للأسف.. لايزال الحلم العربى بعيدًا
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
كم كنت سعيدا حينما زرت العراق الأسبوع الماضى حينما وجدت وعيا متناميا من كل أطياف المجتمع بضرورة النهوض وتحقيق التقدم، وقد شاهدت ذلك بعينى رأسى فى مجالات عديدة.
وقد عبرت عن ذلك فى مقال الأسبوع الماضى، لكن ما إن ظهر المقال حتى لاقى ردود أفعال متباينة، بل شديدة التباين! وكم كانت مفاجأة غير سارة أن أجد أن شدة الخلاف كانت بين الزملاء من أعضاء وحدة الفلسفة والتأويل فى المعهد العالمى للتجديد العربي؛ حيث اتهمتنى إحداهن بالتحيز لإيران التى لم يرد أصلا ذكرها فى المقال من قريب أو من بعيد، واتهمنى آخرون بأنى لا أفهم الواقع العراقى وبأنى لا أعرف مدى الظلم الذى عاناه العراقيون فى الحقبة الصدامية، وأنى لا أعرف كم الفساد والمحسوبية التى يعانى منها العراقيون الآن .
والحقيقة أنه قد غاب عن الجميع تماما اللغة التوفيقية الهادئة التى كتبت بها هذا المقال بالذات، حيث لم يكن الهدف منه إلا الإشارة إلى الجهود البناءة التى تستهدف إعادة بناء العراق الموحد بعيدا عن الطائفية والتحيزات الدينية أو الأيدلوجية! لقد كان الهدف من ذلك المقال تحية أولئك العلماء والعاملين الذين يعملون بكل جدية وفى صمت لرفعة العراق وتنمية موارده البشرية والمادية وتجنيب أهله ويلات الحاجة وعبء الاستيراد، وخاصة فى ظل فترات الحصار والإغلاق الذى ساد العالم فى فترة وباء كورونا!
إن صدمتى الحقيقية كانت من اللغة الصدامية التى تصل إلى حد الشتم والتجريح بين زملاء مثقفين واعين المفروض أنهم الطليعة الأكثر وعيا والأكثر قدرة على استيعاب الرأى والرأى الآخر، وكم كان حريا بالجميع أن يعبروا عن رأيهم دون تطرف أو اتهامات! إن افتراض حسن النية وافتراض أن الجميع وطنيون مسألة فى غاية الأهمية ليتم حوار عربى حقيقى تكون نتائجه إيجابية وفعالة، وإن الإصرار على ذلك من قبل جميع الأطراف لهو الشرط الحقيقى لأى عمل يستهدف تجديد الفكر العربى ونهضة الأمة! إن العيش فى الماضى بأخطائه ومظالمه وحتى بحسناته ونجاحاته لا يعنى شيئا لحل مشاكل حاضرنا ومستقبلنا!
والحقيقة التى يجب أن نعيها كمثقفين أنه إذا كنا نحن غير قادرين على أن ندير حوارا إيجابيا ومنتجا للتوافق بين أطراف مختلفة الرؤى والأهداف، فلا ينبغى أن نلوم الناس فى شعوبنا على تعصبهم وتطرفهم وأفعالهم الصدامية! كما لا ينبغى أن نطمح أو نأمل يوما فى أن تتوحد رؤى الزعماء العرب على شيء مما يحقق المصالح العربية المشتركة!
إننا أيها المفكرون والمثقفون العرب طليعة هذه الأمة الصابرة المثابرة التى كم تطلعت شعوبها إلى من يأخذ بيدهم نحو التحرر والوحدة والرخاء ولا مجيب! إننا ينبغى أن نحقق فيما بيننا أولا وحدة الرؤية والهدف قبل أن نطلب من زعمائنا وشعوبنا ذلك! إننا فى مرحلة تحولات عالمية متسارعة ومثيرة أساسها المعرفة والحوار، وينبغى أن نكون قادرين فيما بيننا على الحوار الجاد البناء وقادرين فى ذات الوقت على تحصيل أحدث العلوم والمعارف والتقنيات حتى نكون قدوة صالحة لمجتمعنا العربى الكبير وقادة التغيير والتجديد فيه بحق. وكلى أمل فى ألا تقرأوا ما أقول على أنه خطبة وكلام نظرى منمق وموزون، بل على أنه هو طريقنا الوحيد الباقى والمهمة الأكثر خطورة فى حياتنا الثقافية والعلمية الآن وليس غدا.
إننى من جيل تربى على حلم «الوحدة العربية» وعرف عبر العقود السابقة وما مر به العرب من حروب وأزمات وما عانوه من مؤامرات خارجية وداخلية أنه بات حلما مستحيلا! فشفينا من ذلك الحلم البعيد لنطمح إلى حلم أقرب للتحقق وهو حلم أن نبقى فقط مستقلين وقادرين على التنسيق بين دولنا آمنين فى أوطاننا، ربما نستطيع يوما أن نصل إلى وطن عربى يحتضن كل أبنائه دون تمييز طائفى أو دينى أو عرقى، يوفر لكل أبنائه الحياة الكريمة التى تمكنهم من أن يستمتعوا بخيرات بلادهم ويتنقلوا بين بلدانهم دون تأشيرات وجوازات سفر، لكن يبدو أن هذا الحلم الأصغر أيضا لايزال بعيدا.. بعيدا. ولله الأمر من قبل ومن بعد!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: للأسف نحو المستقبل العراق
إقرأ أيضاً:
البابا تواضروس يدعو لتوحيد موعد احتفال كنائس العالم بعيد القيامة
استقبل قداسة البابا تواضروس الثاني في المقر البابوي بالقاهرة أمس، الدكتور ماكسيموس خاراكوبولوس الأمين العام للجمعية البرلمانية للأرثوذكسية، وعضو البرلمان اليوناني، ودكتور إيوان فولبوسكوا رئيس الجمعية العمومية وعضو برلمان رومانيا، ودكتور بوراس نائب رئيس البرلمان اليوناني، ودكتور كوستاس ميدفاليس مستشار ومؤسس الجمعية. والنائبة الدكتورة منال هلال أول عضوة برلمانية أرثوذكسية مصرية تنضم إلى الأمانة الدولية بالجمعية البرلمانية الأرثوذكسية منذ إنشائها منذ ما يقرب من ٣٣ عامًا.
كما حضر اللقاء نيافة الأنبا يوأنس مطران زامبيا وموزمبيق للكنيسة اليونانية، ووفد من أعضاء الجمعية البرلمانية للأرثوذكسية التي يشارك فيها ٢٥ دولة وحضر من ضمن الوفد ممثلون عن دول بلغاريا، قبرص، مصر، اليونان، چورچيا، الأردن، مونتينجرو، شمال مقدونيا، فلسطين، رومانيا، صربيا، السودان، إستونيا، زامبيا.
توحيد عيد القيامةتأتي زيارة وفد الجمعية البرلمانية للأرثوذكسية لقداسة البابا في إطار زيارتهم الحالية لمصر بدعوة من البرلمان المصري، حيث سيعقد اجتماع للأمانة الدولية داخل إحدى قاعات مجلس النواب المصرى إلى جانب لقاء رئيس مجلس النواب.
وثَمَّنَ الأمين العام الدكتور ماكسيموس خاراكوبولوس في كلمته جهود قداسة البابا لدعم المسيحيين في إفريقيا والشرق الأوسط، شاكرًا قداسته على حرصه على لقاء وفد الجمعية.
وأشار إلى أن زيارتهم لمصر أمر مميز للغاية، نالوا خلالها بركات عديدة بزيارة الأماكن المقدسة ومن بينها دير سانت كاترين ودير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون، إضافة إلى استمتاعهم بعراقة التاريخ المصري.
ولفت إلى مبادرة الجمعية البرلمانية للأرثوذكسية الخاصة بتوحيد عيد القيامة لكافة المسيحيين، وقدم دكتور إيوان فولبوسكوا رئيس الجمعية العمومية وعضو البرلمان الروماني صيغة مقترحة للمبادرة.
من جهته رحب قداسة البابا بضيوفه وتحدث معهم عن مصر وريادتها للعالم منذ فجر التاريخ، وكيف أن كنيسة مصر لها ثلاث علامات رئيسية تميزها، وهي:
- أنها كنيسة تعليم وخدمة: فعلي أرض مصر (في الإسكندرية) تأسست واحدة من أقدم مدارس اللاهوت في العالم، وهي مدرسة الإسكندرية اللاهوتية.
- أنها كنيسة شهداء: حيث قدمت شهداء كثيرين عبر التاريخ، وأشهرهم فى تاريخنا الحديث الشهداء المصريين الـ ٢١ شابًا الذين استشهدوا فى لبيا منذ 10 سنوات.
- أنها مهد الرهبنة: وذلك على يد القديس أنطونيوس والقديس مكاريوس والعديد من القديسين، وتوجد على أرض مصر العديد من اديرة الرهبان والراهبات.
وأشار قداسة البابا إلى أن كنيسة مصر تهتم بزيارة العائلة المقدسة لأرض مصر ولذا فإننا نحتفل بعيد سنوى لهذه الزيارة فى الأول من يونيو من كل عام، ونسميه عيد دخول السيد المسيح إلى أرض مصر، كما أن الدولة المصرية أهتمت بهذا العيد وطورت ٢٥ منطقة تعتبر مسارًا للعائلة المقدسة، لذا فإن مصر هي أرض القديسين.
وبخصوص توحيد موعد عيد القيامة أعرب قداسة البابا عن تقديره لاهتمام الجمعية البرلمانية للأرثوذكسية بهذا الموضوع، وأوضح قداسته رؤيته بخصوص توحيد العيد، وهي أنه بحسب ما أقره مجمع نيقية عام ٣٢٥ ميلادية، فإن كنيسة الإسكندرية صارت هي المسؤولة عن تحديد عيد القيامة (كل عام) فكان البابا ألكسندروس وهو من ضمن البطاركة الذين حضروا المجمع، ومن بعده البابا أثناسيوس وغيرهما من البطاركة، يحددون عيد القيامة ويرسلون الموعد لكافة كنائس العالم كل عام من خلال الرسالة الفصحية. ونوه إلى أن كنيسة الإسكندرية كانت تحدد العيد من خلال ثلاثة شروط، هي:
١- أن يأتي بعد الاعتدال الربيعي.
٢- أن يأتي بعد الفصح اليهودي وليس أثناءه أو قبله.
٣- يلزم أن يأتي يوم أحد.
ولفت إلى أن كنيسة مصر برعت في علوم الفلك والرياضة.
ولخص قداسة البابا رؤيته بأنه يمكننا أن نحتفل بعيد القيامة في موعد واحد في كل العالم، يتغير هذا الموعد من عامٍ لآخر. وأضاف: "الكنيسة الغربية بصفة عامة تحتفل بعيد القيامة دون الارتباط بموعد الفصح اليهودى، أما نحن فنعيش الرمز الأول أي الفصح اليهودى ثم نحتفل بقيامة السيد المسيح".
وعبر قداسته عن أمنياته أن ينتهز المسيحيون فرصة الاحتفال هذا العام في نفس اليوم بأن يستمر الاحتفال في موعد موحد في الأعوام المقبلة تعبيرًا عن وحدة إيمانهم بقيامة المسيح الفادى والمخلص.
واختتم: "سعيد بهذه الزيارة ونشكر الله بعلاقات مصر الجيدة بكل الدول التي تمثلونها، أكرر ترحيبي بكم وأتمنى لكم إقامة سعيدة وذكريات طيبة".