ماكرون يؤكد عزم فرنسا علي مواجهة عباءات النساء وجلباب الرجال
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
أوضح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم الجمعة، أن الطلاب الفرنسيين لن يمروا من الباب إذا حضروا إلى المدرسة وهم يرتدون أردية طويلة، قائلاً إن السلطات ستكون صعبة وعنيدة في تطبيق قاعدة جديدة عندما تستأنف الدراسة الأسبوع المقبل.
ووفقا لما نشرته الأسوشيتد برس، أعلن وزير التعليم الفرنسي غابرييل أتال في مؤتمر صحفي قبل أربعة أيام أن الجلباب الذي يرتديه المسلمون بشكل رئيسي، والمعروف باسم العباءات للفتيات والنساء، سيتم حظره مع بداية العام الدراسي الجديد يوم الاثنين.
وتحدث ماكرون عن قواعد اللباس لأول مرة علناً بعد زيارته لمدرسة مهنية في منطقة فوكلوز بجنوب فرنسا.
قال الرئيس: نعلم أنه ستكون هناك حالات لطلاب يختبرون القاعدة، بما في ذلك حالات تحاول تحدي النظام الجمهوري. وقال ماكرون إنهم لن يتمكنوا من التسلل إلى الفصل، مشددا على أننا سنكون عنيدين لتطبيق الأمر.
وصف وزير التعليم الفتيات والفتيان الذين يرتدون الجلباب في المدارس الإعدادية والثانوية بأنه "انتهاك للعلمانية"، وهو مبدأ أساسي لفرنسا. واتهم بعض الطلاب باستخدام الزي التقليدي لمحاولة زعزعة استقرار المدارس.
تلقت القاعدة الجديدة انتقادات. وقد ضجت منصات وسائل التواصل الاجتماعي بالنقاد الذين يقولون إن الملابس الفضفاضة التي تغطي الجسم لا تشكل عرضًا متفاخرًا للدين ولا ينبغي حظرها في الفصول الدراسية.
إطار الحظر هو قانون صدر عام 2004 يهدف إلى الحفاظ على العلمانية في المدارس العامة الفرنسية. يحظر القانون ارتداء الحجاب الإسلامي، ولكنه ينطبق أيضًا على الصلبان المسيحية الكبيرة والقبعات اليهودية والعمائم الكبيرة التي يرتديها السيخ.
مرت القاعدة الجديدة بعد أشهر من الضجة والمناقشات البرلمانية. وادعى المسلمون أنها وصمتهم. ولا ينطبق القانون على طلاب الجامعات.
في معرض حديثه عن كيفية تطبيق الإجراء الجديد، قال ماكرون إنه سيتم إرسال "موظفين محددين إلى المدارس "الحساسة" لمساعدة مديري المدارس والمعلمين وللحوار مع الطلاب والأسر، إذا لزم الأمر.
قال وزير التعليم الفرنسي في وقت سابق إنه سيتم تدريب 14 ألف موظف تعليمي في مناصب قيادية بحلول نهاية هذا العام للتعامل مع التنفيذ وقضايا أخرى في دعم العلمانية، وسيتم تدريب 300 ألف موظف بحلول عام 2025.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ماكرون الرئيس الفرنسي مسلمين
إقرأ أيضاً:
لوفيغارو: كيف أقدمت فرنسا على مواجهة الجزائر في اختبار قوة؟
أفادت صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية في تقرير لها بأن العلاقات بين فرنسا والجزائر تشهد توترًا حادًا وصل إلى مرحلة الجمود، وسط توقعات باستمراره حتى انتهاء ولاية الرئيس إيمانويل ماكرون.
وأرجعت الصحيفة هذا التصعيد إلى نهج النظام الجزائري، الذي يشبه في سياساته أنظمة مثل روسيا بقيادة بوتين وأمريكا خلال عهد ترامب، حيث لا يتم التعامل إلا بلغة القوة في عالم يتجه نحو المزيد من التوترات والتحديات، بحسب تعبيرها.
ويعتبر الإنذار الذي منحته فرنسا للجزائر (لمدة 4 إلى 6 أسابيع) لقبول "قائمة طوارئ" لأشخاص مُرحّلين من الأراضي الفرنسية وإلا سيُعاد النظر في اتفاقية 1968 التي تُسهل إقامة الجزائريين في فرنسا، ردًا مباشرًا على التوترات الأخيرة بين البلدين. ومن أبرز هذه التوترات هجوم مولهاوز، الذي نفذه جزائري مُلزم بمغادرة فرنسا، لكن الجزائر رفضت استعادته 14 مرة، ومحاولة ترحيل المدون المؤثر "دوالمن" بعد تهديداته لمعارضي النظام الجزائري، والتي فشلت بسبب رفض السلطات الجزائرية استقباله.
ترفض الجزائر استعادة 90% من مواطنيها المُرحلين من فرنسا، حيث لا يتجاوز معدل التنفيذ 10% إلى 12%. وتتردد باريس في استخدام ورقة التأشيرات، بحجة "عدم معاقبة الجزائريين بسبب سياسة رئيسهم"، وذلك وفقًا لدبلوماسي. كما أن فضاء شنغن يجعل إغلاق باب واحد عديم الجدوى إذا بقيت الأبواب الأخرى مفتوحة في أوروبا. ورغم الأزمات، زاد عدد التأشيرات الممنوحة بين عامي 2022 و2023، لكن هذه السياسة قد تتغير. فبدون إثبات نوايا حسنة من الجزائر، قد تُلغى إعفاءات التأشيرات للزيارات القصيرة.
طغى الخط المتشدد لوزير الداخلية الفرنسي ورئيس الوزراء على سياسة التهدئة التي تتبناها وزارة الخارجية برئاسة كاي دورسي. ففي الوزارة الأخيرة، يُفضلون تجنب التصعيد عبر حوافز مثل خفض الرسوم الجمركية للدول المتعاونة. لكن مصدرًا مقربًا من الملف انتقد الدبلوماسيين قائلا "إنهم يتمسكون بأساليب قديمة لا تُجدي. قسم شمال إفريقيا والشرق الأوسط مُشتت بسبب حرب غزة وعودة ترامب. الرئيس تبون ملزم باحترام التزاماته القنصلية".
وصف دبلوماسي الأزمة بأنها "عميقة وطويلة الأمد، مع مستوى سُميّة غير مسبوقة"، مشيرًا إلى أن العلاقة وصلت إلى شبه "قطيعة دبلوماسية". وأضاف: "جميع محركات التعاون متوقفة. العلاقة الفرنسية-الجزائرية معلقة فعليًا. عام 2025 سيكون عامًا فارغًا".
بدايةً، بدت العلاقة بين تبون وماكرون واعدة. فزيارة ماكرون إلى الجزائر في آب/ أغسطس 2022 أطلقت آمالًا بإصلاح العلاقات. وقال الرئيس الجزائري وفق مصدر دبلوماسي: "إذا لم يحدث شيء معه، فلن يحدث شيء أبدًا". أما ماكرون، فكان يحلم بـ"مصالحة الذكريات".
لكن قضية الذاكرة الاستعمارية تحولت إلى سلاح في يد الجزائر. فلم تُجدِ اعتذارات فرنسا عام 2017، ولا اعترافها بأن الاستعمار "جريمة ضد الإنسانية"، ولا الإجراءات الرمزية، أي تحسن في العلاقات. وقال مصدر مقرب: "ثورة 1962 تظل محور العلاقة. الجزائر مهووسة بماضي لا يُمحى. النظام يشوه الذاكرة ويجعل من القضية الاستعمارية قضية مقدسة".
بعد اعتراف فرنسا بـ"مغربية الصحراء الغربية" في تموز/ يوليو 2024 (الذي اعتبرته الجزائر خيانة)، قطعت الجزائر جميع قنوات الاتصال مع باريس، باستثناء أجهزة الاستخبارات. كما انتقمت باحتجاز الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال منذ 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، ومُنع من اختيار محامٍ يهودي (فرانسوا زيمراي) للدفاع عنه. وأصبحت قضية الصحراء عائقًا أمام أي تطبيع، بينما تبدو الثقة بين الرئيسين مقطوعة. في الوقت نفسه، يدرس ماكرون تشديد اتفاقية 1968، بينما تفضل وزارة الخارجية سياسة "الوقت ذاته". لكن الأزمات الأخيرة دفنت هذه الاستراتيجية.
رغم التوتر، لا تستطيع فرنسا تجاهل أكبر دولة في المغرب العربي، بسبب الجالية الجزائرية الكبيرة في فرنسا، والمصالح الأمنية المشتركة في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية. وقال دبلوماسي: "لدينا مصلحة في استقرارها. شئنا أم أبينا، الجزائر ستفرض نفسها".
تملك فرنسا وسائل للضغط على الجزائر، مثل فرض ضرائب على التحويلات المالية (20% من الناتج المحلي الجزائري يعتمد على أموال المغتربين)، أو تجميد برامج التعاون (بقيمة مئات الملايين من اليوروهات)، أو إعادة النظر في اتفاقية 1968. لكن الجزائر، المعزولة دوليًا والضعيفة اقتصاديًا بعد تراجع عائدات النفط، قد تضطر إلى أن تكون أكثر مرونة. وفي انتظار ذلك، منحت فرنسا تأشيرات لأئمة جزائريين خلال رمضان، رغم استمرار رفض الجزائر استعادة مرحّليها.