتماشى مع ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية لرؤية قطر الوطنية 2030، وذلك من خلال احتضانها للتعبير الثقافي والاستثمار فيه.
كما أدركت دولة قطر، منذ وقت مبكر، أهمية التبادل الثقافي في تعزيز التواصل، وتوطيد العلاقات مع جميع دول العالم، خاصة أنها مؤهلة بما تملكه من بنية ثقافية وتعليمية تضم مجموعة مميزة من الجامعات الكبرى للعب دور بارز في الدبلوماسية الثقافية، فأطلقت مبادرات عالمية من خلال مجموعة متنوعة من المعارض والمهرجانات والمسابقات، على رأسها مبادرة السنة الثقافية التي يجري تنظيمها في كل عام بالشراكة بين قطر ودولة من دول العالم.
وقد كانت ألمانيا شريكا ثقافيا متميزا لقطر عام 2017، وقد شهدت تلك السنة تنظيم العديد من الفعاليات الغنية بين البلدين، خلقت حالة من التقارب الحقيقي بين الثقافتين العربية والألمانية، وتوجت بافتتاح البيت الثقافي العربي /الديوان/ في برلين، ليكون مركزا لتعميق التواصل الحضاري والثقافي بين البلدين.
ويحظى البيت الثقافي /الديوان/ بأهمية كبيرة كونه أول مركز ثقافي قطري خارج دولة قطر، وقد عبر افتتاحه عن فصل جديد مميز في العلاقات الثقافية القطرية الألمانية.
كما أعطت الزيارة التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى "حفظه الله" في السادس من سبتمبر عام 2018 إلى البيت الثقافي العربي /الديوان/، دفعة قوية للبيت الثقافي، خاصة أنه كان حينها لا يزال يقطع أولى خطواته، كما عبرت زيارة سموه عن مدى الأهمية التي توليها دولة قطر لتعزيز العلاقات الثقافية، لما لمثل هذه العلاقات من آثار إيجابية على السلم العالمي.
وقد أنشئ /الديوان/ من قبل دولة قطر بهدف تعزيز التواصل والتفاهم بين العرب والألمان، من خلال نشر الثقافة العربية وإطلاع المتلقي الألماني، والأوروبي بشكل عام، على الدور الثقافي الحضاري والإنساني للعرب في مختلف العصور.
وقد كانت فكرة إنشاء /الديوان/ نابعة من حقيقة إدراك دولة قطر لدور الثقافة في مد جسور التواصل البشري والحضاري والحوار والتفاهم، حيث أن الثقافة تلعب دورا محوريا في التعرف على الآخر، وفهم وجهات نظره، والتحديات التي يواجهها، خاصة وأن التطور الرقمي الذي نعيشه اليوم يتطلب بالضرورة تعزيز قيم الحوار الثقافي والتفاهم المتبادل.
ويعمل البيت الثقافي /الديوان/، من خلال تنظيم الفعاليات الثقافية، على خلق حالة من الحوار والتفاعل بين الجالية العربية والجمهور الألماني، حيث تغطي تلك الفعاليات جزءا كبيرا من عناصر التبادل الثقافي، من معارض فنية وفوتوغرافية ورسم ومسرح وموسيقى وأفلام.
ويعتبر البناء الذي يحتضن هذا المركز من أجمل المباني في حي "تسيهليندورف" الراقي في العاصمة /برلين/، وقد قامت سفارة دولة قطر بترميم وإعادة تأهيل هذا المبنى العريق بشكل يضمن حماية طابعه التاريخي، وحولته ليصبح بيتا ثقافيا عربيا يهدف للتقريب بين الثقافات، ومد جسور التواصل بينها، والتعريف بالثقافة العربية في مجال الفنون والموسيقى والآداب والسينما.
ويضم /الديوان/ مكتبة ضخمة تحمل الثقافة العربية الغنية الجميلة، كما يستقبل الكثير من المسؤولين والمثقفين وممثلي الجامعات والمراكز الفكرية والبحثية في ألمانيا المهتمين بالشأن الثقافي العربي وحوار الحضارات.
وستظل مجالات الاقتصاد والثقافة والرياضة والتنمية مجالات مهمة للتعاون القطري الألماني في المستقبل، ولعل دور مؤسسة قطر الناجح على المستوى العالمي جعل منها كيانا معروفا للغاية في الأوساط العلمية الألمانية، وهناك اتفاق لقيام جامعة /دارمشتات/ إحدى أعرق الجامعات الألمانية بافتتاح فرع لها في الدوحة، فضلا عن قيام معهد /جوته/ الذي يعد أهم معاهد اللغة الألمانية بافتتاح فرع له أيضا في الدوحة، بالإضافة إلى العديد من الفعاليات المتميزة التي يتم الإعداد لها في مجال العلاقات الثقافية بين البلدين.
وهناك العديد من الشركات الألمانية الكبيرة التي تعمل اليوم في قطر في مختلف المجالات، لا سيما في العلوم وبحوث التنمية، والطاقة، كما أن المدرسة الألمانية في الدوحة تقوم بدور مهم في تعليم اللغة الألمانية في قطر، وتدريس المناهج الألمانية كذلك.
وفي سياق النشاط الثقافي القطري، فقد تطورت مبادرة /الأعوام الثقافية/ لدولة قطر، التي تقام كل عام، لتصبح منصة لها صدى قويا في تشجيع التبادل الثقافي بين الدول، على مدى العقد الماضي، كما أقامت صداقات دائمة، ورسخت التفاهم المتبادل بين الشعوب.
وقد دشنت متاحف قطر، برئاسة سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، "الأعوام الثقافية" وهي برنامج سنوي للتبادل الثقافي الدولي يهدف إلى تعميق التفاهم بين الدول وشعوبها، ومع أن البرامج الرسمية لا تستغرق سوى عاما واحدا، فغالبا ما تمتد أواصر الصداقة أمدا طويلا، وتعتبر الثقافة إحدى أكثر الأدوات فعالية في التقريب بين الشعوب، وتشجيع الحوار، وتعميق التفاهم.
وشملت الأعوام الثقافية السابقة: قطر - اليابان 2012، وقطر - المملكة المتحدة 2013، وقطر - البرازيل 2014، وقطر - تركيا 2015، وقطر - الصين 2016، وقطر - ألمانيا 2017، وقطر - روسيا 2018، وقطر - الهند 2019، وقطر - فرنسا 2020، وقطر - أمريكا 2021.
واحتفالا بالذكرى السنوية العاشرة لهذه المبادرة، دخلت الأعوام الثقافية في شراكة مع كافة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، ويضم العام الثقافي قطر - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا 2022 الدول الـ 26 من المنطقة التي لديها سفارات قائمة بالدوحة.
وتعتبر الحياة الثقافية في ألمانيا ذات وجوه عديدة، فهي تضم حوالي 400 مسرح، و 140 فرقة أوركسترا محترفة، و600 متحف فني تضم مقتنياتها مجموعات متنوعة ومتميزة على الصعيد العالمي، وتضفي على عالم المتاحف في ألمانيا سحرا فريدا، كما يتمتع الفن الألماني الحديث بالحيوية والانتشار العالمي الواسع، وتنتمي ألمانيا إلى الأمم الرائدة فيما يتعلق بالكتب، حيث يصدر فيها سنويا ما يقرب من 80 ألف كتاب أو إصدار جديد، فضلا عن 350 صحيفة يومية، وآلاف المجلات تدل كلها على حياة إعلامية في قمة النشاط والحيوية.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر
إقرأ أيضاً:
نتنياهو والجنائية.. لندن "ستفي بالتزاماتها" وألمانيا تدرس
قالت حكومة بريطانيا، اليوم الجمعة، إنها ستفي بالتزاماتها القانونية" حيال المحكمة الجنائية الدولية بشأن مذكرة التوقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، فيما قالت ألمانيا إنها تدرس مذكرتي الجنائية الدولية باعتقالهما.
تفصيلا، لمحت الحكومة البريطانية الجمعة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يمكن أن يتعرض للاعتقال بموجب مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية إذا سافر إلى المملكة المتحدة، بحسب ما ذكرت فرانس برس.
وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء كير ستارمر للصحفيين "هناك آلية قانونية واضحة ينبغي اتباعها. الحكومة كانت دائمة واضحة لجهة أنها ستفي بالتزاماتها القانونية".
واضاف "ستفي المملكة المتحدة دائما بالتزاماتها القانونية كما هو منصوص عليه في القوانين المحلية والقانون الدولي"، لكنه رفض الإدلاء برأي محدد في شأن رئيس الوزراء الاسرائيلي.
ووقعت المملكة المتحدة العام 1998 معاهدة روما التي نصت على إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، وصادقت عليها بعد 3 أعوام من التاريخ المذكور.
لكن البلاد لم تضطر يوما الى استخدام الآلية الوطنية المعمول بها لتنفيذ مذكرات توقيف أصدرتها الجنائية الدولية، كون أي فرد استهدفته مذكرة مماثلة لم يطأ الأراضي البريطانية.
ألمانيا تدرس مذكرتي الجنائية الدولية
وفي برلين، قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت، اليوم الجمعة، إن برلين ستدرس بعناية مذكرتي الاعتقال اللذين أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، لكنها لن تخطو خطوات أخرى حتى تنظيم زيارة لألمانيا.
وأضاف هيبشترايت "أجد صعوبة في تخيل أننا سنجري اعتقالات على هذا الأساس"، مشيرا إلى أنه كان من ضروري توضيح المسائل القانونية المتعلقة بمذكرتي الاعتقال، وفقا لرويترز.
ولم يحدد ما هي هذه المسائل. ولم يرد على سؤال عما إذا كان نتنياهو محل ترحيب في ألمانيا.
وقال المتحدث إن موقف الحكومة الألمانية بشأن تسليم الأسلحة إلى إسرائيل "لم يتغير" بعد إصدار مذكرتي الاعتقال وأن التسليم يخضع دائما لتقييم كل حالة على حدة.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك على هامش مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب29) في باكو إن ألمانيا تحترم عمل المحكمة الجنائية الدولية، وتلتزم بالقانون على المستويات الوطنية والأوروبية والدولية.
وقالت في مقابلة لقناة تلفزيونية ألمانية "السؤال عما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي سيدخل الاتحاد الأوروبي هو سؤال افتراضي. لكننا ندرس الآن كيف سنتعامل معه بالضبط".
كانت آخر مرة زار فيها نتنياهو ألمانيا في مارس آذار 2023، ولا زيارات مقررة حاليا بين الجانبين.
وقال هيبشترايت "شاركت الحكومة الألمانية في صياغة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وهي واحدة من أكبر المؤيدين لها، وهذا الموقف هو أيضا نتيجة للتاريخ الألماني".
وأضاف "في الوقت نفسه، من النتائج المترتبة على التاريخ الألماني مشاركة إسرائيل في علاقات فريدة ومسؤولية كبيرة".