سودانية ترسم البسمة على وجوه الأطفال النازحين بدارفور
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
كل صباح يقصد أطفال جدد مسكن الشابة صفية الطيب، بمخيم “أبو شوك” للنازحين بالقرب مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غربي السودان)، لترسم وجوههم في لوحات تجسّد ملامحهم وتنسيهم مرارة الحرب المتجددة في الإقليم هذه الأيام.
وصفية (20 عاما) طالبة بجامعة الفاشر -التي أغلقت أبوابها بسبب القتال في الإقليم- تنشط في العمل الإنساني التطوعي داخل المخيم، ولا تستسلم لدويّ الانفجارات وأصوات القنابل وظروف الفقر المحيطة بها.
واستطاعت الشابة أن تخفف بعض الضغوط على الأطفال من خلال شغفها وموهبتها الفريدة في الرسم، حتى أصبحت محل اهتمام الأهالي والأطفال في أزقة وطرقات أقدم مخيمات النزوح بدارفور.
تقول صفية للجزيرة نت إنها وُلدت عام 2003 وترعرعت في المخيم منذ بدايات الحرب القاسية لأسرة بسيطة مكونة من 6 أفراد، وفي منزل متواضع مشيد بالطين والقش. ولا تنسي أيام الحرب التي عاشتها في طفولتها والتي لم تمنعها من ممارسة هوايتها المفضلة الرسم.
ورغم صعوبة الأوضاع في المخيم، تمكنت صفية من الالتحاق بجامعة الفاشر لدراسة المحاسبة، إلى جانب الاستمرار في صقل موهبة الرسم لديها كما تقول.
وتابعت “أحاول جلب البهجة والسرور إلى وجوه الأطفال الصغار من خلال الأعمال الفنية التي أقدمها لهم لتخفف عنهم مرارة نشوئهم في ظروف الحرب”.
ويلهم نشاط صفية عشرات الفتيات في المخيم اللواتي يواجهن وضعا إنسانيا صعبا ولكن يبذلن جهدا للتخفيف عنهن وعن العائلات النازحة، وخاصة الأطفال، من حولهن.
وترى صفية أن تقديم الدعم النفسي للأطفال بالمخيم قضية ملحة خاصة للذين عاشوا ظروف النزوح بالاشتباكات الأخيرة. وقالت إن رسم وجوههم وشخصياتهم يساعد في إدخال البهجة على أنفسهم، والتخفيف من تأثير الواقع الصعب الذي يعيشونه في المخيم.
ويقول الاخصائي الاجتماعي الدكتور محمد سليمان حامد أتيم إن للحرب آثارا نفسية واجتماعية تظهر على الأطفال من خلال تصرفاتهم اليومية.
وأوضح أتيم -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن ما تقوم بها صفية من دعم نفسي واجتماعي لأطفال المخيم يعد واحدا من أهم البرامج التي تسهم في تخفيف المعاناة عنهم خاصة في ظل أوضاع الحرب التي يعيشونها.
وذكر أن للمتطوعين دورا كبيرا يمكن أن يلعبوه تجاه الصغار والنساء لإخراجهم من دائرة الخوف والقلق والضياع ونسيانهم تجاربهم الصعبة التي يعيشونها خلال الحرب خاصة فيما يتعلق بفقدانهم للمأوى والأصدقاء والعائلة، كما شدد على ضرورة تقديم المساعدات اللازمة للشباب المتطوع وتوفير الموارد اللازمة التي تمكنهم من إحداث تأثير إيجابي على حياة الأطفال الناجين من ركام الحروب في دارفور.
تقول صفية إن أكبر التحديات، التي واجهتها في رسم الأطفال، قلة الإمكانيات وعدم اهتمام الجهات المسؤولة بمثل هذه الأنشطة. وذكرت أنها لم تتلقَ دعما من أية جهة، وكل ما تقوم به من أعمال من جهدها الخاص، مشيرة إلى ارتفاع أسعار الورق والألوان والأقلام.
ودعت الخيّرين والمنظمات والهيئات الانسانية لمساعدتها “وتقديم الدعم النفسي والمعنوي للأطفال المتأثرين بالحرب في المخيمات”.
وتواجه فئات الأطفال والنساء تبعات الحرب التي اندلعت في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، إلى جانب تداعيات الحرب في إقليم دارفور منذ 2003. ويعيش أبناء الإقليم خاصة ظروفا إنسانية في غاية الصعوبة، أبرزها حرمانهم من حقوقهم في الحماية والعيش بسلام.
وطبقا لمصادر تحدثت للجزيرة نت، فإن هناك عشرات الأطفال لقوا حتفهم جراء المواجهات المسلحة بإقليم دارفور خاصة مدن الجنينة ونيالا وزالنجي. وذكرت أن أغلب هؤلاء الأطفال من المشردين في الأسواق فاقدي السند والمأوى قضوا جراء الأعيرة الطائشة، ولكن نظرا لانقطاع الاتصالات عن تلك المناطق منذ اندلاع الحرب لم تتحصل الجزيرة نت على إحصائيات دقيقة حول أعدادهم.
ويقول مدير عام وزارة الصحة شمال دارفور الدكتور عماد بدوي -للجزيرة نت- إن القتال الذي اندلع مؤخرا بمدينة الفاشر تسبب في مقتل نحو 13 طفلا وعشرات الأطفال الجرحى.
وذكر بدوي أن هؤلاء الضحايا نتاج القذائف والأعيرة النارية العشوائية التي اضطرت عشرات الأسر إلى ترك منازلها والذهاب لمناطق أخرى أكثر أمنا.
الجزيرة نت
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی المخیم
إقرأ أيضاً:
تعليقا على مقالة االاستاذ/جلبير الاشقر : الكارثة الأخرى: إبادة ومجاعة في السودان
بسم الله الرحمن الرحيم
ا.د. احمد محمد احمد الجلي
يحمد للاستاذ/ الاشقر، انه من الكتاب العرب القلائل الذين اهتموا بالشأن السوداني ،و التنوير بما يدور فيه،ولكن شأنه شأن بعض الكتاب اخطأوا في توصيفهم للحرب بأنها ؟صراع بين جنرالين"، يسعيان الى الاستيثار بالسلطة والحكم, وقد يكون هذا صحيحاً ،ولكن المتأمل في مجريات الاحداث والمتتبع لما جرى قبل الحرب يدرك بما لا شك ، ان حميدتي هو من كان يعد العدة للحرب منذ بضعة أشهر، ويخطط لها منذ فترة، ويعمل على اشعالها ويتحين الفرصة للقيام بها،وما ذهابه بقواته الى مروي قبيل الحرب بثلاثة ايام ، في تحد واضح للقوات المسلحة،ومخالفة لأوامرها،اضافة الى ما كشف عن إعداد قوات الدعم السريع للآليات العسكرية،والمؤن والذخائر،في معسكراتهم التي تجاوزت العشر و المنتشرة في انحاء استراتيجية في العاصمة، فضلا عن تعديهم على القيادة العامة وسعيهم الى تصفية قيادة القوات المسلحة،في يوم الخامس عشر من ابريل ،الا بعض الدلائل على تخطيطهم للحرب وسعيهم اليها.
وقد اخطأ رأس النظام البائد في تكوين هذه الجماعة، وجعل منها قوة موازية للجيش السوداني، ومنح رئيسها رتبة عسكرية، وشرعية قانونية ،واستعان بهم في حروب دارفور ،وارتكب الجنجويد من الفظائع والجرائم في دارفور ،مما اثار المجتمع الدولي على نظام الخرطوم لفظاعتها ووحشيتها . وأدت في النهاية الى اتهام نظام البشير بالإبادة الجماعية، والطلب بمحاكمته امام المحكمة الجنائية الدولية.ونتيجة لما مارسته جماعات الجنجويد من انتهاكات لحقوق الإنسان في إقليم دارفور وأقاليم أخرى في البلاد، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات قبض ضد الرئيس عمر البشير ووزير دفاعه ووزير داخليته ،مع قائد الجنجويد، ووجهت اليهم تهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي، لكن البشير وحكومته رفضوا المثول أمام تلك المحكمة ،اضافة الى انه اتخذ من قائد الجنجويد ،درعا يحميه من الجيش الذي لم يعد يطمئن له ،ومن الثورة الشعبية التي قامت ضد نظامه،ولكن اللجنة الأمنية للجيش التي ائتمنها البشير على حمايته باعت البشير ،كما باعه ايضا حميدتي الذي كان يلقبه "بحمايتي"،واودع مكانا امنا في البداية ثم اصبح مقره سجن كوبر،هو وزمرته، وأعلن حميدتي الانحياز للثورة !!!.
وضمن الترتيبات التي أعقبت الثورة، حظي «حميدتي» بمنصب نائب رئيس مجلس السيادة، ضمن حكومة الشراكة بين المدنيين والعسكريين التي أقرتها الوثيقة الدستورية الموقعة في أغسطس / 2019م، رغم ان الوثيقة لم تنص على منصب نائب لرئيس مجلس السيادة ،كما أن طغمة الساسة انذاك تغاضوا عن ما قامت به قوات الدعم السريع من مجزرة فض اعتصام القيادة العامة،وقتلهم للثوار بطريقة اجرامية لاتقل عن ما قاموا به من جرائم في دارفور. واذا كان البشير قد اخطا بتكوين الجنجويد ومكن لهم على حساب القوات المسلحة،ومنحهم الشرعية كقوة عسكرية ،فقد أخطأ قادة الجيش خطأ بليغاً ، خلال الفترة الانتقالية،بأن سمحوا لهذه المليشيا بأن تنمو وتتمدد، وقيم علاقات خارجية ،وتهيء ،مع من يقف خلفها، المسرح لحرب قادمة لا محالة،وتخطط مع حلفائها للانقضاض على الدولة السودانية وتفكيكها ،واقامة "مملكة الجنجويد" او "مملكة آل دقلو" مكانها.
،وللاسف صمتت فيئة الساسة السودانيون القائمون على الفترة الانتقالية -بعد ثورة ديسمبر المجيدة -وهي تشاهد نمو قوة هذه المليشيا،وغرتهم الشعارات التي رفعها "حميدتي"، من انه حامي الديمقراطية،و انه يسعى لاقامة حكم مدني، ومحاربة الفلول( اوالكيزان) .وبعد نشوب الحرب غضت تلك الفئة البصر عن تمرد قوات الجنجويد بشكل يثير الريب، ولاذت بشعار أخلاقي في ظاهره،(لا للحرب)، إلا أنه يبطن نوعاً من التواطؤ مع الجنجويد، كما أن ذلك الشعار لم يسعف رافعيه أخلاقياً مع زيادة حدة تجاوز فظائع الجنجويد ضد المدنيين والتعدي على ممتلكاتهم وتحويل الأحياء السكنية لساحات للحرب ،وسكت اولئك الساسة طمعا في تولي السلطة، او لكسب سياسي مرتقب، بعد نجاح انقلاب حميدتي على الدولة. ولكن خاب فألهم جميعا ،وخارت قوى المتمردين، وطاشت احلامهم، منذ اللحظة الاولى التي فشلت خططهم لاغتيال رأس الدولة وثلة من قادة الجيش، وادخلوا البلاد في فوضى، وتحولوا لعصابات تنهب وتغتصب وتعتدي على المواطنين بالقتل ومصادرة اموالهم واحتلال مساكنهم،وتعطيل المستشفيات وتحويلها الى ثكنات عسكرية،وتدمير المنشآت الاقتصادية من مصانع وبنوك ،الى غير ذلك من الجرائم التي مارسوها من قبل في دارفور ويمارسونها الان في العاصمة السودانية.
اما المجتمع الدولي الذ ي اتخذ موقفا سلبيا من الحرب في نظر الكاتب، فحقيقة فإن المجتمع الدولي تتحكم في مواقفه من الحروب المصالح الضيقة ، والاطماع في ثروات البلدان ومقدرتها ،فالمجتمع الدولي لعب دوراً عظيماً، في التحريض على الحرب السودانية،وقدم الدعم الإقليمي ، والخدمات اللوجستية «لحميدتي» ومجموعته المتمردة.بل ان بعض الفاعلين الدوليين في المجتمع الدولي، وظفوا بعض الدول الاقليمية من أجل التحكم في مآلات الصراع. واستخدموا الوكلاء المحليين، الذين يشرفون بدورهم على المليشيا ، التي لها ارتباط واشتباك بالمظلة الدولية. وحقيقة فان المجتمع الدولي، لا يتوقع منه موقفاً ايجابياً في الصراع الدائر في السودان.
وبناء على تصور الكاتب الذي يساوي بين القوات المسلحة والمليشيا ،شأنه شأن كثير من الكتاب البعيدين عن الواقع السوداني ،اقترح حلين لمشكلة حرب السودان: دعا في اولهما الى تدخل الأمم المتحدة بقوات دولية تفرض على الفريقين المتحاربين وقفاً للنار، وتقدم كامل الدعم لمسار ديمقراطي يؤدي الى حلّ «قوات الدعم السريع» ،وفرض تغييرات جذرية على القوات النظامية، يخضعها للسلطات المدنية.اما الاقتراح الثاني فيتمثل في السير نحو تقسيم السودان الى شطرين : شطر شرقي تحت حكم العسكر ،وشطر غربي(إقليم دارفور) يقع تحت سيطرة الجنجويد .
ويبدو ان الكاتب باقتراحه هذا ، تجاهل انتصارات الجيش الاخيرة ،ودحره للتمرد في معظم ولايات السودان ، وتقدم الجيش للقضاء على التمرد في دارفور وكردفان،كما يصر على سردية "الصراع بين جنرالين"،مع العلم انه ليس كذلك، بل،صراع بين الجيش ومن ورائه الشعب السوداني ،وبين مرتزقة أجانب جاءوا مِن تشاد والنيجر والكاميرون وأفريقيا الوسطي وجنوب ليبيا وبوركينا فاسو ونيجيريا وموريتانيا وحتي السنغال في أقصي غرب أفريقيا ،وتسعي هذه الجماعات بقيادة مليشيا الجنجويد، وبزعامة حميدتي ،لاقامة دولة بديلة للدولة السودانية.ومن ثم فإن الحرب هي حرب الأمة السودانية وجيشها-ومن معه من المستنفرين والمقاومة الشعبية والحركات المسلحة-، ضد مشروع يهدف الى القضاء على الدولة السودانية واحلال عرب الشتات محلهم واقامة دولة العطاوة او ال دقلوا محلهم. وعلى الساسة السودانيين على اختلاف اتجاهاتهم وايديولوجياتهم ،ان يدركوا هذه الحقيقة ،وأن يتركوا خلافاتهم جانبا،وان يؤجلوا مشاريعهم السياسية، وان يوحدوا صفوفهم ،ويعملوا يداً واحدة على منع مليشيا الجنجويد من تحقيق اهدافهم واقامة الدولة التي يحلمون بها ،لان في تحقيق تلك الاهداف نهاية للدولة السودانية،ووجود السودانيين كشعب له هوية وثقافة وذاكرة تاريخية. وليس من سبيل الى افشال مشروع الجنجويد ، الا بالاصطفاف مع القوات المسلحة، الجهة الوحيدة الوطنية التي تتصدى لذلك المشروع ،لانه اذا انتصر حميدتي وجنجويده، لا قدر الله ، فسيصبح مستقبل السودان في مهب الريح.ولن يجد المتشاكسون وطناً يختلفون حوله. والله المستعان " والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون "
ا.د. احمد محمد احمد الجلي
الكارثة الأخرى: إبادة ومجاعة في السودان، على الرابط التالي:
https://sudanile.com/%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%a7%d8%b1%d8%ab%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ae%d8%b1%d9%89-%d8%a5%d8%a8%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d9%88%d9%85%d8%ac%d8%a7%d8%b9%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%af%d8%a7/
ahmedm.algali@gmail.com